دوريان أستور : لطالما أعلن نيتشه القطيعة مع التنظيم النسقي المغلق للفلسفة ، ولاسيما المثالية الألمانية . فمن أجل قراءة كانط أو هيغل ، ينبغي في واقع الأمر التسلح بجهاز مفاهيمي ثقيل . وقد قام نيتشه ، هو نفسه ، بتطوير كتابة مفتوحة يمكن تقريبها من العنوان الفرعي ل” زرادشت ” : ” كتاب للجميع وللاأحد ” . ” للجميع ” لأنه أسلوب براق ، متوهج ، عاطفي جدا ، يضم إليه جوامع الكلم ، مفارقات واستعارات . أسلوب يسائل القارئ ويثير ردود أفعال مباشرة ، وأحيانا تكون سطحية . ” من أجل لا أحد ” لأنه يبتكر لغته الخاصة للتفلسف . يداخل نيتشه الشك بخصوص اللغة : تحجر العبارات الحياة ، تزيف العالم وتحجره . فإذا كان يطمح أحيانا إلى مجاوزة اللغة ـ عبر الصمت أو الموسيقى ـ ، فإن نيتشه يدرك تمام الإدراك عدم تمكنه من الانفلات منها ثم يتوجب عليه إخضاعها لانتقالات دائمة للمعنى والمنظور . ما يجعل منه أحيانا صعب المتابعة .
لا تزال قراءته غامضة من خلال توظيف النازيين لها …
دوريان أستور : لقد تم الشروع في تشويه المشروع النيتشوي منذ الحرب العالمية الأولى : لقد قام غيوم الثاني Guillaume II) ( بتوزيع طبعة ل”هكذا تكلم زرادشت ” في الخنادق ، موجهة بشكل خاص للجنود . بعد ذلك ، فقد جعلت منه أخته إليزابيث التي كانت معادية تماما للسامية ـ مرجعا هتليريا ؛ لاسيما أنها قامت بتحريف شذرات ما بعد الوفاة ، من أجل إصدار [كتاب] ” إرادة القوة ” . وفي الواقع ، لقد كان نيتشه يكن ازدراء كبيرا للمعادين للسامية ، العسكريين والجرمانويين . اعتبر الرقباء من خيرة القراء ، علاوة على ذلك ، فإن بعض المثقفين النازيين تساءلوا إذا لم يكن من الحكمة فصله عن البانتيون Panthéon) ( الفاشي … يبقى أنه في نهاية سنواته الواعية ، عرض نفسه للخطر ، كتب بأسلوب أكثر فأكثر عنفا . إنها استراتيجية في الكتابة تظهر للعيان ، حين المقارنة بين نصين لعام 1888 : ” ضد المسيح ” الذي يتضمن لعنات مرعبة ، في حين أن ” هذا هو الإنسان ” ، بلهجة أكثر اعتدالا ، يبذل قصاراه لكي يبين أنه لا هو بالنبي ولا هو بالإنسان المتفوق، المثير للحرب . من جهة أخرى ، فإن نيتشه يفكر بداخل مناخ فكري لا يضعه موضع شك . لاحظوا علاقته الغامضة بالداروينية الاجتماعية . إنه يخشى التسوية بالمعدل ثم يقبل بالاستثناء ، الابتكار ، ضربة حظ حدث نادر وناجح . وهو ما سيقوده أخيرا إلى المنافحة عن شكل نسالي : إذا كان الانتخاب ” الطبيعي ” يروم تفضيل الكتل الرخوة ، نوع جديد من الانتخاب الثقافي يستوجب عليه ” الدفاع عن القوياء ضد الضعفاء ” .
إنه ينادي بالحد من تكاثر الضعفاء ، المحبطين والمرضى . مع من يتحدث ؟
⬇️