الصديقُ من صَدَقَك عن نفسه، لتكون على نورٍ من أمرك، و يصدقُك أيضاً عنك، لتكون على مثله؛ لأنكما تقتسمان أحوالكما بالأخذ والعطاء، في السرّاء و الضرّاء و الشدة والرخاء، فليس لكما فرحةٌ ولا ترحة إلا و أنتما تحتاجان فيهما إلى الصدق والانكماش.
وقيل للحرّاني: بينك و بين سهل بن هارون صداقةً، فانعته لنا كي نعرف، فقال:
هو كالخير وازنُ العلم، واسعُ الحلم، إن مُوزح لم يغضب، كالشمس حيث أوفت أحيت، كالأرض ما حمّلتها حملت، كالماء طهُورٌ لملتمسه، ناقع لغُلّة من احترّ إليه، كالهواء الذي نقطفُ منه الحياة بالتنسُّم، كالنار التي يعيشُ بها المقرور، كالسماء التي قد حسُنت بأصناف النور.
قلت للأبهري: من الصديق؟ فقال:
من زيّن ظاهره بك، و بذل ذات يده عند حاجتك، و عف عن ذات يدك عند حاجته، رضاه منوط برضاك، زينة الأرض في كل حالٍ من الشدّة و الخفض، أذكرهم فأجد في روحي عبقاً من حديثهم.
| أدب الصداقة و الصديق- للتوحيدي🌱