قناة

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )
11.3k
عددالاعضاء
233
Links
291
Files
88
Videos
901
Photo
وصف القناة
مَن تكلَّف فوقَ ما يكفيه تعرَّض لِما لا يعنيه، فلازَمه الحرَج، ورقَبَتْه الرِيبة، وهي داعيةُ الكذب، وأولَج نفسه ما لا يُحسن الخروج منه، وصار أمره ضِيقًا وسعيُه عَنتًا؛ فالتكلف شرٌّ كُلّه.
" أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ".

فهو باقٍ لا يزول، ثابت لا يتغيَّر، راسخ لا يَضمحِلّ، قاطع لا يدخله احتمال، وهو الهدى والشريعة، المعجزة والمنهج.
#صدر حديثا.

بشرى للطلبة الشافعية، شرح لأحد علماء الأكراد المتأخرين على كتاب المحرر للإمام الرافعي.
في صحيح البخاري من حديث أمير المؤمنين سيدنا عليّ - رضي الله عنه - " أن فاطمة - رضي الله عنها - اشتكَتْ ما تلقى من الرَّحى مما تَطحن، فبلَغَها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بسَبْيٍ، فأتته تسأله خادمًا، فلم تجده، فذكرَتْ لعائشةَ، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرَت ذلك عائشة رضي الله عنها له.

يقول سيدنا عليّ: فأتانا وقد دَخلْنا مضاجعنا، فذهبنا لنقوم، فقال: على مكانكما، حتى وجدتُّ برد قدَميه على صدري، فقال: ألا أَدلكما على خيرٍ مما سألتماه !! ، إذا أخذتُما مضاجعكما، فكبِّرا الله أربعًا وثلاثين، واحمَدا ثلاثًا وثلاثين، وسبِّحا ثلاثًا وثلاثين؛ فإن ذلك خيرٌ لكما مما سألتماه ".

******************

لاحِظ هنا عدة أمور :
الأول : بنت سيدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرف الخلق وأعظمهم وأفضلهم على الإطلاق - تعمل في بيت زوجها ، وتقوم بأعباء المنزل، وتطبخ وتكنس ، بل وتطحن، والذين يعملون في المطاحن يحدثونكم عن صعوبة هذا الأمر ومشقته ، كل ذلك بلا تذمُّر ولا غضاضة؛ لأن بيت زوجها هو نفسه بيتها بلا فرق .

الثاني :
أنها لم تذهب إلى أبيها - صلى الله عليه وسلم - إلا بعد أن أجهدها العمل، وبلغ منها الجهد مبلغا كبيرا ، يعني أنها لم تجد عليًّا زوجها - رضي الله تعالى عنه - يطلب منها أن تطحن فرفضت وغضبت وقالت له : كيف تأمرني بهذا العمل الشاق وأنا بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - !!
بل عملت حتى لم يعد لها طاقة ثم ذهبت إلى أبيها عليه السلام.

الثالث :
أنها لم تذهب إلى بيت أبيها متذمرة غاضبة ، بل كل ما طلبته أن يجعل لها خادما، هذا فحسب ، وهكذا بنات الكرام ، لا يشكين الأزواج ولا يُفشين الأسرار.

الرابع :
أنها اختارتِ الوقت المناسب الذي تطلب منه - صلى الله عليه وسلم - الخادم ، انتظرت حتى عرَفتْ أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ببعض السبي من إحدى غزواته، يعني صارت الأمور فيها انفراجة، وأصبح فيها سعة ، يعني لم تكن عبئا عليه ، ولم تسبب له حرجا ، ولم تضعه في مأزق بكثرة طلباتها في الأوقات غير المناسبة .

الخامس :
أنها طلبته في بيته فلما لم تجده رجعت بسرعة إلى بيت زوجها ، مع أنها كان يمكنها أن تنتظره حتى يرجع ، وفيه أن المرأة لا تخرج من بيتها إلا لحاجة ثم لا تطيل ، وليس معنى جواز خروجها أن تذهب وتتسكع هنا وهناك وتقضي الأوقات الطويلة خارج البيت .. بل على قدر الحاجة فحسب .

السادس :
أدعك تتأمل الجمال في قول علي - رضي الله عنه - " حتى وجدت برد قدميه على صدري " وما فيه من السكينة والأمان والاطمئنان الذي يبعثه قدوم حضرة سيدنا النبي - صلى الله عليه وسلم -.

السابع - وهذا مهم - :
لم يأتها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخادم الذي طلبته، بل أرشدها وزوجها إلى عمل آخر تتأتى به الاستعانة على هذه المشاق، وهو التسبيح والذكر ، فدل ذلك على منفعة الالتجاء إلى الله تعالى وعلى منفعة التسبيح والدعاء في تسهيل الأعمال الحسية الصعبة فضلا عن الطاقة الروحية والقوة المعنوية وحصول المدد الرباني في الجسد والروح.
اقرأ إن شئتَ قوله تعالى " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ..... " ولاحِظ أن الفعل " يُرسل " مجزوم في جواب الأمر ، يعني هو مترتب عليه ومتسبب عنه ، فالمراد : إن تستغفروا يرسل السماء عليكم مدرارا ، وإن تستغفروا يمددكم بأموال وبنين.
أما العلاقة الفيزيائية والرياضية بين الاستغفار وحصول هذه الأمور فهذا ما تعجز عن إثباته علوم البشر ، وصدق الله ، ومن أصدق من الله قيلا !!! ومن أصدق من الله حديثا !!!

الثامن :
في قوله " فإن ذلك خير لكما مما سألتماه " .
طبعا ؛ لأن الخادم يضجر ويتعب ويمرض ويموت، أما الاستعانة بالله تعالى على تيسير هذه الأعمال فهي مظنة حصول المدد الإلهي الذي لا ينقطع إن شاء الله، وشرطه أن يرى الله في طالبه الصدق وحسن التوجه والتوكل.
فهذه ثمانية أمور - على عدد أبواب الجنة - قد فهمتها من الحديث ، وأسأل الله أن تكون كلها صوابا، وقد يكون هناك في الفقه الإسلامي وبعض المذاهب الفقهية المعتمدة ما يُخالف شيئا مما قلتُه هنا، لكن الفقهاء ينظرون لمثل هذه الأمور نظرة مختلفة؛ لأن الفقيه يعتبر ما يَسقط به الحَرج، ونحن هنا أردنا ما يحصل به الكَمال.

وختاما ..
لا ينبغي أن يُفهم من هذا تشجيع الأزواج على التجبُّر على زوجاتهم، ولا تصييرهنّ مساخرَ وخَدَمًا، بل الأزواج مطالبون معهن بحسن العشرة وجميل المعاملة، ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف.
فقط أردتُّ أن ألفت النظر إلى أن بنات الطاهر الكريم العظيم - صلى الله عليه وسلم - يتحملنَ ما تأنف نساء اليوم من عملِ ما هو أقلُّ منه بمراحل كثيرة .
والسعيد من أسعده الله .
لم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا علي رضي الله عنه أن يتزوّج على السيدة فاطمة رضي الله عنها بنتَ أبي جهل، لأن هذا الأمر يؤذيه هو صلى الله عليه وسلم إذ يؤذي فاطمة، وما يؤذيها يؤذيه، لأنها بضعةٌ منه، وإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم حرام بل من كبائر الذنوب.

ومع ذلك فلم يُحرّم النبي صلى الله عليه وسلم حلالا أحله الله، وإنما خشي عليها أن تُفتن في دينها لا سيما حين يجتمع معها بنت عدو الله أبي جهل تحت سقف واحد.

فقياس بعض النسوة اللاتي لا يُطقن التعدد أنفسهن على هذه الحادثة لا يستقيم، لأن القضية هي تسبُّب هذا الأمر في إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هو كذلك مع بقية النساء.

نعم، إن اشترطتِ المرأة على زوجها أثناء العقد ألا يتزوج عليها أو كانت من قومٍ هذه عادتهم أنهم يزوجون نساءهم للرجال مع عدم التعدد- فعليه أن يفي لها بوعده، ولها طلبُ الفسخ إن أخَلَّ به - على قول بعض العلماء- وأيا ما كان كلام الناس وإكثارهم الممل المكرور، جدًّا وهزلا في مسألة التعدد، فإن ما أردت التنبيه إليه هو أنه لا ينبغي إقحام موضوع السيدة فاطمة رضي الله عنها في هذه المهاترات والمهازل، وينبغي أن يُنأى باسمها الشريف بعيدا عن هذه المساخر، فإنه ليس من الأدب ولا من الدين أصلا.
"وقد كان مالك بن دينار رحمه الله يقول: يترك أحدكم أن يتزوَّج يتيمةً فيُؤجَر فيها، إن أطعمها وكساها تكون خفيفة المؤنة، ترضى باليسير، ويتزوجُ بنت فلان وفلان - يعني أبناء الدنيا - فتشتهي عليه الشهوات، وتقول: اكسني كذا وكذا".

- إحياء علوم الدين-
إن جِبريل نَفَثَ في رُوعِي : إنَّه لا تَموتُ نفسٌ حتى تسْتكمِلَ رِزْقَهَا وإنْ أبطأَ عليهَا، فاتَّقُوا الله وأجْمِلُوا في الطَّلَبِ، ولا يحْمِلَنَّكم اسْتِبْطاءُ الرِّزقِ أن تَأخذُوهُ بِمعصيةِ الله؛ فإنَّ الله لا يُنالُ ما عِندَه إلا بِطاعتِه.

رسول الله صلى الله عليه وسلم.
Forwarded From شوارد الأفكار
رحم الله الشيخ أحمد الشاذلي ونفع به.

نصائح مفيدة لطلاب العلم.

#منهجيات

https://youtu.be/0bACrYLu1e4
هناك فرق بين أن تبدو لك إشكالات مُتَّجِهة فيما يراه عامّة الناس واضحًا جَلِيًّا، فهذا باب شريف من البحث والعلم، وبين أن تستشكِل ما ليس بمُشكِلٍ أصلا، فهذا يُستعَاذ بالله منه، لأنه مَضْيَعة للوقت والجهد.
المُتأدِّب أحوَجُ إلى تأديب أخلاقه منه إلى تأديب لسانه، وذلك أنك تجد من العامّة الذين لم يَنظُروا في شيء من الأدب- مَن هو حَسَنُ اللقاء، جميل المعاملة، حُلو الشمائل، مُكرِمٌ لجليسه، وتجد في ذوي الأدب: مَن أفنى دَهْرَه في القراءة والنظر، وهو مع ذلك قبيح اللقاء، سيّئ المعاملة، جافي الشمائل، غليظُ الطبع، ولذلك قيل: الأدب نوعان: أدَب خِبرة، وأدَب عِشرة.

_ ابن السيد البطليوسي_