الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )

كتاب "الجذور الإسلامية للرأسمالية" للأمريكي بيتر جران قائم في جمهوره على تفصيل ما أجمله الأستاذ محمود شاكر في مقدمة "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" بشأن بدايات نهضة وتحديث إسلامييَن قبل الحملة الفرنسية، وأن شأن هذه الحقبة ليس كما يشاع من أنه عصر انحطاط وجمود وتراجع، وكان استقصاؤه على بعض ما ذكره الأستاذ شاكر من نماذج كالمرتضى الزَّبيدي، إلا أن عنايته انصبّت بالأساس على الشيخ حسن العطار. ولذلك قلت إننا يجب أن نعيد النظر في الأحكام المتعلقة بحقبة ما قبل الحملة الفرنسية. والحكم عليها في إطارها التاريخي وسياقها الزمني.
وفي الأكاديمية الغربية بحوث تعيد النظر في ذلك وتعيد الاعتبار لما أسمتْه الاتجاه اللاإصلاحي، مقابلة للاتجاه الإصلاحي الذي تزعّمه الشيخ محمد عبده.

إذا تركت المتزوجة سبيلَ ريبة في علاقاتها -الواقعية أو الافتراضية- فتحتْ باب القلق في ذهن زوجها، وقعد الشيطان لهما كل مقعد، حتى يفسد زواجهما بفقد الثقة وسريان الشك!

يحسن بالمرأة أن تدرك طبيعة هذا الميثاق الغليظ وما فيه من رعاية خاطر الزوج، وأن تتفهم غيرة زوجها.. وفي إقرار النبي صلى الله عليه وسلم غيرة الزبير وسلوك أسماء خيرُ شاهد!

ينبغي أن يُعلم أنَّ للمصدر كـ(الضَّرْب) مثلًا ثلاثَ اعتبارات:
الأول: بالقياس إلى نفسِه مع قطع النظر عن المتعلَّق والخارج.
والثاني: بالقياس إلى المتعلَّقِ، أعني: الهيئةَ الحاصلة باعتبار إضافته إليه، فإن (الضرب) مثلا: باعتبار نسبته إلى المتعلَّق الذي هو الفاعلُ يَصير مبدأَ الصفة له، أعني: الضاربية، وباعتبار نسبته إلى المتعلَّق الذي هو المفعول يصير مبدأً لصفةٍ أخرى، أعني: المضروبية.
والثالث: بالقياس إلى الخارج، أعني: الأثرَ الخارجي.
فبالاعتبار الأول يسمى: "المعنى المصدري والحَدَثي".
وبالاعتبارين الأخيرين يسمى: "الحاصل بالمصدر".
والمعنى المصدري لا وجود له في الخارج، لأنه أمر اعتباري، والموجود خارجا إنما هو الحاصل بالمصدر، كذا حرر بعض الفضلاء.
وقال ميرزاجان في "حواشي شرح حكمة العين" : "المصادر: قد تطلق ويراد بها معانيها النِّسبية، وقد تطلق ويراد بها الحاصلُ بالمصدر، مثلا: (الضرب) قد يطلق ويراد به المعنى الحَدَثي، وقد يطلق ويراد به الاسمُ الحاصل منه".
[حسن العطار | حاشية نتائج الأفكار]

لماذا لا تتعارض القطعيات؟

قال الجاربردي في شرح المنهاج الأصولي: إنما لا تتعارض القطعيات لوجوب كون مقدمات الأدلة القطعية بديهية أو منتهية إلى البديهي، ووجوب كون تركيبها بديهي الصحة، فإذا تعارضَت اجتمع النقيضان أو ارتفعا.

قال العطار: ومعنى ذلك أنهما لو تعارضا لم يمكن العمل بأحدهما دون الآخر، لامتناع الترجيح من غير مرجّح، وحينئذ يرتفع النقيضان إن لم يُعمل بشيء منهما، أو يجتمعان إذا عُمل بهما، فتلخَّص أن الترجيح إنما يكون بين الظنّيّين: إما أن يكونا منقولين كنَصّين، أو معقولين كقياسَين، أو منقول ومعقول كنصٍّ وقياس.

اللهم سلّم إخواننا وأحبابنا في سوريا وتركيا، واحفظهم من كل سوء، ونجّهم من كل شر، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا مَنجى ولا مَهرب منه إلا إليه.

#زلزال قوي جدا هناك.

اعلم أن الله - عز وجل- لم يَتعبَّد أحدًا بفهمِ أحد، ولكنه تعالى أرشَد مَن لم يَعلم إلى الاقتداء بمَن يَعلم، ولم يَجعل مُجردَ الإيمان به تعالى مُوجِبا للاتصاف بالعلم، بل ميَّز أهلَ العلم من المؤمنين على غيرهم بقوله" يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ".

وليس كل مَن ادَّعى العِلم معدودا من العلماء، ولا كل من اعترَف بالجهل معدودا من الجاهلين؛ إذ لا يخلو إنسان من علم وجهل... ولا يخلو امرؤ من حق أو ما يُشبه الحقَّ في الصورة، كما لا يخلو من باطل او ما يُشبه الباطل في الصورة.

فمن اتصف بالحق وما يشبه الباطل من الحق فهو العالم القدوة، ومن اتصف بالباطل وما يشبه الحق من الباطل فهو الجاهل الذي تجب مُجانبتُه.

والتمييز بين المُحِقّ والمُبطِل في غاية الصعوبة على أكثر الخلق؛ إذ الحق في كل شيء لا يعلمه على ما هو عليه إلا من تحقَّقت خشيتُه من الله، ودامت مراقبته له، وتحلَّى بمُوجِبات القُرب منه، فنوَّر بصيرتَه، وجَعل له فرقانا يَمِيز به بين الحق والباطل، ويَعلم الشيءَ على ما هو عليه عِلما لا تتطرَّق إليه الشُّبَه، ولا تُغيِّره الاحتمالات. كالأئمة الأربعة، ففَهمُهم صحيح، وبصيرتهم نافذة، فمن اقتدى بهم اهتدى، ومن قلَّدهم نجَا من موجبات الردى ...

- العلّامة الأمير تـــ1232هــ -

والأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أكثرُها ليست نصوصا في المسائل أصلا؛ ولهذا وقَع اختلافُ المجتهدين في فهمها، وربما كان الحديث نصًّا في الفعل مُحتمِلا في الكيفية وفي قدرِ الواجب، فيظنُّ القاصر إذا أخَذ بحديثٍ من هذا النوع أنه أخَذ بالنص، وهو قد أخَذ بمفهومِ نفسه وسمَّاه نصًّا وهو لم يشعر؛ لقلة إدراكه، وربما نظر إلى مخالفِه بعين الجهل، وهو الجاهل، وإنما ظهرَت صِفتُه على أخيه؛ لأنه مِرآته، فرآه كما زَعم، وهو لم يرَ إلا نفسه، ولكنه معذور؛ لحرصه- بحسب اعتقاده- على طلب الحق.

فإن صدَر منه الطعنُ على مخالفه، ورميُه بالابتداع وتركِ الاتباع فهو غير معذور؛ بل مأزور، ولا يفيده ظنُّه الصوابَ؛ إذ لا يخلو طاعنٌ عن شبهة، وما كل شبهة يُعذر صاحبُها.

العلّامة الأمير تـــ1232هـ.

مجموع رسائل العلامة الأمير المالكي رحمه الله مشتمل على رسائل نفيسة في الفقه، والتصوف، والمنطق، والنحو، والكلام، وغير ذلك.

نعم.. طُبع بعضُ هذه الرسائل طبعات سابقة، لكن الجميل في طبعة دار التقوى أنهم جمعوا هذه الرسائل في كتاب واحد، مع زيادة رسائل لم تُطبع من قبل.

ومن ألطف وأحسن ما فيه: رسالتُه هذه في تقليد الأئمة الأربعة، فعلى وجازتها ووضوحها محتوية على فوائد وتنبيهات جمة، علمية، وسلوكية، وقد كتبها الشيخ بلغة أدبية جميلة قريبة من الأفهام، على غير عادته في كتبه وحواشيه كما يعرف ذلك من اطلع عليها.

ومن اللافت للنظر أنه صرَّح في آخرها باسم الشوكاني، وشخص آخر يُدعى: حمزة عاشور، وبالجملة فهذا المجموع لعله من أفضل ما خرج هذا العام في تلك الحُلة الرائعة.

لما أنكر الناس على سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه إكثاره من الرواية قال فيما قال: وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم..

الانشغال عدو طالب العلم اللدود، ومنافسه على نفيس الأوقات، وثمين الأفكار، وليس شيء أضر به من تشتيت ذهنه في مطالب الدنيا وحاجاتها، وأسواقها، وأغراضها، حتى قيل إن الإمام محمدًا كان له وكيل في ماله يتابعه، وكان يقول لأهله: لا تسألوني حاجة من حاجات الدنيا فتشغلوا قلبي، وخذوا ما شئتم من مالي فإنه أقل لهمّي وأفرغ لقلبي!

هذا وهو محمد بن الحسن العبقري، حاد الذهن، متوقد الفكر، حافظ السنن والفقه.. فكيف بطالب اليوم!


ولأجل هذا كان تفريغ طالب العلم عن السعي في طلب معيشته، وتهيئة السبيل لجمع ذهنه، واستقرار فكره من أعظم أسباب التقدم العلمي الذي كان في أمتنا قبل، ولأجله أيضًا أجاز الفقهاء له أخذ الزكاة وإن كان غنيًا ليتفرغ، ولأجله أيضًا تجد المشايخ الكبار متقللين من شواغل الدنيا، هاربين من الاهتمام بتفاصيلها، ساعين للخلوة بعقولهم وكتبهم.. والله المستعان.

#منهجيات