#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط ∫∫ الحــ100ــلقة
💫
#تتمة موقعة العقاب :
فاجتمع قادة الموحدين وقادة الأندلسيين على الناصر لدين الله وأشاروا عليه أن يترك هذه القلعة ويتجه إلى جيش النصارى في الشمال حتى يحاربه؛ لأنه سوف تنهك قوة الجيش في حصار هذه القلعة الحصينة جداً، بل يترك عليها حامية ثم يتجه إلى الشمال، لكن الناصر لدين الله رفض هذا الأمر واستمع لرأي وزيره الذي أشار عليه بعدم مغادرة هذه القلعة بدون فتحها، فظل يحاصر قلعة سلبطرة حوالي ثمانية شهور كاملة، فكان من جراء هذا الأمر ما يلي:
أولاً:أضاع مدة ثمانية أشهر كان من الممكن أن ينتصر فيها على النصارى قبل أن يعدوا عدتهم
ثانياً:أكمل النصارى عدتهم في هذه الفترة الطويلة واستجلبوا أعداداً أخرى من أوروبا
ثالثاً:هلك الآلاف من المسلمين في صقيع جبال الأندلس في ذلك الوقت، فإن الناصر لدين الله كان قد دخل بلاد الأندلس في شهر مايو، وشهر مايو شهر مناسب جداً للقتال، لكنه بقي يحاصر قلعة سلبطرة حتى قدم الشتاء القارس، وبدأ المسلمون يهلكون من شدة البرد وشدة الانهاك في هذا الحصار الطويل
أما الجيش النصراني فقد قدم من الشمال، وقسم نفسه إلى ثلاثة جيوش كبيرة:
الجيش الأول:هو الجيش الأوروبي،
والجيش الثاني:هو جيش إمارة أراجون،
والجيش الثالث:هو أضخم الجيوش جميعاً، وهو جيش قشتالة والبرتغال وليون ونافار، وقامت هذه الجيوش بحصار قلعة رباح التي امتلكها المسلمون بعد موقعة الأرك، وكان على رأس هذه القلعة القائد الأندلسي البارع الشهير: أبو الحجاج يوسف بن قادس من أشهر قواد الأندلس في تاريخ الأندلس، لكن حوصرت هذه القلعة حصاراً طويلاً من النصارى، وطال الحصار أياماً كثيرة حتى أدرك أبو الحجاج يوسف بن قادس أنه لن يستطيع أن يفلت من هذا الحصار، وبدأت بعض الحوائط في هذا الحصن تتهاوى أمام جيش مملكة أراجون، فأراد أبو الحجاج يوسف بن قادس أن يحقق الأمن والأمان لجيشه، وأن يتحيز إلى فئة وينضم إلى جيش المسلمين، فعقد معاهدة مع النصارى على أن يترك لهم القلعة بكامل المؤن والسلاح ويتجه هو والمسلمون معه جنوباً للقاء الجيش الإسلامي دون مؤن ولا سلاح، فوافق على ذلك ألفونسو الثامن وبالفعل انسحب أبو الحجاج يوسف بن قادس ومعه المسلمون، واتجه إلى جيش الناصر لدين الله
فاعترض جيش النصارى الأوروبي المتحد مع جيش قشتالة على هذا الانسحاب دون أن يقتلوا جميعاً، لكن ألفونسو الثامن كان له رأي مخالف لهم، كان يريد أن يترك المسلمين حتى إذا حاصر مدينة أخرى من مدن المسلمين فتحوا له المدينة؛ لأنه لو قتل هؤلاء بعد العهد لم يفتح له المسلمون بعد ذلك مدنهم،
فاختلف الأوروبيون مع ألفونسو الثامن وكان من جراء هذا الاختلاف أن انسحب 50 ألفاً من الصليبيين الأوروبيين قبل موقعة العقاب، وهذا كان نصراً كبيراً جداً للمسلمين، وهزة كبيرة جداً في جيش النصارى، وأصبح جيش المسلمين أضعاف الجيش النصراني بعد هذا الانسحاب، لكن حصل بعد هذا الأمر أن عاد أبو الحجاج يوسف بن قادس إلى الناصر لدين الله وقد ترك قلعة رباح وسلمها بالمؤن والسلاح إلى الصليبيين، فيشير عليه الوزير السيئ أبو سعيد بن جامع بقتل القائد المسلم البارع ابن قادس بتهمة التقاعس عن حماية القلعة، فقتله الناصر لدين الله ، وهذا ولا شك خطأ كبير جداً من الناصر لدين الله ،وذلك لما يلي:
أولاً:أن الناصر لدين الله أخطأ قبل هذا بحصار قلعة سلبطرة حوالي ثمانية شهور كاملة
ثانياً:قتل القائد المجاهد المسلم ابن قادس الأندلسي؛ فإنه لم يخطئ بهذا القرار الذي اتخذه، بل كان متحرفاً لقتال، ولو مكث لهلك ولو لم يهلك لحيدت قوته عن الاشتراك في الموقعة لحصارهم
وحتى لو أخطأ القائد فلا يكون أبداً عقابه القتل، وقد علم أنه لم يتعمد الخطأ، بل كان هذا اجتهاده، ففي حروب الردة أخطأ عكرمة بن أبي جهل في أحد المواقع، وكان خليفة المسلمين أبو بكر الصديق، فعنفه أبو بكر الصديق، وأوضح له خطأه، ثم أعاده من جديد هو وجيشه إلى القتال لمساعدة جيش آخر من جيوش المسلمين، بل قال لرئيس الجيش الآخر استعن بـعكرمة بن أبي جهل فإن له رأياً، وهذا الصنيع من أبي بكر الصديق؛ لئلا تتحطم قوة عكرمة بن أبي جهل وتتحطم معنوية الجيش المسلم
كان هذا القتل بجانب أنه فقد قوة كبيرة جداً بفقد هذا القائد البارع فقد أيضاً قوة الأندلسيين، الذين شعروا أن هناك فارقاً بين المغاربة وبين الأندلسيين، وهذا بالطبع كان له أثر سلبي كبير على قلوب الأندلسيين
التقت الجيوش، الجيش الصليبي القليل العدد بالنسبة لجيش المسلمين، فقسم الناصر لدين الله جيشه كما قسمه ورتبه السابقون، لكن الواضح أنه لا يقرأ التاريخ الذي قرأه من قبل المنصور الموحدي ويوسف بن تاشفين رحمهما الله، فقسم جيشه إلى فرقة أمامية وفرقة خلفية، وجعل الفرقة الأمامية من المتطوعة والبالغ عددهم (160) ألف متطوع، فكانوا في مقدمة الجيش وجعل من خلفه الجيش النظامي الموحدي
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55