#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط 🌷المحاضرة الر
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط
🔖المحاضرة الخامسة:الإمارة الأموية
- - - - - - - - -
سلسلة الأندلس_
المحاضرة الخامسة:(الإمارة الأموية)

#تمهيد
أقام عبد الرحمن الداخل إمارة أموية في بلاد الأندلس إبان الخلافة العباسية، واهتم بها اهتماما بالغا دينيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا، وقد استمر حكم بني أمية لبلاد الأندلس برهة من الزمن، ومر بمراحل قوة وضعف، وكان لكل مرحلة أسبابها.
 

- - - - - - - - - - - - - - - - - -
💎اهم العنواين الرئيسية :
-موقف عبد الرحمن الداخل من الثوار
-أعمال عبد الرحمن الداخل في الأندلس
-صفات عبد الرحمن الداخل
-الفترة الممتدة من ولاية عبد الرحمن الداخل إلى آخر ولاية حفيده الحكم
-ولاية عبد الرحمن الأوسط

✍أسباب ضعف الدولة الأموية في الأندلس:
*انفتاح الدنيا على المسلمين
*ظهور النجم زرياب
*ظهور شخصيات تحارب الإسلام

-الفترة الثانية في الدولة الأموية في الأندلس وأسباب ضعفها
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط 🔖المحاضرة الخ
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط
🔖المحاضرة الخامسة:الإمارة الأموية
     ✍    ∫∫    الحـــــ38ـــلقة   ∫∫
- - - - - - - - -
💎موقف عبد الرحمن الداخل من الثوار في الأندلس:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

وبعد: فمع صفحة جديدة من صفحات التاريخ الإسلامي والحلقة الخامسة من حلقات الأندلس: من الفتح إلى السقوط..

ذكرنا فيما سبق كيف دخل عبد الرحمن الداخل رحمه الله أرض الأندلس، وكيف سيطر على الموقف هناك، وضم إليه جميع القبائل، كذلك سيطر على جميع الثورات، وأقام ملكا لبني أمية في أرض الأندلس، بعد قصة فرار طويلة من العباسيين، ومن الخوارج في المغرب.

ما زالت هناك بعض التعليقات على موقف عبد الرحمن الداخل رحمه الله من الثائرين، هل يجوز له أن يحارب الثائرين وإن كانوا من المسلمين؟ ف

✅الجواب
أن موقفه سليم جدا في حرب الثائرين داخل أرض الأندلس؛ لأن جميع أهل الأندلس قد أجمعوا على أن يكون أميرا للبلاد، ودليل ذلك حديث رسول الله عن عرفجة رضي الله عنه في صحيح مسلم يقول: (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، فأراد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم، فاضربوا رأسه بالسيف كائنا من كان)،

فلذلك كان موقف عبد الرحمن الداخل رحمه الله صارما مع من أراد الثورة؛ ليقمع هذه الانقلابات المتكررة في أرض الأندلس في ذلك الزمن، لكن من الإنصاف أن نذكر أنه كان رحمه الله يبدأ دائما بالصلح، وبالاستمالة إلى السلم، ويكره الحرب إلا إذا كان مضطرا رحمه الله،

والثورات التي حدثت في بدء ولاية عبد الرحمن الداخل رحمه الله كان ثمنها غاليا في بداية دخوله، وفي أول أربع سنوات من دخوله من سنة (١٣٨) إلى سنة (١٤٢) من الهجرة سقطت كل مدن المسلمين في فرنسا، بعد أن حكمت بالإسلام مدة (٤٧) سنة متصلة، منذ أيام موسى بن نصير وحتى هذه اللحظات، فإن من سنن الله الثوابت أنه إذا انشغل المسلمون بأنفسهم كانت الهزيمة أمرا حتميا.
 
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط     ∫∫    الحـ
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط
   ∫∫    الحــــ82ـــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - -
💎مواجهة المسلمين للصليبيين في الزلاقة:

رتب ابن تاشفين جيشه وصلى بهم الفجر، وبعد الفجر يغدر ألفونسو السادس فهجم على الجيش فوجده على تعبئته، فقد قسم يوسف بن تاشفين الجيش إلى نصفين: نصف أمامي ونصف خلفي، أما النصف الأمامي فقد طلب المعتمد على الله بن عباد أن يكون على قيادته، ومن معه من الأندلسيين، فهو يريد أن يكون بين المسلمين والنصارى، وأن يغسل عار السنين، ويمحو الذل الذي أذاقه إياه ألفونسو السادس، وأن يتلقى الضربة الأولى من جيش النصارى، فيقف المعتمد على الله بن عباد في مقدمة الجيش وخلفه داود بن عائشة كبير قواد المرابطين.

أما الجيش الخلفي ففيه يوسف بن تاشفين رحمه الله فهو يختفي خلف تل من التلال بعيدا عن أرض الموقعة، وعدد أفراد الجيش الثاني خمسة عشر ألفا، وقد قسم الجيش الثاني إلى نصفين، يتكون من أحد عشر ألف مقاتل وكانوا مع يوسف بن تاشفين، ثم النصف الثاني يتكون من أربعة آلاف من رجال السودان المهرة؛ كانوا يحملون سيوفا هندية، ورماحا طويلة، وكانوا من أعظم المحاربين في جيش المرابطين، وجعلهم في آخر الجيش، وكانت خطة يوسف بن تاشفين نفس خطة خالد بن الوليد في فتوح فارس، في موقعة الولجة، ونفس خطة النعمان بن مقرن رضي الله عنه وأرضاه في موقعة نهاوند أيضا في فتوح فارس فقد كان ابن تاشفين يقرأ التاريخ ويعتبر بالتاريخ.

وتبدأ الموقعة، وإذا بستين ألف نصراني يهجمون على خمسة عشر ألف مسلم وبقية الجيش لا يقاتلون، يريد يوسف بن تاشفين أن تحتدم الموقعة حتى تنهك قوى الطرفين ولا يستطيعان القتال، هنا يدخل يوسف تاشفين بجيشه ليعدل الكفة في صف المسلمين، وهذه سياسة النفس الطويل، كالذي يجري في (الماراثون) في سباق طويل جدا (١٠كيلو) أو (٢٠كيلو)، فلو جرى في أول السباق بحمية شديدة لن يستطيع أن يكمل السباق، لكنه يبدأ بالتدريج حتى يصل إلى آخر السباق فيسرع ويكمل السباق لصالحه، هكذا فعل يوسف بن تاشفين رحمه الله.

فإذا بستين ألفا من النصارى، وكأنهم أمواج تتلوها أمواج، وأسراب تتبعها أسراب يهجمون على جيش المسلمين والمسلمون صابرون، فقد مات على المعتمد على الله بن عباد ثلاثة خيول وهو صابر حتى كان لا يرى من كثرة الدماء، حتى أتى وقت العصر وهناك يشير يوسف بن تاشفين إلى من معه أن انزلوا وساعدوا إخوانكم، فينزل يوسف بن تاشفين ومن معه وهم مستريحون بعد طول صبر، فيحاصرون الجيش النصراني؛ وقد قسم يوسف بن تاشفين المقاتلين الذين معه إلى قسمين: قسم يساعد المسلمين، وقسم يلتف خلف جيش النصارى، وأول شيء عمله خلف جيش النصارى أن حرق خيام النصارى في خلف الجيش، وقد كانت الخيام فارغة لا يوجد بها أحد، وإنما فعل ذلك حتى يعلم النصارى أن يوسف بن تاشفين ومن معه خلف الجيش، فلما علموا أنهم محاصرون من خلفهم، دبت الهزيمة في قلوبهم، وبدأ يحدث الخلل والانسحاب، والتف الناس حول ألفونسو السادس يحمونه، وبدءوا ينسحبون فحدثت خلخلة عظيمة في جيش النصارى في موقعة الزلاقة، فكانت الضربة الأولى لـ يوسف بن تاشفين أن قتل من النصارى عشرة آلاف رجل، وذلك بعد العصر،

حتى قال المؤرخون: إن يوسف بن تاشفين الأمير على ثلث أفريقيا كان في هذه الموقعة يتعرض للشهادة؛ فيلقي بنفسه في المهالك رحمه الله ورضي الله عنه وعن أمثاله، وتزداد الموقعة في الحدة حتى قبيل المغرب، ثم يشير يوسف بن تاشفين رحمه الله إلى الأربعة آلاف فارس، فيأتون من بعيد يستأصلون النصارى، فقد قتل في موقعة الزلاقة من النصارى تسعة وخمسين ألف وخمسمائة وخمسين رجلا، نجا منهم أربعمائة وخمسون فارسا فقط! فيهم ألفونسو السادس بساق واحدة، فقد بترت ساقه في موقعة الزلاقة، وانسحب في جنح الظلام هو وأربعمائة وخمسين فارسا إلى طليطلة، وهناك دخلوا طليطلة بمائة فارس فقط، فقد مات في الطريق ثلاثمائة وخمسون فارسا من الجراح المثخنة في موقعة الزلاقة.
موقعة الزلاقة تقاس بلا مبالغة بموقعتي اليرموك والقادسية.

يـتـبـع......
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام 👇
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط    ∫∫   
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط
     ✍    ∫∫    الحــــ83ـــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - -
💎سبب تسمية الزلاقة:

سميت موقعة الزلاقة بهذا الاسم لكثرة الدماء فيها حتى كان الرجال والخيول ينزلقون، فقد كانت الأرض صخرية، وجمع المسلمون غنائم عديدة، لكن يوسف بن تاشفين يترك كل الغنائم لأهل الأندلس ويعود في زهد عجيب وورع كبير إلى بلاد المغرب، لسان حاله: لا نرجو منكم جزاء ولا شكورا، وجمع الناس وحضهم على الاجتماع وعلى نبذ الفرقة، وعلى التمسك بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونصحهم باتباع سنة الجهاد في سبيل الله، وكان عمر يوسف بن تاشفين البطل الإسلامي المغوار الذي يكتب بحروف من ذهب وأغلى من الذهب (٧٩) سنة وهو يجاهد في موقعة الزلاقة، مثل موسى بن نصير، فقد كان يوسف بن تاشفين الشيخ الكبير يحارب على فرسه في موقعة الزلاقة في أماكن بعيدة جدا عن دولة المرابطين، وكان من الممكن أن يرسل جيشا يحارب النصارى في الأندلس، ولكن ذهب بنفسه لعله يموت في سبيل الله هناك، لكنه لم يستشهد هناك، فلا نامت أعين الجبناء.
 ____________
💎دخول ابن تاشفين الأندلس للمرة الثانية واستيلائه عليها:

يعود يوسف بن تاشفين رحمه الله إلى أرض المغرب من جديد، فتحدث الصراعات بين أمراء المؤمنين الموجودين في بلاد الأندلس على الغنائم، والبلاد المحررة، وهنا يضج العلماء، ويذهبون إلى يوسف بن تاشفين مرة أخرى ويقولون: يا يوسف! خلصنا من أمرائنا، فيتورع يوسف بن تاشفين من مهاجمة بلاد الأندلس، ومحاربة المسلمين، فتأتيه الفتاوى من كل بلاد المسلمين حتى جاءته من الشام من أبي حامد الغزالي صاحب الإحياء، ومن أبي بكر الطرطوشي العالم المصري الكبير، وجاءته الفتاوى من كل علماء المالكية في شمال إفريقية، أن يدخل بلاد الأندلس ويضمها إلى دولة المرابطين، وينجد المسلمين مما هم فيه؛ لأن هذه البلاد ستضيع لا محالة إن تركها يوسف بن تاشفين! فدخلها مرة ثانية سنة (٤٨٣هـ) أي: بعد موقعة الزلاقة التي تمت في (٤٧٩هـ) بأربع سنوات، فحاربه أمراء المؤمنين، وممن حاربه المعتمد على الله بن عباد، الذي لم يجد العزة إلا تحت راية يوسف بن تاشفين، لكن أنى له أن يحارب يوسف بن تاشفين، فقد استطاع أن يضم كل بلاد الأندلس ومن ضمنها سرقسطة بعد أن قسمها الملك الذي كان عليها بين ابنيه، وضمها إلى بلاد المسلمين، وأصبح يوسف بن تاشفين أميرا على دولة واحدة تمتد من شمال الأندلس بالقرب من فرنسا إلى وسط أفريقيا، وظل رحمه الله يحكم المسلمين حتى سنة (٥٠٠هـ) وكان قد بلغ من العمر (١٠٠) عام، ومات رحمه الله في سنة (٥٠٠هـ) ولم يفتن بالدنيا لحظة، فقد ملك أموال الدنيا جميعا، فالأندلس بلاد غنية جدا، لكنه ما فتن بالدنيا لحظة، فقد ظل الشيخ الكبير والأمير العظيم حتى آخر لحظات حياته، لا يلبس إلا الخشن من الصوف، ولا يأكل إلا الخبز من الشعير، ولا يشرب إلا لبن الإبل، فرحم الله يوسف بن تاشفين، ورحم الله أبا بكر بن عمر اللمتوني ورحم الله الشيخ عبد الله بن ياسين، ورحم الله الشيخ يحيى بن إبراهيم الجدالي الذي أتى بالشيخ عبد الله بن ياسين في سنة (٤٤٠هـ)، فخلال (٦٠) سنة تصبح دولة المرابطين من أقوى دول العالم في ذلك الزمان.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وجزاكم الله خيرا كثيرا.
 
يـتـبـع المحاضرة العاشرة بين المرابطين والموحدين.........
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام 👇
https://telegram.me/gghopff55
Forwarded From 📚 من عمق التاريخ الإسلامي 📚
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط

∫∫  الحــ100ــلقة  

💫 #تتمة موقعة العقاب :

فاجتمع قادة الموحدين وقادة الأندلسيين على الناصر لدين الله وأشاروا عليه أن يترك هذه القلعة ويتجه إلى جيش النصارى في الشمال حتى يحاربه؛ لأنه سوف تنهك قوة الجيش في حصار هذه القلعة الحصينة جداً، بل يترك عليها حامية ثم يتجه إلى الشمال، لكن الناصر لدين الله رفض هذا الأمر واستمع لرأي وزيره الذي أشار عليه بعدم مغادرة هذه القلعة بدون فتحها، فظل يحاصر قلعة سلبطرة حوالي ثمانية شهور كاملة، فكان من جراء هذا الأمر ما يلي:

أولاً:أضاع مدة ثمانية أشهر كان من الممكن أن ينتصر فيها على النصارى قبل أن يعدوا عدتهم

ثانياً:أكمل النصارى عدتهم في هذه الفترة الطويلة واستجلبوا أعداداً أخرى من أوروبا

ثالثاً:هلك الآلاف من المسلمين في صقيع جبال الأندلس في ذلك الوقت، فإن الناصر لدين الله كان قد دخل بلاد الأندلس في شهر مايو، وشهر مايو شهر مناسب جداً للقتال، لكنه بقي يحاصر قلعة سلبطرة حتى قدم الشتاء القارس، وبدأ المسلمون يهلكون من شدة البرد وشدة الانهاك في هذا الحصار الطويل

أما الجيش النصراني فقد قدم من الشمال، وقسم نفسه إلى ثلاثة جيوش كبيرة:
الجيش الأول:هو الجيش الأوروبي،
والجيش الثاني:هو جيش إمارة أراجون،
والجيش الثالث:هو أضخم الجيوش جميعاً، وهو جيش قشتالة والبرتغال وليون ونافار، وقامت هذه الجيوش بحصار قلعة رباح التي امتلكها المسلمون بعد موقعة الأرك، وكان على رأس هذه القلعة القائد الأندلسي البارع الشهير: أبو الحجاج يوسف بن قادس من أشهر قواد الأندلس في تاريخ الأندلس، لكن حوصرت هذه القلعة حصاراً طويلاً من النصارى، وطال الحصار أياماً كثيرة حتى أدرك أبو الحجاج يوسف بن قادس أنه لن يستطيع أن يفلت من هذا الحصار، وبدأت بعض الحوائط في هذا الحصن تتهاوى أمام جيش مملكة أراجون، فأراد أبو الحجاج يوسف بن قادس أن يحقق الأمن والأمان لجيشه، وأن يتحيز إلى فئة وينضم إلى جيش المسلمين، فعقد معاهدة مع النصارى على أن يترك لهم القلعة بكامل المؤن والسلاح ويتجه هو والمسلمون معه جنوباً للقاء الجيش الإسلامي دون مؤن ولا سلاح، فوافق على ذلك ألفونسو الثامن وبالفعل انسحب أبو الحجاج يوسف بن قادس ومعه المسلمون، واتجه إلى جيش الناصر لدين الله

فاعترض جيش النصارى الأوروبي المتحد مع جيش قشتالة على هذا الانسحاب دون أن يقتلوا جميعاً، لكن ألفونسو الثامن كان له رأي مخالف لهم، كان يريد أن يترك المسلمين حتى إذا حاصر مدينة أخرى من مدن المسلمين فتحوا له المدينة؛ لأنه لو قتل هؤلاء بعد العهد لم يفتح له المسلمون بعد ذلك مدنهم،

فاختلف الأوروبيون مع ألفونسو الثامن وكان من جراء هذا الاختلاف أن انسحب 50 ألفاً من الصليبيين الأوروبيين قبل موقعة العقاب، وهذا كان نصراً كبيراً جداً للمسلمين، وهزة كبيرة جداً في جيش النصارى، وأصبح جيش المسلمين أضعاف الجيش النصراني بعد هذا الانسحاب، لكن حصل بعد هذا الأمر أن عاد أبو الحجاج يوسف بن قادس إلى الناصر لدين الله وقد ترك قلعة رباح وسلمها بالمؤن والسلاح إلى الصليبيين، فيشير عليه الوزير السيئ أبو سعيد بن جامع بقتل القائد المسلم البارع ابن قادس بتهمة التقاعس عن حماية القلعة، فقتله الناصر لدين الله ، وهذا ولا شك خطأ كبير جداً من الناصر لدين الله ،وذلك لما يلي:

أولاً:أن الناصر لدين الله أخطأ قبل هذا بحصار قلعة سلبطرة حوالي ثمانية شهور كاملة
ثانياً:قتل القائد المجاهد المسلم ابن قادس الأندلسي؛ فإنه لم يخطئ بهذا القرار الذي اتخذه، بل كان متحرفاً لقتال، ولو مكث لهلك ولو لم يهلك لحيدت قوته عن الاشتراك في الموقعة لحصارهم
وحتى لو أخطأ القائد فلا يكون أبداً عقابه القتل، وقد علم أنه لم يتعمد الخطأ، بل كان هذا اجتهاده، ففي حروب الردة أخطأ عكرمة بن أبي جهل في أحد المواقع، وكان خليفة المسلمين أبو بكر الصديق، فعنفه أبو بكر الصديق، وأوضح له خطأه، ثم أعاده من جديد هو وجيشه إلى القتال لمساعدة جيش آخر من جيوش المسلمين، بل قال لرئيس الجيش الآخر استعن بـعكرمة بن أبي جهل فإن له رأياً، وهذا الصنيع من أبي بكر الصديق؛ لئلا تتحطم قوة عكرمة بن أبي جهل وتتحطم معنوية الجيش المسلم
كان هذا القتل بجانب أنه فقد قوة كبيرة جداً بفقد هذا القائد البارع فقد أيضاً قوة الأندلسيين، الذين شعروا أن هناك فارقاً بين المغاربة وبين الأندلسيين، وهذا بالطبع كان له أثر سلبي كبير على قلوب الأندلسيين
التقت الجيوش، الجيش الصليبي القليل العدد بالنسبة لجيش المسلمين، فقسم الناصر لدين الله جيشه كما قسمه ورتبه السابقون، لكن الواضح أنه لا يقرأ التاريخ الذي قرأه من قبل المنصور الموحدي ويوسف بن تاشفين رحمهما الله، فقسم جيشه إلى فرقة أمامية وفرقة خلفية، وجعل الفرقة الأمامية من المتطوعة والبالغ عددهم (160) ألف متطوع، فكانوا في مقدمة الجيش وجعل من خلفه الجيش النظامي الموحدي
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55
Forwarded From 📚 من عمق التاريخ الإسلامي 📚
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط

    ∫∫    الحــــ101ـــلقة   ∫∫
- - - - - - - -
💎 #تتمة معركة العقاب:

فهؤلاء الذين في المقدمة متحمسون للقتال، لكن ليست لهم الخبرة والدراية بالقتال كالفرقة المنتخبة من أجود مقاتلي الصليبيين التي وضعت في مقدمة الجيش الصليبي، وكان المفروض أن يضع في المقدمة الجيش النظامي القادر على رد شوكة النصارى حتى يتملك الخطوات الأولى في الموقعة، ويرفع من معنويات المسلمين، ويحط من معنويات النصارى، لكن الذي حدث أنه وضع المتطوعة في المقدمة، ووضع في ميمنة المسلمين الأندلسيين، وجيش الأندلسيين في قلوبهم أسى كبير جداً لقتل القائد الأندلسي المغوار الكبير أبي الحجاج يوسف بن قادس ، ولم يكن المفروض أن يضعهم في المقدمة حتى يلاقوا الصدمة الأولى لجيش النصارى.

فتلخيص الأخطاء ما يلي: أولاً: حصار قلعة سلبطرة لمدة ثمانية شهور.

ثانياً: قتل القائد الأندلسي المشهور ابن قادس.

ثالثاً: ترتيبه الجيش وتنظيم الجيش داخل أرض الموقعة لم يكن مناسباً.

رابعاً: الاستعانة ببطانة السوء التي هي ممثلة في الوزير السيئ الخلق أبي سعيد بن جامع.

خامساً وهو أمر في منتهى الخطورة وله آثاره المترتبة على جيش المسلمين: الاعتقاد في قوة العدد والقوة.

دخل الناصر لدين الله الموقعة وهو يعتقد أنه لا محالة منتصر؛ فجيشه أضعاف الجيش الذي أمامه، ولسان حاله: إذا كان أجداده انتصروا بالجيوش القليلة، فمن باب أولى أن ينتصر بجيشه الكثير، وصدق الله القائل: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة:25]، وهكذا تكررت من جديد حنين في أرض الأندلس، كما تكررت في بلاط الشهداء، وفي موقعة الخندق مع عبدالرحمن الناصر ومعه أعظم قوة، فتكررت مع الناصر لدين الله في موقعة العقاب، وهو في أعظم قوة وأكبر جيش للموحدين على الإطلاق، بل أكبر جيوش المسلمين في بلاد الأندلس منذ فتحت في سنة (92) من الهجرة.

وبعد هذه الأخطاء المتتالية تحدث الهزيمة، فقد هجم المتطوعون من المسلمين على مقدمة النصارى؛ لكن ارتطمت المقدمة ارتطاماً شديداً بقلب قشتالة المدرب على القتال، فصدهم صداً كبيراً ومزق مقدمة المسلمين وقتل الآلاف من المسلمين في الضربة الأولى للنصارى، واخترق النصارى فرقة المتطوعة كلها والبالغ عددهم (160) ألف مقاتل، ووصل إلى قلب الجيش الموحدي النظامي، لكن الجيش الموحدي النظامي استطاع أن يصد الهجمة بعد أن هبطت بشدة معنويات الجيش الإسلامي نتيجة قتل الآلاف؛ وارتفعت معنويات الجيش الصليبي نتيجة هذا السفك الكبير في دماء المسلمين.

رأى ألفونسو الثامن ذلك فأطلق قوات المدد المدربة لإنقاذ مقدمة الصليبيين، وبالفعل كان لها أثر كبير، وعادت من جديد الكرة للصليبيين على المسلمين، وفي هذه الأثناء حدث حادث خطير في جيش المسلمين لما رأى الأندلسيون ما حدث في متطوعة المسلمين من آلاف الشهداء وتسخط الأندلسيين من دولة الموحدين لما قتل قائدهم، واستناد الجيش الإسلامي إلى العدد وليس إلى الله سبحانه وتعالى.

كل هذه الأمور عملت في قلوب الأندلسيين ففروا من أرض القتال، فرت ميمنة المسلمين من أرض موقعة العقاب، فالتف النصارى حول جيش المسلمين، وبدأت الهلكة تدور في جيوش المسلمين، فقتل من المسلمين سبعون ألفاً من الموحدين والأندلسيين، وفر الناصر لدين الله من أرض الموقعة ومعه فلول الجيش المنهزم المنكسر المصاب في كل جسد من أجساد هذا الجيش الكبير، وقال الناصر لدين الله وهو يفر: صدق الرحمن وكذب الشيطان، قال تعالى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة:25]، ولى الناصر لدين الله مدبراً، وارتكب خطأ آخر ضخماً جداً، وهو أنه لم يمكث في مدينة بياسة وهي المدينة التي تتلو مباشرة موقعة العقاب، بل فر من مدينة بياسة وأبدة وانطلق إلى مدينة إشبيلية، وترك بياسة وترك أبدة بلا حامية، وقوة الصليبيين لا زالت في عظمها، وما زالت في بأسها الشديد، فانطلقت قوة الصليبيين وحاصرت بياسة -وكانت مكاناً للمرضى والنساء والأطفال- فقتلوا جميعاً بالسيف بعد أن جمعوا في المسجد الكبير الجامع في مدينة بياسة، وانطلقوا إلى أبدة وحاصروها (13) يوماً كاملة وأعطوا أهلها الأمان على أن يخرجوا، ولما خرج أهلها منها أمر القساوسة الملوك والقادة بقتلهم فقتل من المسلمين في أبدة (60) ألف مسلم في يوم واحد في مدينة أبدة، في أعقاب موقعة العقاب تماماً.

وتدهور حال المسلمين في كل بلاد المغرب والأندلس، يقول المؤرخون: إنه بعد موقعة العقاب ما كنت تجد شاباً صالحاً للقتال ولا في بلاد الأندلس، فهذه الموقعة تسقط دولة كاملة في اتساع دولة الموحدين.

يتبع.....
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك تليجرام👇
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط          ∫∫ 
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط
    ∫∫    الحــــ94ـــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - -
💎سياسة عبد المؤمن بن علي في تأسيس دولة الموحدين:

كان عبد المؤمن بن علي شخصية قوية جدا، وكان عنده فكر سياسي عال جدا، وإدارة في منتهى القوة لبلاد المغرب العربي، فقد بدأ يؤسس دولة قوية هي دولة الموحدين بطريقة مرتبة ومنظمة وشديدة كما ذكرنا، وكانت على النحو التالي: أولا: أطلق عبد المؤمن بن علي حرية العلوم والمعارف، وأنشأ كثيرا من المدارس، وهذا على خلاف طريقة محمد بن تومرت، فقد كان عنده فكر واحد فقط، أما في عهد عبد المؤمن بن علي فقد أصبح الناس يتعلمون أكثر من نهج، ولا يرتبطون بفقه واحد كما كان في عهد محمد بن تومرت.

وكان عبد المؤمن بن علي يتميز بتفرده في الإدارة، فلا يأخذ كثيرا بالشورى، وهذا أيضا كان فكر محمد بن تومرت الذي كان يعتمد تماما على اجتهاداته، حتى إنه كان لا يسير على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم لاجتهاده المخالف لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان عبد المؤمن بن علي مثل محمد بن تومرت في هذا الأمر، لكنه أطلق حرية العلوم والمعارف، وأنشأ كثيرا من المدارس والمساجد وقرن الخدمة العسكرية دائما بالعلوم، وأنشأ مدارس كثيرة لتعليم وتخريج رجال السياسة والحكم، وكان يمتحن الطلاب بنفسه، فأخرج جيلا كبيرا من قواد الحروب ومن السياسيين البارعين في دولة الموحدين، وكان يدربهم على كل فنون الحرب، حتى إنه أنشأ بحيرة صناعية كبيرة جدا في بلاد المغرب؛ لتعليم الناس كيف يتقاتلون في الماء، وكيف تقوم الحروب البحرية، وكان يختبر المقاتلين الموحدين بنفسه أيضا.
وأقام مصانع كثيرة جدا للسلاح، ومخازن ضخمة جدا للسلاح، وأصبحت دولة الموحدين من أقوى الدول الموجودة في المنطقة عسكريا.

فكل هذا الأمر كان في بلاد المغرب العربي، أما بلاد الأندلس فلم تكن في حسابات عبد المؤمن بن علي في ذلك الوقت؛ لأنه كان يحاول أن يستتب له الأمر في بلاد المغرب العربي حيث أنصار المرابطين في كل مكان، والوضع في بلاد الأندلس هو سقوط أكثر من مدينة في يد النصارى، والتدهور أصبح سريعا هناك.

وفي سنة (٥٤٣هـ) بعد هذا التدهور الكبير في بلاد الأندلس قدم منها إلى بلاد المغرب العربي القاضي ابن العربي من أكبر علماء المسلمين، صاحب كتاب (العواصم من القواصم)، وبايع عبد المؤمن بن علي وطلب النجدة لأهل الأندلس، فمبايعته لـ عبد المؤمن بن علي تعطي إشارة واضحة إلى أن القاضي ابن العربي رحمه الله يعلم أن عبد المؤمن بن علي لا يدعو إلى أفكار ضالة كالمهدية والعصمة وما إلى ذلك، وإلا لم يكن للقاضي ابن العربي أن يأتي من بلاد الأندلس ويبايعه على الطاعة والنصرة.

فـ عبد المؤمن بن علي سمع من القاضي ابن العربي، وجهز جيوشه، وانطلق إلى بلاد الأندلس، وبدأ يحارب هناك حتى ضم معظم بلاد الأندلس الإسلامية التي كانت في أملاك المرابطين إلى دولة الموحدين، وممن قاتلهم بعض الأنصار لدولة المرابطين لكنه انتصر عليهم، واستعاد معظم هذه البلاد في سنة (٥٤٥هـ).
وفي سنة (٥٥٢هـ) استعاد بلدة ألمرية التي كانت على البحر الأبيض المتوسط، وفي سنة (٥٥٥هـ) استعاد تونس من يد النصارى، وبعدها بقليل ضم ليبيا ولأول مرة إلى حدود الموحدين.
إذا: بلغت في عهده دولة الموحدين كامل مساحة دولة المرابطين بالإضافة إلى ليبيا واقتربت جدا من حدود مصر، وكان عبد المؤمن بن علي يفكر في أن يوحد كل أطراف الدولة الإسلامية تحت راية واحدة تكون لدولة الموحدين.
 __________
💎وفاة عبد المؤمن بن علي وتولية يوسف بن عبد المؤمن:

في سنة (٥٥٨هـ) توفي عبد المؤمن بن علي وخلفه على الحكم يوسف بن عبد المؤمن بن علي، وكان عمره (٢٢) سنة، وكان مجاهدا شهما كريما، لكنه لم يكن في كفاءة أبيه القتالية، واستمر يحكم من سنة (٥٥٨هـ- ٥٨٠هـ) يعني: حوالي (٢٢) سنة متصلة، ونظم الأمور بشدة في كل بلاد الأندلس والمغرب العربي، وكانت له أعمال جهادية ضخمة ضد النصارى، لكن كان يعيبه شيء خطير جدا، وهو أنه كان لا يأخذ بالشورى أبدا، وكان منفردا برأيه تماما، وهذا شيء متوقع منه، فإنه من تربية عبد المؤمن بن علي الذي هو من تربية محمد بن تومرت، فأدى هذا الانفراد بالرأي في فكر يوسف بن عبد المؤمن بن علي إلى بعض الأخطاء في موقعة من المواقع حول قلعة من قلاع البرتغال، التي كان يقاتل فيها بنفسه، وقتل ستة من النصارى ثم طعن واستشهد رحمه الله في هذه الموقعة في سنة (٥٨٠هـ) من الهجرة.
 
يتبع.....
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك تليجرام👇
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط     ∫∫    الحـ
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط
     
    ∫∫    الحــــ95ـــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - -
💎تولية يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بعد استشهاد والده:

تولى من بعد يوسف بن عبد المؤمن ابنه يعقوب ولقب في التاريخ بـ المنصور، وكان معروفا باسم أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي، وكانت ولايته من سنة (٥٨٠) من الهجرة إلى سنة (٥٩٥) من الهجرة، يعني: تولى (١٥) سنة، ويعد عصر هذا الرجل في دولة الموحدين بالعصر الذهبي، فهو أعظم شخصية في تاريخ الموحدين، ومن أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين، ونقول في نسبته الموحدي من أجل أن نفرق بينه وبين أبي يوسف يعقوب المنصور المريني الذي سيأتي إن شاء الله ذكره في الحلقة القادمة.
 ______________
💎أعظم الأعمال التي قام بها أبو يوسف يعقوب المنصور:

قام أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي بالأمر أحسن قيام، فرفع راية الجهاد، ونصب ميزان العدل، ونظر في أمور الدين والورع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن، وغير كثيرا من أسلوب السابقين، وبدأ يأمر بشيء من الهدوء والسكينة الكبيرة، حتى إنه كان يقف في الطريق ليقضي حاجة المرأة والضعيف، وكان يؤم الناس في الصلوات الخمس، وكان زاهدا جدا يلبس الصوف الخشن من الثياب، وأقام الحدود حتى في أهله وعشيرته، فاستقامت الأحوال في البلاد وعظمت الفتوحات.

كان حازما جدا وحليما جدا، حارب الخمور بشدة، وأحرق كتب الفلاسفة، واهتم بالطب والهندسة، وألغى المناظرات العقيمة التي كانت موجودة في أواخر عهد المرابطين وأوائل عهد الموحدين، وأسقط الديون عن الأفراد، وزاد بشدة في عطايا العلماء، ومال إلى مذهب ابن حزم الظاهري، لكن لم يفرضه على الناس، بل إنه حرق الكثير من كتب الفروع، وأمر بالاعتماد على كتاب الله وكتب السنة الصحيحة.

اهتم بالعمران بشدة، فأنشأ مدينة الرباط، وسماها رباط الفتح، وأنشأ المستشفيات، وغرس فيها كثيرا من الأشجار، وخصص الأموال الثابتة لكل مريض لشراء الأدوية، وكان رحمه الله يعود المرضى بنفسه يوم الجمعة، وكان يجمع الزكاة بنفسه، ويفرقها على الناس، وكان كريما جدا مع الفقراء، فقد وزع في عيد أكثر من سبعين ألف شاة على الفقراء، وهو أول من أعلن صراحة فساد أقوال محمد بن تومرت في قضية العصمة والمهدية، فقال: إن هذا ضلال من الضلالات، وإنه لا عصمة لأحد إلا للأنبياء، وكان مجلسه دائما عامرا بالعلماء وأهل الخير، ذكر الذهبي رحمه الله في العبر: أنه كان يجيد حفظ القرآن والحديث، ويتكلم في الفقه، ويناظر، وكان فصيحا مهيبا يرتدي زي الزهاد والعلماء، وكان مع ذلك عليه جلالة الملوك، تولى الحكم وهو يبلغ من العمر (٢٥) سنة فقط.

أما بلاد الأندلس فقد وطد الأوضاع فيها بشدة، وقوى الثغور، وكان يقاتل هناك بنفسه، وكانت أشد الممالك عليه ضراوة مملكة البرتغال، ثم من بعدها مملكة قشتاله.

وفي سنة (٥٨٥هـ) حدثت ثورة في بلاد الأندلس في جزر البليار، قادها أتباع المرابطين وهم قبيلة بني غانية، كانت لهم ثورات كثيرة على عبد المؤمن بن علي ومن ثم ابنه، فقاموا بثورتين:

الأولى في جزر البليار، والأخرى في تونس، فعاد يعقوب المنصور من بلاد الأندلس إلى جزر البليار فقمع الثورة الأولى ثم إلى تونس فقمع الثورة الثانية، فضعفت لذلك قوة الموحدين في الأندلس؛ لأنه انشغل عن الأندلس بوقف هذه الثورة.

استغل ملك البرتغال هذا الأمر، واستعان بجيوش ألمانيا وإنجلترا البرية والبحرية، فحاصر إحدى مدن المسلمين هناك واحتلها وأخرج المسلمين منها، وفعل بعض الموبقات في هذه المنطقة، ووصل في تقدمه إلى غرب مدينة إشبيلية في جنوب الأندلس، وأصبح الوضع في منتهى الخطورة.

أما بنو غانية فقد كان مقبولا منهم أن يقوموا بثورات على السابقين؛ لأنه كانت لهم أفكار ضالة خرجت عن منهج الله سبحانه وتعالى، لكن أن يقوموا على هذا الرجل الذي أعاد للشرع هيبته من جديد، والذي أقام الإسلام كما ينبغي أن يقام، وأعاد القرآن والسنة إلى مكانهما الصحيح، فهذا مما لا يجوز، بل كان من المفروض على بني غانية أن يضعوا أيديهم في يد أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي رحمه الله، ويضموا قوتهم إلى قوته؛ ليحاربوا العدو الرئيسي في هذا المكان وهو العدو الصليبي المتمثل في دول الشمال الأندلسي، سواء كانت قشتالة أو البرتغال أو الممالك الأخرى التي ضعفت شوكتها نسبيا، لكن هذا لم يحدث، فالثورة الداخلية أدت إلى ضعف قوة الموحدين في بلاد الأندلس، وإلى هذا الانهيار المتدرج في هذه المنطقة.
 
يتبع.....
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك تليجرام👇
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط           ∫∫  
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط

    ∫∫  الحـــ96ـــلقة   ∫∫
- - - - - - - -
💎معركة الأرك بين الصليبيين والمسلمين:

بعد أن قضى أبو يوسف يعقوب المنصور على ثورة بني غانية فكر ماذا يفعل في بلاد الأندلس حتى يعيد الأمر إلى نصابه؟ فرأى أن أكبر قوتين هما قوة قشتالة والبرتغال، لكن قوة البرتغال كانت أشد وأقوى، فعمل اتفاقية مع قشتالة عاهدهم فيها على عدم الحرب لمدة عشر سنوات، ثم اتجه إلى مملكة البرتغال، فتحارب معها حروبا شديدة وانتصر عليها أكثر من انتصار، وحررها بكاملها فعادت من جديد للمسلمين، لكن قبل أن يكتمل له تحريرها نقض ملك قشتالة العهد، وبدأ يعيث في الأرض فسادا، وينطلق على أراضي المسلمين مخالفا الهدنة التي عقدها معه أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي، فبعث ألفونسو الثامن -أحد أحفاد ألفونسو السادس - رسالة إلى يعقوب المنصور الموحدي يستفزه فيها بالقتال ويهدده، فمزق المنصور الموحدي خطاب ألفونسو الثامن، وكتب على جزء منه ردا أعاده مع رسوله؛ قال فيه: ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها، ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون، وأعلن الجهاد والاستنفار العام في كل ربوع المغرب والصحراء، ونشر للناس ما جاء في كتاب ألفونسو الثامن؛ ليحمسهم، وتسابق الناس للجهاد، وفي ذلك الوقت وقبله بسنوات جاءت أخبار من المشرق جعلت الناس متحمسين أكثر للجهاد، وهو انتصار صلاح الدين الأيوبي المشهور على الصليبيين في موقعة حطين الخالدة في سنة (٥٨٣) من الهجرة، فحفز أبو يوسف يعقوب المنصور الناس للخروج للجهاد؛ فالناس تريد أن تكرر ما حدث في المشرق، قال تعالى: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} [المطففين:٢٦].

وفي سنة (٥٩٠هـ) يبدأ هذا الاستنفار، وفي سنة (٥٩١هـ) تنطلق الجيوش من المغرب العربي والصحراء وتعبر مضيق جبل طارق متجهة إلى بلاد الأندلس لتلتقي مع جيش الصليبيين في موقعة مشهورة جدا في التاريخ الإسلامي اسمها موقعة الأرك في (٩) شعبان سنة (٥٩١) من الهجرة.

والأرك حصن كبير موجود في جنوب طليطلة ويعتبر الحدود بين قشتالة والمسلمين في الأندلس في ذلك الوقت، أعد ألفونسو الثامن جيشا استعان فيه بمملكتي ليون ونافار وبجيوش ألمانيا وإنجلترا وهولندا، حتى بلغ جيش الصليبيين في هذه الموقعة (٢٢٥) ألف صليبي، وكان معهم جماعات كبيرة من اليهود في الجيش، من أجل أن يشتروا من الصليبيين أسارى المسلمين، لأنهم متوقعون نصرا كبيرا جدا وسيكون فيه أسرى كثير من المسلمين، ومعلوم أن اليهود طوال التاريخ معهم أموال ضخمة، حتى في عصر دولة الأندلس كانت معهم أموال كثيرة، فأرادوا أن يشتروا بها المسلمين الأسرى من أجل يبيعوهم بعد ذلك في أوروبا.

أعد المنصور الموحدي رحمه الله جيشا قوامه (٢٠٠) ألف مسلم، وهذا يبين لنا قدر الحمية التي كانت في قلوب أهل المغرب للقتال في أرض الأندلس، لما سمعوا بأخبار الجهاد وانتصارات المسلمين في حطين.

وأول ما دخل أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي منطقة الأرك عمل اجتماعا كبيرا جدا أو مجلسا استشاريا يأخذ فيه كل آراء الحضور، وهذا نسق جديد من القيادة، فقد كانت من قبل قيادة دولة الموحدين متميزة بالفردية في الآراء، فهذا أول أمير يغير تماما من سياسة دولة الموحدين، ويصبح رجلا يعمل على نهج رسول الله.

فاستعان بكل الآراء المطروحة من قبل قواد الجيش، وأخذ برأي أبي عبد الله بن صناديد زعيم الأندلسيين ليس من قبائل المغرب البربرية، وكان شيئا جديدا على دولة الموحدين التي كانت في كل حروبها في دولة الأندلس لا تعتمد إلا على جيوش المغرب فقط، لكن في موقعة الأرك بدأ أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي يضم قوة الأندلسيين إلى قوة المغاربة، وقوة البربر القادمين من الصحراء، فاستعان بآرائهم، ووضع خطة شبيهة جدا بخطة موقعة الزلاقة، قسم فيها الجيش نصفين، جعل نصفه للقتال في المقدمة، وأخفى جزءا كبيرا جدا من الجيش خلف التلال، وكان هو على رأس هذا الجيش المختفي خلف التلال، واختار أميرا عاما للجيش هو كبير الوزراء أبو يحيى بن أبي حفص، وولى قيادة الأندلسيين لـ أبي عبد الله بن صناديد وذلك حتى لا يوغر صدور الأندلسيين فلا يتولى عليهم بربري أو مغربي.

وقسم المقدمة إلى مقدمة أولى تواجه جيش النصارى جعلها من الجيش النظامي الموحدي ومن الأندلسيين، وهذه تنقسم إلى ميمنة من الأندلسيين والقلب من الموحدين والميسرة من العرب، ثم جعل من خلفهم مجموعة المتطوعين غير النظاميين، والهدف من وضع الجيوش النظامية في المقدمة لأجل تلقي الصدمة الأولى والضربة الأولى للنصارى، فيصدونهم صدا عظيما يوقع الرهبة في قلوب النصارى، ويرفع من معنويات الجيش الإسلامي، أما المتطوعون غير النظاميين الذين ليست لهم كفاءة عالية جدا في القتال فوضعهم خلف الجيوش
،ومكث هو خلف التلال، ووزع الخطباء على أطراف الجيش يحمسون الناس على الجهاد،

يتبع.....
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك تليجرام👇
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط     ∫∫  الحـ
#سلسلة_الأندلس_من_الفتح_إلى_السقوط

  ∫∫ الحــــ97ـــلقة   ∫∫
- - -
💎تتمة معركة الأرك :

وعند اكتمال الحشد والاستعداد للقتال أرسل الأمير المنصور الموحدي رسالة إلى كل المسلمين يقول فيها: إن الأمير يقول لكم: اغفروا له فإن هذا موضع غفران، وتغافروا فيما بينكم، وطيبوا نفوسكم، وأخلصوا لله نياتكم؛ فبكى الناس جميعاً وعلموا أن هذا موقف وداع، فالتقى المسلمون مع بعضهم البعض وعانقوا بعضهم البعض، وودعوا الدنيا وأقبلوا على الآخرة في موقعة الأرك الكبيرة في سنة (591) للهجرة.

وكان موقع النصارى في أعلى تل والمسلمون من أسفل، لكن ذلك لم يرد المسلمين أبداً عن القتال، فنزل القشتاليون كالسيل الجارف المندفع من علٍ، وهبطوا من مراكزهم كالليل الدامس وكالبحر الزاخر أسراباً تتلوها أسراب وأفواجاً تعقبها أفواج،

وكانت الصدمة كبيرة جداً على المسلمين ووقع كثير من المسلمين شهداء وثبت المسلمون ثم رجعوا

ولما رأى المنصور نزل بنفسه دون جيشه في شجاعة نادرة يمر على كل الفرق والصفوف يقول بنفسه: جددوا نياتكم وأحضروا قلوبكم، ثم عاد إلى مكانه من جديد، واستطاع المسلمون بعد ذلك أن يردوا النصارى في الهجوم الأول،

ثم حدث هجوم آخر للصليبيين وانكسار للمسلمين ثم ثبات من جديد ورد للهجود للمرة الثانية،

ثم الهجوم الثالث للنصارى وكان هجوماً شرساً وكان مركزاً على القلب من الموحدين، وسقط آلاف من المسلمين شهداء، واستشهد القائد العام للجيش أبو يحيى بن أبي حفص ، وظن الصليبيون أن الدائرة قد دارت على المسلمين، ونزل ملك قشتالة إلى الموقعة يحوطه عشرة آلاف فارس،

عندئذ تحركت ميمنة المسلمين من الأندلسيين لإنقاذ القلب، وهاجمت بشدة على النصارى،
واستطاعت حصار العشرة آلاف جندي بما فيهم ألفونسو الثامن ، وحدث اضطراب كبير جداً في الجيش القشتالي،

واستمرت الموقعة طويلاً وارتفعت سحب الغبار الكثيف، وأصبح لا يسمع إلا صوت الحديد وقرع الطبول وصيحات التكبير من جيش المؤمنين، وبدأت بالتدريج الدائرة تدور على النصارى، والتفوا حول ملكهم وقد تزعزت قلوبهم، ورأى ذلك يعقوب المنصور الموحدي فأمر جيشه الكامن خلف التلال بالتحرك وانطلق معهم وفي مقدمة جيشه العلم الأبيض الكبير علم الموحدين منقوشاً عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله لا غالب إلا الله، فارتفعت بشدة معنويات الجيش المؤمن، وأسلم الصليبيون رقابهم لسيوف المسلمين،

وانتصر المسلمون انتصاراً باهراً في يوم الأرك، وأصبح يوم الأرك يوماً من أيام الإسلام المشهودة مثل الزلاقة؛ بل فاق الزلاقة،

وهرب ألفونسو الثامن في فرقة من جنوده إلى طليطلة، وطارت أخبار النصر في كل مكان، وأعلنت أخبار الانتصار العظيم من كل منابر المساجد في أطراف دولة الموحدين الشاسعة،

بل وصلت الأخبار إلى المشرق الإسلامي وكانت سعادة لا توصف؛ لأنها كانت بعد ثمان سنوات من انتصار حطين العظيم. 

يتبع.....
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك تليجرام👇
https://telegram.me/gghopff55