الجسد والصورة والمقدس في الإسلام فريد الزاهي
......
يفتتح فريد الزاهي كتابه "الجسد والصورة والمقدس في الإسلام" قائلا:"لقد ظل مفهوم الجسد في ثقافتنا العربية الحديثة والمعاصرة حبيس النص الفقهي، التشريعي منه والسجالي. ولم يجد مرتعا لبعض من حرية التفكير والتصور إلا في النص التخييلي شعرا كان أو حكيا أو مسرحا. وبين صرامة النص الفقهي والحرية الممكنة للنص الأدبي يصعب الحديث في ثقافتنا هذه عن تصور فعلي للجسد من حيث هو كيان له استقلاله الذاتي".
ظل الجسد في الثقافة الإسلامية مرتبطا إذن بمجال التخييل، إنه المسكوت عنه في هذه الثقافة أو هو التاريخ الجهوي لهذه الثقافة الذي لم تلتفت إليه التواريخ الرسمية. لكن السنوات الأخيرة عرفت اهتماما واسعا بهذا التاريخ، وأخذ موضوع الجسد يأخذ مكانته ضمن التجربة المعرفية للإنسان، حتى إنه أضحى من الممكن الحديث عن
فكر للجسد كما يقول فريد الزاهي. لكن ما الذي يعنيه الزاهي بالجسد الإسلامي؟
"الجسد الإسلامي مفهوم جامع للعناصر النصية والواقعية. المتخيلة والتاريخانية التي بلورتها الثقافة الإسلامية في ذاكرتها المكتوبة والشفوية بصدد الجسد. بهذا يكون الجسد الإسلامي نتاجا لمختلف مكونات هذه الثقافة. لا فرق في ذلك بين التصورات السائدة والهامشية، ولا بين الفقهي والكلامي والتصوفي والفلسفي والشعبي والعالم".
إن ربط الجسد بنموذج محدد المعالم ومقنن، هو حرب ضد الحواس كما يصفها الزاهي، أو حرب ضد الجمال باعتباره فتنة كما تقول اللغة الدينية، ولهذا وجب إدماجه في المؤسسة الزوجية. إن كل خروج على النموذج أو كل انطلاق خارج المؤسسة يواجه بالعقاب الشديد، فهو يهدد كل البناء الإلهي، ولربما هذا ما جعل فرويد يقول بأن "الجسد تحرر أولا وبعد ذلك تبعه العقل"، وهو ما يفسر إقدام كل أشكال التوتاليتاريات الدينية منها والدنيوية على تدجين الجسد ورسم سكناته وحركاته.
#أديان#فكر