#في_علم_الغيب_قصص
#في_علم_الغيب_1 #في_علم_الغيب
الحلقة الأولى
Telegram:@rwayate

* هذه القصة مُهداة إلى أرواح الغاليين على قلوبنا الذين كانوا معنا يوماً ما, أصحاب الوجوه التي لم تغيّب عنّا حتى غيّبهم شيئاً إسمه موت, من تركوا مكانهم خالي وذهبوا بعيداً وبقيت ذكرياتهم وأصواتهم وملامحهم عالقة في ذاكرتنا إلى الأبد.. إلى البعيدين القريبين..
لروح أمي الغالية.

ما بنسى أبداً الأيام القديمة يلي كنت فيها صغير.. كنت أسأل أسئلة كثيرة ما إلها أجوبة أو تفسير.. أسئلة فلسفية وجودية بحتة.. عن الإنسان والحياة والكون.. وعن ربنا.. ما كنت بعتبر نفسي طفل.. يمكن كل يلي كانو معي بهالفترة كان بيتهيألهم هالشي بس أبداً ما كنت بعتبر نفسي متل ما كانوا يشوفوني.. خلقت بين عيلة صغيرة متواضعة لطيفة وكوّني الإبن الأصغر فكنت المُدلل دائماً.. وأوامري جميعها كانت لإلهم سمعاً وطاعة.. متل أسئلتي يلي ما كان إلها عدد أو نهاية.. أنا مين؟.. وليه أجيت على الدنيا؟.. كيف خلقت؟.. ليه إنتوا أهلي؟.. طيب أنا ما اخترتكم وما إخترت الحياة يلي أنا فيها.. كيف هيك؟.. كيف الإنسان فيه يخلق بمكان هوه مو مختاره؟!.. مين يلي بختار؟!.. أنا مخيّر أو مسيّر وبناءاً على شو؟!.. شو مطلوب مني بهالحياة؟!.. ولوين رح أوصل فيها؟!.. كل سؤال كان إله جواب مختلف بس بناءاً على تفكيرهم.. بعيد عن الحقيقة المطلقة لكل هالأفكار.. بتذكر هالليلة متل إسمي يلي ما اخترته.. أسئلتي وقتها وصلت حدّها ولحتى يسكّتوا هالطفل صاحب السنين السبعة كان لازم يبرهنوله ليصدّق.. كنا بالشتوية نلتم جنب بعض عند الدفاية ونفتح التلفزيون على برامج المسابقات ونتسلى بالخبز المقرمش والكستناء المشوية.. الحقيقة إنه وجودنا جنب بعض هوه يلي كان مدفينا.. كنت أستغل هالجمعة وقت تتسكر الطرقات بالجو ويعطّل والدي من دوامه بمصنع الأدوية.. بتذكر بهالليلة من كتر أسئلتي فرجوني صور وأنا بقسم الخداج بالمستشفى بعد ولادتي بيوم.. قالولي إني خلقت وأنا عندي مشكلة بالجهاز التنفسي وكنت وقتها رح أموت.. بس ربنا نجّاني منها وعشت بعد فترة من العلاج لوصلت للحياة بسلام وقدرت أكون الإبن الثالث بالعيلة.. بتذكر سألتهم لو كنت متت وانتهت قصة حياتي بقسم الخداج معقول ما كنت عرفتكم ولا شفت ملامحكم ولا قعدت معكم هالقعدة؟.. معقول ما كنت عرفت مين أنا وكيف رح أكبر وشو رح تكون شخصيتي وحتى شكل صورة وجهي؟.. جاوبوني بقدرة ربنا عشت وإنت معنا اليوم بإرادته.. سألتهم ربنا وين؟.. حكولي موجود.. وربنا يلي خلقك وكوّن كل تفصيل بجسمك.. قلتلهم بس أنا ما شفته.. حكولي بنشوفه بكل شي حوالينا.. بالأرض.. بالسما.. بالناس.. بالكون.. بتشوفه بنفسك بس تطلّع بالمراية.. سألتهم أنا كيف اجيت؟.. وقتها طلبوا مني أدخل أنام.. دخلت غرفتي واتطلعت على وجهي بالمراية.. وسألت نفسي أسئلة بقيت جواتي بس الأجوبة يمكن كان لازم أبحث عنها بنفسي لأعرفها.. خصوصاً إنه تعدت مرحلة التفكير بالنفس وراحت لمكان أبعد.. لشكل الكون وحجمه ومحتوياته وسكانه.. كنت بغرفتي بس كنت بتخيّل العالم يلي فوقي.. وإنه برغم حجمه العظيم الغير محدود إلا إني أنا فيه!.. ومن خلال حتمية الوجود يلي بتأكدلي وجودي فكنت متأكد من وجود الكون يلي خلقه ربنا.. ومتل ما ربنا موجود.. فمن الممكن يكون في كائنات غيرنا موجودة بهالكون الشاسع وعايشين متل ما نحنا عايشين!.. كل شي جائز بهالعالم.. نحنا ما بنعرف مين ممكن يكون موجود عليه!.. مو ربنا قال.. ويخلق الله ما لا تعلمون.. جميع الخلائق المعروفة عايشين جوا كرة دائرية معلّقة بالسما مكوّنة من بحار وانهار وأراضي ومدن كبيرة بيحكمها أشخاص وسياسات وحواجز وتقسيمات جغرافية هائلة.. فليه ما يكون في كمان عالم عايشين بهالطريقة ذاتها؟!.. بقي جواب الطفل مجهول.. لأنه ما في ولا نظرية ولا وسيلة أكدت وجود أشخاص فضائيين مثلاً.. وبرغم أسئلتي الهائلة إلا إني كنت مبسوط لأني محظوظ.. ايوه أنا محظوظ إني قدرت أعيش اليوم لأقدر أفكّر وأستنتج وأطوّر من تفكيري لأوصل لنتيجة.. ومتل ما قال الفيلسوف ديكارت.. أنا أفكر إذن أنا موجود.. ووجودي كان هوه أهم شيء خاص فيني على الأرض.. كنت بفكر كتير وبالأخص بحصة الجغرافيا يلي كانت منبع لأسئلة جديدة كنت خايف أسئلها أو أسأل أسئلة غيرها بحصص تانية.. خصوصاً من بعد ما هزأني أستاذها عملاق الجثة المخيف.. وضحك عليّه أربعين طالب بسبب سؤال عن الكون سموّه سؤال غبي ما اله داعي.. وبسبب الكف الخمّاسي يلي أكلته من أستاذ الدين الأعرج بسبب سؤال عن ربنا.. سكتت.. بتذكر بس طلبو والدي على المدرسة بسبب أسئلتي الغريبة والمدير حذّره من إنذار نهائي رح أنطرد فيه من المدرسة لو بقيت أسأل متل هيك نوع من الأسئلة المخيفة والمثيرة للجدل حسب رأيه.. ويلي زاد خوّفهم أكتر السؤال السياسي يلي كان السبب بمجيء والدي.. كركبت فيه أستاذ الإجتماعيات صاحب الشفة الأرنبية واثرت غضبه لحتى راح وإشتكى عليّه..