أنا لم أفسد أحدا... لقد أردت أن أحيا لسعادة الناس جميعا... أردت أن أحيا لإكتشاف الحقيقة و نشرها... كنت انظر من نافذتي إلى جدار منزل ماير فاتصور انه يكفيني أن أتكلم ربع ساعة حتى أقنع جميع البشر!
و هأنذا يتاح لي، مرة طوال حياتي، أن أجد نفسي على صلة لا بجميع البشر، بل بكم وحدكم، فماذا كانت النتيجة؟ لا شئ! كانت النتيجة أنكم تحتقرونني. هذا دليل على أني غبيّ أحمق، على أنني امرؤٌ لا خير فيه و لا فائدة منه، و على أنني قد آن لي أن أزول! و حين أزول، فلن أخلِّف ورائي أية ذكرى: لن أترك أيّ صدًى، لن أترك أيّ أثر،لن أترك أيّ عمل! لم أنشر أيّ رأي، لم أُذِع أية قناعة! لا تضحكوا من غبيّ أحمق! انسوه! انسَوا كلّ شئ! أرجوكم أن تنسوا! لا تكونوا قساة! هل تعلمون أنني لو لم يصبني مرض السُّل لانتحرت؟!...
كان يبدو عليه أنه يريد أن يفيض في الكلام مزيدا من الإضافة، و أن يتحدث مدة طويلة أيضا، و لكنه لم يستطع أن يستمر، فتهاوى في مقعده، و غطّى وجهه بيديه، و أخذ يبكي كطفل صغير.
#الأبله
لا تصدق هذه الصلابة، أنا هشّ من الداخل و لا أبدو على ما يرام. إني و بكل ما أوتيت من ضعف حاولت إظهار قوتي و بكل ما أوتيت من قوة تماديت في ضعفي.

#دوستويفسكي
/ #الأبله