ما الذي أجلس هذه المرأة العجوز على قارعة الغربة؟ !!
أهيَ ترقبُ عودة مسافر أنهكته الغربة وآسرته الوحدة ,أم طيف بعيد فرقت بينهما الأيام فهي تنظر بمن يحمل إليها قميصه ليلقيه على عينيها البريئتين ليرد إلى بصرها الحياة !!
لا
بل هي الحرب.
الحرب التي خطفت ثمرة فؤادها وفلذة كبدها لتلقيها ها هنا بين هذه الحواجز الكونكريتية التي وضعت أصلا لمنع الحرب غير أن آلتها الخبيثة قد إكتسحت كل شيء .

إختلست العجوز النظر وأعادته مرة تلو مرة ولكنه ينقلب إليها في كل مرة (خاسئا وهو حسير) ...
ويبقى صمتها القاتل وهي تواري حزنها الموؤد بين دفتي صدرها الحنون أبلغ من أي كلام!!
بعد إن كانت تتصبح كل يوم بوجه ولدها الوسيم طابعاً على يديها قبلة الصباح , وتقضي معه كل مساء سمراً يلهيها عن متاعب الحياة ..
غير أن كلاليب الحرب قد أخذته بعيدا عن مراتع طفولته وصباه إذ لا لقاء يجمعهما سوى صورة له قد رسمها الحنين مؤطرة بالشوق لتحتفظ بها في كل زوايا المنزل ولتبقى شاهدة على ما إقترفته جريمة الحرب التي حصدت ألآف الأرواح من البشر!!
وكان من ضحاياها هذا الحب الذي غدا صريعاً مضرجاً بدمائه ودموعه الزكية ...

قلم✍
#خطاب_الموصلي
#ديوان_المعاني
#بوح_الصورة