قناة بصائر
خواطر من زمن #الهجرة
#شريف_رجب
• لم تحدث هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم في شهر الله المحرم، بل كانت بدايتها في صفر ووصل صلى الله عليه وسلم المدينة في ربيع الأول
• كانت هجرة المصطفى تتويجاً لسلسلة طويلة من الأعمال، بدأت ببيعتي العقبة الأولى والثانية، وإرسال كل من مصعب بن عمير وعبد الله بن أم مكتوم ليثرب التي سيتحول اسمها عما قريب للمدينة المنورة، لتعليم الناس القرآن، ثم تتالي هجرة الصحابة الواحد تلو الآخر.
• أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد بدء هجرة أصحابه ينتظر أن يُؤذن له بالهجرة، ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حُبس أو فتن، وكل من علي بن أبي طالب وأبي بكر الصديق رضي الله عنهما.‌‏
• مر أبو جهل وعتبة والعباس ببعض ديار أهل مكة ممن هاجروا. فقال عتبة: أصبحت الدار خلاء من أهلها، فقال أبو جهل للعباس: هذا من عمل ابن أخيك! فرق جماعتنا وشتت أمرنا وقطع بيننا..
وأبو جهل في كلامه تبرز فيه صفة الطغاة في الإسقاط وذلك منذ زمن فرعون إلى يوم الناس هذا، يجرمون في حق الآخرين ثم يتهمونهم بالإجرام..
• تداعى سادة قريش لاجتماع في دار الندوة حضره معهم إبليس، وخلصوا إلى أن يأخذوا من كل قبيلة شاب ليقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم وليضيع دمه بين القبائل.. وصف الله اجتماعهم بقوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾
• أما علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يتخلف بعده بمكة، حتى يؤدي عنه الودائع، التي كانت عنده للناس، وهنا مفارقة عجيبة، فلم يكن أحد بمكة عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده صلى الله عليه وسلم، لما يُعلم من قوته وصدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم ‌‏.‌‏
• أذن الله بهجرة نبيه وحقق مراد الصديق الذي كان يحب أن يكون صاحب رسول الله في الهجرة، وروت أمنا عائشة أن رسول الله عندما قدم إلى الصديق وأخبره أن الله قد أذن له في الخروج والهجرة.‏ قال له الصديق‏:‌‏ الصحبة يا رسول الله. قال‏ صلى الله عليه وسلم:‌‏ الصحبة‌‏.‌‏
قالت‌‏ عائشة:‌‏ فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ، ثم قال‏:‌‏ يا نبي الله، إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا.. طموح الصديق بأن يكون صاحب النبي في الهجرة رافقه عمل وإعداد.
• روى أبو يعلى وغيره عن ابن عباس، قال: خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجراً، فقال لأهله: احملوني، فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فنزل قوله تعالى: ﴿ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾
[ النساء: 100]
وضمرة بن جندب كان شيخاً كبيراً في السن ممن عذرهم الله.
• بدأ التأريخ الهجري في خلافة الفاروق عمر وذلك لظهور الحاجة لترتيب السنوات، وقد جمع عمر الصحابة وتشاوروا في الأمر ثم اختار عمر الهجرة منطلقاً للتقويم الإسلامي، وفي هذا فوائد عدة منها، تقديم الرسالة على الفرد، والمنهج على الشخص فلم يتم التأريخ بولادة النبي صلى الله عليه وسلم أو وفاته أو فتح مكة، على أهمية تلك الحوادث، لكن أهمية الهجرة تكمن في أنها كانت نقلاً للجماعة المؤمنة من الاستضعاف إلى التمكين، وتلوح ببداية ظهور الدولة، فهي حادث جماعي يشير لمنهج الأمة أنها أمة عمل، لا تعطي أهمية للزمن إن لم يرافقه عمل.
• أما عن اعتماد أول شهور السنة فقد كانت هناك عدة مقترحات تشاور فيها الصحابة في اجتماعهم ثم اعتمدوا شهر الله المحرم بدايةً للسنة الهجريَّة على اعتبار أنَّه منصرف الناس من حَجِّهم، كما أنَّه هو الشهر الذي اختارته العرب بدايةً لسنتهم من قبل مجيء الإسلام، وقد سمَّاه الرسول بعد الإسلام شهر الله.
• كانت الهجرة بداية لزمن جديد غدا فيها المسلمون نداً للمشركين وبدا أن قوة فتية جديدة تظهر في المدينة ما لبثت هذه القوة ان سيطرت على جزيرة العرب.
• ختمت الهجرة بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث هاجر باتجاه المدينة بأهله وعياله، والتقى النبي صلى الله عليه وسلم قبل وصول جيش الفتح إلى مكة.
• إحدى وعشرون سنة مرت منذ بدء الوحي وحتى فتح مكة، عندما أزيلت الأصنام من على جدران الكعبة، ومن بيوت أبناء مكة، وذلك بعد أن أزالها صلى الله عليه وسلم من قلوبهم!
• أكثر بيت تضرر نتيجة الهجرة هو بيت أبي سلمة، وهذا على حد وصفها هي، حيث قالت: والله ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة.
فقد فُرِّق بين أم سلمة وبين ابْنها وزوجها، فكانت تبكي كل يوم من الصباح إلى المساء سنة كاملة، حتى جاءها الفرج وجمعها الله بابنها فهاجرت للمدينة.. وكم من أم سلمة في زماننا تنتظر أولادها..