#قصة_دولة_المماليك { الـحـ7ـلـقـة} 〰〰〰〰
#قصة_دولة_المماليك
{ الـحـ8ـلـقـة}
〰〰〰〰〰〰〰
🔻نجم المماليك يسطع في موقعة المنصورة

أقفز بكم بعض السنوات لأصل إلى سنة 647 هجرية.. وفي هذه السنة كان الصالح أيوب قد مرض مرضًا شديدًا، وكان مصابًا بمرض السل، بالإضافة إلى كبر سنه فإن هذا جعله طريح الفراش في القاهرة.

حملة «لويس التاسع» الصليبية:
وفي هذه الأثناء وقبلها كان ملك فرنسا (لويس التاسع) يريد أن يستغل فرصة الاجتياح التتري لشرق العالم الإسلامي، فيقوم هو باجتياح العالم الإسلامي من ناحية مصر والشام، وقد حاول الاستعانة بخاقان التتار آنذاك وهو كيوك بن أوكيتاي، ولكن فشلت هذه المحاولة.. ومع ذلك فقد أصر لويس على المضي في حملته.

ووقع اختياره على مدينة دمياط المصرية ليبدأ بها حملته لأنها كانت أهم ميناء في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط في ذلك الزمن، وبذلك بدأت الحملة التي تعرف في التاريخ بالحملة الصليبية السابعة.

🔻الحملة الصليبية السابعة على مصر

لن ندخل في تفصيلات هذه الحملة، وإن كان بها تفصيلات في غاية الأهمية، ومواقع من أهم المواقع في تاريخ المسلمين، ولكن ليس المجال هنا لذكرها.
نزل الملك لويس التاسع بجيشه إلى دمياط في يوم 20 من صفر سنة 647هجرية، وللأسف الشديد ظنت الحامية المدافعة عن المدينة أن سلطانهم المريض الملك الصالح أيوب قد مات، فانسحبوا انسحابًا غير مبرر، ووقعت دمياط في أيدي الصليبيين بسهولة، وهي المدينة التي دوخت قبل ذلك الحملة الصليبية الخامسة.

علم بذلك الملك الصالح فاشتد حزنه، وعاقب المسئولين عن جريمة سقوط دمياط، وتوقَّع أن النصارى الصليبيين سيتجهون إلى القاهرة عبر النيل لغزو العاصمة المصرية نفسها، وبذلك يُسقطون الدولة بكاملها.. لذلك فقد قرر بحكمته أن يرتب اللقاء في الطريق بين القاهرة ودمياط.. واختار لذلك مدينة المنصورة لأنها تقع على النيل، وحتمًا سيستغل الصليبيون النيل للإبحار فيه بسفنهم الكثيرة.

وبالفعل أمر الملك الصالح بأن يحمله الناس إلى مدينة المنصورة الواقعة على فرع النيل الذي يأتي من دمياط، وذلك لانتظار جيش الصليبيين بها، والاستعداد لمعركة فاصلة هناك.. وبالفعل حُمل الملك الصالح -على الرغم من مرضه الشديد- إلى المنصورة، وبدأ فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس يضعان الخطة المناسبة للقاء النصارى في المنصورة.
وفاة الملك الصالح:
خرج النصارى من دمياط في 12 من شعبان 647 هجرية متجهين جنوبًا عبر النيل صوب القاهرة، وكان من المؤكد أنهم سيمرون على المنصورة كما توقع الصالح أيوب.. ولكن سبحان الله في ليلة النصف من شعبان سنة 647 هجرية توفي الملك الصالح نجم الدين أيوب، وهو في المنصورة يعد الخطة مع جيوشه لتحصين المدينة، فنسأل له الله المغفرة والرحمة وأجر الشهداء.. يقول «ابن تغري بردي» صاحب كتاب «النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة» المتوفى سنة 874 هجرية: «ولو لم يكن من محاسن السلطان الصالح نجم الدين أيوب إلا تجلده عند مقابلة العدو بالمنصورة، وهو بتلك الأمراض المزمنة، وموته على الجهاد والذبّ عن المسلمين لكفاه ذلك»، ثم يقول: «ما كان أصبره وأغزر مروءته!».

كانت مصيبة عظيمة جدًّا على المسلمين، لا لفقد الزعيم الصالح فقط، لكن لفقدان البديل والخليفة له، خاصة في ذلك التوقيت، والبلاد في أزمة شديدة، وميناء دمياط محتل، وجنود الصليبيين في الطريق.

وهنا تصرفت زوجة السلطان نجم الدين أيوب بحكمة بالغة.. وكانت زوجته هي «شجرة الدر»، وشجرة الدرّ كانت فيما سبق جارية من أصل أرمني أو تركي، اشتراها الصالح أيوب ثم أعتقها وتزوجها، ولذلك فهي في الأصل أقرب إلى المماليك.

🔻ماذا فعلت شجرة الدر بعد وفاة السلطان الصالح أيوب؟!
لقد كتمت شجرة الدرّ خبر وفاته، وقالت أن الأطباء منعوا زيارته، وأرسلت بسرعة إلى ابن الصالح أيوب، والذي كان يحكم مدينة تعرف «بحصن كيفا» (في تركيا الآن)، وكان اسمه «توران شاه بن نجم الدين أيوب»، وأبلغته بخبر وفاة أبيه، وأن عليه أن يأتي بسرعة لاستلام مقاليد الحكم في مصر والشام، ثم اتفقت مع كبير وزراء الملك الصالح وكان اسمه «فخر الدين يوسف» على إدارة الأمور إلى أن يأتي توران شاه، ثم كلفت فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس بالاستمرار في الإعداد للمعركة الفاصلة في المنصورة، وهكذا سارت الأمور بصورة طيبة بعد وفاة الملك الصالح، ولم يحدث الاضطراب المتوقع نتيجة هذه الوفاة المفاجئة، وفي هذه الظروف الصعبة.

ومع كل احتياطات شجرة الدرّ فإن خبر وفاة الملك الصالح أيوب تسرب إلى الشعب، بل ووصل إلى الصليبيين، وهذا أدى إلى ارتفاع حماسة الصليبيين، وانخفاض معنويات الجيش المصري، وإن ظل ثابتًا في منطقة المنصورة.
ووضع فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس خطة بارعة لمقابلة الجيش الفرنسي في المنصورة، وعرضاها على شجرة الدر، وكانت شجرة الدرّ تمثل الحاكم الفعلي لحين قدوم توران شاه ابن الصالح أيوب.. وأقرت شجرة الدرّ الخطة، وأخذ الجيش المصري مواقعه، واستعد للقاء.
يتبع...
https://telegram.me/gghopff55 
#قصة_دولة_المماليك { الـحـ8ـلـقـة}
#قصة_دولة_المماليك
{الـحـ9ـلـقـة}
〰〰〰〰〰〰〰〰〰
🔻موقعة المنصورة:
وفي اليوم الرابع من ذي القعدة من سنة 647 هجرية دارت موقعة المنصورة العظيمة، وانتصر فيها المسلمون انتصارًا باهرًا، والموقعة فيها تفصيلات رائعة لكن ليس المجال لتفصيلها هنا.

ثم حدث هجوم آخر على جيش الملك لويس التاسع المُعَسكِر خارج المنصورة، وذلك في اليوم السابع من ذي القعدة سنة 647 هجرية، ولكن الملك لويس التاسع تمكن من صد ذلك الهجوم بعد كفاح مرير.

وصل توران شاه إلى المنصورة بعد هذا الهجوم الأخير بعشرة أيام في السابع عشر من ذي القعدة سنة 647 هجرية، وتسلم السلطان الشاب مقاليد الحكم، وأُعلن رسميًا وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب، وولاية توران شاه حكم مصر والشام.. ثم بدأ توران شاه في التخطيط لهجوم جديد على الصليبيين.. وكانت حالة الجيش الصليبي قد ساءت، وبدأ بالانسحاب ناحية دمياط، بينما ارتفعت معنويات الجيش المصري جدًّا للانتصارات السابقة، وخاصة انتصار المنصورة، ولوصول توران شاه في الوقت المناسب.

استطاع الجيش المصري أن يلتقي مرة أخرى مع الصليبيين، عند مدينة «فارسكور» في أوائل المحرم سنة 648 هجرية، بعد أقل من شهرين من موقعة المنصورة الكبيرة! ودارت هناك معركة هائلة تحطم فيها الجيش الصليبي تمامًا[6]، بل وأسر الملك لويس التاسع نفسه، ووقع جيشه بكامله ما بين قتيل وأسير، وسيق الملك لويس مكبلاً بالأغلال إلى المنصورة، حيث حبس في دار «فخر الدين إبراهيم ابن لقمان».

وضعت شروط قاسية على الملك لويس التاسع ليفتدي نفسه من الأسر، وكان من ضمنها أن يفتدي نفسه بثمانمائة ألف دينار من الذهب يدفع نصفها حالًا ونصفها مستقبلًا، على أن يحتفظ توران شاه بالأسرى الصليبيين إلى أن يتم دفع بقية الفدية، بالإضافة إلى إطلاق سراح الأسرى المسلمين، وتسليم دمياط للمسلمين، وهدنة بين الفريقين لمدة عشر سنوات.

لقد كان انتصارًا باهرًا بكل المقاييس.
وتم بالفعل جمع نصف الفدية بصعوبة، وأطلق سراح الملك لويس التاسع إلى عكا، وكانت إمارة صليبية في ذلك الوقت.. نسأل الله أن يحررها من دنس اليهود الآن.

ومع هذا الانتصار المبهر فإن توران شاه لم يكن الرجل الذي يناسب تلك الأحداث الساخنة التي تمر بالأمة.

لقد كان توران شاه شخصية عابثة! فلقد اتصف هذا السلطان الشاب بسوء الخلق، والجهل بشئون السياسة والحكم، وأعماه الغرور الذي ركبه بعد النصر على لويس التاسع ملك فرنسا عن رؤية أفضال ومزايا من حوله، فقد بدأ من ناحية يتنكر لزوجة أبيه شجرة الدر، واتهمها بإخفاء أموال أبيه، وطالبها بهذا المال، بل وهددها بشدة حتى دخلها منه خوف شديد، ولم يحفظ لها جميل حفظ الملك له بعد موت أبيه، وحفاظها على سير الأمور لحين قدومه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه بدأ يتنكر لكبار أمراء المماليك، وعلى رأسهم فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس، ولم يحفظ للمماليك جميل الانتصار الرائع الذي حققوه في موقعة المنصورة، فبدأ يقلل من شأنهم، ويقلص من مسئولياتهم.
وحتمًا إذا ظهرت مثل هذه السلوكيات فإن الموازين ستختلف.
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55 
#قصة_دولة_المماليك {الـحـ9ـلـقـة} 〰〰〰〰〰
#قصة_دولة_المماليك
{الـحـ10ـلـقـة}
〰〰〰〰〰〰〰
🔻مقتل توران شاه وأزمة الحكم

كان توران شاه الأيوبي شخصية عابثة! فلقد اتصف هذا السلطان الشاب بسوء الخلق، والجهل بشئون السياسة والحكم، وأعماه الغرور الذي ركبه بعد النصر على لويس التاسع ملك فرنسا عن رؤية أفضال ومزايا من حوله، فقد بدأ من ناحية يتنكر لزوجة أبيه شجرة الدر، واتهمها بإخفاء أموال أبيه، بل وهددها بشدة حتى دخلها منه خوف شديد، ومن ناحية أخرى لم يحفظ للمماليك جميل الانتصار الرائع الذي حققوه في موقعة المنصورة، فبدأ يقلل من شأنهم، ويقلص من مسئولياتهم، وبدأ على الجانب الآخر يعظم من شأن الرجال الذين جاءوا معه من حصن كيفا، وبدا واضحًا للجميع أنه سيقوم بعمليات تغيير واسعة النطاق في السلطة في مصر.

كل هذا في غضون الأشهر الثلاثة الأولى في مصر! وبعد موقعة فارسكور مباشرة.
خافت شجرة الدرّ على نفسها، وأسرت بذلك إلى المماليك البحرية، وخاصةً فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس، وكان المماليك البحرية يكنون لها كل الاحترام والولاء لكونها زوجة أستاذهم الملك الصالح، وكانت علاقة الأستاذية هذه من القوَّة بحيث تبقى آثارها حتى بعد موت الأستاذ.. ثم إن شجرة الدرّ قد وجدت الوساوس نفسها في نفوس المماليك البحرية في ذات الوقت؛ ومن ثَمَّ اجتمع الرأي على سرعة التخلص من «توران شاه» قبل أن يتخلص هو منهم.. فقرروا قتله!
والحق أن المماليك بصفة عامَّة كان عندهم تساهل كبير في الدماء.. فكانوا يقتلون «بالشك!».. فإذا شكوا في أحد أنه «ينوي» أن يغدر فإن ذلك يعتبر عندهم مسوغًا كافيًا للقتل، ولا أدري كيف كان هذا التساهل عامًا في حياة المماليك، فقد ظل هذا التساهل في الدماء في كل فترات دولة المماليك، وكم من أمرائهم، وكم من خصومهم، بل كم من عظمائهم قُتل بسبب الشك في نياته، وقد يكون هذا راجعًا إلى التربية العسكرية الجافة التي نشأ عليها المماليك، فكانت فيهم قسوة نسبية وشدة، وعدم تمييع للأمور، فهم يحبون حسم كل أمورهم بالسيف الذي يحملونه منذ نعومة أظفارهم.. غير أن الذي لا يُفهم هو أن هؤلاء المماليك كانوا -أيضًا- ينشئون على التربية الدينية والفقهية.. ولا أدري أي سند فقهي يعضد قتل رجل ما، حتى ولو غلب على الظن أنه سيقوم بعزلك أو «احتمال» قتلك!
المهم أنه في هذا الزمن المليء بالمؤامرات والتدبيرات الخفية لم يكن يُستهجن أمر هذا القتل، حتى لتجد أن القاتل قد يفخر أمام الناس بقتله لخصمه، بل قد يصعد وهو مرفوع الرأس إلى كرسي الحكم، ولا يشعر بأي تأنيب للضمير، وكأن الدماء التي تسيل ليس لها وزن عند الله عز وجل، ولا عند الناس.
هذا ليس دفاعًا عن «توران شاه» أو عن أي قتيل غيره، فقد يكون القتيل شخصية عابثة سيئة كريهة، ولكن العقوبات في الإسلام تأتي بمقاييس معينة وبمقادير خاصة.. وهذه المقاييس لم نحددها نحن، بل حددها رب السموات والأرض.. فالسارق وإن كان مجرمًا سيئًا كريهًا فإنه لا يُقتل لمجرد السرقة بل تقطع يده، والزاني غير المحصن وإن كان قد أتى بفعلة مشينة، وقام بعمل شنيع فإنه يُجلد ولا يُرجم وهكذا.

ولا أعتقد أن الوساوس التي كانت تدخل نفوس بعض المماليك من غيرهم كانت مسوغًا شرعيًا كافيًا للقتل.. نعم قد تكون مسوغًا شرعيًا للعزل أو الاعتراض أو الحبس.. لكن الوصول إلى حد القتل أمر كبير جدًّا.

لقد رفض عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقتل عبدًا مجوسيًا غير مسلم مع عظم شكه في أن العبد سيقتله، فقد كان العبد المجوسي «أبو لؤلؤة» يعيش في المدينة، ويكره «عمر بن الخطاب» كراهية شديدة، وعمر رضي الله عنه هو «أمير المؤمنين» آنذاك، وكان عمر يعلم منه هذه الكراهية، لكنه لم يفكر في قتله أو حبسه أو ظلمه بأي صورة من صور الظلم، لأن الأمر مجرد شك لم يرتكز على يقين.

بل روى «ابن سعد» في (الطبقات الكبرى) بسند صحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لهذا المجوسي ذات يوم: ألم أحدث أنك تقول: لو أشاء لصنعت رحى تطحن بِالرِّيحِ (وكان المجوسي صانعًا ماهرًا(، فالتفت إليه المجوسي عابسًا، وقال: «لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها»، وقد قال هذه الكلمات بلهجة جعلت عمر يُقبل على من معه، ويقول: توعدني العبد!
فعمر رضي الله عنه شك شكًا كبيرًا أن هذا العبد يتوعده بالقتل، و«عمر» رضي الله عنه ليس ككل المسلمين.. إن شكه يقترب من يقين الآخرين، فهو الملهم الذي كان القرآن ينزل موافقًا لرأيه في كثير من المسائل.

ومع ذلك فعمر رضي الله عنه لم يعتمد شكه قط في قتل -أو حتى حبس- «العبد المجوسي»، الذي ليس من المسلمين أصلًا، لكن تحريم الظلم، وإرساء العدل أصل من الأصول لا فرق فيه بين المسلم وغير المسلم.

{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة: 5].
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55 
#قصة_دولة_المماليك {الـحـ10ـلـقـة} 〰〰〰〰〰〰〰 🔻مقت
#قصة_دولة_المماليك
{الـحـ11ـلـقـة}
〰〰〰〰〰
وسبحان الله! صدق ظن عمر رضي الله عنه، ومرت الأيام، وقَتل العبد المجوسي «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، ولكن ذلك لم يغيّر من القاعدة الإسلامية شيئًا.. فلا يقتل أو يحبس، أو تقام عقوبة ما، ولو صغرت على رجل أو امرأة، أو حر أو عبد، أو غني أو فقير، إلا بدليل.. ودليل قوي ظاهر متفق على وضوحه.
{إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا}[يونس: 36].
بل حدث مع «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه ما هو أعجب من موقف «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، فعمر كان يشك في أبي لؤلؤة المجوسي، وكان هذا قبل أي محاولة للقتل.. أما «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه فلم يأمر بقتل الذي طعنه فعلاً - وهو «عبد الرحمن بن ملجم» - إلا حينما يتيقن المسلمون أن عليًا رضي الله عنه قد مات، وهنا يقتل القاتل بسبب قتله لعلي رضي الله عنه، أما إذا لم يمت علي رضي الله عنه فلا يقتل!
قال علي بعد أن طعنه «عبد الرحمن بن ملجم»: «النفس بالنفس، إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي».

ثم أوصى أولاده، وأقاربه قبل أن يموت، فقال: «يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون في دماء المسلمين، تقولون: «قُتل أمير المؤمنين، قُتل أمير المؤمنين، ألا لا يُقتلن إلا قاتلي، انظر يا «حسن» إن أنا مت فاضربه ضربة بضربة، ولا تمثل بالرجل، فإني سمعت رسول الله ï·؛ يقول: «إياكم والمثلة، ولو أنها بالكلب العقور».
هذا هو الإسلام، ومع كون بعض البشر تقبل نفوسهم أن يعذبوا غيرهم من الناس بجريمة أو دون جريمة.. فإن الإسلام يحرم المثلة بالكلب العقور!

🔻مقتل «توران شاه»:
اتفقت شجرة الدرّ مع فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس وغيرهما من المماليك الصالحية البحرية على قتل «توران شاه»، وبالفعل تمت الجريمة في يوم 27 من المحرم سنة 648 هجرية، أي بعد سبعين يومًا فقط من قدومه من حصن كيفا واعتلائه عرش مصر! وكأنه لم يقطع كل هذه المسافات لكي «يحكم» بل لكي «يُدفن»!

وهكذا بمقتل «توران شاه» انتهى حكم الأيوبيين تمامًا في مصر.. وبذلك أغلقت صفحة مهمة من صفحات التاريخ الإسلامي.

🔻المماليك يفكرون في الحُكم:
حدث فراغ سياسي كبير جدًّا بقتل توران شاه، فليس هناك أيوبي في مصر مؤهل لقيادة الدولة، ومن ناحية أخرى فإن الأيوبيين في الشام ما زالوا يطمعون في مصر، وحتمًا سيجهزون أنفسهم للقدوم إليها لضمها إلى الشام، ولا شك أنه قد داخل الأيوبيين في الشام حنق كبير على المماليك لأنهم تجرءوا وقتلوا أيوبيًا.. ولا شك -أيضًا- أن المماليك كانوا يدركون أن الأيوبيين سيحرصون على الثأر منهم، كما أنهم كانوا يدركون أن قيمتهم في الجيش المصري كبيرة جدًّا، وأن القوَّة الفعلية في مصر ليست لأيوبي أو غيره إنما هي لهم، وأنهم قد ظُلموا بعد موقعة المنصورة وفارسكور؛ لأنهم كانوا السبب في الانتصار ومع ذلك هُمّش دورهم.

كل هذا الخلفيات جعلت المماليك -لأول مرة في تاريخ مصر- يفكرون في أن يمسكوا هم بمقاليد الأمور مباشرة! وما دام «الحكم لمن غلب»، وهم القادرون على أن يغلبوا، فلماذا لا يكون الحكم لهم؟!

لقد استُخدم المماليك في مصر من أيام الطولونيين، والذين حكموا من سنة 254 هجرية إلى سنة 292 هجرية، يعني قبل هذه الأحداث بحوالي أربعة قرون كاملة، وكذلك استُخدموا في أيام الدولة الأخشيدية من سنة 323 هجرية إلى سنة 358 هجرية، واستُخدموا -أيضًا- في أيام الفاطميين الشيعة الذين حكموا من سنة 358 هجرية إلى زمان صلاح الدين الأيوبي، حيث انتهت خلافتهم في سنة 567 هجرية (ما يزيد على قرنين كاملين).. واستُخدِموا -أيضًا- وبكثرة في عهد الأيوبيين كما رأينا.

وفي كل هذه الفترات كان الجيش يعتمد تقريبًا على المماليك، ومع ذلك لم يفكروا مطلقًا في حكم ولا سيادة، بل كانوا دائمًا أعوان الملوك، وما كانت تخطر على أذهانهم فكرة الملك قط لكونهم من المماليك الذين يباعون ويشترون، ولم تكن لهم عائلات معروفة ينتمون إليها، ولا شك أن هذا كان يشعرهم بالغربة في البلاد الجديدة التي يعيشون فيها، كما أن الخطر لم يكن يمسهم شخصيًا؛ فهم تبع للسلطة الجديدة، ولا يُستهدفون لذواتهم، أما الآن فالمؤمرات تدبر لهم، والدائرة ستدور عليهم، والملوك ضعفاء، والقوَّة كلها بأيدي المماليك.. فلماذا لا يجربون حظهم في الحكم؟!

لكن صعود المماليك مباشرة إلى الحكم سيكون مستهجنًا جدًّا في مصر، فالناس لا تنسى أن المماليك -في الأساس- عبيد، يباعون ويشترون، وشرط الحرية من الشروط الأساسية للحاكم المسلم.. وحتى لو أُعتقوا فإن تقبُّل الناس لهم (كحُكَّام) سيكون صعبًا.. وحتى لو كثرت في أيديهم الأموال، وتعددت الكفاءات، وحكموا الأقاليم والإقطاعات، فهم في النهاية مماليك.. وصعودهم إلى الحكم يحتاج إلى حجة مقنعة للشعب الذي لم يألفهم في كراسي السلاطين.
فماذا يصنع المماليك لمواجهة كل هذه الأمور؟ 
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55 
#قصة_دولة_المماليك {الـحـ11ـلـقـة} 〰〰〰〰〰 وسبحا
#قصة_دولة_المماليك
{الـحـ12ـلـقـة}
〰〰〰〰〰〰
🔻شجرة الدر سلطانة مصر

فكر المماليك في أن يمسكوا هم بمقاليد الأمور بعد الفراغ سياسي الذي حدث بقتل توران شاه، فالغلبة لهم الآن، و«الحكم لمن غلب»! لكن عواقب هذا الأمر دفعت المماليك البحرية الصالحية إلى أن يرغبوا في «فترة انتقالية» تمهد الطريق لحكم المماليك الأقوياء، وفي ذات الوقت لا تقلب عليهم الدنيا في مصر أو في العالم الإسلامي.

كانت هذه هي حسابات المماليك الصالحية البحرية.

فماذا كانت حسابات شجرة الدر؟!
شجرة الدرّ امرأة ذات طابع خاص جدًّا.. لا تتكرر كثيرًا في التاريخ.. فهي امرأة قوية جدًّا.. شجاعة.. جريئة.. لها عقل مدبر، وتتمتع بحكمة شديدة.. كما أن لها القدرة على القيادة والإدارة.. وكانت شجرة الدرّ ترى في نفسها كل هذه القدرات.. وكانت شديدة الإعجاب بإمكانيتها وبنفسها (وكان هذا من أكبر مشاكلها).. مما دفعها إلى تفكير جديد تمامًا على الفكر الإسلامي، وخاصة في هذه الفترة من تاريخ الأمة.

فكرت شجرة الدر في الصعود إلى كرسي الحكم في مصر! وهذا أمر هائل فعلًا، وهذه سباحة عنيفة جدًّا ضد التيار.. لكنها وجدت في نفسها الملكات التي تسمح بتطبيق هذه الفكرة الجريئة! فقالت لنفسها: لقد حكمت البلاد سرًا أيام معركة المنصورة، فلماذا لا أحكمها جهرًا الآن؟
في ذات الوقت وجد المماليك البحرية في شجرة الدرّ الفترة الانتقالية التي يريدون.. إنها زوجة «الأستاذ».. زوجة الملك الصالح أيوب الذي يكنّون له (ويكنُّ له الشعب كله) كامل الوفاء والاحترام والحب، وهي في الوقت نفسه تعتبر من المماليك لأن أصلها جارية وأعتقت، كما أنها في النهاية امرأة، ويستطيع المماليك من خلالها أن يحكموا مصر، وأن يوفروا الأمان لأرواحهم.

🔻إعلان شجرة الدر ملكة:
وبذلك توافقت رغبات المماليك مع رغبة شجرة الدر.. وقرروا جميعًا إعلان شجرة الدرّ حاكمة لمصر بعد مقتل توران شاه بأيام، وذلك في أوائل صفر سنة 648 هجرية.

وقامت الدنيا ولم تقعد.
تفجرت ثورات الغضب في كل مكان.. وعمّ الرفض لهذه الفكرة في أطراف العالم الإسلامي.. وحاولت شجرة الدرّ أن تُجمل الصورة قدر استطاعتها، فنسبت نفسها إلى زوجها المحبوب عند الشعب الملك الصالح نجم الدين أيوب، فقالت عن نفسها إنها ملكة المسلمين الصالحية.. ثم وجدت أن ذلك غير كافٍ فنسبت نفسها إلى ابنها الصغير ابن الصالح أيوب، والمعروف باسم «الخليل»، فلقبت نفسها «ملكة المسلمين الصالحية والدة السلطان خليل أمير المؤمنين»، ثم وجدت ذلك -أيضًا- غير كاف فأضافت نفسها إلى الخليفة العباسي الذي كان يحكم بغداد في ذلك الوقت وهو «المستعصم بالله»، والذي سقطت في عهده بغداد في يد التتار، فقالت شجرة الدرّ عن نفسها: «ملكة المسلمين المستعصمية (نسبة إلى المستعصم) الصالحية (نسبة إلى الصالح أيوب) والدة السلطان خليل أمير المؤمنين».

مع كل هذه المحاولات للتزلف إلى العامة وإلى العلماء ليقبلوا الفكرة فإن الغضب لم يتوقف، وظهر على كافة المستويات.. خاصةً أن البلاد في أزمة خطِرة، والوضع حرج للغاية؛ فالحملات الصليبية الشرسة لا تتوقف، والإمارات الصليبية منتشرة في فلسطين، وهي قريبة جدًّا من مصر، وأمراء الشام الأيوبيون يطمعون في مصر، والصراع كان محتدمًا بينهم وبين السلطان الراحل نجم الدين أيوب، كما أن التتار يجتاحون الأُمَّة الإسلامية من شرقها إلى غربها، وأنهار دماء المسلمين لا تتوقف، والتتار الآن يطرقون باب الخلافة العباسية بعنف.. ومصر في هذا الوقت الحرج على فوهة بركان خطير.. ولا يدري أحد متى ينفجر البركان.

وقامت المظاهرات العارمة على المستوى الشعبي في القاهرة في كل أنحائها، وشرع المتظاهرون في الخروج بمظاهراتهم إلى خارج حدود المدينة، مما اضطر السلطات الحكومية إلى غلق أبواب القاهرة لمنع انتشار المظاهرات إلى المناطق الريفية.

وقام العلماء والخطباء ينددون بذلك على منابرهم، وفي دروسهم، وفي المحافل العامة والخاصة، وكان من أشد العلماء غضبًا وإنكارًا الشيخ الجليل «العز بن عبد السلام» : أبرز العلماء في ذلك الوقت.
كما أظهر الأمراء الأيوبيون في الشام حنقهم الشديد، واعتراضهم المغلظ على صعود النساء إلى كرسي الحكم في مصر.
وجاء رد الخليفة العباسي «المستعصم بالله» قاسيًا جدًّا، وشديدًا جدًّا، بل وساخرًا جدًّا من الشعب المصري كله، فقد قال في رسالته: «إن كانت الرجال قد عدمت عندكم أعلمونا، حتى نسير إليكم رجلًا!».

وهكذا لم تتوقف الاعتراضات على الملكة الجديدة.. ولم تنعم بيوم واحد فيه راحة، وخافت الملكة الطموحة على نفسها، خاصة في هذه الأيام التي يكون فيها التغيير عادة بالسيف والذبح لا بالخلع والإبعاد.. ومن هنا قررت الملكة شجرة الدرّ بسرعة أن تتنازل عن الحكم.... لرجل أي رجل.
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55 
#قصة_دولة_المماليك {الـحـ12ـلـقـة} 〰〰〰〰〰〰
#قصة_دولة_المماليك
{الـحـ13ـلـقـة}
〰〰〰〰〰〰
🔻تتمة شجرة الدر

🔻لكن لمن تتنازل؟!
إنها مازالت ترغب في الحكم، وتتشوق إليه، وما زالت تعتقد في إمكانياتها العقلية والإدارية والقيادية.. وهي إمكانيات هائلة فعلًا.. فماذا تفعل؟!
لقد قررت الملكة شجرة الدرّ أن تمسك العصا -كما يقولون- من منتصفها، فتحكم باطنًا وتتنحى ظاهرًا، ففكرت في لعبة سياسية خطِرة، وهي أن تتزوج من أحد الرجال.. ثم تتنازل له عن الحكم ليكون هو في الصورة.. ثم تحكم هي البلاد بعد ذلك من خلاله.. أو من «خلف الستار» كما يحدث كثيرًا في أوساط السياسة، فكم من الحكام ليس لهم من الحكم إلا الاسم، وكم من السلاطين ليس لهم من السلطة نصيب، وما أكثر الرجال الذين سيقبلون بهذا الوضع في نظير أن يبقى أطول فترة ممكنة في الكرسي الوثير: كرسي الحكم!

وشجرة الدرّ لا تبغي الزواج لذاته، ولاتريد رجلًا حقيقةً، إنما تريد فقط «صورة رجل».. لأن هذا الرجل لو كان قويًا لحكم هو، ولأمسك بمقاليد الأمور في البلاد وحده.. ولذلك -أيضًا- يجب أن لا يكون هذا الرجل من عائلة قوية أصيلة؛ حتى لا تؤثر عليه عائلته، فيخرج الحكم من يد الملكة شجرة الدر.. وحبذا لو كان هذا المختار سعيد الحظ من المماليك، وذلك حتى تضمن ولاء المماليك، وهذا أمر في غاية الأهمية، فلو كان هذا الرجل هو السند الشرعي للحكم، فالمماليك هم السند الفعلي والعسكري والواقعي للحكم.
فمن تختار إذن؟.

🔻عز الدين أيبك.. الملك المعز
دبرت شجرة الدرّ أمرها للزواج من أجل التنازل عن الحكم ظاهريًا وفي الباطن تكون هي الحاكم الفعلي للبلاد، وحتى تضمن ولاء المماليك، قررت أن تختار رجلًا منهم، فلو كان هذا الرجل هو السند الشرعي للحكم، فالمماليك هم السند الفعلي والعسكري والواقعي للحكم.

ومن ثَمَّ اختارت رجلًا من المماليك اشتهر بينهم بالعزوف عن الصراع، والبعد عن الخلافات، والهدوء النسبي، وكلها صفات حميدة في نظر شجرة الدر، فوجدت في هذا الرجل ضالتها.. وكان هذا الرجل هو «عزّ الدين أيبك التركماني الصالحي».. وهو من المماليك الصالحية البحرية.. أي من مماليك زوجها الراحل الملك الصالح نجم الدين أيوب.. ولم تختر شجرة الدرّ رجلًا من المماليك الأقوياء أمثال فارس الدين أقطاي أو ركن الدين بيبرس؛ وذلك لتتمكن من الحكم بلا منازع.

وبالفعل تزوجت شجرة الدرّ من عز الدين أيبك، ثم تنازلت له عن الحكم كما رسمت، وذلك بعد أن حكمت البلاد ثمانين يومًا فقط، وتم هذا التنازل في أواخر جمادى الآخرة من السنة نفسها.. سنة 648 هجرية.. وهكذا في غضون سنة واحدة فقط جلس على كرسي الحكم في مصر أربعة ملوك.. وهم الملك الصالح أيوب ثم مات، فتولى توران شاه ابنه ثم قتل، فتولت شجرة الدرّ ثم تنازلت، فتولى عزّ الدين أيبك التركماني الصالحي!
وتلقب عزّ الدين أيبك «بالملك المعز»، وأُخذت له البيعة في مصر.

وكأن الله سبحانه -بهذه الأحداث- أراد أن يمهّد عقول المصريين لقبول فكرة صعود المماليك إلى كرسي الحكم.

وقبل الشعب في مصر بالوضع الجديد.. فهو وإن لم يكن مثاليًا في رأيهم فإنه أفضل حالًا من تولي امرأة، كما أن البديل من الأيوبيين في مصر غير موجود، والبديل من الأيوبيين في الشام غير موجود أيضًا؛ فأمراء الأيوبيين في الشام كانوا في غاية الضعف والسوء والخيانة والعمالة مع التتار والصليبيين.

استقر الوضع نسبيًا في مصر بزعامة عزّ الدين أيبك، والذي يعتبر أول حاكم مملوكي في مصر، وإن كان بعض المؤرخين يعتبر أن شجرة الدرّ هي أُولى المماليك في حكم مصر؛ لأنها أصلًا مملوكة أو جارية.

وبدأت شجرة الدرّ تحكم من وراء الستار -كما أرادت-، وهي مؤيدة بالمماليك القوية، وخاصة -كما ذكرنا- فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس.

لكن يبدو أن ذكاء شجرة الدرّ قد خانها عند اختيار ذلك الرجل؛ فالملك المعز عزّ الدين أيبك لم يكن بالضعف الذي تخيلته شجرة الدرّ ولا المماليك البحرية، فقد أدرك الملك الجديد من أول لحظة مرامي الملكة المتنازلة عن العرش، وعرف خطورة إخوانه من المماليك البحرية في مصر وقوتهم، فبدأ يرتب أوراقه من جديد، ولكن في حذر شديد.

كان الملك المعز عزّ الدين أيبك من الذكاء بحيث إنه لم يصطدم بشجرة الدرّ ولا بزعماء المماليك البحرية في أول أمره.. بل بدأ يقوي من شأنه، ويعد عدته تدريجيًا، فبدأ يشتري المماليك الخاصة به، ويعد قوَّة مملوكية عسكرية تدين له هو شخصيًا بالولاء، وانتقى من مماليك مصر من يصلح لهذه المهمة، وكوّن ما يعرف في التاريخ «بالمماليك المعزية» نسبة إليه (المعز عز الدين أيبك)، ووضع على رأس هذه المجموعة أبرز رجاله، وأقوى فرسانه، وأعظم أمرائه مطلقًا وهو «سيف الدين قطز».

وكان هذا هو أول ظهور تاريخي للبطل الإسلامي الشهير: سيف الدين قطز، فكان يشغل مركز قائد مجموعة المماليك الخاصة بالملك المعز عز الدين أيبك.. وسيأتي إن شاء الله حديث قريب عن قطز وعن أصله.
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55 
#قصة_دولة_المماليك {الـحـ13ـلـقـة} 〰〰〰〰〰〰 🔻تتمة
#قصة_دولة_المماليك
{الـحـ14ـلـقـة}
〰〰〰〰〰〰
ومع أن الملك المعز عزّ الدين أيبك نفسه من المماليك البحرية فإنه بدأ يحدث بينه وبينهم نفور شديد.. أما هو فيعلم مدى قوتهم وارتباطهم بكلمة زوجته شجرة الدرّ التي لا تريد أن تعامله كملك بل «كصورة ملك».. وأما هم فلا شك أن عوامل شتى من الغيرة والحسد كانت تغلي في قلوبهم على هذا المملوك صاحب الكفاءات المحدودة في نظرهم الذي يجلس الآن على عرش مصر، ويُلقب بالملك.. أما هم فيلقبون بالمماليك.. وشتان!

لكن الملك الذكي عزّ الدين أيبك لم يُستفز مبكرًا.. بل ظل هادئًا يعد عدته في رزانة، ويكثر من مماليكه في صمت.
ومرت الأيام، وحدث أن تجمعت قوى الأمراء الأيوبيين الشاميين لغزو مصر، وذلك لاسترداد حكم الأيوبيين بها.. وكانت الشام قد خرجت من حكم ملك مصر بعد وفاة توران شاه مباشرة.. والتقى معهم الملك المعز عزّ الدين أيبك بنفسه في موقعة فاصلة عند منطقة تسمى «العباسية» وهي تقع على بعد حوالي عشرين كيلومترًا شرقي الزقازيق الآن، وذلك في العاشر من ذي القعدة سنة 648 هجرية، أي بعد أربعة أشهر فقط من حكمه، وانتصر الملك المعز عزّ الدين أيبك على خصومه انتصارًا كبيرًا، ولا شك أن هذا الانتصار رفع أسهمه عند الشعب المصري، وثبت من أقدامه على العرش.

وفي سنة 651 هجرية (بعد 3 سنوات من حكم أيبك) حدث خلاف جديد بين أمراء الشام والملك المعز عز الدين أيبك، ولكن قبل أن تحدث الحرب تدخل الخليفة العباسي المستعصم بالله -وهذه نقطة تحسب له- للإصلاح بين الطرفين، وكان من جراء هذا الصلح أن دخلت فلسطين بكاملها حتى الجليل شمالًا تحت حكم مصر، فكانت هذه إضافة لقوة الملك المعز عز الدين أيبك، ثم حدث تطور خَطِر لصالحه وهو اعتراف الخليفة العباسي بزعامة الملك المعز عزّ الدين أيبك على مصر، والخليفة العباسي وإن كان ضعيفًا، وليست له سلطة فعلية فإن اعترافه يعطي للملك المعز صبغة شرعية مهمَّة.

🔻بين «أيبك» و«أقطاي»:
كل هذه الأحداث مكنت الملك المعز عزّ الدين أيبك من التحكم في مقاليد الأمور في مصر؛ ومن ثَمَّ زاد نفور زعماء المماليك البحرية منه، وبخاصةٍ فارس الدين أقطاي الذي كان يبادله كراهية معلنة، لا يخفيها بل يتعمد إبرازها.. فقد «بالغ فارس الدين أقطاي في احتقار أيبك والاستهانة به، بحيث كان يناديه باسمه مجردًا من أي ألقاب»، وهذا يعكس اعتقاد فارس الدين أقطاي أن هذا الملك صورة لا قيمة لها، وتخيل قائد الجيش ينادي الملك هكذا: يا أيبك.. ولا يناديه هكذا صداقة بل احتقارًا.

هذه المعاملة من أقطاي، وإحساس أيبك من داخله أن المماليك البحرية -وقد يكون الشعب- ينظرون إليه على أنه مجرد «زوج» للملكة المتحكمة في الدولة.. هذا جعله يفكر جديًا في التخلص من أقطاي ليضمن الأمان لنفسه، وليثبت قوته للجميع.. وهكذا لا يحب الملوك عادة أن يبرز إلى جوارهم زعيم يعتقد الشعب في قوته أو حكمته.

انتظر أيبك الفرصة المناسبة، إلى أن علم أن أقطاي يتجهز للزواج من إحدى الأميرات الأيوبيات، فأدرك أن أقطاي يحاول أن يضفي على نفسه صورة جميلة أمام الشعب، وأن يجعل له انتماءً واضحًا للأسرة الأيوبية التي حكمت مصر قرابة ثمانين سنة، وإذا كانت شجرة الدرّ حكمت مصر لكونها زوجة الصالح أيوب، فلماذا لا يحكم أقطاي مصر لكونه زوجًا لأميرة أيوبية، فضلًا عن قوته وبأسه وتاريخه وقيادته للجيش في موقعة المنصورة الفاصلة؟

هنا شعر الملك المعز عزّ الدين أيبك بالخطر الشديد، وأن هذه بوادر انقلاب عليه، والانقلاب عادة يكون بالسيف، فاعتبر أن ما فعله أقطاي سابقًا من إهانة واحتقار، وما يفعله الآن من زواج بالأميرة الأيوبية ما هو إلا مؤامرة لتنحية أيبك عن الحكم؛ ومن ثَمَّ أصدر أيبك أوامره «بقتل» زعيم المماليك البحرية فارس الدين أقطاي.. لأنه «ينوي» الانقلاب!
وبالفعل تم قتل فارس الدين أقطاي بأوامر الملك المعز، وبتنفيذ المماليك المعزية، وتم ذلك في 3 من شعبان سنة 652 هجرية.

وبقتل فارس الدين أقطاي خلت الساحة لعز الدين أيبك، وبدأ يظهر قوته، ويبرز كلمته، وبدأ دور الزوجة شجرة الدرّ يقل ويضمحل؛ فقد اكتسب الملك المعز الخبرة اللازمة، وزادت قوَّة مماليكه المعزية، واستقرت الأوضاع في بلده، فرضي عنه شعبه، واعترف له الخليفة العباسي بالسيادة، ورضي منه أمراء الشام الأيوبيون بالصلح.
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55 
#قصة_دولة_المماليك
{ الـحـ1ـلـقـة}
___
✍د. راغب السرجاني

💫التمهيد لدولة المماليك

تعتبر فترة حكم المماليك من الفترات التاريخية المجهولة عند كثير من المسلمين، بل عند كثير من مثقفي المسلمين، وذلك قد يكون راجعًا لعدة عوامل.. ولعل من أهم هذه العوامل أن الأُمَّة الإسلامية في ذلك الوقت كانت قد تفرقت تفرقًا كبيرًا، حتى كثرت جدًّا الإمارات والدويلات، وصغر حجمها إلى الدرجة التي كانت فيها بعض الإمارات لا تتعدى مدينة واحدة فقط! وبالتالي فدراسة هذه الفترة تحتاج إلى مجهود ضخم لمتابعة الأحوال في العديد من الأقطار الإسلامية.

ومن العوامل التي أدت إلى جهل المسلمين بهذه الفترة أيضًا: كثرة الولاة والسلاطين في دولة المماليك ذاتها، ويكفي أن نشير إلى أن دولة المماليك الأولى - والمعروفة باسم دولة المماليك البحرية (وسنأتي إلى تعريف ذلك الاسم لاحقًا إن شاء الله) - حكمت حوالي 144 سنة، وفي خلال هذه الفترة حكم 29 سلطانًا! وذلك يعني أن متوسط حكم السلطان لم يكن يتعدى خمس سنوات.. وإن كان بعضهم قد حكم فترات طويلة، فإن الكثير منهم قد حكم عامًا أو عامين فقط! أضف إلى ذلك كثرة الانقلابات والاضطرابات العسكرية في فترة حكم المماليك، فقد قتل من السلاطين التسعة والعشرون عشرة، وخُلع اثنا عشر! وهكذا كانت القوَّة والسلاح هي وسيلة التغيير الرئيسية للسلاطين، وسارت البلاد على القاعدة التي وضعها أحد سلاطين الدولة الأيوبية (قبل المماليك) وهو السلطان «العادل الأيوبي[1]»، والتي تقول: «الحكم لمن غلب»!
ولعل من أهم أسباب عدم معرفة كثيرين بدولة المماليك هو تزوير التاريخ الإسلامي، والذي تولى كبره المستشرقون وأتباعهم من المسلمين المفتونين بهم، والذين شوهوا تاريخ المماليك لإنجازاتهم المشرقة والمهمَّة؛ والتي كان منها: وقوفهم سدًا منيعًا لصد قوتين عاتيتين من قوى الشر التي حاولت هدم صرح الإسلام، وهما التتار والصليبيون، وكان للمماليك جهاد مستمر ضد هاتين القوتين، وعلى مراحل مختلفة، وظلت دولة المماليك تحمل راية الإسلام في الأرض قرابة ثلاثة قرون، إلى أن تسلمت الخلافة العثمانية القوية راية المسلمين.

وفي هذا المقال سأحاول أن أمر باختصار شديد على الأحداث التي أدت إلى ظهور دولة المماليك.

💫الدولة الأيوبية تمهد للمماليك:
أسَّسَ البطل الإسلامي العظيم صلاح الدين الأيوبي دولة الأيوبيين في سنة 569 هجرية، وظل يحكم هذه الدولة عشرين سنة إلى سنة 589 هجرية، ووحد في هذه الفترة مصر والشام، وتزعم الجهاد ضد الممالك الصليبية باقتدار، وحقق عليهم انتصارات هائلة، والتي من أشهرها موقعة حطين الخالدة في ربيع الآخر سنة 583 هجرية، وفتح بيت المقدس بعد حطين بثلاثة شهور فقط في رجب من السنة نفسها، وترك صلاح الدين الأيوبي دولة قوية عظيمة تبسط سيطرتها على مصر والشام والحجاز واليمن وأعالي العراق وأجزاء من تركيا وأجزاء من ليبيا والنوبة.. وحُصر الصليبيون في ساحل ضيق على البحر الأبيض المتوسط في الشام.

لكن -سبحان الله!- بوفاة صلاح الدين الأيوبي تقلص دور الجهاد ضد الصليبيين، وفُتن المسلمون بالدولة الكبيرة، وكثرت الأموال، وانفتحت الدنيا، واتسعت البلاد، وكان من جراء هذه العوامل وغيرها أن حدثت انقسامات شديدة في الدولة الأيوبية، وتفككت الدولة الأيوبية بعد وفاة صلاح الدين الأيوبي.

ولسنا بصدد التفصيل في هذه الخلافات والصراعات والاستقلالات، ولكن نذكر هنا أن الصراع بين أمراء الأيوبيين استمر نحو ستين سنة متصلة منذ موت صلاح الدين الأيوبي في سنة 589 هجرية، وإلى انتهاء الدولة الأيوبية في سنة 648 هجرية، ولم يكن هذا الصراعُ صراعَ كلام وسباب وشقاق فقط.. بل كان يصل إلى حد التقاتل بالسيوف، وإراقة الدماء المسلمة، وأدى ذلك بالطبع إلى الفُرقة الشديدة، والتشرذم المقيت.. بل كان يصل أحيانًا الخلاف وانعدام الرؤية إلى درجة التعاون مع الصليبيين ضد المسلمين! أو التعاون مع التتار ضد المسلمين! وكل هذا من جراء الوقوع تحت فتنة الدنيا الرهيبة التي طالما حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

روى ابن ماجه والطبراني وابن حبان بإسناد صحيح عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ، جَمَعَ اللهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ» [2]

لقد جعل صلاح الدين الأيوبي الجهاد نصب عينيه، وجعل له هدفًا واحدًا هو قتال الصليبيين، وإعلاء كلمة الدين، فجمع الله عليه أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا - فعلاً - وهي راغمة.
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55 
#قصة_دولة_المماليك { الـحـ1ـلـقـة}
#قصة_دولة_المماليك
{الـحـ2ـلـقـة}
_______

أما معظم السلاطين الذين جاءوا من بعده فقد جعلوا الدنيا أكبر همهم، فتفرق عليهم الأمر تمامًا، فما عادوا يدركون الصواب من الخطأ، ولا الحق من الباطل، فتارة مع المسلمين، وتارة مع الصليبيين، وتارة مع التتار، فجعل الله عز وجل فقرهم بين أعينهم، فمنهم من مات ذليلًا، ومنهم من مات فقيرًا، ومنهم من مات طريدًا، ومنهم من مات حبيسًا.
كان هذا هو واقع المسلمين في معظم الفترة التي تلت حكم البطل الكبير صلاح الدين الأيوبي.

💫الملك الصالح وفكرة المماليك:
سأقفز بكم خمسين سنة من الصراع، وأصل بكم إلى السنوات العشر الأخيرة من الدولة الأيوبية، وبالتحديد إلى سنة 637 هجرية، وذلك حين تولى عرش مصر السلطان الأيوبي «الصالح نجم الدين أيوب»[3] أو «الملك الصالح»، والذي يعد من أفضل السلاطين الأيوبيين بعد صلاح الدين، وللأسف فإن كثيرًا من المسلمين لا يعرفون شيئًا عن هذا السلطان العظيم حتى في مصر، والتي كانت مقر حكمه الرئيسي.

تولى الملك الصالح أيوب حكم مصر سنة 637 هجرية، وكالعادة الجارية في تلك الأيام استعدّ الأمراء الأيوبيون في الشام للتقاتل معه على خلافة مصر[4]..

وحدثت بينهم مناوشات وحروب، ووصل الأمر إلى مداه في سنة 641 هجرية عندما توحدت قوى الأيوبيين المتناثرة في الشام[5]، وتحالفت مع الصليبيين لحرب الملك الصالح أيوب! وذلك في مقابل أن يتنازل أمراء الشام الأيوبيون عن بيت المقدس للصليبيين!

والحق أن المرء لا يستطيع أن يتخيل كيف قبل أولئك الأمراء أن يتنازلوا عن بيت المقدس للنصارى، والمسلم الصادق لا يتخيل التفريط في أي بقعة إسلامية مهما صغرت، فكيف ببيت المقدس خاصة، والذي به -كما يعرف الجميع- المسجد الأقصى، والذي حرَّرَهُ جدهم البطل صلاح الدين من أيدي الصليبيين، وأريقت في سبيل تحريره دماء كثيرة، ومرت على المسلمين فترات عصيبة، وحروب مريرة.. لكن -سبحان الله!- هذا ما حدث بالفعل!

وتوحدت قوى أمراء الشام الأيوبيين مع الصليبيين في جيش كبير، وبدأ الزحف في اتجاه مصر.. وهنا أعد الملك الصالح جيشه، ووضع على قيادته أكفأ قادته وهو ركن الدين بيبرس، واستعد للمواجهة.. وكان الجيش المصري قليلًا وضعيفًا إذا قورن بالأعداد الكبيرة لجيوش الشام والصليبيين، ولذلك استعان الملك الصالح بالجنود الخُوارِزمية الذين كانوا قد فروا من قبل من منطقة خُوارِزم بعد الاجتياح التتري لها.

وكان هؤلاء الجنود الخُوارِزمية جنودًا مرتزقة بمعنى الكلمة.. بمعنى أنهم يتعاونون مع من يدفع أكثر، ويعرضون خدماتهم العسكرية في مقابل المال، فاستعان بهم الملك الصالح أيوب بالأجرة، ودارت موقعة كبيرة بين جيش الملك الصالح أيوب وبين قوى التحالف الأيوبية الصليبية، وعرفت هذه الموقعة باسم موقعة غزة، وكانت في سنة 642 هجرية، وكانت هذه الموقعة قد وقعت بالقرب من مدينة غزة الفلسطينية -نسأل الله عز وجل أن يحررها، وأن يحرر كامل فلسطين إن شاء الله- وانتصر فيها الملك الصالح انتصارًا باهرًا، وقُتل من الصليبيين أعداد كبيرة وصلت إلى ثلاثين ألف مقاتل، وأسرت مجموعة كبيرة من أمرائهم وملوكهم، وكذلك أسرت مجموعة من أمراء الأيوبيين، واستغل الصالح أيوب الفرصة واتجه إلى بيت المقدس الذي كان الأيوبيون في الشام قد تنازلوا عنه للصليبيين، فاقتحم حصون الصليبيين، وحرّر المدينة المباركة بجيشه المدعم بالخُوارِزمية في سنة 643 هجرية، وبذلك حُرّر بيت المقدس نهائيًا[6]، ولم يستطع جيش نصراني أن يدخله أبدًا لمدة سبعة قرون كاملة، إلى أن دخلته الجيوش البريطانية في الحرب العالمية الأولى في يوم 16 من نوفمبر سنة 1917 ميلادية، وذلك بالخيانة المعروفة لمصطفي كمال أتاتورك.. نسأل الله أن يعيده من جديد إلى الإسلام والمسلمين.

ثم إن الملك الصالح أيوب أكمل طريقه في اتجاه الشمال، ودخل دمشق، ووحّد مصر والشام من جديد، بل اتجه إلى تحرير بعض المدن الإسلامية الواقعة تحت السيطرة الصليبية، فحرر بالفعل طبرية وعسقلان وغيرهما.
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55 
#قصة_دولة_المماليك {الـحـ2ـلـقـة} ______
#قصة_دولة_المماليك
{الـحـ3ـلـقـة}
______
غير أنه حدث تطور خطِر جدًّا في جيش الصالح أيوب، حيث انشقت عن جيشه فرقة الخُوارِزمية المأجورة! وذلك بعد أن استمالها أحد الأمراء الأيوبيين بالشام مقابل دفع مال أكثر من المال الذي يدفعه لهم الصالح أيوب، ولم تكتف هذه الفرقة بالخروج، بل حاربت الصالح أيوب نفسه، ولم يثبت معه في هذه الحرب إلا جيشه الأساسي الذي أتى به من مصر، وعلى رأسه قائده المحنك ركن الدين بيبرس[7].
وخرج الصالح أيوب من هذه الحرب المؤسفة وقد أدرك أنه لا بُدَّ أن يعتمد على الجيش الذي يدين له بالولاء لشخصه لا لماله.. فبدأ في الاعتماد على طائفة جديدة من الجنود بدلًا من الخُوارِزمية...... .. وكانت هذه الطائفة هي: «المماليك».

والتي سنتابع الحديث عنها في بقية المقالات القادم إن شاء الله.
___
[1] الملك العادل (ت615هـ):هو السلطان الملك العادل أبو بكر بن أيوب وكان العادل حليمًا صفوحًا صبورًا على الأذى، كثير الجهاد بنفسه ومع أخيه، حضر معه مواقفه كلها أو أكثرها في مقاتلة الفرنج، وكانت له في ذلك اليد البيضاء، وكان ماسك اليد، وقد أنفق في عام الغلاء بمصر أموالاً كثيرة على الفقراء، وتصدق على أهل الحاجة من أبناء الناس وغيرهم شيئًا كثيرًا جدًّا.

[2] ابن ماجه: كتاب الزهد بالدنيا، باب الهم بالدنيا (4105)، وقال الشيخ الألباني صحيح.

[3] نجم الدين أيوب (603-647هـ): هو السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، مولده بالقاهرة في سنة ثلاث وستمائة، وبها نشأ، وكان مكثرًا من المماليك، وبنى لهم قلعة الروضة التي بين الجيزة والقاهرة وأسكنهم بها، مرض ثم توفي أثناء محاصر الفرنسيين لدمياط، وأخفت زوجته شجرة الدر ذلك حتى تم النصر.

[4] ابن كثير: البداية والنهاية 13/180.
[5] انظر الأحداث عند ابن كثير: البداية والنهاية 13/189.
[6] ابن كثير: البداية والنهاية 13/192.
[7] المقريزي: السلوك لمعرفة دول الملوك 1/322.
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55