قويٌّ هَشّ 🌱🍃
(٤)

لم يعلم يزن كيف وقف، وكيف وصل إلى غرفته وارتمى على السرير باكيا.. كان يبكي سابقا من فرط شوقه لأمه، ثمّ، عندما كبر إخوته، تعوّد أن يزورها متى ما اشتاق وقرر أن لا يبكي مجددا. لكن تصرف والده، وخذلان زوجته، أحدثا جرحا في عمق روحه. شعر مجددا، بعد كل هذه السنوات، أنه وحيد.

أحس بعد قليل بيد ناعمة تمسح خده:
يزن: سيلا لماذا لا زلتِ مستيقظة؟
أسيل: كنت خائفة عليك. أنا لا أحب بابا لأنه ضربك
يزن: لاا حبيبتي بابا جيد. ولكنه غاضب وحزين. ثمّ أنا أخوكِ القوي كيف تخافين عليّ؟؟ هههه تعالي ونامي بجانبي. أهذا جيد؟
أسيل: يزني..
يزن: يا قلب يزن..
أسيل: ما معنى أن نخلي البيت؟
يزن: سيلا، لا تشغلي بالك بهذه الأمور! لكن سأخبرك، يعني أن نحمل الأغراض التي نحتاجها فقط، ونخرج من البيت.
أسيل: ثمّ ماذا؟ أين سنذهب؟؟
يزن: قلت لك لا تشغلي بالك. هذا عمل الكبار. هيا نامي. تصبحين على خير.
أسيل: وأنت بخير..

في اليوم التالي، قبل الدوام؛
جاد: يزن، هااااي يزن، انتظرنيييي
يزن: أهلا جاد. كيف حالك؟
جاد: بخير، انتظر حتى ألتقط أنفاسي.. حسنا، هل صحيح ما سمعته؟ عن إفلاس أبيك..
يزن: هههه، أجل صحيح. ثم؟
جاد: أين ستذهبون؟
بعد إخلاء المنزل؟
يزن: لا أدري، لا يهم..
جاد: يمكنك القدوم إلى منزلنا، أبي لن يمانع، وأمي تحبك كثيرا..
يزن: امممم ولكن.. لماذا أترك إخوتي؟
على كلّ شكرا لك..
جاد: تعال بإرادتك، قبل أن تأتي رغما عنك..
يزن: ماذا؟ ماذا تقصد؟
جاد: كانت خالتك عند أمي صباحا..
يزن: غريب! منذ متى تستيقظ باكرا
جاد: هههه لم تنم حسب ما فهمت.. كانت تشكو لها وأخبرتها عن الإخلاء..
يزن: أجل؟ ثمّ؟
جاد: قالت أنهم سينتقلون إلى بيت أهلها، وقالت بالحرف الواحد "ولكنّي وأحمد لا زلنا نفكّر بيَزن، تعلمين لا يمكنني أخذه معي، في النهاية هو.."
يزن: هو ماذا؟
جاد: ن.. نسيت.. دعك منها الآن. المهم، أعتقد أنها تحدثت هكذا حتى تخبرها أمي أننا نستقبلك.. ولا أدري قد تكون أخبرَتها..
يزن: هو ماذا يا جاد؟
جاد: يزنننن، أرجوك.. تعال نسرع سيبدأ الصف..
عندها أمسك يزن جاد من ياقته ودفعه إلى الحائط: "ستخبرني هو ماذا أم أضربك؟؟"
جاد: يا أخي اهدأ أرجوووك، ما كل هذاا، لا أريد أن أفتن بينكما هذا كل شيء.. قالت أنك غريب. ها؟ فرِحت؟ تفضل الآن إلى الصفّ.. افففف كدتَ تخنقني..
يزن: اسبقني سأتبعك..
جاد: ولكن.. حسنا.. لا تتأخر.

#قويٌّ_هشّ 💜
قويٌّ هَشّ 🌱🍃
(٢)

استيقظ الأولاد صباحا ليجدوا والديهما بمنظر صادم؛ عينان حمراوان تحيطهما هالات سوداء، شعر منكوش، ثياب غير مرتبة.. انصدموا، وأخذ التوأمان بالضحك لولا أن نكزهما يزن ليصمتا، فانسحبا من المطبخ.

نوال: يزن أرجوك ساعد إخوتك. ألبس أسيل وسرح شعرها أنا منهكة جدا. لم أستطع النوم البارحة.
يزن: حسنا خالتي لا عليكِ. أبي أنت بخير؟؟
أحمد: اااخ من أين الخير .. أي خير.. أي مصيبة.. يا ويلييي!!!

انسحب يزن مع أسيل تاركًا الزوجان ينوحان في المطبخ وهو يفكر "ما هذه الحال، إن بقيا هكذا سأضطر وإخوتي لمغادرة هذا المنزل. ينوحان كالأطفال!"

أسيل: يزني، ما بال بابا وماما؟
يزن: لا عليكِ سيلا، سيكونان على مايرام..
أسيل: أتعلم، أحب حين تناديني سيلا. هههه.
يزن: ههههه، وأنا أحب "يزني" هذه. هُه، انتهينا.. ما رأيك بهذه التسريحة؟
أسيل: رررررائعة. أحبك أخي..

بعد مغادرة إخوته بالباص:
أحمد: بنيّ تعال لنتحدث
يزن: سأتأخر يا أبي الصف بعد ربع ساعة.
أحمد: قلت تعال. الموضوع مهم. نحن في مشكلة..
يزن: إفلاس الشركة؟؟ ما المشكلة في هذا؟
أحمد: ماذا؟ كيف تقول هذا.. أنا الآن بلا عمل، الأسهم بالأرض، لدى الكثيرين شيكات منّي وحساب الشركة فارغ. بنيّ هذا كارثيّ.
يزن: أبي..
أولا هناك عشرات العمال الفقراء قد أصبحوا بلا عمل الآن، ووضعنا أفضل بكثير
ثانيا، إن كان المال يخفف من الأضرار، هناك السيارتان المركونتان في الموقف، وڤيلا الشمال، و...
نوال: ماذا ماذا يا حبيب أمك؟؟ وما دخلك أنت بعمل والدك ها؟؟ أحمد حبيبي لا تنصت له، ولا تبع شيئا، قال ڤيلا الشمال قال.. اذهب إلى مدرستك هيا.. والدك ليس بحاجتك

انتَظرها حتى انتهت ثم خاطب والده:" أبي، والد جاد أخبرني أنه مهتم بڤيلا الشمال، يمكنك بيعها لملء الحساب ريثما ترتفع الأسهم مجددا.."
نوال: قلت اخرس يا ولد، هذا غير معقول، من طلب استشارتك؟؟ انقلع من وجهي
أحمد: اهدئي حبيبتي كان يحاول المساعدة لا أكثر.. أنا أخبرك بالأمر حتى تتحمل مسؤولياتك وتخفف من مشاويرك. أما كيف أتصرف فهذا شغلي أنا. اذهب إلى مدرستك هيا. مع السلامة.

لم ينبس يزن ببنت شفة، ضايقه تصرف نوال كثيرا. "هذه المرة الأولى التي توبخني هكذا.. هي حتما متوترة جدا وخائفة.. أرجو أن تمر هذه الأزمة على خير".

#قويٌّ_هشّ 💜