#مقال_إثراء_لغوي
العمى الذاتي .. اضطراب المتورط

أحد الإشكالات الأساسية التي تسبب تعثراتنا في الحياة هو (العمى الذاتي)
أننا نتمكن من رؤية المشهد بوضوح طالما لسنا متورطين فيه .. ولسنا طرفا في المعادلة ..
ننصح أصدقائنا .. ونمنحهم الحكمة والتوجيه .. نبدو متماسكين أقوياء أصحاب نظرة واقعية واسعة المدى ..
نشاهد أنفسنا نمنحهم تلك الإجابات على أسئلتهم المحيرة .. فنظن أننا قد أوتينا كل الحكمة ..
حتى نصبح يوما طرفا في معادلة شبيهة .. متورطين في موقف ما .. نبحث عن حكمتنا فلا نجدها .. فالأمر اليوم متعلق بالذات لا بالآخر ..
وتظهر لنا أبعاد أخرى .. الانفعالات التي تحركنا فتطمس العقلانية الباردة منا .. والرغبات التي توجهنا .. والمصالح المتضاربة بين ما نشتهيه وما نحتاجه .. وبين ما نرغبه وما ينبغي أن يكون !
نبدأ في ممارسة الانكار والتسويغ والتبرير .. والأهم أن كل هذا يحدث بشكل لا واعي .. ونحن نتوهم أننا لازلنا نفس الحكماء .. والأشخاص الذين يعرفون كل شيء !
حتى تتضح لنا مساحات الوهم من تفكيرنا .. ونرتطم بالواقع والحقيقة الصلبة الخشنة .. وندرك ببساطة معنى العمي الذاتي :
(طالما يتعلق الأمر بالآخر .. ولسنا طرفا في الأمر فنحن أهل الحكمة وبوصلتنا واضحة الإتجاه ..
وحين نتورط نحن في الأمر فبوصلتنا حائرة تشير غالبا للاتجاء الخاطيء )
والحكمة الآن تتمثل في التشكيك في أنفسنا ..
نعم .. الثقة الذاتية أحيانا تكون مدخل الوهم .. والتصديق المطلق في (صوت دماغنا) هو محرك الضياع والتعثر ..
أننا نحتاج أن نرى أنفسنا في مرآة الآخرين !
الآخرين !!
نعم .
أولئك الذين كنا ننصحهم في مواقفهم ؟!
نعم !
ففي مواقفهم .. كانوا متورطين وبوصلتهم حائرة .. أما في مواقفنا نحن فبوصلتهم قد تكون أكثر استقرارا من تضاربنا الداخلي .. وفي مواقفهم تكون بوصلتنا أكثر ثباتا من تضاربهم !
المتورط .. مضطرب الاتجاه .. وتلك حقيقة حين نبدأ في الإيمان بها سنحرر أنفسنا من كثير من حماقاتنا !
والأهم أنها ستحررنا من شعورنا بالازدواجية (قدرتنا على النصح ثم سقوطنا في الخطأ نفسه أحيانا !!) .. وستحررنا من شعورنا باللوم الذاتي (كيف وأنا صاحب الحكمة والعقلانية والمنطقية لم أر الحقيقة ورآها غيري !!) ..
فالأمر ببساطة ليس شخصيا ..
إنما هو قصر النظر الناتج عن التورط ..
وجودنا كطرف في المعادلة يشوش رؤيتنا ..
لذا لا بأس أن نحتاج الاستعانة بطرف خارج عن حياتنا أحيانا ليكون بمثابة الميناء الذي ترسو به سفننا لنعيد تقييم نظرتنا للأمور ..
ولكن لابد أن يكون ميناء خارج السفينة ..
بمعنى ألا يكون طرفا في حياتنا .. له مصلحة ما في سيرنا في اتجاه بعينه ..
طرفا متجردا قدر الاستطاعة من الأغراض والمصالح لئلا يكون ببساطة طرفا في المعادلة فيصيبه ما يصيبنا من تشوش واضطراب التورط ! وليس معنى هذا تقديس نظرته أو الاعتماد عليه .. غنما فقط وضع الصوت الذاتي موضع التساؤل على معيار خارجي للكشف الذاتي عن مواطن عطب التفكير والإنكار والتوهم ..
كنوع من (تدعيم الإدراك)
ويبقى السؤال دوما الذي ينبغي أن نسأله (هل تلك هي الحقيقة أم هو إدراكي لها )
كمصاب بعمى الألوان يسأل عن لون إشارة المرور لسائر بجواره لئلا يسبب كارثة.. لأنه يؤمن أن في تلك اللحظة إداركه ليس بالضرورة أن يكون سليما ..
وعلى الجناح الآخر نقدم في تلك الصفقة الضمنية إدراكنا نحن لمتورط آخر في معادلته لا يرى الصورة الكاملة ..
ولا نتعجب حينها كيف بنا نقدم تلك النصائح المذهلة التي لم نستطع حتى الآن تفعيلها بحياتنا او الإنتفاع بها ..
فليس ذلك عن زيف أو ازدواجية ..
إنما هو (اضطراب المتورط ) !
فاقبل الحياة بشروطها .. وتقبل ذلك القانون الطبيعي للأشياء .. حتى يمكنك الاستعلاء عليه عبر المشاركة /المرساة / الاستشارة / تدعيم الإدراك ..
والدخول في صفقة ضمنية مع (الآخر) ليكون عينك حين تشوب رؤيتك الشوائب وتكون أنت بصيرته حين تتشوش نافذته ..
قد قال سارتر يوما (الجحيم هو الآخرون)
ولم تزل الأيام تثبت لي نقيض ما قاله الفيلسوف العظيم ..
فالفردوس هو الآخرون !!
بقلم: عماد رشاد عثمان.
#مقال_إثراء_لغوي
لماذا أجد صعوبة في إكتساب مهارة نفسية جديدة؟

من أكثر الأشياء تأثيراً على عملك وعلاقاتك وأهدافك.. عادة تتصف بها منذ الصغر

نتسأل دوماً.. لماذا أجد صعوبة في إكتساب مهارة نفسية جديدة؟ لماذا لا أستطيع تطبيق ما أقرأة عن فهم النفس والناس عملياً؟ لماذا أخرج من المحاضرة أو اللقاء النفسي يملئني التفاؤل والأمل ولا يستمر ذلك إلا قليلاً؟!
وإليك الإجابة ببساطة لن تستطيع إكتساب عادة إيجابية في حياتك إلا بعد حصر سلبيات العادات فيها، ومن ثم التخلص منها.. فهل تعلم أنَّ مِن أكثر الأشياء التي تؤثِّر على أعمالنا وعلاقتنا وإنجازاتنا وأهدافنا، عاداتنا التي إتَّصفنا بها منذ الصغر!

إن أرَدت النجاح في حياتك في كافَّة المجالات، فعليك بالتخلُّص مِن هذه العادات التي تَعوقك عن النجاح أو الإنجاز.. فالشخص "العبقري" هو ذلك القادر على كَسر العادات..! فلن يكون بإمكانك تحقيق المزيد من الإيجابيات في حياتك، إلا بمعالجة ما فيها من سلبيات عِشت بها من عمرك سنين.

وسأهديك عشر خطوات، إن إستطعت تنفيذها، سوف تحصل بإذن الله على التغيير الذي تتمنه في حياتك وشخصك..

الخُطوة الأولى: تعرَّف على عاداتك السلبية: لا بد أن تحدد أخطر العادات التي تؤثِّر سلباً في حياتك سواء كانت المستوى الشخصي، أم في الأسرة، أم في العمل، فكل شيء يتكرر منك، ثم تَندم على فعله، أو يشعر البعض بالإيذاء بسببه بعد القيام به -فاعلم أنه عادة سلبية تحتاج إلى التخلص منها في أسرع وقت.
الخطوة الثانية: التركيز على عادة سلبية واحدة: لعل من طارد "أرنبين" لم يظفر بأيٍ منهما!

فمَن أراد أن يتخلَص من جميع عاداته جملة واحدة، حتماً سيفشل في ذلك، فالسبيل هو التركيز على العادة الأبرز والأشد ضرراً، ولتكن هذه هي البداية.. فإذا نجحت في ذلك، فلتنطلق نحو العادات السلبية الباقية للتخلص منها أو تغييرها بأخرى إيجابية.
الخطوة الثالثة: لا تُقدم تنازلات في البداية: إذا ما قررت تغيير عادة سلبية معينة، فلتكن حريصاً في البداية على مُجاهدة نفسك بشدة، ولا تجعل عبارات معينة مثل "اليوم إجازة".. "رأس السنة".. "فرح لصديق".. وغيرها.. تحتل نصيباً من تقليل همتك في هذه المجاهدة، فمثلاً إذا قررت المذاكرة ليلاً من بعد صلاة العشاء وحتى صلاة الفجر، لا تقل سأنام الليلة فقط بل إحْرِص على الإستيقاظ -ولو كنت مرهقاً جداً- لتُفعل العادة الجديدة وتجعلها نشطة دوماً.
الخطوة الرابعة: ابدأ بالقليل من التغيير: ليس المهم هو الكم الذي تنجزه في عادة ما، بل أن الأهم هو مقدار المداومة على فعل هذه العادة الإيجابية الجديدة، فابدأ بالقليل من التغيير الذي تستطيع المداومة عليه.. فلو كنت مثلاً لا تتمتع بعادة القراءة أصلاً، فإبدأ بكتاب بسيط قرأه صديق لك، وإقرأ منه كل يوم دقائق معدودة، ولا تبالغ في ذلك حتي ترتقي رغبة القراءة بداخلك وتترك مجالاً للشغف بالقراءة مرات أخرى.
الخُطوة الخامسة: التصريح بتغيير العادات السلبية: صرح أمام المقربين من أسرتك وأصدقائك وزملائك عن قرارك في تغيير هذه العادات، لأن التصريح سيُلزمك بالإستمرار، ويُشعرك بالإحراج عند الإنقطاع، مثلاً قل لهم: أنا قرَّرت ممارسة الرياضة ونزول الجيم يومياً.
الخطوة السادسة: لا تستسلم عند التعثُر: الجميع يحاول والكثير يسقطون، ويفشلون أثناء المحاولة ولا يزالون يشكون، لكن الناجح فقط هو الذي إذا تعثر نهض، وإذا فشل عاد، ولتعلم أن لذة النجاح أعظم من لذة الراحة والكسل، فلا تستسلم وجاهد نفسك حتى تصل ما ترغب من تغيير. فقد وعد الله المجاهدين أنفسهم بالهداية، فقال تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" العنكبوت:69.
الخطوة السابعة: إعرف قدرك: لا تكلف نفسك فوق طاقتك، فإذا أردت أن تغيِّر عاداتك، فتعامل مع نفسك برفق ولا تكلفها ما لا تطيق، فإن أردت أن تطاع، فأمر بما يُستطاع، ولا تظن أن التغيير يأتي بأن تُحمّل نفسك فوق طاقتها، فمَن لا يراعي الذوق في الكلام، لن يَصِل لهذه العادة من يوم وليلة، فالعادة الخاطئة توطدت في سنوات، والعادة الجديدة تحتاج إلى سنوات مثلها.. حتى تصبح عادة أصيلة وثابتة في شخصيتك.
الخطوة الثامنة: شَجّع نفسك دوماً: إستمع وإقرأ كثيراً عن عادات الناجحين، وتتبع أسباب وطُرق النجاح، وأحوال الصابرين وسِيَرهم العَطِرة، فكل هذا سيساعد على شَحن هِمتك، وتقوية عزيمتك نحو المداومة على تغيير عاداتك.. كما سيفيد ذلك تثبيت ما تم إكتسابه من عادات إيجابية والتنفير مما تم التخلص منه من عادات سلبية.

الخطوة التاسعة: كافِئ نفسك عند النجاح: إجعل لإكتساب عادة إيجابية جديدة مراحل، ولكل مرحلة جائزة محددة، فتخليك عن نقل حديث سمعته من آخرين لآخرين إجعل مكافأته فورية بمدح نفسك على ذلك.. وإذا ما أحسنت إستقبال الآخرين وأكرمت ضيافتهم فكافىء نفسك فوراُ بمدح ذلك فيك بينك وبين نفسك.. وهكذا، حدّث نفسك بما تقوم به من تغيير أفضل فذلك أفضل مكافأة