#الجزء_الثالث.

#عشر_ليال_في_عالم_البرزخ

_ وفي الليلة الثالثة كنتُ وحيداً في الغرفة، وأنا ادعو بدعاءٍ قبل هجوعي، والهج بذكرِ (لا حول ولا قوة الا بالله) كثيرًا، حتى أمسيتُ في حالة روحي عالية، رأيتُ فجأةً شبح روح (مُحمّد شوشتري) قد ظهر في إحدى زوايا الغرفة، ولكن لا أعلمُ كيف رأيته،
أفي النومِ أم في اليقظة؟
أقبلَ عليّ وهو يقول:
نِعمَ ما صعنتَ الليلة، لِما دعوتَ كثيرًا وكرّرت ذكر (لا حول ولا قوة الا بالله)
فلولا دُعاؤكَ لَحَال دونَ لقائي بك شاغل،
فأُجيزَ ليَ اللقاء بكَ واخبارك بما جرى لي أمس وفي هذهِ اللّيلة.

أستطرد حديثهُ قائلًا: حينما أحضرتُ يَديَ المعصومين( عليه السلام) أصبحتْ نفسي لا تطاوعني في الإبتعادِ عنهم لحظةً واحدة على الرّغم من كوني لستُ جديرًا بمجالستهم.

ولكنّي أدركتُ للوهلة الأولى أن روحي تفتقرُ إلى بعض الكمالات، ولا زالت تتصفُ ببعضِ الرذائل، فلستُ حريًّا بمخالطتهم كثيرًا ما دمتُ حاملًا لبعضِ هذهِ الصفات.

وكان حالي كحال مَن يرتدي ثوبًا قذرًا، ووجهُ يعلوهُ الدَرَن، ويداهُ ملوثتان، ثمّ يغشى مجلسًا يحضرهُ الأعيان وهوَ يريدُ أن يجالسهم.

بيدِ أني أني لمّا شعرتُ بالخجل والحرج تطوع أولياء الله ولا أريد الأفصاح عن اسمهِ لتزكية روحي وتطهيرها وأصبحت من اليوم كأنّي تلميذ اذهب الى المدرسة لطلب الكمالات الروحية. وأصبح المقرّر
أن اطهر نفسي بنفسي من لوث الرذائل أولا وتحت إشراف ذلك الرجل الصالح ثمّ أكمل معارفي واحوز على الكمالات الروحية حتى أصير جديرًا بمعاشرة الأمة الأطهار (عليه السلام).

يا ليتني قد أنجزت هذهِ المهمة في الدُنيا حتى لا أعوق هنا، لأنّ الإنسان لا يدرك خطورة معاشرة آل البيت (عليه السلام) مادام لم يتذوق لذة مجالستهم.

وحينما يحسّ بهذهِ النعمة يخرج من جنابهم وينفى بعيدًا عنهم لكي يطهر روحه ويصلح نفسه، فسيقاسي حين ذلك الم الفراق الذي لا يُطاق.

ثمّ أجهش (مُحمّد شوشتري) بالبكاء وهوَ يقول:

لذا أوصيكَ بالمبادرة إلى تزكية روحك مادمت حيّا وان تجهد نفسك للوصول إلى الكمالات الرّوحية لكي لا تقاسي العناء هنا.

والآن استئذنكَ للذهاب إلى درسي، ولعلّي أفوق بالحضور عندكَ بعدَ ليالِ ان شاء الله تعالى .

لمّا انتبهت لنفسي ما رأيتهُ بعد ذلك، وما أدري أكنتُ يقظًا ام يقظًا؟

ويُستفاد من كلامهِ هذا بعض الروايات التي تشير الى هذا المعنى أيضًا أنه لابدّ من تزكية أرواح الشيعة والمؤمنين في عالم البرزخ إن كان يُعلّق بها بعض الرذائل وينبغي تعليمها بعض المعارف وإعدادها لدخول عالم القيامة والجنة لأن مَن انطوت نفسهُ على ذرّة من الرذائل لا يتأتى لهُ دخول الجنّة.


#يتبع.

____________________________

كتاب : عالم الأرواح العجيب..
السيد حسن الأبطحي.