فيديو من محمّد الحسّون
" فاطمة بنت الكاظم "
الإسلام : رسالةٌ مفعمةٌ بالإيمان والحبّ والشوق والرغبة والصبر والحركة الموّارة المستمدّة عناصر تفاعلها الآني من أجنحة الماضي والمستقبل الآتي .. إنّنا حين نزحف عبر التاريخ رغم الحصار والظلم ومحاولات الحذف والنفي والترويع إنّما نزحف قاصدين النقطة والهدف اللذين ينبغي لنا بلوغهما .. هذا ماعلّمتنا وأخبرتنا به الرسالة وغذّاناه أبوا الأُمّة وسادات البيت النجباء رغم قلّة الناصر والمعين وتكالب الأعداء من كلّ حدبٍ وصوب في كلّ آنٍ وحين ..
دعهم في غيّهم وتضليلاتهم الخائبة المملّة ، فلقد أشبعوا التاريخ بها ولم تحصد لهم نفعاً أبدا ، بل زادتنا إيماناً ورسوخاً وتوسّعاً وانتشارا ، فنحن أصحاب قضيّةٍ حقّة تشحذنا دوماً لفهم وبلورة الوظيفة الملقاة على عاتقنا ؛ فالمفروض بقيمنا سَوْق الإنسان حيث مرابع الخير والهداية الإلهية العليا ..
فلا ينبغي سريان الإحباط فينا بمجرّد نفثات الإعلام العقدي المناوىء القائل مثلاً بعدم حضور الإمام الثاني عشر بعدُ .. أو لم يكن للحسين (ع) رضيعٌ يوم عاشوراء اسمه عبدالله .. أو لم تكن له (ع) بنت اسمها رقية ... وهكذا الكثير من الاختلاف في اختلاق الأحداث والمناسبات والأشخاص من العدم ، التي يضيق المقام عن الخوض في جزئياتها .
كما ليس من الضرورة القصوى معرفة متى وُلِدت فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر أُخت الإمام الرضا، عليهم السلام ، المشتهرة بفاطمة المعصومة .. إنّما الضرورة تتجلّى في أنّها وُلِدت يقيناً في مدينة الرسول (ص) .. وأنّها حاولت - وهي في العقد الثالث من العمر ومن منطلق الإخلاص والوفاء - اللحاق بأخيها الإمام (ع) لكنّها مرضت فلم تستطع مواصلة المسير فتوفّيت ودُفنت في مدينة قم الواقعة جنوب العاصمة الإيرانية طهران ..
فهي(ع) كانت موجودةً يقيناً بتواتر الروايات ، ويُنقَل في سيرتها العطرة وعلمها ومكانتها العديد من النصوص والأحاديث الصحاح ..
إنّنا حينما نحتفي بها ولادةً وسيرةً ووفاةً إنّما نحتفي بشخصيّتها الألقة التي أينعت أروع الكرامات والبركات .. وها هي مدينة قم حاضرة الفكر والثقافة تعجّ بفضلها (ع)بالأحداث والوقائع والحركة النابضة ، ممّا جعلها في صدارة المراكز المعرفية الناجحة .. فصارت قبلةَ رسالةٍ تهفو لها العقول والقلوب لتكسّب العلوم والتبرّك بمرقد سليلة الرسول الخاتم المحمود.
وبفضل هذه العفيفة العالمة صارت مدينة قم رائدةَ الإشعاع الثقافي ونمير الرؤى الصافي الذي مابرح يروّي ضمأى القيم زلالَ المبادىء الحقّة المستلهمة من مدرسة أهل العصمة والطهارة ..
وستظلّ بقعة "عشّ آل محمّد" منار هدىً ومعقلاً ساعياً لتلبيةحاجات طالبي حقائق الأُمور وأُصول الدين السماويّ المسؤول .
فليس الهامّ معرفة متى وُلِدت فاطمة المعصومة (ع) .. إنّما الهامّ معرفة كيف عاشت ولماذا تركت كريمة أهل البيت (ع) كلّ هذا الذكر العطر والبركات العظام التي قلّما تحقّقناها في من سواها من آنسات البيت الكرام ..
آنئذٍ يحلو التحقيق العلمي الهادف الذي يلتذّ به أصحاب الألباب والجنان المنصفة ، ويحلو البحث والتنقيب والمقارنة والمراجعة والاستقراء والتحليل والاستنتاج المعرفي المؤدّي إلى الحصيلة الواضحة .. وإلّا فهل وُلِدت هذه المرأة العظيمة في هذا اليوم أو تلك السنة فإنّه تساؤلٌ ثانوي لايضرّ بمضامين ومنازل شامخ نسويٍّ نبيل قد حفر خلوده على صفحات التاريخ بأحرفٍ من نور .
