في روايتة الرائعة ( خريف البطريرك) يجمع الكاتب الكولومبي العالمي غارسيا ماركيز بين فنون الأبداع المختلفة. اذ يمزج الشعر بالقصة بالسيناريو،اضافة الى المشاهد الغرائبية السحرية مع الخرافات وأغاني الشاطىء، بحيث تشكل من هذه العناصر والفنون نصاً سردياً بديعاً .. وصعباً..
وما يهمنا في هذا المقال ، تلك الأشارات والدلالات والصور التي رسمها ماركيز وصّور بها الحاكم المستبد والطاغية الدموي والتي تشبه الى حد كبير صور حكمانا العرب ..
ولنتابع بعض اللوحات التي رسمها ماركيز للجنرال الطاغية :
1- اعيش انا ويموت ضحاياي....ويطربه سماعها من افواه الجوعى والمتسوليين والمقعدين على دراجات سلم القصر الرئاسي...
2- كان ينزل ليقرر مصير الوطن ويوقع كل أنواع القرارات والقوانيين والمراسيم بصماً بابهامه ، لانه لا يجيد القراءة ولا الكتابة...
3- كان يأمر بأن تؤخر ساعة الحائط،عليها الا تعلن منتصف النهار في منتصف النهار ... سأل مرة: كم الساعة الان؟! اجابوه الساعة التي تريدها سيدي الجنرال...
4- في كل مرة كان يشعر ان سلطته في خطر ، كان يعمد لإصدار عفو جديد عن المساجين ويأمر بعودة كل المنفيين... عدا الكتّاب ...
5- الجنرال يظل حياً رغم موته.... ذلك أن خليفته لا يختلف عنه فهو نسخة بديلة وهو يتكرر في اربعة عشر جنرالاً تعاقبوا على السلطة...
ويمكننا الان تلخيص السمات التي وضعها ماركيز للدكتاتور والتي تناثرت في روايته..وتكاد تتطابق مع سمات حكامنا:
1- الحاكم المستبد جاهل ،ولا يعني ماركيز الجهل بالقراءة والكتابة
- رغم ذكره لذلك في الرواية - انما الجهل الفكري والثقافي، وهذا ما نلمسه في حكامنا الوارثين للحكم سواء عن طريق الأسرة والقبيلة او عن طريق العسكر او عن طريق الخداع والشعارات والانتخابات المزيفة..يزعم الحاكم لدنيا انه كلّيِ المعرفة ويصل الى درجة التقديس في حين هو يعاني من اضمحلال ثقافي وفكري !
2- الحاكم المستبد فاسد ، ويورث الفساد لأبنائه وذويه وهو لا يفصل بين أموال الدولة والشعب وأمواله الخاصة ولكي يخفي فساده، فإن الحاكم العربي المستبد ينشىء طبقة من الفاسدين،يمجدونه ويروجون لنزاهته وبطولاته.
3- الحاكم المستبد يعاني من الخوف على الكرسي ويرصد محاولات الأنقلاب عليه،او محاولات الثورة على نظامه، فيلجأ الى الخداع واستباق الاحداث بقرارات العفو والافراج عن المعتقلين والمنفيين، لكنه يظل مرعوباً من الفكر والمفكرين غير المدجنين في نظامه ومؤسساته.
4- الحاكم العربي المستبد لا يعبأ بمصائب الفقراء والمقهورين بل هو يتلذذ بسماع آهاتهم وصرخاتهم من البؤس والفقر والمرض.
5- الحاكم العربي المستبد لا يتخلى عن السلطة طوعاً، بل يحاول تجديدها في نسله وقبيلتة،ويستمر حياً فيهم رغم موته البيولوجي.
6- الحاكم العربي المستبد،يوهم الجماهيرالمخدوعة المستكينه بأنه يؤمن بالوطن،او يقاوم المحتل والغازي ،وحتى أن بعض الأنظمة والتنظيمات تفتعل (حروباً ونضالات ومعارك) تزعم انها لردع الطامعين والغزاة ، وتغرق البلاد بدماء الفقراء و الابرياء المخدوعيين بشعارات الوطنية والمقاومة ...
ورغم ذلك فإننا لم نعثر على صورة المستبد العربي مكتملة في رواية ماركيز،بل نجدها في رواية عربية، سيتم تلخيصها تحت هذا المنشور
اما الان هذا كتاب
خريف البطريرك الكتاب 👇👇👇👇👇👇