قناة

عصير الكتب - PDF

عصير الكتب - PDF
104.4k
عددالاعضاء
121
Links
1,356
Files
2
Videos
878
Photo
وصف القناة
"هنا أنا، من جديد"

بعد يومٍ صادم ومتخبط، وبعد نهارٍ مشتاقٌ لليل، نهارٌ متصنع أنها بخير وكل شئ في مجراه الصحيح التام، وبعد إرهاق التماسك أمسكت سدين بدفتر مذكراتها لترتاح في جوف الإنهيار، وانهمرت الدموع متدفقةً من عيونها، وكتبت من جديد.

مِن جديد حزين ومضطرب، وسادتي ملت وحدتي، وربما مَلَّ مني السرير، ومن جديد يضيق صدري من العالم غير محتملًا شخصًا واحدًا، مشاعر حزينة أخفاقٌ وحزن، غارقٌ بين أمواج الإحباط، ومعاقبٌ على أذية من الغير، من جديد لا أعلم طريقة العبور، ولا النجاة من تلك الشرور، متصنع الضحكة والمواساة، والأمل والإيجابية، وأنا هُنا غارقٌ في الظنون، أنا هنا في أعلى الصدر يسارًا، حزنٌ يتكبدُ أضلعي، ويأسٌ تصارعٌه روحي، وجلدٌ لا تطيقه نفسي، وظنونٌ شرد بها فكري، مأذيٌ بصمتٍ عميق كاد أن يُبتر حماس العشرين، مذنبٌ بتلقائية، ومعاقبٌ علي العفوية، وجاهلٌ بطريقة الإيصال، أين البريد أرسله لقلوبٍ ظهر لها مني البغض لشرورها وتؤنبني لعدم حبها، ولم يظهر كمية الخذلان منها، ولم يظهر يومُا أني بالفعل أحببتها، آهٌ من جديد لكلمةْ شقت قلبي أني خذلت وها هنا قلبي شعر أنه من جديد خُذِل، فلو أنه يتصنع دور الضحية بجدارة تالله ما شعر يومًا بالذنب، كيف الطريق لضريرٍ ضاق به الظلام، أين النور لمملكةٍ ضاعت فيها النار، أين أنا لأصل؟، أنا هنا حزنٌ دمس، ضاعت بي السبل وتفرقت ورُمِيتُ لمحيط الأحزانِ من جديد، لا أعلم لأصل، ولا أجهل طريقة الوصول، تائهٌ يتحسس الجدران، ورضيعٌ جفت عنه الألبان، اللهم يارب العرش لا أبالي إن لم تكن عليَّ غضبان، وإن كان بغضبٍ فنجني من نفسي، وأدبني لألقاك صفوًا، وأكن من أهل الجِنان.


حينما أتمت الكتابة وفرغت ما حملته نفسها، حينها فقط فهمت معنى أن يداوبيك القلم ويحتويك الورق، ويخفف حزنك الحبرُ، وتمسح عن قلبك مواساة الله في شكل راحةٍ كتابيه، تفرغ فيها ما يجول بخاطرك، وعزمت أن تدعو مملكة البؤس لثورة الكتابة.


الشيماء علام
‏-"وإني أقسم بالله غير حانث، أنه ما أحسن عبدٌ ظنّه بربه ومولاه، وعلّق قلبه بالخالق دون الخلائق، إلا كانت العواقب له خيرا مما كان يظنّ ويؤمّل!"
مهما كان في نفسك من حسن الظن بالله، فاعلم أن الله فوقه دون أن يخطر لك على بال ..

الشنقيطي حفظه الله | شرح زاد المستقنع.
ما هي آخر قصة قرأتوها مع أطفالكم؟
إليكم هذه النصائح الهامة. 💛
🔸«حُمَم» و«حِمَم»

🔍 التحليل:
- يقول ابن منظور في «لسان العرب»: «والحُمَم الفحم، واحدته حُمَمَة».

- وجاء في «المعجم الوسيط»: «الحُمَم: الفحم، والرماد، وكل ما احترق من النار. واحدته: حُمَمَة».

- أما «الحِمَم» بكسر الحاء فتعني «المَنَايَا»، والمَنَايَا جمع المَنِيَّة وهي الموت. جاء في «لسان العرب»: «والحِمَم: المَنَايَا، واحدتها: حِمَّة».

_______________________________

📚 المصدر:
كتاب الأخطاء اللغوية الشائعة في الأوساط الثقافية - محمود عبد الرازق جمعة - القسم الأول: أخطاء الأسماء.

#أخطاء_لغوية_شائعة
● يقول ستيفن كينغ:
«عندما أكتب، لا أتوقف أبدًا إذا كانت الصفحة رقم 13 أو مضاعفاتها، وأستمر في الكتابة حتى أصل إلى رقمٍ آمن، وعندما أقرأ لا أتوقف عند صفحات مثل: 94 أو 193 أو 382 لأن مجموع هذه الأرقام يعطي الرقم 13. وإذا كان السلم 13 درجًا، أقوم بأخذ آخر خطوتين معًا، فيصبح مجموع خطواتي 12 خطوة».

ليس ستيفن فقط من يعاني هذا الرهاب؛ بل هناك الملايين من الناس حول العالم يخافون من هذا الرقم، بين التّوتّر الخفيف والاضطراب والإحساس القوي بالتشاؤم والذّعر، خاصة إن صادف هذا الرقم تاريخ يوم جمعة.

#هل_كنت_تعلم
"علّمتني"
رسالة من ملكة النّحل :-
مع بزوغ شمس كل صباح تخرج نشيطة تؤدي عملها تجوب الدروب وتنفع الأزهار، يتعاقب الليل والنّهار والنحل نشيط كما هو معروف عنه، أظن أن مملكتي لن تكون أنشط منكِ ،نعم أنتِ أيتها المعلمة إليك سلامي وتحياتي وقبل ذلك احرصي على عسلك أن يكون في مكانه المناسب.
في رسالة أخرى من الكاتبة إلى القارئة :
أنتِ الآن طبيبة أو ربما مهندسة، ويمكن أن تكوني إعلامية أو صحفية أو غير ذلك من المهن، وإن كنتِ معلمة فأنا مثلك .
وإن كنت قارئاً خرج في الأرض بأي مهنة أو أنك تخطب في الناس وتسير فيهم بدين الله ...
أنا وأنتم جيل اولئك المعلمين الذين يمضون ليلهم في تحضير الدروس ونهارهم في كرٍ وفرٍ بين حصصهم وفي حبٍ وخيرٍ بين تلاميذهم.
وأخص بالحديث معلمتي أُمّ البشير :.
كان في حقيبتها أقلام سبورة بأربعة ألوان ،أحمر، أخضر، أسود، أزرق لم تكن فقط ألوان أقلام، بل ألوان دافئة جداً تحملها بنان رقيقة.
وفي قلبها حنان وأمان لو خرج لملأ الأرض ، هي معلمة لم تعلمني أبجديات اللغة فقط بل علمتني أبجديات العواطف والمشاعر، علّمتني درس العطف لكن لم يكن بتلك الحروف والمعطوف عليه، بل كان درس العطف والحنان الذي أنا الآن أعلّمه تلاميذي ،علّمتني أن أرفع من يقدرني بضمه في قلبي، وأنصب الخير بفتح أبوابه، وأكسر الشر بالإضافة إلى الخيبة بجر أسبابهما ،أما محور السينات ومحور الصادات قد أصبحا محوري العلمي والعملي اسير فيهما بحذر في الأول وإتقان في الثاني.
كنت كل صباح ألقاها بثغري الباسم مرت السنين وأبعدتنا الأيام قسراً لكنّني رغماً عن ذلك أعود لها بكل الطرق حُبّاً ...
هي قدوة لفتاة علّمتها في يوم من الأيام وأحبّت أن تكون مثلها فأصبحت معلمة تسير وتفعل وتعطي وتجزي كما كانت معلمتها وأنا اليوم في ختام عام مع تلاميذي كان مليئاً بالحب المتبادل.

- فطوم.
لا أعلمُ خجليْ مِنْ أينَ يأتي عندما أتقدمُ لمعايدتك، تباً لِخجلي أمامكِ يا أُمي !

لا يوجدُ بعالميْ عِيدٌ للأُمْ، كلُّ يَومٍ أُمضيهِ بِرِفقَتِكِ هو عِيدِي .
وقفتْ الحروف أمامَ قلميْ مُبعثرةً لا تعلمُ كيف تصطفُ لِتُكَوِنَ لي جملةً أصفُ بها وجهَكِ القَمَري.
لَكِنّنِي رُغمَ هذا أوَدُّ أن أبُوح، أودُّ أنّْ أبّوح لكِ بإمتِنَانِي اللّامُتَناهِي لأنَّكِ أُمِي .

أنظُرُ فِي عَينَيك، أتَمعّنُ بالدفءْ.
أُمي، عينيكِ تَبدُو دافِئةً جداً، فِيهَا مِن الطّمَأنِينَة والسَكِينة ما يَكفي، ما يَكفي لِجعَلِ قَلبِي يَهدَأ ولو فيهِ حُروبَ الكَونِ أجمَعْ .

يَديكِ ! مَاذا عَنهُما ؟!
أنْعمُ مِن الحَرِير ، رُغمَ كُلّ هذا البردِ المرير.

لا يَهُمُني عيدُ الأُمِ يا أُمي، لأنَّ كُلَّ أيامي أُمي، وكُلَّ حنانٍ صادرٍ مِنْ أبي منبعهُ أُمي.

أُمي، في العامِ الماضي لم أكُن هُنا ؛ عَرِفتُ بأنَّ الغُربةُ هي مقدارُ بُعدي عنك يا أُمي، أدركتُ حينها بأنَّ الأُمَّ هي العمودُ الفقري لكُلِّ الكُلّْ.

عندما كُنت هناك، كانت أُمي تتطمئنُ عني، تطمئنُ في كُلِّ ساعةٍ ستون دقيقة، أأكلت؟ أشَرِبت؟ أَطَبَخَ لنا الشيف اليوم؟

أذكُر حينما كُنت أعودُ في كُلِّ مرة، كنتُ أضطرُ بأنّْ أتضور جوعاً لِكي أملأ بطني بأطباقِ أُمي، كم هي شهيةٌ يا أُمي.
و مع العلمِ يا أُمي لم ألقى الدلال نَفسُه بعد عودتي، أتمنى بأنّْ أغتربُ مرةً أُخرى، مرةً أُخرى من أجلِ بطني، مِن أجلِ تمييزي عن باقي إخوتي ؛ تباً لأنانيّتي.

أعلمُ بأنكِ مُنهكةٌ بسببي بِما فيهِ الكفاية، ولكنّي إنّْ لم أُنهككِ أنتِ، هل أُنهكُ بِنت الجيران؟

أُمي، بَين الحِين والآخَر أشتاق لأن أرجعَ طِفلاً، طفلاً تُداعبين خُصلات شَعره و تُغنِينَ له حَتى يأخُذَ النوم مجراه.

أُمي، أشتَاقُ لعودتي إلىٰ المنزلِ راكِضاً، راكضاً بعد دَوامٍ مَدرسِيٍ طويل، لِكي أُخبِرَكِ بِكُلِ تفصِيلٍ مرَّ معي، بِكُّلِ تفصيلٍ يا أُمي.

أُمي، إنْ وُضِعَتْ كُلُّ أبجدياتِ الكُرةِ الأرضية وكُلُّ لغاتِ العالم وكُّلُ الأحرُف أمامَ عينيك، لَعَجِزَتْ عَن تعبيرِ ما تحت قدميك.

أُمي يا أول كلمةٍ نطقها قلبيْ ولِساني!!
أُحِبُّ تكرارَ كلمة أُمي، أنتِ قلبيْ يا أُمي!!!!

ويبقى الإبنُ الأكبر حبيبَ الأُم الأزليّ، والأصغر حبيبَ الأب، والأوسط انهمري يا دموعي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

| محمد أحمد الدرويش |

٢١/٠٣/٢٠٢٢ ; ١٢:٤٧م
أعظم ما كتب عن فريضة الصيام ..

عبادة الأحرار
العلامة محمود محمد شاكر رحمه الله
سألتني أن أكتب لك شيئًا عن هذه الكلمة المعذبة: (الصيام) فقد ضرب عليها الناس من الحكم، وصبوا عليها من الفوائد ما لو تأملته لم يَعْدُ أن يكون عرضًا طفيفًا من أعراض التجارب التي تمرُّ بالصائم، ولرأيتهم يبنون فوائدهم وحكمهم على غير منطق، كالذي يزعمونه من أن الغنيَّ إذا جاع في صيامه أحسَّ، بل عرف كيف تكون لذعة الجوع على جوف الفقير، فهو عندئذ أسرع شيء إلى الجود بماله وبطعامه.

ثم يزعمون أن الفقير الصائم إذا عرف أنه استوى هو والغني في الجوع قنع واطمأنت نفسه، لا أدري أمِن شماتته بالغني حين جاع كجوعه وظمئ كظمئه، أم من حبه للمساواة في أي شيء كانت، وعلى أي صورة جاءت! ولا تزال تسمع مثل هذه الحكم، حتى كأنَّ ربك لم يكتب هذه العبادة إلا ليعيش الفقير، وليعيش الغني، كلاهما في سلطان معدته جائعًا وشبعان..!

ومنذ ابتلي المسلمون بسوء التفسير لمعاني عباداتهم، ومنذ أدخلوا عليها ما ليس منها، ساء أمرهم ودخل عليهم عدوهم من أنفسهم ومن غير أنفسهم، وجعل بأسهم بينهم، وتتابعوا في الخطأ بعد الخطأ، حتى تراهم كما تراهم اليوم: ألوف مؤلفة ما بين الصين ومراكش، تستبدُّ بهم الطغاة، بل تهاجمهم في عقر دارهم شرذمة من قدماء الأفاقين، ومن أبناء الذل والمسكنة، فتمزق أبناء دينهم ولغتهم من الأرض المقدسة شرَّ ممزَّق.

وكل نكيرهم أصوات تضجُ، ثم عودة إلى موائد الشهوات ولذات النفوس ومضاجع الراحة والترف والنعيم: حرصوا على الحياة وأسباب الحياة، فذلُّوا حتى أماتهم الذلُّ، ولو حرصوا على الموت وأسباب الموت، لعزُّوا به في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

ولقد كتب علينا الصيام لينقذنا من مثل هذا البلاء، ولكنا نسينا الله فأنسانا أنفسنا، حتى صرفنا أعظم عبادة كتبت علينا إلى معنى الطعام نتخفف منه لتصحَّ أبداننا، ونبذله لنواسي فقيرنا، ونجتمع عليه لتأتلف قلوبنا، ونصوم شهر رمضان فلا تصحُّ لنا أبدان، ولا يواسى فقير، ولا تأتلف قلوب وإذا تمَّ بعض ذلك فسرعان ما يزول بزوال الشهر، وتنتهي آثاره في النفس وفي البدن وفي المجتمع.

ولو أنصفنا هذه الكلمة المظلومة المعذبة لرأينا الصيام كما كتب على أهل هذا الدين طاعة خالصة بين العبد وربه، يأتيها الفقير الهالك ابتغاء رضوان الله، ويأيتها الغني الواجد ابتغاء رضوان الله، ويأتيانها جميعًا في شهر رمضان، ويأتيانها فرادى في غير شهر رمضان، لا ليعيشا في معاني المعدة بالبذل أو بالحرمان، بل ليخرجا معا سواء عن سلطان الطعام والشراب، وليخرجا معا سواء من سلطان الشهوات، بل ليخرجا معًا سواء من سلطان كل نقيصة: من سلطان الخوف، فلا يخاف أحدهما إلا الله، ومن سلطان الرياء، فلا يعمل إلا لله.

وليس بين الصائم وبين ربِّه أحد، ولا يحول بينه وبين الاستجابة لربه شيء من أشياء الدنيا، أو حاجات البدن، أو داعيات الغرائز أو نزوات العقول.

فتأمَّل معنى الصيام من حيث نظرت إليه: هو عتق النفس الإنسانية من كل رقٍّ: من رقِّ الحياة ومطالبها ومن رقِّ الأبدان وحاجاتها في مآكلها ومشاربها، من رقِّ النفس وشهواتها، ومن رقِّ العقول ونوازعها، ومن رقِّ المخاوف حاضرها وغائبها، حتى تشعر بالحرية الخالصة، حرية الوجود، وحرية الإرادة، وحرية العمل.

فتحرير النفس المسلمة هو غاية الصيام الذي كتب عليها فرضًا وتأتيه تطوعًا، ولتعلم هذه النفس الحرة أن الله الذي استخلفها في الأرض لتقيم فيها الحق، ولتقضي فيها بالحق، ولتعمل فيها بالحق، لا يرضى لها أن تذلَّ لأعظم حاجات البدن؛ لأنها أقوى منها، ولا لأعتى مطالب الحياة؛ لأنها أسمى منها، ولا لأطغى قوى الأرض؛ لأنها أعزُّ سلطانًا منها.

وأراد الله أن يكرِّم هذه العبادات فأوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس عن ربه إذ قال: «الصوم لي» (البخاري: 7492)، فلا رياء فيه؛ لأنه جُرِّد لله فلا يراد به إلا وجه الله، فاستأثر به الله دون سائر العبادات، فهو الذي يقبله عن عبده، وهو الذي يجزي به كما يشاء.

وقد دلَّنا الله سبحانه على طرف من هذا المعنى إذ جعل الصيام معادلًا لتحرير الرقبة في ثلاثة أحكام من كتابه:
إذ جعل على من قتل مؤمنًا خطأ تحرير رقبة مؤمنة، ودية مسلمة إلى أهله {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: 92].

وجعل على الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا تحرير رقبة من قبل أن يتماسا {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4].

وجعل كفارة اليمين تحرير رقبة {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: 196].
فانظر لِمَ كتب الله على من ارتكب شيئًا من هذه الخطايا الثلاث: أن يحرر رقبة مؤمنة من رقِّ الاستعباد، فإن لم يجدها فعليه أن يعمل على تحرير نفسه من رقِّ مطالب الحياة، ورقِّ ضرورات البدن، ورقِّ شهوات النفس، فالصيام كما ترى هو عبادة الأحرار، وهو تهذيب الأحرار وهو ثقافة الأحرار.

ولو حرص كل مسلم على أن يستوعب بالصيام معاني الحرية، وأسباب الحرية، ومقاليد الحرية، وأنف لدينه ولنفسه أن تكون حكمة صيامه متعلقة بالأحشاء والأمعاء والبطون في بذل طعام أو حرمان من طعام- لرأينا الأرض المسلمة لا يكاد يستقرُّ فيها ظلم؛ لأن للنفوس المسلمة بطشًا هو أكبر من الظلم، بطش النفوس التي لا تخشى إلا الله، ولا يملك رقَّها إلا خالق السموات والأرض وما بينهما. ولرأينا الأرض المسلمة لا يستولى عليها الاستعمار؛ لأن النفوس المسلمة تستطيع أن تهجر كل لذة، وتخرج من كل سلطان، وتستطيع أن تجوع وتعرَى، وأن تتألم وتتوجع صابرة صادقة مهاجرة في سبيل الحقِّ الأعلى، وفي سبيل الحرية التي ثقفها بها صيامها، وفي سبيل إعتاق الملايين المستعبدة في الأرض بغير حق وبغير سلطان.

واستطاع كل مسلم أن يكون صرخة في الأرض تلهب القلوب، وتدعوها إلى خلع كل شرك يقود إليه الخوف من الظلم، ويفضل إليه حب الحياة وحب الترف وحب النعمة، وهي أعوان الاستعمار على الناس.

ويوم يعرف المسلمون صيامهم حق معرفته، ويوم يجعلونه مدرسة لتحرير نفوسهم من كل ضرورة وكل نقيصة، فحقٌّ على الله يومئذ أن ينصر هذه الفئة الصائمة عن حاجات أبدانها وشهوات نفوسها، الطالبة لما عند ربها من كرامته، التي كرَّم بها بني آدم، إذ خلقهم في الدنيا سواء أحرار، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى وفعل الخيرات.

ويومئذ ينصرهم على عدوهم، ويستخلفهم في الأرض مرة أخرى لينظر كيف يعملون.

ــــــــــــــــــ

المصدر: كتاب (جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر، مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط1، 2003م، (2/937)).