#رابعاً
وبهت زارا مجيلًا أنظاره في القوم، ثم قال: ما الإنسان إلا حبلٌ منصوبٌ بين الحيوانِ والإنسانْ المتفوق، فهو الحبل المشدود فوق الهاوية.
إن في العبور للجهة المقابلة مخاطرة، وفي البقاء وسط الطريق خطرًا، وفي الإلتفات إلى الوراء وفي كل ترددٍ وفي كل توقفٍ خطرٌ في خطر.
إن عظمة الإنسان قائمة على أنهُ مَعْبَرٌ وليس هدفًا، وما يستحب فيه هو أنه سبيل وأفقُ غروب.
إنني أحب من لا غاية لهم في الحياة إلا الزوال، فهم يمرون إلى ما وراء الحياة.
أحبُّ من عَظُمَ إحتقارهم لأنهم عظماء، أحبُّ المتعبدين يدفعهم الشوق إلى المروق كالسهم إلى الضفة الثانية.
أحبُّ من لا يتطلبون وراء الكوكب معرفة ما يدعو إلى زوالهم أو ما يهيب بهم إلى التضحية؛ لأنهم يقدمون ذاتهم قربانًا للأرض، لتصبح هذه الأرض يومًا ميراثًا للإنسان المتفوق.
أحبُّ من يعيش ليتعلم، ومن يتوق إلى المعرفة ليحيا الرجل المتفوق بعده، فإن هذا ما يقصد طالب المعرفة من زواله.
أحب من يعمل ويخترع ليبني مسكنًا للإنسان المتفوق فيهيئ ما في الأرض من حيوان ونبات لاستقباله، فإن هذا ما يقصد طالب المعرفة من زواله.
👇