قناة

فيلق القدس الإلكتروني Force Electronic Quds

فيلق القدس الإلكتروني Force Electronic Quds
9.9k
عددالاعضاء
38
Links
Files
8
Videos
65
Photo
وصف القناة
《وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ》 فريق سيبراني إسلامي حر، لا نتبع لأي جهة ونعمل على مُناصرة المسلمين في كل مكان ونحارب العدو الصهيوني بالصاروخ الرقمي. contact us : @ForceElectronicQuds_bot #فيلق_القدس_الإلكتروني
#سلسلة_الدولة_العباسية [الـحــ13ــلـقـة]
#سلسلة_الدولة_العباسية
[الـحــ14ــلـقـة]

💫الإمام أحمد ومحنته في عهد المعتصم
ينقل لنا عبد الله ابن الإمام أحمد على لسان أبيه ما ابتلى به في عهد المعتصم فيقول: لما أحضرني المعتصم من السجن زاد في قيودي، فلم أستطع أن أمشي بها فربطتها في التكة وحملتها بيدي، ثم جاءوني بدابة فحملت عليها فكدت أسقط على وجهي من ثقل القيود وليس معي أحد يمسكني، فسلم الله حتى جئنا المعتصم، فأُدخلت في بيت وأغلق على وليس عندي سراج، فأردت الوضوء فمددت يدي فإذا إناء فيه ماء فتوضأت منه، ثم قمت ولا أعرف القبلة، فلما أصبحت إذا أنا على القبلة ولله الحمد.
ثم دعيت فأدخلت على المعتصم، فلما نظر إلى وعنده وزيره أبو دؤاد قال: أليس قد زعمتم أنه حدث السن وهذا شيخ مكهل؟ فلما دنوت منه وسلمت قال لي: ادنه، فلم يزل يدنيني حتى قربت منه ثم قال: اجلس، فجلست وقد أثقلني الحديد، فمكثت ساعة ثم قلت: يا أمير المؤمنين إلام دعا ابن عمك رسول الله ؟
قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، قلت: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، ثم تكلم ابن أبي دؤاد بكلام لم أفهمه، وذلك أني لم أتفقه كلامه ثم قال المعتصم: لولا أنك كنت في يد من كان قبلي لم أتعرض إليك، ثم قال: يا عبد الرحمن ألم آمرك أن ترفع المحنة؟ فقلت: الله أكبر، هذا فرج للمسلمين، ثم قال: ناظره يا عبد الرحمن، كلمه، فقال لي عبد الرحمن: ما تقول في القرآن؟ فلم أجبه، فقال المعتصم: أجبه. فقلت: ما تقول في العلم؟ فسكت، فقلت: القرآن من علم الله، ومن زعم أن علم الله مخلوق فقد كفر بالله، فسكت، فقالوا فيما بينهم: يا أمير المؤمنين كفرك وكفرنا، فلم يلتفت إلى ذلك، فقال عبد الرحمن: كان الله ولا قرآن، فقلت: كان الله ولا علم؟ فسكت.
فجعلوا يتكلمون من ههنا وههنا فقلت: يا أمير المؤمنين أعطوني شيئًا من كتاب الله وسنة رسوله حتى أقول به، فقال ابن أبي دؤاد: وأنت لا تقول إلا بهذا وهذا؟ فقلت: وهل يقوم الإسلام إلا بهما؟وجرت مناظرات طويلة، حتى قال ابن أبي دؤاد: هو والله يا أمير المؤمنين ضال مضل مبتدع، وهنا قضاتك والفقهاء فسلهم، فقال لهم: ما تقولون؟ فأجابوا بمثل ما قال ابن أبي دؤاد، ثم أحضروني في اليوم الثاني وناظروني أيضًا في اليوم الثالث وفي ذلك كله يعلو صوتي عليهم وتغلب حجتي حججهم.
فإذا سكتوا فتح الكلام عليهم ابن أبي دؤاد وكان من أجهلهم بالعلم والكلام، وقد تنوعت بهم المسائل في المجادلة ولا علم لهم بالنقل، فجعلوا ينكرون الآثار ويردون الاحتجاج بها، وسمعت منهم مقالات لم أكن أظن أن أحدًا يقولها، وقد تكلم معي ابن غوث بكلام طويل ذكر فيه الجسم وغيره بما لا فائدة فيه، فقلت: لا أدري ما تقول، إلا أني أعلم أن الله أحد صمد، ليس كمثله شيء، فسكت عني.
وقد أوردت لهم حديث الرؤية في الدار الآخرة فحاولوا أن يضعفوا إسناده ويلفقوا عن بعض المحدثين كلامًا يتسلقون به إلى الطعن فيه، وهيهات، وأني لهم التناوش من مكان بعيد؟ وفي أثناء ذلك كله يتلطف بي الخليفة ويقول: يا أحمد أجبني إلى هذا حتى أجعلك من خاصتي وممن يطأ بساطي.
فأقول: يا أمير المؤمنين يأتوني بآية من كتاب الله أو سنة عن رسول الله حتى أجيبهم إليها. فلما أعيتهم الحجج قال إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد: يا أمير المؤمنين ليس من تدبير الخلافة أن تخلي سبيله ويغلب خليفتين، فعند ذلك حمى المعتصم واشتد غضبه وكان ألينهم عريكة وهو يظن أنهم على شيء فقال لي: لعنك الله، طمعت فيك أن تجيبني فلم تجيبني.
ثم قال: خذوه واخلعوه واسحبوه.. فأخذت وسحبت وخلعت وجيء بالعقابين والسياط وأنا أنظر، وكان معي شعرات من شعر النبي مصرورة في ثوبي، فجردوني منه وصرت بين العقابين، فقلت: يا أمير المؤمنين أذكر وقوفك بين يدي الله كوقوفي بين يديك، فكأنه أمسك.
ثم لم يزالوا يقولون له: يا أمير المؤمنين إنه ضال مضل كافر، فأمر بي فقمت بين العقابين وجيء بكرسي فأقمت عليه وأمرني بعضهم أن آخذ بيدي بأي الخشبتين فلم أفهم، فتخلعت يداي وجيء بالضرابين ومعهم السياط فجعل أحدهم يضربني سوطين ويقول له المعتصم: شد قطع الله يديك، ويجيء بالآخر فيضربني سوطين ثم الآخر كذلك، فضربوني أسواطًا فأغمى على وذهب عقلي مرارًا، فإذا سكن الضرب يعود على عقلي، وقام المعتصم يدعوني إلى قولهم فلم أجبه وجعلوا يقولون: ويحك! الخليفة على رأسك، فلم أقبل وأعادوا الضرب ثم عاد إلى فلم أجبه، فأعادوا الضرب ثم جاء إلى الثالثة، فدعاني فلم أعقل ما قاله من شدة الضرب، ثم أعادوا الضرب فذهب عقلي فلم أحس بالضرب، وأرعبه ذلك من أمري وأمر بي فأطلقت ولم أشعر إلا وأنا في حجرة من بيت، وقد أطلقت الأقياد من رجلي، وكان ذلك في اليوم الخامس والعشرين من رمضان في سنة 221هـ، وكان ثم أمر الخليفة بإطلاقي إلى أهلي)، وكان جملة ما ضرب نيفًا وثلاثين سوطًا وقيل ثمانين سوطًا، لكن كان ضربًا مبرحًا شديدًا.
ولما حمل من دار الخلافة إلى دار إسحاق بن إبراهيم وهو صائم أتوه بسويق ليفطر فامتنع من ذلك وأتم صومه. ويروى أنه لما أقيم ليضرب انقطعت تكة سراويله، فخشي أن يس
#سلسلة_الدولة_العباسية [الـحــ13ــلـقـة]
قط سراويله فتكشف عورته، فدعا الله: يا غياث المستغيثين، يا إله العالمين، إن كنت تعلم أني قائم لك بحق، فلا تهتك لي عورة. فعاد سراويله كما كان. ولما رجع إلى منزله جاءه الجرايحي فقطع لحمًا ميتًا من جسده وجعل يداويه والنائب في كل وقت يسأل عنه، وذلك أن المعتصم ندم على ما كان منه إلى أحمد ندمًا كثيرًا.. فلما عوفي فرح المعتصم والمسلمون بذلك. ولما شفاه الله تعالى جعل كل من آذاه في حل إلا أهل البدعة. وكان يقول: (ماذا ينفعك أن يُعذَّب أخوك المسلم بسببك؟)
ثم توفي المعتصم 17من ربيع الأول سنة 227هـ، وولي عهده ابنه هارون.
يتبع.... غداً باذن الله
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55
🗓

ازدياد حنق الكافرين على المسلمين
مقال لــ د.راغب السرجاني
تاريخ المقال
2017/03/22 02:54 AM

وصل المشركون في العام الحادي عشر من البعثة إلى قمَّة حنقهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وأسباب ارتفاع درجة الحنق والغيظ كثيرة؛ فبالإضافة إلى الأسباب التقليدية المعلنة، مثل سبِّ الآلهة، وتسفيه الأحلام، وعيب الآباء، وتفريق العائلات والأسر، وبالإضافة كذلك إلى المعتقدات الإسلامية المعلنة التي يرفضها أهل الشرك؛ كوحدانية الله عز وجل، ونبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ووجود الوحي، وحتمية البعث والحساب، بالإضافة إلى كل ذلك كانت هناك بعض الأحداث الجديدة في الشهور الأخيرة زادت ولا شك من غيظ الكافرين؛ وكان منها ما يلي:

1- وجود انشقاقات داخلية في الصفِّ المشرك ظهرت في أكثر من موقف في هذه الفترة؛ منها اجتماع خمسة رجال -كما رأينا- من خمس قبائل مختلفة لنقض صحيفة المقاطعة، وليس بين هؤلاء الرجال مسلم واحد، ومعنى هذا أن الحقَّ الذي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَنْ يدافع عنه بدأ يظهر لبعض المشركين، وهذا قد يتكرَّر في مواقف مستقبليَّة تؤدي إلى تفكيك بِنْيَة الاستبداد القرشي، ومنها كذلك موقف أبي البختري بن هشام عندما ضرب أبا جهل بالسوط بعد إلقاء سلا الجزور على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها إجارة المطعم بن عدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذه كلها دلالات على عدم صلابة الصفِّ المشرك، وعدم قدرة الإعلام الكافر على طمس حقيقة وقوع الظلم الكبير على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين.

2- رأت قريش وسمعت الدعاءَ الصريح الذي دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على القبيلة بكاملها حين قال: «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ». وقد كرَّر هذا الدعاء الشديد ثلاث مرات دلالة على تصميمه، ثم أتبعه بدعاء خاص على زعمائها السبعة؛ وذلك كما مرَّ بنا في أواخر العام العاشر، وكان هذا بمنزلة إعلان المفاصلة مع أهل مكة، ثم حدث ما هو أشدُّ عندما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم بأن يُصابوا بالقحط والجدب وقلَّة الزاد والطعام، فقال بشكل صريح: «اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ». وهو دعاء بأن يصيب القحطُ مكةَ لمدة سبع سنوات كاملة، وهذا ما اعتبره كثير من المشركين قطعًا للرحم، ونقصًا في حب الوطن المكي؛ وذلك دون النظر إلى أنهم هم الذين بدءوا في حرب المسلمين والتضييق عليهم، ودون النظر إلى أن المسلمين لم يرفعوا السلاح حتى هذه اللحظة في وجوه مَنْ يُعَذِّبونهم ويضطهدونهم، ودون النظر إلى أن المسلمين لم يبحثوا إلا عن حرية العقيدة والفكر، ولم يفرضوا رأيهم قط على أحد، ودون النظر إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم وكل المسلمين والمسلمات معه هم أفضل أهل مكة أخلاقًا ونبلًا، وأن اضطهاد أمثال هؤلاء لمن أبلغ الأدلة على فساد زعماء قريش، وقلَّة مروءتهم. لم ينظر المشركون إلى كل ذلك؛ ولكنهم نظروا فقط إلى دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم وعلى بلدهم، فاعتبروا ذلك نقصًا في الإخلاص للبلد والأهل؛ ومن ثَمَّ نشطت دعايتهم في هذا الاتجاه، مما زاد من حنق أهل مكة على المسلمين. وهذا ما قاله أبو سفيان بن حرب، مبعوث المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بعد أن استجاب الله لدعائه وحدث الجدب والقحط، فقد قال أبو سفيان: «يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ جِئْتَ تَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللهِ، وَبِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللهَ لَهُمْ»[1]. فهم يرون دعاءه عليهم قطيعةً للرحم، مع أنهم يرون في الوقت نفسه أنه صلى الله عليه وسلم مستجابُ الدعوة، وأنه موصولٌ بالله عز وجل، وإني أرى أن احتياجهم لدعائه صلى الله عليه وسلم لكي يخرجوا من أزمتهم لمن أكثر الأمور التي زادت من حنقهم عليه! حيث يمنعهم استكبارهم من الإيمان به، ثم هم يضطرون راغمين إلى استجداء دعائه لهم! فما أذلَّه من موقف!

3- زاد من حنق الكافرين كذلك أن قصة الإسراء التي فاجأهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحرجتهم إحراجًا كبيرًا أمام أنفسهم والعامة، فقد أقام الرسول صلى الله عليه وسلم الأدلَّة المادية على ذهابه إلى بيت المقدس ثم العودة منه في جزء من الليل، وإزاء هذه الأدلَّة فقد مُنِيَتْ قريشٌ بهزيمة معنوية كبيرة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وعلى الرغم من ردَّة بعض مَنْ أسلم بعد سماعه قصة الإسراء فإن الأغلب ثبت على إسلامه، بل لا أبالغ إن قلتُ: إن الذي ينبغي أن نتصوَّره هو أن المسلمين كانوا يفتخرون في هذه الأيام في حوارهم مع المشركين بتبعيتهم لهذا الرسول العظيم الذي حدثت له هذه المعجزة الباهرة، ولم يكن لدى المشركين أيُّ ردود مقنعة لتفسير ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفه لبيت المقدس، أو في وصفه للقوافل التي كانت قادمة من الشام في اتجاه مكة، وهذا لا شك أزعج زعماء مكة إزعاجًا شديدًا.

4- مُنِيَتْ بهزيمة معنوية أخرى أمام الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قصة الإسراء بقليل، وهي هزيمة
د الإجباري الذي حدث منهم عندما قرأ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم سورة النجم في البيت الحرام؛ ولم تُفْلِح فرية مدح أصنامهم في إخراجهم من الحرج الشديد الذي عانوا منه بعد الموقف، ولا أشكُّ في أن المشركين كانوا في حواراتهم الداخلية، وبعيدًا عن عيون المسلمين، يتحدَّثُون بشكل مكشوف عن فضيحتهم أمام المسلمين، وإلا لما خرجوا بعد ذلك بكذبتهم المنكرة التي ادَّعوا فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مدح أصنامهم في قراءته! ولا أدري حقيقةً على مَنْ كان يكذب هؤلاء المفترون؟! فقد سجد «الناس جميعًا» مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلمهم وكافرهم؛ أي أن «جميع أهل مكة» لم يسمع هذه الافتراءات التي ادَّعاها أهل الباطل، ومع ذلك يتبجَّح إعلامهم بذكرها ونشرها، وإن هذا الانفصام الذي كانوا يعانونه لمن أدعى دواعي حنقهم وغيظهم.

5- عرف مشركو برحلة ، وأدركوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تكلَّم مع ثقيف في مسألة نصرته صلى الله عليه وسلم على أهل مكة المشركين، ولئن كانت ثقيف قد رفضت هذا الأمر لاعتبارات عندها فإن غيرها من القبائل من الممكن أن تقبل، ومن المؤكد أن غيظ الكافرين قد ارتفع إلى الذروة وهم يرون محاولة جادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم للبحث عن دعم يقاوم به أهل مكة.

6- استيقظ أهل فجأة على فقدان عدد كبير من فتيان البلد وفتياتها! فقد نجحت هجرة الثانية كما رأينا، وخلت بشكل صادم من خيرة أبنائها وبناتها، وكان من هؤلاء المهاجرين عدد كبير من أبناء الزعماء وإخوانهم؛ ومن ثَمَّ صار هناك في قلوب هؤلاء الزعماء جروح شخصية، كان السبب فيها هذا الدين الجديد، فتحوَّل شوقُ كل واحدٍ منهم إلى ولده، وتحوَّل جرح كل واحدٍ منهم في كبريائه، إلى غيظ وحنق على رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام.

7- هُزِمَت مكة أمام المسلمين هزيمة دبلوماسية كبيرة في الحبشة؛ فقد كان كلام جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه مقنعًا جدًّا، ولم تُفْلِح كل محاولات دهاة مكة عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة في إلحاق أي أذى بالمسلمين، وكان هذا إشعارًا لمكة أن المسلمين سيتفوَّقُون عليهم في المناظرات والسجالات العلمية، وهذا كله في غياب المعلِّم الأعظم صلى الله عليه وسلم، فما الحال إن كان هو المحاوِر والمناظِر؟ إنَّ هذا أذهل مكة وأرعبها؛ خاصة أنها بذلت في سفارتها هذه كل ما تستطيعه من إمكانيات لإنجاح المهمَّة، وفوق ذلك فقد خسرت مكة أنهد فتيانها عمارة بن الوليد في هذه الرحلة، فزادهم هذا غمًّا بغمٍّ، وعلموا أن الدوائر قد بدأت تدور عليهم.

8- كان من أهمِّ دواعي الحنق والغيظ عند زعماء أنهم خسروا بسبب معاداتهم للإسلام وأهله علاقات دولية في غاية الأهمية، فإن هزيمتهم الدبلوماسية في لم تقف عند حدِّ استضافة المسلمين ورفض الطلب المكي بردِّهم إلى أهلهم؛ ولكن تطوَّر الأمر إلى قطع صريح للعلاقات بين البلدين، وكان الذي بدأ القطع سفير في حركة متهوِّرة هدَّد فيها بعدم القدوم مرَّة ثانية إلى إذا أبى ردَّ المسلمين إلى ؛ ولكن رحمه الله لم يكترث بهذا التهديد؛ بل على العكس لقد أمر بردِّ الهدايا المكية فورًا، معلنًا بذلك القطع المباشر للعلاقات بين البلدين! لا شك أن هذا الأمر قد أفزع ، فهُمْ لا طاقة لهم وجيوشها؛ خاصة أن زعماء الكبار في السنِّ قد عاصروا قصة وغزوه ، ولم يكن إلا مجرد تابع لملك ، فماذا يحدث لو آمن ملك نفسه وأهلها وصاروا ناصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم؟ وإن هذا الأمر ليس ببعيد ولا مستغرب؛ خاصة أنه من المؤكَّد أن عمرو بن العاص قد نقل إلى أهل مكة مدى تأثُّر النجاشي وأساقفته بكلام الله عز وجل؛ وذلك عند قراءة صدر سورة مريم.

9- تلوَّثت سمعة في بشكل كبير، وصارت جميع القبائل على دراية بالمخالفات التي ترتكبها في حقِّ المسلمين؛ فكلُّ العرب يزورون ، إمَّا حجَّاجًا أو معتمرين، أو للتجارة وزيارة المنتديات الأدبية والشعرية، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفَوِّت فرصة في إبلاغ الزوار عن دين الإسلام، وهكذا وصلت للعرب فكرةٌ شِبهُ واضحة عن هذا الدين، ولا شك أن طريقة عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم للعقيدة الإسلامية كانت باهرة، بالإضافة إلى أخلاقه السامية، وأدبه الجمِّ، فكانت الرسالة التي تصل إلى زوَّار مكة حتمًا هو أن هذا الرجل (صلى الله عليه وسلم) على حقٍّ، وقد ظلمه أهله وتعدَّوْا عليه، وتنكَّروا بذلك لكل قِيَمِهم وأخلاقهم؛ التي طالما تحدَّثُوا عنها وافتخروا بها، ولعلَّ زعماء مكة قد علموا بإسلام الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه مؤخَّرًا، ووصول نبأ الإسلام إلى اليمن، ثم من المؤكد أنهم علموا بإسلام أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه؛ لأنه أعلن ذلك في وسط مكة، وقد اعتدى عليه المشركون عند إعلانه هذا، ولا شكَّ أن قريشًا الآن ترهب فكرة إسلام قبيلة غفار القوية؛ حيث إن هذا سيقطع عليها حتمًا طريقها المهم للتجارة في الشام، ولْنتصوَّر مدى الغيظ الذي تجمَّع في قلوب زعماء مكة عند النظر إلى هذه التعقيدات مجتمعة!

10-
د الإجباري الذي حدث منهم عندما قرأ عليهم الرسول صل
فإن حنق الكافرين قد زاد في هذه الفترة لرؤيتهم مثالًا نادرًا من الثبات قدَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون والمسلمات على مدار عشر سنوات كاملة! وإن من أشدِّ الأمور إزعاجًا لأهل الباطل أن يقفوا عاجزين أمام عزيمة المؤمنين وصلابتهم، فيفشلون فشلًا زريعًا في صدِّ أحدهم عن دينه بكل الطرق التي تعارفوا عليها، فلا جدوى للترغيب بالدرهم والدينار، أو المُلك والسلطان، أو الجاه والنساء، ولا جدوى كذلك للترهيب بالحديد والنار، أو الطرد والإبعاد، أو الحصار والتضييق! ماذا يفعل أهل الباطل حيال قومٍ باعوا الدنيا بأسرها، وصار الموت في سبيل الله أمنيةً لهم؟ لقد أُسْقِط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلُّوا! ومع ذلك فكبرياؤهم يمنعهم من التسليم أو التوبة، وكرامتهم تأبى عليهم الاعتراف بالحق والإذعان له، فاشتعلت بذلك في قلوبهم نيران الحقد والغلِّ والحسد، وما أجمل أن نقرأ وصف الله عز وجل لثبات المؤمنين وأثره على الكفار؛ وذلك في قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الفتح: 29].

إننا بمراجعة الأسباب العشرة السابقة، التي أدَّت بشكل مباشر إلى ازدياد غيظ الكافرين، ونمو عداوتهم بشكل مطَّرد، لَنتوقع أن يُقْدِم الكافرون على عمل إجرامي كبير يُصَعِّدون فيه وتيرة الصدام مع المسلمين، ولئن كانوا قد فعلوا كل هذه التعديات في حقِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في خلال السنوات الماضية، وكان كعبهم[2] أعلى بحكم سيطرتهم على القيادة، وحكمهم لمكة، فماذا سيفعلون الآن بعد تلقِّي كل هذه الصدمات المتتالية في غضون شهور قليلة كما أسلفنا؟ خاصة أنهم كانوا يتوقعون انهيارًا في معنويات المسلمين وحركتهم بعد موت أبي طالب، فإذا بهم يُفْجَعون بهذه الهزائم النفسية والدبلوماسية مما أفقدهم توازنهم، وصارت قراراتهم متهوِّرة، وأعمالهم مضطربة.

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بُدَّ أن يكون مشغولًا الآن بالتفكير فيما يمكن أن تفعله قريش، وعليه أن يسعى بشكل جادٍّ إلى القيام بخطوة استباقية تحفظ الجماعة المؤمنة، وتضمن استمرار مسيرة الدعوة بشكل سليم.


[1] البخاري: كتاب الاستسقاء، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ»، (962)، ومسلم: كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب الدخان، (2798).

[2] يقال: أَعْلى الله كَعْبَه؛ أي أَعْلى جَدَّه، ويقال: أَعْلى الله شَرَفَه... والأصل فيه كَعْبُ القَناة وهو أُنْبُوبُها وما بين كلِّ عُقْدَتَين منها كَعْبٌ وكلُّ شيءٍ علا وارتفع فهو كَعْبٌ. ابن منظور: لسان العرب، 1/717.


د.راغب السرجاني

📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55
الوضع المكي في العام الحادي عشر
مقال لــ د.راغب السرجاني

💫في العام الحادي عشر من البعثة، صار الأمر في مكة معقدًا للغاية! وبلغ الرفض للإسلام ذروته في هذه المرحلة الشاقة من مراحل السيرة النبوية، ويُؤَكِّد ذلك أن الدعوة الإسلامية لم تكتسب -على الأغلب- في السنة الأخيرة، ومنذ خروج المسلمين من الشِّعْب، أيَّ مسلمين جدد من أبناء مكة، ولم يُضَفْ إلى جماعة المؤمنين في الفترة السابقة إلا أفرادًا من خارج مكة؛ بل من بلاد بعيدة جدًّا عنها؛ وهم: الطفيل بن عمرو الدوسي، وأبو ذر الغفاري، وسويد بن الصامت، وإياس بن معاذ، رضي الله عنهم جميعًا. إننا نحتاج أن نقف وقفة الآن لنُعيد ترتيب الأوراق لنفهم وضع المسلمين في العام الحادي عشر من البعثة؛ وذلك حتى نفهم خلفيات القرارات النبوية في هذا التوقيت، وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفكر؛ ويمكن أن نُجمل تحليل الوضع في هذه النقاط المختصرة، التي توضِّح بجلاء مدى شدَّة حرج الموقف الإسلامي: أولًا: خروج بني هاشم من معادلة الصدام؛ بمعنى أن القبيلة لن يكون في مقدورها في المرحلة القادمة أن تُقَدِّم أيَّ دعمٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ثانيًا: ازداد حنق الكافرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أكثر من أي وقت مضى. ثالثًا: توقَّفت الدعوة تقريبًا في مكة؛ حيث هاجر أكثر من نصف المسلمين إلى الحبشة، وكَمُنَ الباقي دون حِراك، ولم تكتسب الدعوة فردًا مكيًّا واحدًا خلال السنوات الأربع الماضية. رابعًا: الرسول صلى الله عليه وسلم في إجارةٍ غير آمنة؛ حيث إن المجير كافر، وليس من بني هاشم، وهناك خلفيات تاريخية معقَّدة تجعل ارتباطه بحماية رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مُطَمْئِن. خامسًا: لا يستطيع الرسول صلى الله عليه وسلم مغادرة مكة إلى غيرها من المدن بغير إجارة واضحة منها، وإلا يخسر إجارة المطعم بلا تعويض. سادسًا: أهل مكة عاشوا أزمة اقتصادية خطيرة قادتهم إلى كسر كبريائهم، والرضوخ لمحمد صلى الله عليه وسلم، وطلب الدعاء منه؛ مما ضاعف غضبهم عليه، ونفورهم من الإسلام. إننا نحتاج أن نقف وقفة، ونلتقط الأنفاس، ونتفهم الملامح الرئيسية السابقة التي ميَّزت هذه المرحلة؛ أعني العام الحادي عشر من البعثة، وبعدها يمكن أن نتوقَّع ما سيفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد هذه المرحلة، وما رؤيته الاستراتيجية[1] في التعامل مع الموقف. إذا راجعنا هذه النقاط الست التي ذكرناها فهمنا أن الخطوة القادمة ينبغي أن تكون محاولة الخروج من مكة بأسرع وسيلة آمنة ممكنة؛ وذلك لتجنُّب أيِّ محاولات تعدٍّ أو استئصال للجماعة المسلمة كلها، والهروب من هذا الجوِّ المحتقن قبل أن تتطوَّر الأمور إلى أسوأ من ذلك، وحيث إننا ذكرنا في النقطة الخامسة أن الخروج من مكة بلا إجارة صريحة من المستضيفين يعني خسارة كبيرة قد لا نستطيع تعويضها فإن التفكير الاستراتيجي لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المرحلة القادمة يجب أن يكون مُنْصَبًّا على البحث عن نصرة من إحدى القبائل العربية القوية، ولقد حاول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك مع الشخصين الذَيْن أسلما في آخر العام العاشر من البعثة؛ وهما: الطفيل وأبو ذرٍّ رضي الله عنهما؛ لكنه للأسف لم يجد أمرهما مناسبًا، حيث كان الطفيل رضي الله عنه منفردًا في قبيلته وليس معه أعوان؛ بينما كان أبو ذرٍّ من قبيلةٍ اشتُهِرت في ذلك الوقت بقطع الطريق، ولا يمكن أن يُطلَب منها نصرة الإسلام في هذه المرحلة. ومن هنا فقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أواخر العام الحادي عشر من البعثة في تغيير طريقته في الدعوة تغييرًا خطيرًا؛ فهو لن يكتفي الآن بدعوة الناس إلى الإسلام فقط كما كان يفعل من قبل؛ بل سيدعوهم كذلك إلى النصرة ضدَّ قريش، وبشكل صريح! وفي المقالات التالية سنستعرض، هذه النقاط المميزة لتلك المرحلة بالتفاصيل، ثم نعرج إلى خطة الرسول القادمة، بإذن الله.

[1] الاستراتيجية Strategy: من الفنون العسكرية ويقصد بها التخطيط وتحديد الوسائل التي يجب الأخذ بها في القمة والقاعدة لتحقيق الأهداف البعيدة، وتستعمل أيضًا في الخطاب السياسي. عبد الغني أبو العزم: معجم الغني ص815.

د.راغب السرجاني

📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_الدولة_العباسية [الـحــ14ــلـقـة] 💫ا
#سلسلة_الدولة_العباسية
[الحـلــ15ــقـة]
💫خلافة الواثق بالله أبي جعفر هارون بن المعتصم بالله

خلافة الواثق بالله أبي جعفر هارون بن المعتصم بالله تولى الواثق بالله الخلافة من ربيع أول 227هـ حتى ذي الحجة 232هـ، وعمره إحدى وأربعون سنة، وتطورت أقدام القواد الأتراك الذين اصطنعهم المعتصم وصاروا أصحاب نفوذ عظيم، ولا سيما أشناس الذي توَّجَه الواثق وألبسه وشاحين بالجوهر في رمضان سنة 228هـ.

بل وقام قواد الأتراك لأول مرة بأعظم الأعمال الحربية في جزيرة العرب نفسها وذلك للقضاء على فتنة قامت سنة 230هـ حيث خرجت بنو سُليم حول المدينة فعاثوا في الأرض فسادًا، وقاد هذه الحملة بغا الكبير أبو موسى التركي.
وفتنة أخرى قامت سنة 232هـ حيث قامت قبيلة بني نمير باليمامة بالإفساد في الأرض، واستطاع أيضًا بغا الكبير أن يقضي على فتنتهم.

💫عمل شنيع للواثق
فقد سيطر عليه هو الآخر الفكر المعتزلي وتعصب له وكان يدعو إلى القول بخلق القرآن ليلاً ونهارًا، وفي عهده ارتكب جرمًا شنيعًا إذ قُتِل أحمد بن نصر بن مالك الذي كان من أهل العلم والديانة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، وكان من أئمة السنة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وممن يخالف رأي الخليفة في القول في القرآن، وأبوه هو نصر بن مالك الذي بايعته العامة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند غلبة الفساد ببغداد سنة 201هـ.
في غيبة المأمون بمرو، استدعاه الواثق وناظره فلم يفلح في إقناعه بما يعتقد فقتله الواثق بنفسه، وفُصل رأسه عن جسده وعُلِّق رأسه ببغداد في 28 من شعبان سنة 231هـ إلى 3 من شوال سنة 237هـ، ولم يغير أحمد عقيدته وثبت. وذكره الإمام أحمد بن حنبل يومًا فقال: رحمه الله ما كان أسخاه بنفسه لله، لقد جاد بنفسه لله وقال جعفر بن محمد الصائغ: بصرت عيناي وإلا فقئتا، وسمعت أذناي وإلا فصمتا أحمد بن نصر الخزاعي حين ضربت عنقه يقول رأسه: لا إله إلا الله. وقد سمعه بعض الناس وهو مصلوب على الجذع ورأسه يقرأ: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 1، 2].
فلما حكم المتوكل بعد الواثق وكان محبًّا لأهل السنة وفي سنة 237هـ أمر بإنزال رأسه والجمع بين رأسه وجسده وأن يُسلَّم لأوليائه، ففرح الناس بذلك فرحًا شديدًا، واجتمع في جنازته خلق كثير جدًا وجعلوا يتمسحون بها وبأعواد نعشه، وتوفي الواثق في 24 من ذي الحجة سنة 232هـ، ولم يعهد لأحد من بعده فاجتمع كبراء الدولة يومها وهم: أبو دؤاد القاضي ومحمد بن عبد الملك الوزير وإيتاخ من قواد الأتراك وغيرهم ليختاروا الخليفة، فاختاروا جعفر المتوكل على الله.

💫خلافة المتوكل على الله ابن المعتصم
(من ذي الحجة 232هـ حتى قتل في شوال 247هـ)
خلافة المتوكل على الله ابن المعتصم ... (من ذي الحجة 232هـ حتى قتل في شوال 247هـ)عرف المتوكل دون سائر أهل بيته بكراهية على بن أبي طالب وأهل بيته، وهذا ما يعرف في العقائد بالنصب، وهو ضد التشيع، وهو الذي أمر بهدم قبر الحسين بن علي بن أبي طالب سنة 236هـ وما حوله من المنازل والدور، ونودي في الناس من وجد هنا بعد ثلاثة أيام ذهبت به إلى المطبق فلم يبق هناك بشر، واتخذ ذلك الموضع مزرعة تحرث وتستغل.
ومع ذلك كتب المتوكل في الآفاق بالمنع عن الكلام في مسائل الكلام والكف عن القول بخلق القرآن، وأنه من تكلم بها فمأواه المطبق، وأمر الناس ألاَّ يشتغل أحد إلا بالكتاب والسنة لا غير، وأكرم الإمام أحمد بن حنبل، وكان لا يولي إلا بعد مشورته، وكانت ولاية يحيى بن أكثم قضاء القضاة مكان ابن أبي دؤاد عن مشورته، وقد كان يحيى بن أكثم من أئمة السنة.
قال ابن كثير: "وكان المتوكل محببًا إلى رعيته، قائمًا في نصرة أهل السنة، وقد أظهر السنة بعد البدعة فرحمه الله".
عبرة وعظة في هلاك الظالمين
دخل عبد العزيز بن يحيى الكتاني أحد المقربين إلى المتوكل عليه فقال: "يا أمير المؤمنين، ما رأيت أعجب من الواثق، قتل أحمد بن نصر الخزاعي وكان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن". فوجل المتوكل من كلامه، وساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل: "في قلبي شيء من قتل أحمد بن نصر". فقال: يا أمير المؤمنين، أحرقني الله بالنار إنْ قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرًا، ودخل على المتوكل هرثمة فكلمه المتوكل في ذلك، فقال: "قطعني الله إربًا إربًا إن قتله إلا كافرًا".
ودخل عليه القاضي أحمد بن أبي داؤد فقال له مثل ذلك، فقال: "ضربني الله بالفالج إن قتله الواثق إلا كافرًا". قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار، وأما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة، فعرفه رجل من الحي فقال: يا معشر خزاعة، هذا الذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر، فقطعوه. فقطعوه إربًا إربًا. وأما ابن أبي دؤاد فقد سجنه الله في جلده -يعني بالفالج- ضربه الله له قبل موته بأربع سنين.
يتبع......
📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_الدولة_العباسية [الحـلــ15ــقـة] 💫
#سلسلة_الدولة_العباسية
[الـحــ16ــلـقـة]
[]تابع خلافة المتوكل:
💫الدولة اليعفرية
وفي عهد المتوكل قامت الدولة اليعفرية بصنعاء: ومؤسسها هو يعفر بن عبد الرحيم، واستمرت من سنة 247 إلى سنة 387هـ، ومدتها 140 سنة.

💫مواجهة المتوكل لنفوذ الأتراك وأثر ذلك
كان نفوذ الأتراك يزداد يومًا بعد يوم، وقد أحس المتوكل بتوغل الأتراك في الدولة، واستبدادهم بأمور الخلافة وإدارتها وجيشها، فحاول أن يقلل نفوذهم فبدأ بإيتاخ فدبر له مكيدة حتى قتل.
وحاول المتوكل أن ينتقل بعاصمة الخلافة إلى دمشق -ربما ليستعين بسلطان العرب على الأتراك- ولكنه لم يتحمل البقاء بدمشق فعاد إلى بغداد.. وكان قد شاع أنه عزم على الفتك بوصيف وبغا وغيرهما من قواد الأتراك ووجوههم، ولكن لم يتأت له ذلك لأنهم سبقوه إلى الغدر به.
وذلك: أن المتوكل قد ولى العهد من بعده لابنه عبد الله وكان ابنه الآخر المنتصر بالله حانقًا على أخيه وعلى أبيه من أجل ذلك، وكان الأتراك يميلون إلى المنتصر بالله، وكانوا يشمون رائحة الغدر بهم من ناحية المتوكل، فتحالف المنتصر بالله مع بعض جند الأتراك ودخلوا على المتوكل وهو عليل وقتلوه، وكان ذلك بداية لعهد تمكن نفوذ الأتراك.

💫خلافة المنتصر والمستعين بالله

⭕️العصر العباسي الثاني.. عصر نفوذ الأتراك

💫خلافة محمد المنتصر:
(من شوال 247هـ حتى ربيع الآخر 248هـ)
خلافة محمد المنتصر .. (من شوال 247هـ حتى ربيع الآخر 248هـ)زادت قوة الأتراك في الدولة؛ لأن أيديهم امتدت إلى حياة الخلفاء فقتلوا الخليفة وساقوا الخلافة إلى خليفة، فأنشبوا أظفارهم بذلك في جسم الدولة، وكانوا لا يحبون ولاية العهد للمعتز والمؤيد ابني المتوكل، فلم يزالوا بالمنتصر حتى أجبر أخويه على أن يكتبا طالبين أن يخلعا من ولاية العهد.
وبذلك وصل عجز الخليفة مداه تحت ضغط عسكر الأتراك، ويبدو أنه ندم على قتل أبيه فإنه لا يزال يؤنب نفسه في يقظته ومنامه، ويبكي ليلاً ونهارًا ندمًا على فعلته، وهمَّ بالانتقام من قتلة أبيه ولكنه لم يستطع، ووافته المنية في 5 من ربيع آخر سنة 248هـ.

💫خلافة المستعين بالله
خلافة المستعين بالله اختير من ربيع الآخر 248هـ حتى محرم 252هـ، بمعرفة قادة الأتراك (بغا الصغير وبغا الكبير وأتامش)، فلم يولوا أحدًا من أبناء المتوكل لئلا يغتالهم بدم أبيه، فكان أول خليفة من بني العباس لم يكن أبوه خليفة، بعد مؤسسي الدولة السفاح والمنصور، وأول خليفة تولى بعد ابن عمه.
ضعف نفوذ الخليفة وتحكم الموالي من الأتراك، فهم يعينون الوزير فإذا غضبوا عليه عزلوه وصادروا أمواله.
ثم تولى أتامش أحد قواد الأتراك الوزارة، وأصبح صاحب السلطان التام فحسده أصحابه من الأتراك، وصيف وبغا، فألبوا العسكر عليه فقتل أتامش وانتهبت داره.
واستوزر الخليفة بعده أبا صالح عبد الله بن محمد، وولَّى بغا الصغير فلسطين وولَّى وصيفًا الأهواز، وفي سنة 251هـ اجتمع رأي المستعين وبغا الصغير ووصيف على قتل باغر التركي، وكان من قواد الأمراء الكبار الذين باشروا قتل المتوكل، وقد اتسع إقطاعه وكثرت عماله، فقتل ونهبت أمواله.

🚫الدولة الزيدية بطبرستان:
وفي عهد المستعين قامت الدولة الزيدية خرج الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بنواحي طبرستان، واستطاع أن يكون دولة عرفت بالدولة الزيدية بطبرستان (250هـ- 300هـ).

💫فتنة عظيمة
في سنة 251هـ وقعت فتنة عظيمة بين جند بغداد وجند سامراء، ودعا أهل سامراء إلى بيعة المعتز، وكان مسجونًا فأُخرِج، واستقر أمر أهل بغداد على بيعة المستعين، فصارت بغداد في جانب المستعين وسامراء في جانب المعتز، وأمر المستعين محمد بن عبد الله بن طاهر أن يحصن بغداد، وأدير حولها السور وحفرت حولها الخنادق ونصب على السور مجانيق وأسلحة كثيرة عظيمة، وبعث المعتز إلى محمد بن عبد الله بن طاهر يدعوه إلى الدخول معه، ويذكره بعهد أبيه المتوكل أن يبايع بعده المعتز، ولكن عبد الله لم يأبه لذلك.
وانضم الأتراك إلى معسكر المعتز، وجرت بينهما حروب طويلة وفتنة مهولة جدًّا.
ولما تفاقم الحال جعل ابن طاهر يضغط على المستعين حتى خلع المستعين نفسه، وأرسل بن طاهر بذلك مع جماعة من الأمراء إلى المعتز بسامراء، فلما قدموا عليه بذلك أكرمهم وخلع عليهم.

💫الأحوال الخارجية للبلاد
وبالطبع أثرت هذه الخلافات على الأحوال الخارجية للبلاد، واستطاعت الروم أن تنزل الهزائم بالمسلمين، وقتلوا قائدين عظيمين للمسلمين من قواد الثغور هما عمر بن عبد الله الأقطع، وعلي بن يحيى الأرمني.
يتبع....
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55