#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ38ـاضرة: [ فتح مكة ]
∫∫الـحـ400ـلـقـه ∫∫
__
💎
#تتمة خطة الرسول ﷺ العسكرية لدخول مكة:
ومن ثم أصدر الرسول ﷺ عدة أوامر، أصدر ثلاثة أوامر رئيسية:
✍الأمر الأول: لا تقاتلوا إلا من قاتلكم، فليس الغرض من الفتح هو الانتقام من أهل مكة، رغم كل التاريخ الأسود لكفارها، لكن الغرض هو حكم هذه البلدة الطيبة بالإسلام، وتعليم الناس دين رب العالمين سبحانه وتعالى، وهذا حكم عام ينطبق على كل الحروب الإسلامية، ورأيناه في جميع الفتوحات الإسلامية
✍الأمر الثاني: إذا لقيتم أوباش قريش الذين يقاتلون فاحصدوهم حصداً. في مقابل الرحمة في الأمر الأول هناك الحزم والقوة في الأمر الثاني، فلا بد أن يرى أهل الباطل قوة المسلمين وبأسهم، وعندها ستلين قناتهم، وسيسلس قيادهم، وهذا أحفظ لدمائهم ودماء المسلمين.
✍الأمر الثالث: إهدار دم مجموعة من كفار مكة، وهذه المجموعة ارتكبت جرائم شنيعة في حق الدولة الإسلامية، وهي جرائم لا تغتفر، حتى إن رسول الله ﷺ وهو المشهور بالرحمة والمعروف بالرفق واللين يقول في حقهم: (اقتلوهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة) وكانوا بضعة عشر رجلاً وامرأة
وكانت هذه دلالة واضحة جداً على جدية الدولة الإسلامية، وعدم قبول الدولة الإسلامية بأي حال من الأحوال أن يسخر أحد منها أو من رموزها، وخاصة أن معظم هؤلاء الذين أُهدر دمهم كانت جريمتهم هي سب الرسول ﷺ والسخرية منه، والتعريض به والتهكم عليه
ولا يخفى على أحد أن الطعن في رسول الله ﷺ ليس كالطعن في أي قائد؛ لأنه ليس مجرد زعيم للدولة الإسلامية، بل هو ناقل عن رب العزة، ورسول من رب العالمين سبحانه وتعالى، فالطعن فيه طعن في دين وشرع وقانون وكيان الدولة الإسلامية، وهو ما لا يجب أن ينسى بسهولة
ولهذا كان الأمر الصارم: (اقتلوهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة)، وبعضهم قتل فعلاً وبعضهم تاب، وعاد إلى الرسول ﷺ وأعلن التوبة الصريحة بين يديه وقبل منه الرسول ﷺ.
إذاً: فقد كانت هذه هي أوامر الرسول ﷺ للجيش الإسلامي:
عدم قتال إلا من قاتل.
الشدة والقوة في حق من تصدى للمسلمين
إهدار دم مجموعة من مجرمي الحرب المكيين.
💎موقف الرسول ﷺ من إرادة سعد بن عبادة مقاتلة أهل مكة يوم الفتح
دخلت الجيوش الإسلامية مكة كما خطط لها رسول الله ﷺ، ومكث معظم أهل مكة في بيوتهم وكانت شوارع مكة في الأغلب خالية من المارة، وكانت رغبة الرسول ﷺ الأكيدة ألا يحدث قتال، وخاصة في هذا البلد الحرام، فهي أحب البلاد إلى قلبه ﷺ
ومع وضوح هذه الرغبة في كلام وأفعال الرسول ﷺ إلا أن بعض الصحابة كانت تراودهم أحلام الانتقام ممن أذاقوا المسلمين العذاب ألوانه، من ذلك أن سعد بن عبادة رضي الله عنه سيد الأنصار وقائد كتيبة الأنصار قال في حماسة عند دخوله مكة: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة، وهذه الكلمات تعبر عن رغبة في القتال
مع أن هذه الكلمات لها خلفية شرعية ولها منطق مقبول إلا أنها لم ترض الرسول ﷺ، فالخلفية الشرعية أن الرسول ﷺ قال: (إن مكة قد أحلت له ساعة من نهار) يعني: القتال في ذلك الوقت قتال شرعي، لكن الرسول ﷺ كان يريده فقط عند الاضطرار، وأن الأصل ألا نقاتل
ولكن منطق سعد بن عبادة هذا منطق مفهوم ومقبول، فالمنطق كان يؤيد هذا الأمر في رأي العموم من الناس؛ فمكة الآن محكومة بأهل الكفر وقتالهم واجب، فهؤلاء هم الذين عذّبوا المؤمنين، وهم الذين أخرجوا الرسول ﷺ آذوه وأصحابه قبل ذلك
بل إن سعد بن عبادة قد تعرض لأذى قريش بصورة مباشرة، وارجعوا إلى درس بيعة العقبة الثانية ففي آخر البيعة أمسك المشركون بـسعد بن عبادة وضربوه ضرباً مبرحاً مع كونه سيد الخزرج، ومن الشخصيات الهامة جداً في الجزيرة العربية
ولا شك أن هذه الحادثة تركت في نفسه أثراً وأراد أن يعاملهم بالمثل فقال مثل هذه الكلمات، ومع كل هذه المبررات إلا أن الرسول ﷺ لم يكن يريد قتالاً فعلاً، ووصلت إليه كلمة سعد بن عبادة عن طريق أبي سفيان
وأبو سفيان ارتعب عند سماع كلمة سعد بن عبادة هذه، وأسرع إلى الرسول ﷺ يستوثق من أمر الأمان لأهل مكة، فقال ﷺ عندما سمع هذه الكلمات: (اليوم يوم المرحمة) يرد على كلمة سعد : اليوم يوم الملحمة
قال ﷺ: (اليوم يوم المرحمة، هذا يوم يعظّم الله فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة) فالرسول ﷺ صحح المفاهيم ولم يكتف بذلك، لقد خشي ﷺ أن يأخذ سعد بن عبادة فرقته من الأنصار بهذه الروح القتالية فيتساهل في أمر القتال، لذلك نزع الراية منه وأعطاها لغيره، لكن بفقه دعوي رائع جداً أراد أن يطيب خاطر سعد بن عبادة ولا يؤثر على نفسيته وخاصة أنه زعيم الخزرج
فأعطى ﷺ الراية لـقيس بن سعد بن عبادة ، فكان قراراً في منتهى الحكمة وأرضى به كل الأطراف، أرضى سعد بن عبادة وأرضى نفسه ﷺ بتنفيذ القرار ألا يقاتل إلا من قاتل، وأرضى أبا سفيان الذي اشتكى إليه هذه الكلمة القاسية عليه، وخاصة أنه قد أعطى أماناً لأهل مكة.
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55