(١٦)
قصّ يزن على جاد وعائلته كلّ شيء. كان يامن، والد جاد، رجل أعمال مرموق. والدته سمر كانت صديقة ياسمين المقرّبة. جميل، شقيق جاد، طبيب جرّاح شابّ.
سمر: أنا لا أستطيع تصديق هذا!! وتركك تخرج بكل بساطة؟؟ آااخ من آخر الزمان.. تغيرتَ كثيرا يا أحمد!
ثم ماذااا؟ ياسمين سارقة جشعة؟؟ غير معقول! حبيبي لا عليك، قم معي لغرفة جاد أنت متعب..
...
سمر: خذ البس هذه.. جيدة؟
يزن: أجل خالتي شكرا لك.
سمر: اسمعني يا يزن، حبيبي سنفهم كل شيء في الأيام القادمة، أعط أبيك فرصة. أنا لا أقول أنه محقّ، وجب أن يرمي نفسه بالنار لأجلك، لكن لنفرض أنه خائف مثلا ولجأ إلى هذه الحيلة ليخفف عنه قليلا. أي أنه لجأ إليك! لا تخيّبه يا بنيّ.
ثانيا، لا أريد أن أراك تبكي ثانية، هذه الدموع عزيزة عليّ.. عِدني هيا..
يزن: خالتي.. لماذا قالت أنها سارقة؟؟ قالت بالحرف الواحد؛ سارقة قلوب الرجال!! قالت أنني جئت إلى هذه الدنيا رغما عن رغبة أبي!
خالتي أرجوكِ كلامها يؤذيني، أكاد أختنق!
سمر: هُسسس اتفقنا أن لا دموع بعد الآن. حبيبي، كان جيدا أن تعرف قصة والديك منذ زمن، أما الآن فبات ضروريا. اسمعني..
كان أحمد يحب نوال منذ زمن، لكن وضعه المادي كان السبب وراء رفض أبيها المتكرر له. بعد عدة سنوات من المحاولة، يئس والدك، وقرر خطبة فتاة أخرى تقبله بوضعه، وسعيدة الحظ تلك كانت ياسمين. لست أسخر حين قلت سعيدة حظ، كان والداك الأسعد على وجه الأرض. عندما كانت أمك تأتي لتزورني، كنت أرى لمعان عينيها حين تتحدث عن أحمد والكوخ وحياتهما معا. وكانت فرحتهما عارمة حين ولدت أنت وزينت حياتهما. خلال أربع سنوات، بدأ اسم والدك يلمع في السوق، وهكذا رجال، يتقاتل أصحاب الشركات على توظيفهم. كان والد نوال أحد هؤلاء الذين أعجبوا بوالدك وقرر أن يزوجه ابنته، ويسلمه الشركة كونه لم ينجب صبيانا. نوال لم تفكر بأمك أو مشاعرها، وأحمد وجد القدر يبتسم له؛ سيمتلك شركة ناجحة، ويسكن بيتا فخما بخدم وحشم، وسيتزوج البنت التي أحب. أتعلم يا حبيبي لماذا مرضت أمك؟ ليس لفكرة زواج أبيك فهذا وارد، لكنه كذب عليها بداية وأخبرها أن نوال، حبه القديم، مريضة ولن تعيش طويلا، ويريد أن يتزوجها ليسعدها أشهرا قليلة. الكذبة يا يزن لا تلبث أن تظهر! عرف الجميع الحقيقة، وبدأت معاناة أمك.
ياسمين يا قلب ياسمين ليست سارقة أو جشعة، ياسمين وفية، زوجة مصون، وأم تستحق كل الاحترام. هي احتفظت بحب والدك حتى آخر رمق، لم تعبس بوجهه حتى. تجرعت كل آلامها بصمت وأخفتها حتى كَلّ قلبها من كل ذاك وانطفأ. أمك أمثولة الصدق يا يزن، فلتفخر بها يا حبيبي.
أنا متأكدة أن كلام نوال كان نتيجة غيظها وحقدها، فهي حتما لم تكن أسعد الناس بكونها زوجة ثانية، وكيف؟ لأجل الشركة.. هه! انسَ كلامها حسنا؟
يحق لك أن تعتب على أبيك أجل! وهاك نصيحتي مرة أخرى؛ أعطه فرصة.
سأقوم لتحضير الغداء، ارتح قليلا وسأناديك فور جهوزه.
لم ينبس يزن ببنت شفة، فور خروج أم جاد من الغرفة، اختلى بدموعه وذكرياته مع أمه فقط، "أمي أمثولة الصدق أجل! صدقتِ يا خالة.."
#قويٌّ_هَشّ 💜