--------------------------------------------
وللرّسالة قصّة لا بدّ من الإشارة إليها وقد كنت شاهداً عليها:
إذا كان الباحث - في انتمائه لمؤسّسة علميّة مغلقة. لم يمنعه خوفه من
إظهار ما يراه حقاً، فإنّ المحقّ ما برح عدوّاً الأكثر الخلق، فقد استقبلت كلمة الشريعة
هذه الرّسالة بفتور ونفور عجيبين، بل بعداء صارخ، إذ رأت فيها خروجاً عناالخط
التّقليدي الذي منح وصاية احتكار الحقيقة، فكانت جلسة المناقشة وما تلاها
أشبه بمحاكم تفتيش فكريّة حوسبا الباحث فيها على الجوانب الإبداعيَّة المضيئة
في بحثه، بل حوسب على نيّته أيضاًفضلاً عن اتجاهه الفكري، كما تعرّض للملامة
لنقله من كتب أعيان التّلف؛ فنازعه بعضهم في مسائل أصاب الباحث فيها وما
أخطأ وأحسن وما ، ثم حصل في الجلسة السّرّيّة للحكم ما هو أكثر غرابة
أساء
وعجباً، إذ اقترح بعضهم عدم إجازتها، أو إجازتها بشروط تعجيزية وأهمها أن
يحذف نقولاته عن ابن تيمية، وكل منصف. حوّيعلم ان ابن تيميه من اكثر الناس
تحقيقاً في هذه المسائل وإثارة لها واشتغالاً بها، فلو حذف نقله ورأيه؛ لتحوّلت المرآة
المصقولة إلى غربال كلها ثقوب وثغرات، والعجيب حقّاً أنّ أكثر النّاس تصمياً
على .
تحطيم الباحث وتوهين عمله برميه بكل نقص ونقيصوّلم يقرأ سوى ثلث
العمل، وقد ناقش الباحث في مسألتين ـ على الملأ. لم يكن محقّاً فيها، وقد كان
هذا الأستاذ الحَكَم ينطلق من مسلَّمة لا تصح في منطق العلم والبحث: (أنّ كلّ
ما اعتقده الأشعريَّة صواب، وكذلك الصّواب فيها نسبوه إلى غيرهم).
وبعد - وقد شفع للطّالب أنّه كان الأوّل على سنته بتقدير ممتاز .
أخذ ورد
أجيزت الرّسالة على استحياء شديد بدرجة ضعيفة لم تعهد في الكليّة من قبل
لأكثر الرّسائل ضعفاً وسوءاً.