# بسام العسلي (1929 - 2018)
# **
# هو "بسام بن جميل العسلي"، من مواليد دمشق عام 1929، وفي هذه المدينة العريقة في التاريخ نشأ وترعرع، وفي مدارسها تعلم.
# التحق بالكلية العسكرية في حمص، حيث تلقى تكوينا عسكريا لمدة سنتين، وليتخرج منها سنة 1952، وتم إيفاده رفقة مجموعة من زملائه إلى فرنسا، لاستكمال دراسته العسكرية، وهناك تلقى خلال سنة واحدة تدريباً تخصصياً في أعمال المظليين عام 1953.
وعندما كان مقيماً في فرنسا، انتهز الفرصة لتعلم وإتقان اللغة الفرنسية وقراءة الكثير من الكتب المنشورة بهذه اللغة، والاطلاع على المراجع التاريخية المتوفرة في المكتبات الفرنسية.
وبعد عودته إلى بلاده أنشأ رفقة مجموعة من زملائه الضباط سلاح المظليين في سورية، حيث عمل في كل من دمشق وحلب، ويذكر زميله "إحسان هندي" أن "بسام" عندما كان في حلب أدى خلال مهرجان للطيران والقفز بالمظلات قفزة حرة يصح أن تسجل في أرقام غينيس، حيث لم يفتح مظلته إلا على ارتفاع 100 متر عن الأرض، ولم يتكامل انفتاح المظلة إلا على ارتفاع 50 متر فقط، ولو تأخر في فتح مظلته ثانيتين لا أكثر لكان ارتطامه بالأرض مؤكداً، لكن الله سلم.
خلال العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، كان "بسام العسلي" قائد الكتيبة 76 مظلات في الجيش السوري برتبة رائد، وكان تحت قيادته مجموعة من المظليين السوريين المكلفين بالعمليات الخاصة، وقد استدعاه رئيس شعبة العمليات بالجيش السوري (اللواء أمين النفوري) - الذي كان في وقت سابق مدربه في الكلية العسكرية - إلى مكتبه، وسأله عن الطريقة التي يمكن بها الاستفادة من قدرات المظليين في إطار دعم الجيش المصري ضد العدوان الثلاثي، فقدم له خطة تضمنت ما يلي : بما أن الضربات الموجعة تأتي من سلاح الجو الاسرائيلي، بينما سلاح الجو العربي لم يكن قادرا على ضرب المطارات الاسرائيلية، فقد اقترح "بسام" أن يقوم 120 من رجال المظلات بعشر عمليات إنزال في المطارات الرئيسية بإسرائيل، بمجموعات بين 10 إلى 13 شخصا في كل إنزال بمطار، وأن يتم الإنزال بوقت واحد، ثم القيام بأعمال تفجيرية وتدميرية في المطارات، كانت الخطة تستهدف عشر مطارات ميدانية لم تكن مجهزة بتجيهزات حديثة، وكانت عبارة عن مدارج ومهابط، وليست مطارات بكل معنى الكلمة، وأما الغاية العسكرية من شن هذا الهجوم المركّز على تلك المطارات، فكانت تدمير الطائرات الموجودة في المهابط، وقد أجرت (فرقة بسام المظلية) تدريبات في المطارات السورية حول الخطة، وكانت العملية تندرج في إطار العمليات الخاصة التي تنقسم إلى 3 زمر، زمرة حماية وزمرة إغارة وأخرى للتفجير، لكن هذه المهمة التي تم التحضير لتنفيذها واتُّخِذت الاحتياطات اللازمة لنجاحها، انتهت قبل أن تبدأ، إذ ما إن عرضت الخطة على جمال عبد الناصر حتى رفضها، وقال للسوريين: (لا تتحركوا، نحن قادرون أن نحبط العدوان).
وعندما أعلنت الوحدة بين مصر وسوريا تحت مسمى: (الجمهورية العربية المتحدة)، ما بين (1958-1961)، أرسل بسام إلى مصر، وتولى قيادة كتيبةٍ لجنود المظلات، وقد عمل خلال هذه الفترة في (الكونغو) ضمن بعثة هيئة الأمم المتحدة، سنة 1960.
عُين ما بين 1962 و1963 معاونا للملحق العسكري السوري في لندن، وقد اغتنم فرصة وجوده هناك في إغناء اطلاعه ومطالعاته في المجالات العسكرية والاستراتيجية، وهو ما مكنه أن يصبح واحداً من ألمع المنظرين العسكريين في الوطن العربي.
بعد عودته من لندن سنة 1963، أشرف لفترة وجيزة على إدارة الإذاعة والتلفزيون، ثم أحيل – وهو في ريعان الشباب وعز العطاء - إلى المعاش المبكر، وكان برتبة مقدم، ليتفرغ للبحث والتأليف والكتابة في الصحف والمجلات، ويقضي بقية حياته في هذا المجال حتى وفاته عن عمر ناهز التاسعة والثمانين عاما، فقد توفي في دمشق يوم السبت 28 كانون الثاني 2018، بعد أن أغنى المكتبة العربية بدراساته العسكرية الكثيرة ومؤلفاته التاريخية الرائدة التي تناولت بصفة خاصة سِيَرَ مشاهير القادة العسكريين من المسلمين وغير المسلمين، وهو لم يحظ بالشهرة التي يستحقها والتقدير الذي هو جدير به ولم تُنشر له صورةٌ واضحة الملامح تُعَرِّفُ الناسَ به.
أغنى بسام العسلي المكتبة العربية بعشرات المؤلفات في التاريخ العسكري، وفي سِير مشاهير القادة العسكريين المسلمين، ومشاهير الأمراء والخلفاء، وكذا مشاهير القادة العسكريين من غير العرب والمسلمين، إضافة إلى مؤلفات في قضايا ذات الصلة بالحروب والعلاقات العسكرية بين الشعوب، كما اشتغل بالترجمة، ونقل الكتب العسكرية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، وقد زاد مجموع ما أصدره من مؤلفات عن مائة كتاب بين تأليف وترجمة عن الفرنسية والإنكليزية.
إضافة إلى عدد من الكتب التي ألفها "بسام العسلي"، قام بترجمة العديد من الكتب ذات الطابع العسكري إلى اللغة العربية من اللغتين الفرنسية والإنجليزية.