● نبوءة الشاعر الكبير محمود البريكان !
وكأنه شاهد فليم تحطيم الكنوز الاشورية وكتب مباشرة
قصيدة "قصة التمثال من آشور"
لم اتأكد من تأريخ كتابة هذه القصيدة ,لكنها قطعا
قبل ظهور عصابات الاسلام الجديد. قصيدة تحاكي الم التمثال الاشوري
وعزلته بل ومصيره المر. بعد عشرات السنين من كتابة هذا النص
تتحقق نبوءة الشاعر . يسقط التمثال الاشوري مضرجا بترابه ولوعته.
على أيدي الاوباش .
▪︎ القصيدة:
في غرفة الزجاج ْ في متحفٍ
يقبع في مدينة ضائعة ْ
ترسب في بلاد ْ
مهجورة
في قارة واسعة ْ
هذا أنا، مرتفع، أواجه العيون ْ
أشلّها
أنفض في نهاية السكون ْ
حوادث الدهر، ورعب المائة التاسعة.
معبود نينوي
سيدها
في لحظه غامضة ْ
برزت للوجود ْ
على صدى إزميل
في راحتي نحات
في قاعة الأحجار والسجيل ْ ...
قبائل الأموات ْ
تنحر لي ذبائح الرعبِ
وكم أصوات
تهتز بالكابوس في ذبذبة الترتيل ْ .
سميت الواناً من الأسماء ْ
بخرت بالعطور والأنداء
ختمت بالخواتم ْ
عيناي ماستان ْ
تخترقان الليل، من مناجم
لم يكتشف أسرارها إنسان ْ
يعترف الزمن
بهذه الذاكرة ؟
أنا رأيت القمر الناعم
عند ابتداء الليل ْ
وضجة الزلزال قبل الساعة العاشرة
أنا رأيت الخيل
تقتحم الخدور ْ
رأيتها ترتفع الرماحُ بالجماجم
رأيتها تختلج الرؤوس
بعد سقوط السيف ْ
رأيت كيف ترقص العروس
في زفة الموت ْ
وكيف تطفئ الشموس
زوبعة العواصم
يعترف الزمن
بهذه الذاكرة ?
تساقط القلاع والأسوار
والقحط والأمطار
والقمح والحديد
والبدء من جديد
وقوة السيف الذي يحدجه الرجال ْ
برهبة، في غمده الجلدي
يعترف الزمن
بذلك الواقع ( أو بذلك الخيال ) ?
الموعد السري
لموت أسطورة
وبدء مشروع من المحال ْ
أوبئة التاريخ
دورتها المجهولة التقويم ْ
أشعة الحرائق ْ
تلون الوجه والسماء والحدائق ْ
إرادة القوة
وشهوة التحطيم ْ .....
فقدت مأساتي
جردت من خواتمي ... جزت ذؤاباتي
دحرجت من قاعدتي
نقلت من مكانْ
إلى مكان ْ
حاورتني البوم والعقبانْ
تسلقت أضلاعي الصبيان
ُجّرب فأس ما
في جسدي يوماً
ربطت بالحبالْ
سحبت ممدوداً علي وجهي
وراء زوجين من البغال ْ
حرست سوراً مرة
ومرة آخرى
وضعت في مدخل قصر ما
قطرت في جيش من الجيوش
تركت في الصحراءْ
ممدداً، تغسلني الانواءْ
تجفف السموم ْ
أقصى حجيراتي
محدقاً تحديقة الأبد ْ
محاجري البيضاء
مفتوحة لعالم النجوم ْ
ينحسر البحر ولا تبقى سوى الأصداف ْ
في باطن الأرض ِ
تهب الريح بعد الريح ْ
تعيد توزيع الرمال الحمر
والغربان ْ
حطت هنا، واندمجت في دورة الأفق ْ
قوادم الصقور
رفت على العنق ْ
واحترقت على ذرى الكثبان ْ
عجائز الذئاب
توسدت جسمي
هاربة إلى مكان ما
قوافل اللصوص
تفيأت جنبيَّ، حيث تترك الفصوصْ
أثارَها، وحيث تبني النملُ من ترابْ
مملكة التوازن الأعمى
في غرفة الزجاج ْ
منتصب، تحدق النساء ْ
في جسدي الخالي من التعقيد
( في وسط الحوض على التحديد )
يبتهج الأطفال
لان أذني سقطت، وحاجبي مكسور
لأن في صدري
دائرة خالية ( مفزعة في النور )
في غرفة الزجاج ْ
لا يصل الصوت ُ
ولا يُلمس سطح الموت ْ
يبدو رجال، ربما يواصلون الهمس ْ
عن ظفري الأيسر ْ
في غرفة الزجاج ْ
لا تسقط الأصابع الرثة
لا تصل الشمس، ولكن يصل المجهر
في غرفة الزجاج ْ
وحيدة تنتصب الجثة
ــ