قناة

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )
11.3k
عددالاعضاء
233
Links
291
Files
88
Videos
901
Photo
وصف القناة
هذه المسألة بيننا وبين الأشعري في حَقِّ مَن نشأ في قُطرٍ من الأقطار النابية، أو شاهقِ جَبل، لم تبلغُه الدعوة، ولا عِلمَ له بثبوت المِلَّة، فشاهَدَه مُسلِم، فدعَاه إلى الدِين، وبيَّن له ما يجب اعتقادُه، وأخبرَه أن رسولا لنا بلَّغ هذا الدِين عن الله تعالى، ودعانا إليه، وقد ظهرتْ على يده المعجزاتُ الناقضة للعادة، فصدَّقه هذا الإنسان في جميع ذلك، واعتقَد الدينَ من غير سابقةِ تأمُّل ولا تفكُّر، هذا هو الذي اختلفوا فيه.

فأما أهلُ دار الإسلام، عوامُّهم وخواصُّهم، نسوانُهم وصبيانهم العاقلون، أهل الأمصار والقُرى وسُكّان الصحاري والبراري = فكلُّهم مؤمنون مسلمون عارفون بالله تعالى ووحدانيته وغير ذلك، لا يخلو أحد منهم عن ضربِ استدلالٍ وإن كان لا يهتدي إلى العبارة عن دليله، ولا يقدر على دفعِ الشبهة المُعترِضة، حتى إن واحدا منهم متى عايَنَ هولًا من الأهوال كرعدٍ هائل أو هبوبِ ريحٍ عاصفة يُسَبِّح في الحال، ويصِفُ الله تعالى بكمال القدرة ونفاذ المشيئة وتمام العلم والحكمة، عِلما منه أن لا تعلُّقَ لهذه الأفزاع إلا بقدرته التامة ومشيئته النافذة، وأنه الذي خلَق السموات والأرض بلا عُمُدٍ ممدودة وأطنابٍ مشدودة، وخلَق الأرض وجعل فيها الجبال الراسية، وشقَّ فيها الأنهار الجارية.

على هذا جميع أهل الأسواق والنواحي والقرى، والنسوان والعقلاء من الصبيان، فلم يكن بيننا وبين الأشعري خلاف في هؤلاء أصلا.
ما شاء الله ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

حفظ الله هذا الغلام الجميل وكفاه شرّ كل عين، وأعاذه من كل شيطان وهامّة، ومن كل عينٍ لامّة.

وهذه العقيدة التي يقرؤها تُعرف بالعقيدة الصلاحية؛ نسبةً إلى السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله؛ لأنه لما تولى شؤون البلاد أمرَ المؤذنين أن يُعلنوا في وقت التسبيح بذِكر هذه العقيدة المعروفة بالمُرشدة، فواظَب المؤذِّنون على ذِكرها في منارات المساجد كل ليلة، واستمرَّ ذلك إلى ما بعد القرن العاشر الهجري.

وقال تاج الدين ابن السبكي: " عقيدة الأشعري هي ما تضمَّنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي وعقيدة أبي القاسم القُشيري والعقيدة المسماة بالمُرشدة، مشتركات في أصول أهل السنة والجماعة".
قال أبو البركات ابن ملكا البغدادي الفيلسوف ت٥٤٧هـ في أول كتابه" المُعتبَر":

" إن عادة القدماء من العُلماء الحكماء كانت جاريةً في تعليم العلوم لمن يتعلّمها منهم وينقلُها عنهم = بالمشافهة والرواية، دون الكتابة والقراءة، فكانوا يقولون ويذكُرون من العلم لمن يصلُح من المتعلمين والسائلين في وقت صُلوحه، وبالعبارة اللائقة بفهمه وعلى قدر ما عنده من العلم والمعرفة، فلا يصل علمُهم إلى غير أهله، ولا إلى أهله في غير وقته، ولا على غير الوجه الذي يليق... وكان العلماء والمتعلمون في ذلك الوقت كثيرِي العدد طويلِي الأعمار، ينقلون العلوم من جيلٍ إلى جيل، وعلى أتمِّ تمامها، فلا يضيع منها شيء ولا يُنسَى.

فلما قَلَّ عدد العلماء والمتعلمين، وقصُرتِ الأعمار، وضعُفتِ الهمم، وانقرَض كثير من العلوم = أخذ العلماء في تدوين الكتب وتصنيفها، لِتُحفَظ فيها العلوم وتُنقَل من أهلها إلى أهلها في الأزمان المختلفة والأماكن المتباعدة، واستعملوا في كثير منها الغامضَ من العبارات، والخفيَّ من الإشارات التي يفهمها أرباب الفطنة، ويعرفها الأكياس من أهل العلم، صيانةً منهم للعلوم عن غير أهلها.

فلما استمرَّ الأمر في تناقُصِ العلماء وقِلَّتهم في جيل بعد جيل = أخَذ المتأخرون في شرحِ ذلك العويص، وإيضاحِ ذلك الخفيّ ببسطٍ وتفصيلٍ وتكرارٍ وتطويلٍ، حتى كثُرتِ الكتب والتصانيف، وخالَطَ أهلَها فيها كثيرٌ من غير أهلها، واختلَط فيها كلامُ الفضلاء المُجوِّدين بكلام الجهلاء المُقصِّرين " انتهى.

والحقيقة أن الأمر ما يزال في تناقُصٍ، فليت أنه اقتصر على الكتب التي يطالعها مَن له رغبة أكيدة في التعلم وأراد أن يكون له نوعُ امتياز عن الدهماء بتحصيلها وفهمها وسؤال العارفين بها القادرين على تمييز الغثّ من السمين فيها، وإنما انفتحَت وسائل المعرفة أمام عيون الناس جميعا على تخليطٍ شديد فيها بهذه الثورة الإلكترونية- على كثرة محاسنها وفوائدها-

ثم بانفتاح العامّي على شبكات التواصل الاجتماعي - والمقصود بالعامي: كل من ليس له حظ من العلم الشرعي ولو كان أستاذا في جامعة أكسفورد - وتشَتُّته بين مواقع الفتاوى، وسهولة وصوله لكلامٍ كثيرٍ في مسألة واحدة قد يصل إلى التناقض أحيانا، كل ذلك قد غَرَّه كثيرا، وأدّاه إلى استغنائه جملةً وتفصيلا عن أهل العلم ولو كانوا فعلا من أهل التخصص المتقنين؛ بل لا أبالغ إن قلتُ إن ذلك أداه إلى عدم الثقة بهم أصلا، فما أسهلَ أن يَسأل أحدهم في مسألة، ثم يسارع هو بعد الجواب إلى مواقع النت ومنتدياته ومقاطع اليوتيوب، وهناك يجد مائة جواب، ومائة مُفْتٍ، ومائة شيء آخر.
ومع كثرة النسخ، واللصق، واللتّ والعجن، والتشبُّع بغير المُعطَى يمكنه هو نفسه أن يصير مفتيا وله في كل حادثة رأي، وقد يمارس التبديع والتضليل والتكفير لأئمة الدين وهو خِلوٌ من كل ما له علاقة بالعلم رأسا.

فهذا التقدم التكنولوجي مع فوائده الكثيرة التي لا تنحصر قد أضَرَّ بالعلم وبأهله وبعامة الناس أيضا من جهة أخرى، في حين أن هذا الأمر لمَّا كان غائبا في الأجيال السالفة إلى وقتٍ ليس ببعيد كان للعلم بعضُ رَونَقِه، وكان للفتوى سيرورتُها وتوقيرُها، وكان الوصول للمعلومة الصحيحة يستلزم أشياء كثيرة وشروطًا وآدابًا يعرفها أهلها، وبالطبع لا أقول إن هذا هو السبب الوحيد لتضاؤل قيمة العلم والعلماء في نفوس الناس، ولكنه جانب كبير ومهم من هذه المشكلة، وهو من مظاهر قبضِ العلم واضمحلاله التي أنبأ عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله" إنَّ اللَّهَ لا يقبِضُ العِلمَ انتزاعًا ينتزِعُهُ من صُدورِ الرِّجالِ، ولكن يقبِضُ العِلمَ بقبضِ العلماءِ، فإذا لم يَبْقَ عالِمٌ اتَّخذَ النَّاسُ رؤُساءَ جُهَّالًا فَسُئلوا فأفتَوا بغيرِ عِلمٍ فضَلُّوا وأضَلُّوا".
من أكثر التصرفات التي تُفسد العلاقات بشكل سريع جدا وحاسم، سواء كانت علاقة زواج، أو صداقة، أو زَمالة:

- المَنّ.
- والتهديد.

فحين يمُنّ أحد الأطراف على الآخر فهذا يُشعره بالدُونيّة وبأنه قليل وبأنه غير مكافئ لصاحبه، وحين يُهدّده بالصيغ الشرطية مثلا ( إن لم تفعل كذا فسأفعل كذا ) فهو يشعر بأنه ليس ذا قيمة كبيرة وبأنه من الممكن الاستغناءُ عنه بسهولة، وكلا هذين الأمرين يرجعان إلى عدم استقرار الشعور بالأمان الكفيل بثبات العلاقة ونجاحها، وليس من اللازم أن يكون المنّ والتهديد بأسلوب مباشر وصريح، بل هي أمور تُحسّ وتُعرف بعلامات وأمارات على حسَب طبيعة العلاقة، المهم هو أن لا يكون الشخص شديد الحساسية تجاه أي تصرف بريء بحيث يُترجمه إلى غير المقصود منه، فهذا أيضا يُفسد العلاقة، لأنه يجعلك متوترا دائما في الكلام ومتكلفا كل مرة في وضع محترزات وقيود مع كل جملة.
Forwarded From شوارد الأفكار
(اسعَ جهدَكَ في تحقيق درسك من كل مصدر، واهتمَّ بالتفكير في أحسن طريق في إيصال تحقيقك إلى أذهان الطلبة قدرَ اهتمامِكَ بتحقيق الدرس؛ لأن صوغ الإلقاء في قالب متزنٍ مستساغٍ عليه مدارُ استفادة الطلبة كما يجب.

ثمَّ لا تُبالِ بكثرة الطلبة أو قلَّتها أصلًا؛ لأن بركة نشر العلم تحصل بالقليل إذا شاء الله سبحانه، وربما لا يحصل أي نشر للعلم من الجماعة الكثيرة إذا لم يبارك الله في علومهم؛ إذ إن بركة العلم إلى الله سبحانه.

وإنما عليك السعي في العلم جُهدَ الطاقة مع الإخلاص، وما سوى ذلك ليس إليك).

من وصية شيخِ شيخِ الإمام الكوثري رحمهم الله تعالى.

#وصايا_موروثة
#منهجيات
Forwarded From العلوم العقلية | سامي السميري
المذهب الأشعري في العقائد كالمذهب الشافعيّ في الفقه من حيث الخدمة والعناية التصنيفية المختلفة تأصيلا وتقعيدًا وتطويلًا وتهذيبًا، فدراستُه تذلّل لك الصعاب وتفتحُ الأبوابَ لدراسة غيرِه من المذاهب والتوسع في المطالعةِ.

وأمّا مذهبُ ابن تيمية العقدي كمذهب الظاهرية الفقهي، لا يعرف عنه إلا القشور أو معرفة شوهاء، وليس هو امتدادا مطابقا لمذهب المحدثين، بل هو فيلسوف في ثوب محدث.
مِمَّا يَتعيَّن على كل مُكلَّف أن يعتقده: أنَّ كمالات نبيِّنا صلى الله عليه وسلم لا تُحصَى، وأن أحواله وشمائله لا تُستقصَى، وأن خصائصه ومعجزاته لم تجتمع قط في مخلوق، وأن حقَّه على الكُمَّل- فضلا عن غيرهم - أعظَمُ الحقوق، وأنه لا يقُوم ببعض ذلك إلا مَن بذل وُسعَه في إجلاله وتوقيره وإعظامه، واستجلاء مناقبه ومآثره وحُكمه وأحكامه، وأن المادحين لجنابه العليّ، والواصفين لكماله الجليّ = لم يصلوا إلى قُلٍّ من كُلٍّ لا حدَّ لنهايته، وغيضٍ من فيضٍ لا وُصولَ إلى غايته.

فإن فضلَ رسول الله ليس له
حدٌّ، فيعرب عنه ناطقٌ بفمِ

فهم مُقصِّرون عما هنالك، قاصرون عن أداء كل ما يتعيَّن من ذلك، كيف وآياتُ الكتاب مُفصِحةٌ عن عُلاه بما يَبهَرُ العقولَ، ومُصرِّحةٌ عن صفاته بما لا يُستطاع إليه الوصول.

وقد قيل:

ماذا عسى الشعراءُ اليوم تمدحُهُ
من بعد ما صرَّحتْ حم تنزيلُ

فعُلِمَ أنه لو بالَغَ الأوَّلون والآخِرون في إحصاء مناقبه لعجَزُوا عن استقصاء ما حبَاه مولاه الكريم من مواهبه، ولكان المُلِمُّ بساحلِ بحرها مُقصِّرا عن حصرِ بعضِ فَخرِها.

ولقد صحَّ لِمُحبّيه أن يُنشدوا فيه:

وعلى تفَنُّنِ واصفِيه بحُسنهِ
يفنى الزمانُ وفيه ما لم يُوصَفِ.

ولابن خطيب الأندلس:

مَدحَتْك آياتُ الكتاب، فما عسى
يُثنِي على عُلياك نظمُ مديحي

وإذا كتاب الله أثنَى مُفصِحًا
كان القُصور قُصارَ كلِّ فصيحِ

قال البدر الزركشي: ولهذا لم يَتعاطَ فحولُ الشعراء المتقدمين- كأبي تمام والبحتري وابن الرومي- مدحَه صلى الله عليه وسلم، وكان مدحُه عندهم من أصعبِ ما يحاولونه، فإن المَعاني- وإن جَلَّت - دون مرتبته، والأوصاف- وإن كملَت - دون وصفه، وكل غلوٍّ في حقه تقصير، فيضيق على البليغ النِطاق، فلا يبلغ إلا قليلا من كثير.

- الشيخ ابن حجر الهيتمي رحمه الله-
#فائدة
#التفسير_الكبير

قال الله تعالى :" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ".

.... اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ الْكَلَامِ أَنَّ حُبَّ الدُّنْيَا لَا يَجْتَمِعُ مَعَ سَعَادَةِ الْآخِرَةِ ، فَبِقَدْرِ مَا يَزْدَادُ أَحَدهُمَا يَنْتَقِصُ الْآخَرُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ سَعَادَةَ الدُّنْيَا لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِاشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِطَلَبِ الدُّنْيَا ، وَالسَّعَادَةُ فِي الْآخِرَةِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِفَرَاغِ الْقَلْبِ مِنْ كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ وَامْتِلَائِهِ مِنْ حُبِّ اللَّهِ ، وَهَذَانَ الْأَمْرَانِ مِمَّا لَا يَجْتَمِعَانِ ، فَلِهَذَا السِّرِّ وَقَعَ الِاسْتِبْعَادُ الشَّدِيدُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ اجْتِمَاعِهِمَا ، وَأَيْضًا حُبُّ اللَّهِ وَحُبُّ الْآخِرَةِ لَا يَتِمُّ بِالدَّعْوَى ، فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِدِينِ اللَّهِ كَانَ صَادِقًا ، وَلَكِنَّ الْفَصْلَ فِيهِ تَسْلِيطُ الْمَكْرُوهَاتِ وَالْمَحْبُوبَاتِ ، فَإِنَّ الْحُبَّ هُوَ الَّذِي لَا يُنْتَقَصُ بِالْجَفَاءِ وَلَا يَزْدَادُ بِالْوَفَاءِ ، فَإِنْ بَقِيَ الْحُبُّ عِنْدَ تَسْلِيطِ أَسْبَابِ الْبَلَاءِ ظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ الْحُبَّ كَانَ حَقِيقِيًّا ، فَلِهَذِهِ الْحِكْمَةِ قَالَ : " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ " بِمُجَرَّدِ تَصْدِيقِكُمُ الرَّسُولَ قَبْلَ أَنْ يَبْتَلِيَكُمُ اللَّهُ بِالْجِهَادِ وَتَشْدِيدِ الْمِحْنَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الشيخ سامي والله من أفاضل الناس، ومن أكثرهم لِينًا وأدبا مع المخالف قبل الموافق، ومع ذلك لم ينجُ من ألسنتهم ومن سلاطتهم وقلة أدبهم، ويقع فيه من لا يساوي منه قلامة ظُفر علما وبحثا وسعة اطلاع، وما زالت الأشراف تُبتلى بالأطراف.