#الدولة_السامانية
{ الجزء الأول}
〰〰〰〰〰〰〰〰
🔻نسب السامانيين

ينتسب السامانيون (261هـ -875م / 389هـ - 999م) إلى جد الأسرة سامان خداه، الذي ينحدر كما ذكر بعض المؤرخين من أحفاد بهرام بن جوبين البطل الساساني، ويصل نسبهم عند مؤرخين آخرين إلى كيومرث أول ملوك العجم، ولقبُ "خداه" الذي أُطلق على سامان بن ميّا، كان يطلق على أمراء بخارى ودهاقنتها.

وكان أول اتصال لسامان بالدولة الإسلامية في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك (105هـ - 125هـ)، عندما وفد على أسد بن عبد الله القسري والى خراسان آنذاك، حيث كانت الاضطرابات وهجمات الأتراك والدهاقين المتكررة التي شهدها إقليم خراسان بشكل عام وبلخ بشكل خاص هي التي أجبرت سامان على الفرار والالتجاء إلى أسد القسري للاحتماء به، فقد كان هذا ملجأ المضطهدين من العرب والفرس على حد سواء، وقد أكرمه وقدم له الحماية وساعده على قهر خصومه وأعاده إلى بلخ، فاعتنق سامان الإسلام على يديه وسمى ابنه أسدًا تيمناً به وحبا له.

🔻ظهور السامانيين

وكان لأسد بن سامان أربعة أبناء اشتهروا في عهد الخليفة هارون الرشيد وهم نوح، أحمد، يحي، إلياس.

وكان أسد بن سامان هذا من جملة أصحاب علي بن عيسى بن ماهان عندما ولاه الخليفة هارون الرشيد أمر خراسان، وتوفي في ولايته، وفي عهد الخليفة هارون الرشيد، خرج رافع بن الليث في ما وراء النهروبسط سلطته على سمرقند، فأرسل الخليفة ضده جيشاً بقيادة هرثمة بن أعين، وهنا نجد أبناء أسد بن سامان يقفون إلى جانب هرثمة ويشدون من أزره واستطاعوا بجهودهم تلك أن يحملوا رافع بن الليث على عقد الصلح مع هرثمة وبذلك أبعدوا سيطرته عن سمرقند.

وفي خلافة المأمون (198 - 218هـ) لقي أبناء أسد الأربعة احتراماً وتقديراً عند المأمون، حيث قربهم إليه وشملهم برعايته لإخلاصهم في خدمته، فطلب من واليه على خراسان غسان بن عباد أن يسند إلى كل منهم ولاية على أكبر أقاليم بلاد ما وراء النهر.

فأصبح نوح بن أسد واليًا على سمرقند سنة 204هـ/819م وأحمد بن أسد على فرغانة، ويحيى بن أسد على الشاش وأشروسنة، وإلياس بن أسد على هراة، ولما ولى المأمون طاهر بن الحسين خراسان أقرّهم في هذه الأعمال. وقد تمكن هؤلاء أن يثبتوا أنهم أهل للمسئولية التي أنيطت بهم بأن أعادوا الأمن والاستقرار إلى هذه الأقاليم وأكدوا سلطةالخلافة العباسية عليها، ولم تعد هذه الأقاليم كما كانت قبل هذه الحقبة موطناً لحركات التمرد والعصيان على الخلافة، وعلى الرغم من كل ذلك فقد استطاعوا توطيد نفوذهم في إقليم ما وراء النهر واكتسبوا بذلك مكانة رفيعة وسمعة طيبة في أنحاء الإقليم.

وقد برز من هؤلاء الإخوة الأربعة أحمد بن أسد بن سامان الذي أصبح إليه حكم فرغانة والشاس وقسم من الصغد وسمرقند، واستمر في حكم المنطقة حتى وفاته عام 251هـ / 865م.

🔻نشأة الدولة السامانية

🔻نصر بن أحمد الساماني

كان لأحمد بن أسد سبعة أولاد، اشتهر منهم إسماعيل ونصر الذي تولى حكم سمرقند وما يليها من قبل الطاهريين (الدولة الطاهرية). ولما مات أحمد سنة 251هـ / 865م، خلفه ابنه نصرًا وأصبح واليا على فرغانة وسمرقند. وفي سنة261هـ / 875م بعث الخليفة المعتمد (256-279هـ /870-892م) منشورًا إمارة جميع بلاد ما وراء النهر باسم نصر بن أحمد، فاتخذ من سمرقند حاضرة له. وقوي نفوذ نصر بن أحمد وأصبح باستطاعته أن يولي من يشاء على بلاد ما وراء النهر، وأرسل أخاه إسماعيل واليا على بخارى، ولكنّ النزاع لم يلبث أن وقع بين الأخوين بسبب إثارة خصومهما العداوة والبغضاء بينهما، فقامت الحرب بينهما سنة 275هـ وظفر إسماعيل بأخيه نصر فلما حُمل إليه عامل معاملة كريمة وأعاده والياً على سمرقند. وعين باقي إخوته على الولايات التي تنطوي تحت حكمه.

🔻إسماعيل بن أحمد الساماني

وتوفي نصر سنة 279هـ فآلت زعامة السامانيين إلى أخيه إسماعيل بن أحمد الساماني الذي يُعَد المؤسس الفعلي للدولة السامانية، فقد استطاع إسماعيل الانتصار على الصفاريين (الدولة الصفارية)، وضم أراضيهم في خراسان وسجستان إلى ملكه، كما استولى على إقليم طبرستان بعد أن انتصر على واليها محمد بن زيد العلوي.

وقد اعترف الخليفة المعتضد بإسماعيل بن أحمد الساماني سنة 287هـ/900م حاكماً شرعياً في بلاد ما وراء النهر وخراسان بعد انتصاره على عمرو بن الليث الصفاري (ت289هـ). ويعدُّ إسماعيل من أعظم حكام السامانيين بلا منازع في المجالات السياسية والحربية والإدارية على السواء، فقد شهدت الدولة السامانية في عهده، رفاهاً واستقراراً سياسياً حيث اتسعت حدودها وتوطّد استقلالها أكثر من ذي قبل، وقد اتخذ إسماعيل من بخارى عاصمة له فشهدت في عهده ازدهاراً فكرياً واسعاً حيث ترعرعت ونشطت الثقافة الإسلامية.
#يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://t.me/joinchat/AAAAAEHRTSaUCW40ijSd7Q
#الدولة_السامانية
{ الجزء الثاني}
〰〰〰〰〰〰〰〰
🔻اتساع رقعة الدولة السامانية

غدا السامانيون قوة كبيرة تحكم أراضي شاسعة امتدت من جهة إلى.ممتلكات البويهيين في العراق، ومن الجهة الأخرى إلى أطراف أفغانستان المتصلة بحدود الهند.

وقام السامانيون بالتوسع غربا على البلاد الإسلامية في خراسان وطبرستان وسجستان، إلا أنهم في نفس الوقت توسعوا أيضا فيما وراء الحدود الإسلامية شرقا، وجاهدوا الأتراك الوثنيين في أواسط أسيا ونشروا الإسلام بينهم، فصارت تركستان سندا للإسلام بعد أن كانت مصدر خطر عليه.

🔻 الدولة السامانية والخلافة العباسية

كانت علاقة الدولة السامانية بالخلافة العباسية علاقة مميزة تقوم على أساس المودة والتفاهم، فقد اعتمد العباسيون على أمراء البيت الساماني في إقرار سلطانها في بلاد المشرق وعلى ذلك قام السامانيون بحملات مستمرة لتأمين وصول القوافل التجارية، وحماية الأراضي الإسلامية من غزوات الأتراك.

وكانت علاقة إسماعيل بالعباسيين طيبة، حيث أن السامانيين لم يتجهوا بأطماعهم إلى التوسع ضد جيرانهم من الولايات الشرقية أو أملاك العباسيين، إنما جاء امتدادهم إلى الداخل نتيجة الفراغ الذي حدث على إثر ضعف الدولة الطاهرية، وكذلك حينما قضوا على الصفاريين،كما تمكن من فتح طبرستان وإنتزاعها من يد المتمرد على الدولة العباسية محمد بن زيد العلوي الذي كثرت غاراته على الدولة السامانية.

كما ضمّ إلى فتوحاته بلاد الري، وجعل طبرستان تحت السلطة الشرعية للدولة السامانية، وأصبحت الخطبة باسم الخليفة العباسي، وبذلك أمّن حدود دولته من ناحية الغرب.

وكان السامانيون يتمتعون بالاستقلال الذاتي عن الحكومة المركزية فيما يختص بالإدارة الداخلية، حيث كانوا يولون ولاة الأقاليم في مناصبهم.

🔻أحمد بن إسماعيل الساماني

توفي الأمير إسماعيل سنة 295هـ / 907م بعد أن ساد الرخاء والأمن في البلاد السامانية، كما عرف بعدله وحبه للخير والإحسان، ولا يتهاون مع عماله إذا ظلموا الأهالي، فأقر الخليفة المكتفي (288-295هـ /902-907م) أحمد بن إسماعيل على ولاية أبيه، وسار أحمد على درب أبيه فكان عادلا بين الرعية، ولكنه لم يكن في الحنكة الإدارية والمقدرة الحربية، فكثرت في عهده الاضطرابات ومشاكل أدت بالدولة إلى طريق الاضمحلال، فانقسم البيت الساماني على نفسه طمعا في السيادة، كما أن بعض رجال الدولة عملوا على تحقيق أطماعهم في الوصول إلى السلطة، وضعف شأن أمراء آل سامان حتى أنهم أصبحوا ألعوبة في أيدي كبار رجل الدولة.

🔻 نصر بن أحمد بن إسماعيل

لم تطل ولاية أحمد، فقد هجم عليه غلمانه وقتلوه سنة301هـ / 914م، فتولى من بعده ابنه نصر الحكم، وكان عمره ثمان سنوات فكثر الطامعون، لكن سرعان ما قضى على هذه التمردات وذاع صيته بفضل الانتصارات التي أحرزها، حتى أن الخليفة استنجد به في العديد من المرات.

وأتهم نصر بن أحمد بأنه من هواة الإسماعيلية، وذلك عندما اتصل به الداعي المشهور النسفي الذي كان يدعو للمذهب الإسماعيلي، واستطاع بذكائه أن يكسب نصر إلى صفه.

🔻الأمير نوح بن نصر

لكن الأمير نصر وجد نفسه تحت ضغوطات وخطر قواده السنيين، فتخلى عن الحكم لابنه نوح سنة 331هـ / 934م، ومات بعده بقليل، ووجه ابنه نوح اهتمامه للقضاء على الإسماعيلية فدعا الفقهاء لمناظرة النسفي، فلما تغلبوا عليه بحججهم، أمر بقتله.

وتعرض الأمير نوح إلى الكثير من المصاعب والصراعات التي هزت استقرار الدولة ذلك أنه لم يحسن اختيار وزرائه وقواده، ودخل في صراعات شديدة من البيت الساماني ومع البويهيين، وخسر أقاليم مهمة حتى إنه خسر خراسان سنة 343هـ / 954م عندما استولى عليها قائد جيوشه أبو علي بن سيمجور.
#يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://t.me/joinchat/AAAAAEHRTSaUCW40ijSd7Q
#الدولة_السامانية
{ الجزء الثالث}
〰〰〰〰〰〰〰〰〰
🔻ضعف الدولة السامانية

مات نوح عام 343هـ /954م وخلفه ابنه عبد الملك وكان في العاشرة من عمره، وكان ضعيف الهيبة ولم يقم بشيء للمحافظة على وحدة دولته، وتوفي سنة350هـ / 961م. وخلفه أخوه منصور بن نوح،وفي عهده بدأت الدولة في الضعف بسبب خروج بعض القادة عن طاعته، وازداد نفوذ البويهيين الذين امتلكوا أهم أقاليم الدولة السامانية.

مات منصور سنة 366هـ / 977م وخلفه ابنه نوح بن منصور وكان صغير السن وتنافس رجال الدولة بينهم في الملك والرئاسة، كما تدخلت أمه في شؤون الحكم، واضطر إلى طلب المساعدة من سبكتيكن وابنه محمود، وكان عهده مليئا بالثورات والحروب الأهلية ومات سنة 387هـ / 997م،ثم قام من بعده أبو الحارث منصور الثاني بن نوح، وبقي حتى قبض عليه بكتوزون أحد قواده سنة388هـ / 399م وسمل عينه وعيّن مكانه أخاه عبد الملك.

لم يدم حكم عبد الملك طويلا إذ انتهى ملك السامانية في عهده سنة 389هـ / 999م، على يد الغزنويين والأتراك الأيلك خانيون.

🔻 اعتماد السامانيين على المماليك الأتراك

لقد اعتمد السامانيون على المماليك الأتراك في جيوشها رغم أصلهم الفارسي، ولقد توسعوا في استخدامهم ووضعوا لهم نظاما تربويا عسكريا إسلامي، يقوم على التدرج والترتيب في تنشئتهم كي يكتسبوا الخبرة اللازمة في مناصب القيادة والإدارة.

يلاحظ إن النظام التربوي الساماني كان الأساس الذي سار على منهجه عدد كبير من الدول الإسلامية، مثل: دولة السلاجقة الأتراك وأتباعها من الأتابكة والأيوبيين اللذين نقلوه إلى مصر والشام وتمخض عن قيام دولة المماليك.

وفي هذا يقول كارل بروكلمان:"وأخيرا انتهى أمر السامانية نتيجة للآفة نفسها التي قضت على العباسيين، ذلك أنهم انتهوا إلى ما انتهى إليه العباسيون من الاعتماد على الأتراك.....، بل لقد ذهب السامانيون من هذه الناحية إلى أبعد، لما كان في حوزتهم من البقاع الشاسعة الآهلة بالأتراك، ما لبثوا تدريجيا، شأنهم في بغداد إلى الرتب العالية في الجيش....حيث أمسوا بعد برهة وجيزة خطرا على الدولة بسبب السلطات الواسعة التي آلت إليهم....".

🔻 أسباب سقوط الدولة السامانية

وهكذا في منتصف القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي بدأت علامات الضعف والتدهور تظهر على الدولة السامانية، وظهر هذا في عدد من الثورات التي قادها بعض القادة العسكريين الذين أصبحت غالبيتهم من الأتراك، وتفاقمت الأوضاع بين السامانيين والبويهيين لاختلاف في العقائد والمطامح التوسعية، وكان لاعتلاء عدد من الأمراء العرش بعد إسماعيل، والذين كانوا دونه في المقدرة ومستوى الأحداث أن نجح الغزنويون والقراخانيون في الإجهاز على الدولة السامانية ووراثتها.

فقد دخل محمود بن سبكتكين الغزنوي بخارى وسمرقند ونيسبور وخطب للخليفة العباسي القادر بالله وأزال نفوذ السامنيين من جهة خراسان، أما من جهة بلاد ما وراء النهر فقد أزالها الترك القرخانية وايلخانات تركستان وذلك في سنة 389هـ / 999م. بعد حكم دام حوالي 128 سنة، حكم فيها تسعة أمراء وبهذا دالت الدولة السامانية، وانتهى سيطرة العنصر الفارسي على تلك البلاد.

🔻المؤرخون ومدح الدولة السامانية

إن الحديث عن الدولة السامانية ليأخذ منا صفحات كثيرة، لأن تاريخ هذه الدولة حافل بالأحداث التاريخية التي كان لها منعرجا مهما في تاريخ الإسلام السياسي، وكان لها دورا مهما في إسلام الكثير من المناطق، ويقول المستشرق أرنولد توماس: "إن الإسلام امتد من بلاد السامانيين إلى البلاد المجاورة في تركستان، وإن رعايا الأمراء السامانيين اقتفوا أثرهم في التدين بالإسلام، إذ انه في سنة 394هـ /960م، اعتنق هذا الدين ألف أسرة تركية تقريبا كانت تعيش في بيوت من الخيام ".

ويضيف أرنولد: "أن جيوش الأمير منصور بن نوح دخلت قبل وفاته بلاد الصين، ونشرت الإسلام في أجزاء متعددة. ويجدر بنا أن نذكر دور السامانيين في الحضارة الإسلامية التي ازدهرت في عهدهم حتى كانت بخارى وسمرقند وبلخ تحت حكمهم، منارا للعلوم الدينية يفد إليها الطلاب للدراسة".

وذكر الثعالبي في يتيمته عن بخارى:" كانت بخارى في الدولة السامانية بمثابة المجد وكعبة الملك، ومجمع أفراد الزمان، ومطلع نجوم أدباء الأرض، وموسم فضلاء الدهر..". وكانت مكتبة نوح بن نصر كما يقول ابن خلكان: "عديمة المثل، فيها من كل فن من الكتب المشهورة بأيدي الناس وغيرها ما لا يوجد في سواها، ولا سمع باسمه فضلا عن معرفته".

ويقول المقدسي عن أهل خراسان في العهد الساماني: "إنهم أشد الناس تمسكا بالحق، وهم بالخير والشر أعلم". ووصف أمراءهم: "إنهم أحسن الملوك سيرة، وهذا فضلا عما عرف عنهم من إجلال للعلم وأهله".
#يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://t.me/joinchat/AAAAAEHRTSaUCW40ijSd7Q
#الدولة_السامانية
{ الجزء الرابع الأخير}
〰〰〰〰〰〰〰〰
🔻 النهضة العلمية والأدبية للدولة السامانية

ورغم أن الدولة السامانية كانت دولة سنية متعصبة، إلا أنها أحيت الآداب والثقافة الفارسية، وجعلت من الفارسية لغة رسمية للدولة. ويشار إلى أن اللغة الفارسية التي كاد استخدامها يتلاشى بسبب سيطرة اللغة العربية، ظلّت مستخدمة على نطاق شعبي في المناطق الشرقية من الخلافة العباسية، وأخذت تعود للاستخدام الثقافي منذ مطلع القرن الرابع الهجري، متخذة الحرف العربي مادة كتابتها.

وقد برز زمن السامانيين عدد من العلماء والأدباء والشعراء والفلاسفة أمثال ابن سينا (ت428هـ) والفارابي (ت339هـ) والبيروني (ت440هـ) والخوارزمي، والفردوسي والسيرافي وغيرهم، وشهد مقر دولتهم تطوراً حضارياً في البناء والعمارة، وظهر معماريون أجادوا بناء القصور والحصون والقلاع كما شهدت ظهور عدد من الفنانين والموسيقيين، ونشطت حركة الترجمة من العربية إلى الفارسية، وألف عدد من العلماء بالفارسية، وحظي الأدب والفكر بعناية الأمراء وتشجيعهم.

ويذكر أن الأمير نوح بن منصور الساماني (ت387هـ) كتب سنة 350هـ إلى أبي سعيد السيرافي النحوي (ت368هـ) يسأله عن بعض مسائل النحو والأدب. وحظي أدب الجغرافية لدى السامانيين بعناية خاصة. ففي مدينة بلخ من دولتهم عاش الفلكي والفيلسوف أبو زيد البلخي (ت322هـ) صاحب المؤلفات الكثيرة في فنون شتى.

🔻بخارى في العصر الساماني

وأصبحت بخارى عاصمة الدولة مركزا من أهم المراكز العلمية الإسلامية، ويرجع الفضل في ذالك إلى سياسة أمراء السامانيين الذين شجعوا العلماء والأدباء والشعراء حتى عاش في كنفهم عدد كبير منهم، أمثال الرودكي أول شاعر غنائي فارسي كبير بعد الإسلام، والطبيب أبي بكر الرازي المسمى بجالينوس العرب وكان صديقا للأمير المنصور بن إسماعيل الساماني وألف له كتاب المنصوري في الطب كعربون للصداقة، والطبيب والفيلسوف ابن سيناء ذهب إلى بخارى وعالج الأمير نوح بن نصر الساماني، ومثل الوزير محمد بن عبد الله البلعمي الذي ترجم تاريخ الطبري إلى اللغة الفارسية سنة 352هـ، والشاعر الدقيقي الذي نظم لنوح بن نصر الساماني منظومة من ألف بيت عن تاريخ الفرس القديم، ثم جاء بعده أبو القاسم الفردوسي الذي وضع ملحمته الشعرية الفارسية المشهورة الشاهنامة (كتاب الملوك).

🔻النهضة الصناعية

امتاز العصر الساماني بنهضة صناعية تتجلى بصورة واضحة في الصناعات الخزفية الجميلة التي اشتهرت بها مدينة طشقند، وفي صناعة الورق التي أخذوها من الصين وامتازت بها مدينة سمرقند أيام السامانيين وعنها انتشرت في بقية العالم الإسلامي، هذا إلى جانب صناعة السجاد والمنسوجات الحريرية.

🔻السامانيون ونشر الإسلام

وقد اهتم السامانيون بنشر الإسلام في صفوف الترك، وقاموا بتغيير استراتيجيتهم في القتال مع الترك؛ وذلك أن السامانيين عدلوا عن أسلوب الدفاع الذي كان متبعاً في وادي سيحون ضد الكفار من الترك منُذ شرع قتيبة بن مسلم في فتح هذه البلاد، وكان هذا الأسلوب القديم يعتمد على إقامة الحصون، وحفر الخنادق التي تحمي المسلمين من غارات الترك المفاجئة، فلما جاء السامانيون عدلوا عن موقف الدفاع من وراء الحصون والخنادق عند وادي سيحون إلى موقف الهجوم على مناطق المراعي لتأديب الأتراك المغيرين، كما عدلوا عن إنشاء وترميم ما تهدم من هذه الحصون، وكان لهذا التطور في طريقة الدفاع عن الأراضي الإسلامية تأثيره على علاقة الإسلام بالتركستان، إذ عبر كثير من سكان ما وراء النهر في جماعات متتابعة إلى مناطق المراعي بل وإلى داخل المناطق الصحراوية حيث أنشأوا مدناً صغيرة في شكل مستعمرات سكانية استقروا بها، وبدأوا منها نشاطهم الاقتصادي.

وواكب هذا النشاط الاقتصادي نشاط ملحوظ في الدعوة إلى الإسلام، قام بالدور الأساسي فيه الدعاة إلى الله المتجردون المخلصون، فقد كان لهذا التطور -بالإضافة إلى ما صاحبه وسبقه من نشاط تجاري- دوره الكبير في تعرف الأتراك على الإسلام، هذا التعرف الذي انتهى بهم إلى الدخول فيه، ومن فضل الله وتوفيقه أن الإسلام الذي انتشر بين صفوف الترك في ظل آل سامان كان الإسلام السني، وقد كان الأتراك متحمسين لهذا المذهب.

📔 المصدر:علي الصلابي: دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي، الناشر: مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة، الطبعة: الأولى، 1427 هـ - 2006م، ص21- 25.
سميحة أبو الفضل: الدولة السامانية – الموسوعة العربية العالمية.
الدولة السامانية تاريخ وحضارة - أرشيف: التاريخ العالمي والإسلامي.
الدولة السامانية – موقع التاريخ.

🔹 انتهت قصة الدولة السامانية
#يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://t.me/joinchat/AAAAAEHRTSaUCW40ijSd7Q؛