#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
💫 #المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]
             ∫∫    الحـ٣٨ــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
💎إعداد هولاكو لغزو الدولة العباسية:
كان هولاكو واقفاً أمام الدولة الإسلامية، ولذلك كان مجال العمل الرئيسي له البلاد الإسلامية، ومعظم الدماء التي أسالها كانت دماء إسلامية، ومعظم الآلام التي زرعها في قلوب البشر كانت آلاماً في قلوب المسلمين، وكأن الحقد الذي كان في قلبه لم يكن كافياً على الأمة الإسلامية،

فتزوج هولاكو من امرأة اسمها طقز خاتون، وكانت نصرانية شديدة الحقد على المسلمين، فاجتمع الحقد التتري مع الحقد الصليبي في مواجهة الخلافة العباسية والشام وما بعدها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومنذ تسلم هولاكو قيادة القطاع الغربي من الدولة التترية وتمركز في فارس بدأ يعد العدة لإسقاط الخلافة العباسية، وبكل أمانة فقد كان إعداده لإسقاط الخلافة العباسية إعداداً مبهراً وعظيماً، وكان رد فعل المسلمين لهذا الإعداد المبهر والعظيم تافهاً وحقيراً جداً،

والله عز وجل له سنن لا تتبدل ولا تتغير، منها: أن الذي يأخذ بأسباب النصر من أهل الدنيا يعطيه الله عز وجل إياه وإن كان كافراً، والذي يتخلى عن أسبابه لابد أن ينهزم وإن كان مسلماً، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ} [هود:١٥].

فـ هولاكو أعد إعداداً جيداً فلم يبخس أبداً، فمنذ استلم القيادة في غرب الدولة التترية سنة ٦٤٩ ومع حقده الشديد ورغبته الملحة في تدمير الخلافة الإسلامية واشتياقه الكامل لكنوز العباسيين وكثرة جنوده وتفوقه العسكري الظاهر إلا أنه برغم كل هذا لم يتسرع، ولم يدخل مباشرة، وبدأ يعد العدة في صبر مدة خمس سنوات كاملة من سنة ٦٤٩ إلى سنة ٦٥٤ في نشاط، مع أنه سيقابل خصماً ضعيفاً جداً في ذلك الوقت.

وهذا الإعداد في معظمه كان يتم علناً على مرأى ومسمع من المسلمين وغيرهم، والتاريخ يتكرر، ودول المسلمين الآن تحتل على مرأى ومسمع العالم، ويكتب عنها على صفحات الجرائد والانترنت، وتنشر عبر القنوات عن خطواته في الإعداد للغزو، ومع ذلك لا يتحرك أحد.

 💎إصلاح البنية التحتية:
وقد اشتغل هولاكو في أربعة محاور رئيسة:
✍المحور الأول: الاهتمام بالبنية التحتية، وتجهيز مسرح العمليات الذي سيتم فيه القتال؛ ليضمن بذلك استمرارية وسيولة الإمداد والتموين من الصين إلى بغداد، ومن أجل ذلك عمل الآتي:

📌١ - بدأ في إصلاح كافة الطرق من الصين إلى العراق وتهيئتها لاستيعاب الأعداد الهائلة من الجيوش التترية، مع المسافات الرهيبة الطويلة والطبيعة الجبلية القاسية لمنطقة طاجاكستان وأفغانستان وفارس والموانع الطبيعية الكثيرة في هذه المنطقة.

📌٢ - أقام الجسور الكثيرة والكبيرة على كل الأنهار في المنطقة وبالذات نهري سيحون وجيحون، ووضع قوات تترية كافية لحماية هذه الجسور، وضمان استمرار عمليات الإمداد والتموين.

📌٣ - جهز مجموعة ضخمة جداً من الناقلات العملاقة لنقل أدوات الحصار الضخمة من الصين إلى بغداد.

📌٤ - كل مدينة أو مركز يتحكم في محاور الطرق من الصين إلى بغداد وضع عليه قوات إضافية؛ حتى لا تباغت ظهور القوات التترية المتجهة من الصين إلى العراق.

📌٥ - قام بشيء عجيب وفيه ذكاء شديد، فقد أخلى كل الطرق من الصين إلى بغداد من الماشية، سواء كانت ماشية برية أو مملوكة للسكان؛ وذلك حتى تنمو الحشائش والأعشاب؛ لتكون طعاماً كافياً للأعداد الهائلة جداً من الخيول الخاصة بالفرسان والدواب المكلفة بحمل العتاد الحربي والغذاء والخيام وما إلى ذلك،

وبذلك لم يكن بحاجة لأن يحمل معه طعاماً للحيوانات، ولو تعرض لمفاجأة غياب طعام الحيوانات فقد تتعطل الحرب كلها، فالطعام بالنسبة للحيوانات مثل الوقود بالنسبة للسيارات، بل أشد، فالسيارة بإمكانها انتظار الوقود وأما الحيوان فلا يستطيع الصبر على الجوع،

وبهذا الإعداد استطاع هولاكو أن يجعل الأرض ممهدة تماماً لاستقبال الأعداد الهائلة من الجيوش التترية من كل مكان من أجل تجميعها لغزو العراق.
وهذا الكلام الذي نقوله بسهولة وبسرعة يأخذ عدة سنين، فإصلاح الطرق وإقامة الكباري وإخلاء الطرق من الماشية مجهود ضخم جداً.
 
#يتبع....👇


قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت 💫 #المحـ4ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
💫 #المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]
             ∫∫    الحـ٣٩ــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
💎الإعداد السياسي والدبلوماسي:
✍المحور الثاني: الاستعداد السياسي والدبلوماسي، فبدأ في محاولة عقد بعض الأحلاف السياسية مع بعض الأطراف والقوى الموجودة على الأرض؛ لضمان نجاح المهمة الكبيرة وإسقاط الخلافة العباسية، وهذا تغير كبير جداً في السياسة التترية، ويحتاج إلى وقت ومجهود، والتتار طول عمرهم لم يعرفوا التحالفات ولا الدبلوماسية، فقد كانوا دائماً محاربين للأطراف الأخرى،

لأن هذه الخطوة جديدة على السياسة التترية الآن فقد تولاها منكو خان شخصياً خاقان التتار الجديد سنة ٦٥١ من الهجرة، يعني: بعد سنتين من حكمه، فقد استقبل سفارة صليبية أرسلت من قبل لويس التاسع ملك فرنسا، الذي نزل سنة ٦٤٧ في دمياط، ثم هزم في سنة ٦٤٨ في موقعتين شهيرتين جداً، أولاهما: موقعة المنصورة، والثانية: موقعة فارسكور وأسر فيها ثم فدي بالمال، وكان عنده حقد كبير جداً على الشام ومصر، ويريد أن يعيد الكرة في حربه من جديد،

ففي سنة ٦٥١هـ أرسل سفارة جديدة إلى منكو خان يريد التعاون معه ضد المسلمين، وبدأت المفاوضات ولكنها فشلت،

فـ منكو خان كان رجلاً في منتهى الصراحة، فهو لم يكن متعوداً على الأحلاف كما قلنا، ولم يكن يعرف السياسة من وجهة نظر الغرب، فالغرب عنده طرق ملتوية من تنميق الألفاظ واختيار العبارات للحصول على ما يريد دون أن يشعر الطرف الآخر أنه فرط في شيء، فـ منكو خان لم يكن يعرف أي شيء عن النفاق الأوروبي المعروف، ولا يعرف الابتسامة الأوروبية التي تخفي وراءها كل الحقد، بل كان رجلاً في منتهى البساطة والوضوح جداً، ويحدد رغباته مباشرة،

فقال في بداية المفاوضات في أول كلامه: إنني لا أقبل أن يكون في العالم سيد سواي، أنا لا أعرف كلمة صديق إنما أعرف كلمة سادة، أصدقائي هم من يتبعونني ويعلنون الولاء والطاعة الكاملة لي، وأعدائي هم الذين يحاربونني ولا يقبلون طاعتي سياسة بسيطة جداً، وهي سياسة القطب الواحد في العالم، فهو يقسم العالم إلى دول صديقة، أي: تابعة، ودول مارقة، أي: معادية، وبالطبع رفض ملك فرنسا لويس التاسع أن يتحالف على أساس هذا الشرط، ومن ثم فشلت المفاوضات الأولى بين التتار وبين نصارى غرب أوروبا.
وهذه أول مفاوضة عملها منكو خان ولم تتم.
 
#يتبع. في يوم أخر


قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت 💫 #المحـ4ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
💫 #المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]
             ∫∫    الحـ٤٣ــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
💎إضعاف جيش الخلافة العباسية:
✍والمحور الرابع والأخير: هو إضعاف جيوش الخلافة العباسية، فطلب هولاكو من الوزير الفاسد (مؤيد الدين العلقمي الشيعي) أن يقنع الخليفة العباسي المستعصم بالله بأن يخفض من ميزانية الجيش، وأن يقلل من أعداد الجنود، وألا يصرف أذهان الدولة إلى قضايا التسليح والحرب، وأن يحول الجيش إلى الأعمال المدنية والزراعية والصناعية وغيرها، حتى يصبح الجيش مشغولاً بزراعة الطماطم والخيار وبناء الكباري وعمل المخابز والأطعمة، ولا داعي للتدريب والقتال والسلاح والجهاد، حتى لا تثار حفيظة التتار، ونقول لهم: نحن قوم سلام ولسنا قوم حرب، وانظروا إلى جيشنا ماذا يعمل، فلما قال مؤيد الدين العلقمي الشيعي هذا الكلام للخليفة المستعصم بالله وافقه على ذلك، فخفض ميزانية التسليح وقلل أعداد الجنود، حتى أصبح الجيش العباسي المسلم الذي كان يبلغ عدده مائة ألف فارس في آخر أيام المستنصر بالله والد المستعصم بالله سنة ٦٤٠ من الهجرة لا يزيد على ١٠ آلاف فارس فقط في سنة ٦٥٤ هجرية، وكان هذا هبوطاً مروعاً في إمكانيات الخلافة العسكرية، وليس هذا فقط، بل أصبح الجنود في حالة مزرية من الفقر والضياع، فكان الجندي لا يجد ما يأكل أصلاً، حتى أنهم كانوا يسألون الناس في الأسواق، وأهملت التدريبات العسكرية، وفقد قواد الجيش مكانتهم، حتى لم يوجد بينهم من له القدرة على التخطيط أو الإدارة أو القيادة، ونسي المسلمون فنون القتال والنزال، وغابت عن أذهانهم تماماً معاني الجهاد.
وهذه هي الخيانة الكبرى والجريمة العظمى،

وابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية يلقي باللوم الكامل على مؤيد الدين العلقمي في نصائحه للخليفة، ولكني أنا ألقي باللوم على الخليفة ذاته، فهو الذي قبل بهذا الهوان ورضي بهذا الذل، وغاب عن ذهنه أن من أهم واجباته كحاكم أن يضمن لشعبه الأمن والأمان، وأن يدافع عن ترابه وأرضه ضد أي غزو أو احتلال، وأن يبذل قصارى جهده لتقوية جيشه وتسليح جنده، وأن يربي الشعب بكامله لا الجيش فقط على حب الجهاد والموت في سبيل الله، ولم يفعل الخليفة المستعصم ذلك، ولا عذر له عندي؛ فإنه كان يملك من السلطان ما يجعله قادراً على أخذ القرار، ولكن النفوس الضعيفة لا تقوى على أخذ القرارات الحاسمة.
كان هذا هو إعداد هولاكو ومنكو خان، وقد كان إعداداً مبهراً عظيماً كبيراً حقاً.

وفي المقابل لم يكن هناك أي رد فعل مناسب أو غير مناسب من المسلمين استعداداً للغزو التتري القريب عما قليل للخلافة العباسية، فما هي خطوات هولاكو في تجميع الجيوش وغزو العاصمة الإسلامية التليدة العتيدة بغداد؟ وما هو الذي فعله التتار داخل بغداد؟ وما هو رد فعل المسلمين في بغداد وما حولها من بلاد المسلمين؟ وما هي النتائج الخطيرة التي ترتبت على سقوط بغداد بعد ذلك؟ هذا ما سنعرفه وغيره بإذن الله في الدرس القادم.
يتبع... المحاضره الخامسه في يوم اخر باذن الله.

قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت 🎗 #المحـ3ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
💫 #المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

احتل التتار الأجزاء الشرقية للدولة الإسلامية حتى وصلوا إلى حدود العراق، ثم بدءوا في التفكير والتخطيط والعمل الدءوب لإسقاط بغداد عاصمة الخلافة العباسية، وأعدوا خطة الغزو حتى تمكنوا من إسقاط الخلافة العباسية، والمسلمون في غفلتهم سادرون.
 

💎أهم العنواين الرئيسية:

-احتلال التتار لأرمينيا وجورجيا
-احتلال التتار لروسيا
-احتلال التتار لأوكرانيا وبولندا والمجر
-نظرة على أحوال المسلمين والتتار والنصارى سنة 639هجري
-إيقاف التتار لحروبهم التوسعية في عهد ملكهم كيوك بن أوكيتاي
-تولي منكوخان قيادة التتار
-أعوان منكوخان في حكم دولة التتار

◾️-إعداد هولاكو لغزو الدولة العباسية
1-إصلاح البنية التحتية
2-الاعداد السياسي والدبلوماسي
*تحالف التتار مع ملك أرمينيا
*تحالف التتار مع بعض الإمارات الإسلامية

3-الحرب النفسية ضد المسلمين
4-اضعاف جيش الخلافة العباسية
#يتبع....👇


قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت 💫 #المحـ4ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
💫 #المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]
             ∫∫    الحـ٣٤ــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم،بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد: هذه المحاضرة الرابعة من محاضرات قصة التتار من البداية إلى عين جالوت، وفي المحاضرات السابقة رأينا انهيار العالم الإسلامي أمام الضربات التترية المتوالية، وكيف وقع المسلمون في أخطاء قاتلة أدت إلى هذه المأساة المركبة التي مرت بالأمة بصفة عامة، ورأينا كيف فتن المسلمون بالدنيا وتركوا الجهاد واختلفوا وتفرقوا ولم يعدوا أي عدة مناسبة أو غير مناسبة لقتال التتار، وبالتالي لم يكن هذا السقوط المزري مفاجأة بل كان أمراً متوقعاً جداً، وهو يتوافق تماماً مع سنن الله عز وجل في الأرض.

وقفنا في المحاضرة السابقة على ابتداء شورماجان القائد التتري الكبير في المنطقة الفارسية وأذربيجان بالتخطيط لغزو جديد واجتياح قادم لمناطق جديدة، وكان ذلك في سنة ٦٣٤ هجرية، وفي هذه السنة ألتف شورماجان حول بحر قزوين من ناحية الغرب وانطلق شمالاً لاستكمال السيطرة على المنطقة، وبسرعة كبيرة جداً استطاع أن يعيد بسط سيطرة التتار على أقاليم أرمينيا وجورجيا والشيشان وداغستان، وأرسل جيشاً آخر لاستكمال بسط النفوذ على شمال هذه المناطق.
 
💎احتلال التتار لروسيا:
ثم بدأ باتو بن جاجي وكان من أكبر قواد التتار مطلقاً بقيادة الحملات التترية شمال بحر قزوين في سنة ٦٣٤، فقمع القبائل التي تسكن في نهر الفولجا الروسي،

ثم زحف بعد ذلك على البلاد الروسية الواسعة، وبدأ هذا الزحف على روسيا في سنة ٦٣٥هـ، وقام بمذابح بشعة شنيعة في روسيا النصرانية من حين دخلها إلى أن انتهى منها، واستولى على العديد من المدن الروسية، فقد سقطت مدينة ريدان، ثم بعدها بقليل سقطت مدينة كولومونا، ثم سقطت مدينة فلاديمير، وكانت مدينة كبيرة جداً جداً، حيث صمدت ستة أيام فقط في وجه التتار ثم سقطت سقوطاً كاملاً، وذبح غالب سكانها، ثم سقطت مدينة سوذال،

ثم توجهت الجيوش التترية إلى أعظم مدن روسيا موسكو واجتاحوها ودمروها في أيام معدودات، ثم سقطت بعد ذلك مدن يورييف وجاليش وبريسلاف وروستوف وغيرها إلى أن احتل التتار دولة روسيا بكاملها في سنتين، من سنة ٦٣٥ إلى ٦٣٦، ومساحة روسيا ١٧ مليون كيلو متر مربع، وليست المشكلة في هذه المساحة الهائلة، بل إنها يسكنها أعداد هائلة من البشر، إضافة إلى أن طقسها شديد البرودة وأجواءها صعبة جداً،

ومع ذلك فإن التتار انتهوا من روسيا كلها في سنتين، ولم يستطع أحد أن يقف أمام التتار، ثم بعد هذا الاجتياح توقفوا سنتين ينظمون صفوفهم ويعيدون ترتيب أمورهم.
 
💎احتلال التتار لأوكرانيا وبولندا والمجر وسلوفاكيا وكرواتيا:

ثم في سنة ٦٣٨ من الهجرة -بعد سقوط روسيا بسنتين- تحركت جيوش التتار من روسيا غرباً إلى أوكرانيا بقيادة باتو بن جاجي فاجتاحوا دولة أوكرانيا بكاملها، واجتاحوا عاصمتها كييف، ودمروا كنوزها العظيمة وقتلوا معظم السكان في أوكرانيا، ثم تجاوزوها إلى ما بعدها.
ثم في سنة ٦٣٩هـ زحفت فرقة من قوات جيش باتو بقيادة بايدر باتجاه الشمال الغربي من دولة أوكرانيا فدخل مملكة بولندا ودمر معظم المدن البولندية، ولم يجد الملك البولندي إلا أن يستعين بالفرسان الألمان، فألمانيا في غرب بولندا مباشرة، فجاء الأمير هنري دوق مقاطعة سيليزيا الألمانية وتحالف مع الجيش البولندي، ثم التقى الجيشان بجيش التتار، فسحق الجيشان البولندي والألماني واستطاع التتار بقيادة بايدر السيطرة على كامل مملكة بولندا.

وفي نفس السنة ترك باتو قائد التتار الذي كان متمركزاً في أوكرانيا في ذلك الوقت فرقة تترية في أوكرانيا واتجه بجيشه الرئيسي غرباً إلى مملكة المجر، فالتقى مع ملكها في موقعة رهيبة دمر على أثرها الجيش المجري بكامله، واحتل المجر أيضاً.

وأما بايدر القائد التتري الذي فتح بولندا فقد نزل جنوباً لمقابلة جيوش التتار بقيادة باتو في المجر، وفي طريقه اجتاح دولة سلوفاكيا وضمها بكاملها أيضاً إلى دولة التتار.

ثم تدفقت الجيوش التترية بكاملها إلى دولة كرواتيا واجتاحتها عن آخرها، ووصلت الجيوش التترية بذلك إلى البحر الأدرياتي، وهو يفصل بين كرواتيا وإيطاليا، وإلى هذه اللحظة كانت دولة التتار قد ضمت نصف أوروبا الشرقي إلى أملاكها، وكان ممكناً أن تستمر الفتوحات التترية بعد ذلك، فقد وصل التتار إلى حدود إيطاليا والنمسا وألمانيا،

ولكن في ذلك العام ٦٣٩هـ حدث أمر هام، فقد توفي خاقان التتار أوكيتاي، فاضطر القائد باتو أن يوقف الحملات ويستخلف أحد القواد ويعود إلى قراقورم عاصمة دولة التتار في منغوليا؛ للمشاركة في اختيار الخاقان التتري الجديد.
 
#يتبع....👇


قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت 💫 #المحـ4ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
💫 #المحـ4ـاضرة [الحـ٣٥ــلقة]
💎نظرة على أحوال التتار والمسلمين والنصارى عام ٦٣٩هـ:
ولا بد لنا أن نراجع الموقف في سنة ٦٣٩هـ،ونقيم أوضاع العالم ككل في هذه السنة، وبإلقاء نظرة على كل أرجاء العالم في ذلك الوقت يتبين الآتي:
📌أولاً:وصلت حدود دولة التتار في هذه السنة من كوريا شرقاً إلى بولندا غرباً ومن سيبيريا شمالاً إلى بحر الصين جنوباً، فقد اتسعت دولتهم اتساعاً رهيباً جداً في وقت محدود،وأصبحت قوتهم في ذلك الوقت هي القوة الأولى في العالم بلا منازع
📌ثانياً:تولى قيادة التتار بعد أوكيتاي ابنه كيوك بن أوكيتاي، وكان رأي هذا الخاقان الجديد تثبيت أقدام التتار في البلاد المفتوحة، ولم يكن عنده سياسة توسعية كأبيه أوكيتاي أو كـ جنكيز خان، فأوقف الفتوحات التترية في أوروبا والعالم الإسلامي
📌ثالثاً:ابتلع التتار في فتوحاتهم السابقة النصف الشرقي للأمة الإسلامية، وضموا معظم أقاليمها في آسيا إلى دولتهم، وقضوا على كل مظاهر الحضارة في هذه المناطق،كما قضوا تماماً على أي نوع من المقاومة في هذه المناطق الواسعة
📌رابعاً:ظل القسم الأوسط من العالم الإسلامي العراق إلى مصر، يعني:العراق والشام والحجاز ومصر واليمن مفرقاً مشتتاً، ولم يكتف المسلمون فيه فقط بالفرجة على الجيوش التترية وهي تسقط معظم ممالك العالم في وقتهم، وإنما انشغلوا بالصراعات الداخلية بينهم وازداد تفككهم بصورة كبيرة.
وكذلك كان القسم الغربي من العالم الإسلامي -ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وغرب أفريقيا- مفككاً تماماً بعد سقوط دولة الموحدين.
فكان القسم الشرقي قد أخذه التتار،والغربي والأوسط مفككين
📌خامساً:ذاق الأوربيون النصارى من ويلات التتار كما ذاق المسلمون،وذبح منهم مئات الآلاف أو الملايين،ودمرت كنائسهم وأحرقت مدنهم وهددوا تهديداً بشعاً،ووصل التتار إلى روما عقر دار الكاثوليكية النصرانية في أوروبا
📌سادساً:مع أن النصارى رأوا أفعال التتار إلا أن ملوك النصارى في أوروبا الغربية -في فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا- التي لم يدخلها التتار بعد كانوا يرون أن هذه المرحلة مؤقتة وسوف تقف، يعني:لابد أن يقف التتار عن القتال في يوم من الأيام
أما حروب النصارى الصليبيين ضد المسلمين فكانت في رأي زعماء أوروبا وملوكهم حروباً دائمة لا تنتهي،وكان هذا الرأي له مردود على ملوك أوروبا، ومن ثم اعتقد ملوك الصليبيين اعتقاداً جازماً أنهم لابد أن يتعاونوا تعاوناً كاملاً مع التتار ضد المسلمين، بالرغم من كل الأعداد الهائلة من النصارى التي ذبحت على أيدي التتار
وأما لماذا يعتقد الصليبيون أن حربهم مع المسلمين دائمة وحربهم مع التتار مؤقتة فلأن حربهم حرب عقيدة، والعداء بينهم وبين المسلمين قائم على أساس ديني، فالصراع بينهما أبدي، والنصارى لن ينهوا القتال إلا بدخول إحدى الطائفتين في الأخرى، كما يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠]،
وأما حروب التتار فلم تكن حروب عقيدة أبداً،فعقيدة التتار كانت عقيدة مشوهة وباهتة جداً، وهي مجموعة من أديان شتى، ولم نسمع عن قائد تتري واحد أنه حاول نشر هذه العقيدة في البلاد المغنومة،وإنما كان كل هدف التتار هو الإبادة والتشريد وجمع المال وسبي النساء والأطفال وغير ذلك من أمور التخريب،ومن كانت هذه صفته فلا يكتب له الاستمرار أبداً
فلذلك وعلى الرغم من الصدمات التي تلقتها أوروبا على يد التتار إلا أن أوروبا استمرت في تجهيز حملاتها لغزو بلاد المسلمين، واستمرت في تكثيف الجهود لإنشاء العلاقات والمعاملات الدبلوماسية مع التتار
📌سابعاً:بدأ يحدث تغير عقائدي في الجيش التتري بعد حملات التتار في أوروبا، وهذا سيكون له مردود مهم بعد وقت،
وسبب هذا التغير العقائدي الذي حصل في جيش التتار كان بسبب زواج عدد كبير من قادة المغول من فتيات نصرانيات أوروبيات، وبذلك بدأت الديانة النصرانية تتغلغل نسبياً في البلاط المغولي،
وقد ساعد هذا على إمكانية أن يتعاون التتار بعد ذلك مع الصليبيين، وأن يجتمع الحقدان الصليبي والتتري على إسقاط الخلافة العباسية وبلاد الشام،وعلى غيرها من الخطوات
📌ثامناً:استمرت الحروب الصليبية الأوروبية على المسلمين في مصر والشام ولم تنقطع، فمع كل هذه المجازر التترية في أوروبا إلا أن المجازر الصليبية في بلاد الشام ومصر لم تنقطع في ذلك الوقت، وقد كانت تحت حكم الأيوبيين في آخر أيامهم، وكان الصراع دائراً بين بعضهم بعضاً، فكان المسلمون واقعون في مثلث خطير،الصليبيون من ناحية والتتار من ناحية،وزعماء المسلمين من ناحية ثالثة
📌تاسعاً:في سنة ٦٤٠ هجرية توفي المستنصر بالله الخليفة العباسي، وتولى الخلافة العباسية في ذلك الوقت ابنه المستعصم بالله، وكان عمره ٣٠ سنة في ذلك الوقت، وهو الذي سقطت الخلافة العباسية في زمانه،
#يتبع....👇
📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت 💫 #المحـ4ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
💫 #المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]
             ∫∫    الحـ٣٦ــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
💎إيقاف التتار لحروبهم التوسعية في عهد ملكهم كيوك بن أوكيتاي ومراسلة النصارى له:

قرر كيوك بن أوكيتاي خاقان التتار الجديد أن يوقف الحملات التوسعية؛ وأن يتفرغ لتثبيت الأقدام في أجزاء المملكة الواسعة، وكانت مدة حكمه سبع سنوات من سنة ٦٣٩ إلى سنة ٦٤٦، ولم يدخل التتار في هذه السنوات السبع أي بلد جديد.

لما رأى الصليبيون في غرب أوروبا هذا النهج غير التوسعي عند كيوك تجددت آمالهم في التعاون معهم ضد المسلمين،

فأرسل البابا الكاثوليكي إنوسنت الرابع من روما سفارة برسالة إلى كيوك في منغوليا في سنة ٦٤٣هـ -والمسافة بين روما وقراقورم عاصمة منغوليا ١٢ ألف كيلو متر ذهاباً فقط- يعرض عليه التوحد مع التتار لحرب المسلمين في مصر والشام، ولم يكن من هم هذه السفارة مطلقاً أن ترفع الظلم عن نصارى أوروبا وروسيا، فهذا لم يكن في اعتبار البابا الكاثوليكي بالمرة؛ لأن معظم البلاد الأوروبية وروسيا التي سقطت كانت بلادًا أرثوذكسية،

فلما وصل الوفد الصليبي الكاثوليكي إلى قراقورم سلم رسالة البابا إنوسنت الرابع إلى كيوك بن أوكيتاي خاقان التتار، فلما قرأ كيوك رسالة البابا وجد أن البابا بالإضافة إلى طلبه توحيد العمل العسكري ضد المسلمين فهو يدعوه إلى اعتناق النصرانية، أي: أن البابا إنوسنت الرابع القضية عنده عقائدية، فهو يحارب من أجل مبدأ.

فاعتبر خاقان التتار هذا تعدياً خطيراً من البابا، إذ كيف يطلب من خاقان أعظم دولة في الأرض في ذلك الزمن أن يغير من ديانته؟ مع أن الديانة النصرانية كانت قد بدأت تتغلغل في البلاط المغولي.

فاعتبر هذا تعدياً كبيراً جداً على خاقان التتار، فرد السفارة الصليبية ورفضها إلا أن يأتي أمراء الغرب الأوروبي جميعاً -إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وغيرها- إلى منغوليا؛ لتقديم فروض الولاء والطاعة للخاقان التتري، ثم بعد ذلك يتعاونون ويتفاهمون، فرفض ملوك أوروبا هذا الطرح، وبذلك فشلت السفارة الأوروبية الأولى.

لكن البابا الكاثوليكي إنوسنت الرابع لم ييأس، فأخذ يبحث في قواد الجيش التتري في مناطق العالم المختلفة على من عنده رغبة وحمية في غزو العالم الإسلامية، فوجد ضالته في قائد المنطقة الغربية من دولة التتار بيجو الذي هو كان متمركزاً في ذلك الوقت في منطقة أذربيجان وفارس، وكان من أشهر القواد التتريين في سنة ٦٤٥،

فأرسل البابا إنوسنت الرابع رسالة جديدة إلى بيجو في فارس بعد السفارة الأولى بسنتين، وكان عنده حب شديد للعدوان والهجوم، وكان يتوسع في أراضي المسلمين، وتلقى ترحيباً كبيراً جداً من بيجو، وتوقع بيجو أن هجوم الصليبيين على الشام ومصر سوف يشغل المسلمين في هذه المناطق عن الدفاع عن الخلافة العباسية، وبذلك يستطيع أن يتقدم داخل أراضي العراق، ولكنه لم يكن عنده الصلاحيات الكافية لإجراء المعاهدات والمفاوضات مع إنوسنت الرابع أو غيره، فاتصل بـ كيوك، ولكنه كان ما زال على رأيه في عدم التوسع، ومصراً على قدوم ملوك أوروبا إلى قراقورم لتقديم فروض الولاء والطاعة، ففشلت أيضاً هذه السفارة الثانية.

وفي هذا الوقت كان لويس التاسع ملك فرنسا يجهز الحملة الصليبية المشهورة على مصر، والمعروفة بالحملة الصليبية السابعة، وكان متمركزاً في جزيرة قبرص؛ لتجميع الجيوش الفرنسية وغيرها لغزو بلاد الإسلام، وذلك في سنة ٦٤٦ من الهجرة، يعني: بعد سنة من السفارة الصليبية إلى بيجو، ولم ينقطع أمله بعد في التعاون مع التتار،

فأرسل سفارة صليبية ثالثة من قبرص إلى منغوليا لـ كيوك يعرض عليه من جديد التعاون، وزود هذه السفارة بالهدايا الثمينة وغيرها، فوصلت هذه السفارة إلى العاصمة التترية قراقورم، فوجدت أن كيوك قد مات سنة ٦٤٦، وتولى الحكم بعده أرملته أوغول قيميش؛ لأن أولاده الثلاثة كانوا صغاراً جداً لا يصلحون للحكم، فتولت الوصاية عليهم، وبالتالي تولت حكم التتار ثلاث سنوات من سنة ٦٤٦هـ إلى سنة ٦٤٩هـ،

فتوجهت السفارة الصليبية الثالثة المرسلة من لويس التاسع إلى ملكة التتار، فاستقبلتها بحفاوة، ولكنها اعتذرت عن إمكانية التعاون مع السفارة الصليبية؛ لأنها مشغولة بالمشاكل الضخمة التي طرأت في مملكة التتار نتيجة موت كيوك،

بالإضافة إلى أن عامة قواد جيوش التتار وقواد المدن لم يكونوا موافقين ببساطة على أن يحكم دولة التتار امرأة، فدولة التتار تعتمد في الأساس على البطش والإجرام والقوة، وكانت الأوضاع غير مستقرة في منغوليا وفي غيرها من البلاد، فمطلوب أن يتولى القيادة رجل حازم، فردت السفارة الصليبية الثالثة وعادت دون نتيجة تذكر.

ومع ذلك أصر لويس التاسع على الحرب وغزا بالفعل مصر ونزل سنة ٦٤٧ في دمياط واحتلها، وبدأت الحملة الصليبية السابعة،
#يتبع....👇


قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت 💫 #المحـ4ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
💫 #المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]
             ∫∫    الحـ٣٧ــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
💎تولي منكو خان قيادة التتار:
وخلال هذه الأحداث لم يكن الوضع في منغوليا مستقراً، فالتتار لم يستطيعوا قبول امرأة كيوك ملكة عليهم،

ومن ثم اجتمع المجلس الوطني للتتار، واختار في سنة ٦٤٩هـ منكو خان خاقاناً جديداً للتتار، وقد أدى هذا الاختيار إلى تحول كبير جداً في سياسة التتار وتغيير جذري في المناطق المحيطة بالتتار،

فقد كان لـ منكو خان سياسة توسعية شديدة الشبه بسياسة جنكيز خان المؤسس الأول لدولة التتار، وبسياسة أوكيتاي الذي فتحت أوروبا في عهده.

ولذلك فأول ما فكر فيه منكو خان بعدما استلم الحكم هو إسقاط الخلافة العباسية واجتياح الشام ومصر وإفريقيا، وكانت أحلامه التوسعية تشمل كل مكان على الأرض

وللأسف الشديد فإن أمراء المسلمين وشعوبهم في ذلك الوقت لم تكن أبداً على مستوى الحدث الكبير، حدث تولية منكو خان وبداية الأحلام التوسعية في الأراضي المسلمة، فالناس مكثوا عشر سنين بدون قتال من سنة ٦٣٩ إلى سنة ٦٤٩، توقفت فيها الفتوحات التترية، وهي فترة حكم كيوك ثم أوغول قيميش،

والغريب جداً في هذه الفترة أن الحكام والشعوب بل والعلماء كانوا قد نسوا تماماً أن النصف الشرقي من الأمة الإسلامية واقع تحت الاحتلال التتري، وأنهم أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الخلافة العباسية والشام ومصر والحجاز، حتى إن المؤرخين الذين أرخوا لهذه الفترة لم يذكروا البتة شيئاً عن التتار

فعلى سبيل المثال لو فتحنا البداية والنهاية لـ ابن كثير -وهو لم يعش في تلك الفترة وإنما نقل عن المؤرخين الذين عاصروها وكتبوا عنها- من سنة ٦٣٩هـ إلى سنة ٦٤٩هـ لن تجد ولا كلمة على التتار، وكأن القضية التترية قد حلت تماماً

وسنجد ابن كثير رحمه الله يصف لنا في هذه الفترة حياة طبيعية جداً في العراق والشام ومصر، وأموراً في منتهى البساطة، فالخليفة يعالج بعض المشاكل الاقتصادية ويتصدق على بعض الفقراء، فقد يحدث وباء فيعالج، أو غلاء يشق على الناس فيأتي الخليفة يتصدق ببعض الأموال لمقاومة الغلاء، وأحدهم يفتح مدرسة، وآخر يفتح داراً للضيافة، وثالث داراً للطب، ويذكر من أحوال هذه السنوات أنه مات فلان من الأدباء، وفلان من الشعراء، وفلان من الوزراء،

وأما العلماء الذين يخطبون على المنابر وفي حلقات العلم ويشرحون للناس خطر التتار، ويذكرونهم بمصيبة المسلمين في البلاد المنكوبة بالتتار، والحكام الذين يجهزون الشعوب ليوم لا محالة هو آت فلا وجود لهم في ذلك الزمان.

فخبر التتار وأحداثهم لم تكن مشتهرة في ذلك الوقت، ولذلك اختفى ذكرها من كتب التاريخ.

وهكذا كانت أحداث ذلك الزمان تشير جميعها إلى أن اجتياحاً تترياً جديداً سوف يحدث قريباً جداً على غرار الاجتياح التتري الأول الذي حدث في زمان جنكيز خان أو الاجتياح التتري الثاني الذي حدث في زمان أوكيتاي، ولعله يكون أشد وأنكى؛ لأنه كلما ازداد خنوع المسلمين ازداد طمع التتار وغيرهم فيهم، وكلما فرط المسلمون في شيء طمع أعداء الأمة في هذا الشيء وفي الذي يليه، وهذه سنة ثابتة لأهل الباطل.
 
💎أعوان منكو خان في حكم دولة التتار:
منذ تولى منكو خان زعامة دولة التتار بدأ يفكر في إسقاط الخلافة العباسية، وقد كان قائداً قوياً حازماً، وكان له ثلاثة من الإخوة على قدر كبير جداً من القوة والقدرة على القيادة، فساعده ذلك على التملك والحكم بصورة أ: بر، فأما أخوه أريق بوقا فقعد معه في قراقورم يساعده في إدارة المملكة الواسعة.

وأما الأخ الثاني واسمه قبيلاي فقد أوكل إليه إدارة المنطقة الشرقية من الدولة التترية يعني: منطقة الصين وما حولها من أقطار.

وأما الأخ الثالث هولاكو فقد أوكل إليه فارس وما حولها، وكان واقفاً في مواجهة الخلافة العباسية الإسلامية في ذلك الوقت وكلنا نسمع عن اسم هولاكو، فهو الزعيم التتري السفاح الذي لا يمتلك أي نزعة إنسانية من أي نوع، فقد كان لا يرتوي إلا بدماء البشر، وكان تماماً كسلفه جنكيز خان لعنهما الله، فهو شخصية من أبشع الشخصيات في التاريخ قاطبة.
#يتبع....👇


قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت 💫 #المحـ4ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
💫 #المحـ4ـاضرة
             ∫∫    الحـ٤٠ــلقة   ∫∫
- -
💎تحالف التتار مع هيثوم ملك أرمينية والأسباب الدافعة لذلك:
وإذا كان نصارى غرب أوروبا وملوكها القدماء يرفضون التعاون مع منكو خان على أساس التبعية فهناك من الملوك الآخرين من يقبل بذلك، ويعتبر هذا نوعاً من الواقعية،
وعلى سبيل المثال( هيثوم) ملك أرمينيا النصرانية فكر في التحالف مع التتار على أساس التبعية وكما يريد منكو خان، فملك أرمينيا يعلم قوة التتار، بل قد دمرت بلاده قبل ذلك مرتين على يد التتار، مرة في عهد جنكيز خان ثم في عهد أوكيتاي، وكذلك يعلم أن دولته ضعيفة هزيلة لا تقارن بأي حال من الأحوال بدولة التتار القوية، فمساحة أرمينيا كلها لا تزيد على ٣٠ ألف كيلو متر مربع، يعني: مثل مساحة محافظتين من محافظات مصر، وفوق ذلك فملك أرمينيا يعلم أنه محصور بين قوات التتار من جهة وقوات المسلمين من جهة أخرى، والعداء قديم جداً بينه وبين المسلمين، فهو يتحرق شوقاً لغزو بلاد المسلمين وإسقاط الخلافة العباسية، وإن لم يقبل الآن بالتبعية للتتار فسيرغم عليها غداً، فسيدخل التتار العراق وأرمينيا وساعتها سيفقد كل شيء بلا ثمن.
كل هذا دفع هيثوم إلى أن يذهب بنفسه لمقابلة منكو خان في قراقورم عاصمة المغول، فلم يبعث سفارة مثل ملوك أوروبا، ومنكو خان كان غضبان نتيجة فشل السفارة الصليبية الأولى، فبدأ يتعلم طرق السياسة والاعتماد على المظاهر والكلمات المنمقة المختارة، فأقام احتفالاً كبيراً واستقبالاً رسمياً مهيباً لـ هيثوم ملك أرمينيا، وعامله كملك لا كتابع وإن كانت كل بنود الاتفاق لا تقوم إلا بين سيد وتابع لا ملك وملك، وإنما كان كل واحد منها يمثل على الثاني تمثيلية مكشوفة لغرض السياسة، وبعد الاستقبال الحافل الكبير لملك أرمينيا قدم ملك أرمينيا نفسه على أنه من رعايا منكو خان، فأعطاه منكو خان وعوداً كبيرة وهدايا عظيمة؛ يشتري بذلك ولاءه وتبعيته، ولم يقل له: افعل كذا وكذا، ولكن فخمه وعظمه وأعطاه، وكان مما أعطاه:
📌أولاً: ضمان سلامة ممتلكات الملك هيثوم الشخصية، وهذه أهم شيء عند هيثوم.
📌ثانياً: إعفاء كل الكنائس المسيحية والأديرة من الضرائب، فالتتار كان يفرضون الضرائب على كل شيء.
📌ثالثاً: مساعدة الأرمن في استرداد المدن التي أخذها السلاجقة المسلمون من الأرمن في حروبهم معهم، وقد كان بين الأرمن وبين السلاجقة في تركيا تاريخ طويل من الحروب، فوعده منكو خان هذه المدن إليه.
📌رابعاً: اعتبار ملك أرمينيا كبير مستشاري الخاقان الكبير منكو خان فيما يختص بشئون غرب آسيا، وأعطاه مركزاً ومكانة.
وكان هذا العطف التتري على ملك أرمينيا النصراني الضعيف الذي لا تقارن قوته بأي صورة من الصور بقوة التتار لعدة أسباب، وهي:
📌أولاً: للاستفادة من خبرة ملك أرمينيا في حرب المسلمين، فالعلاقة بين الأرمن والمسلمين قديمة جداً، وقد خبر الأرمن بلاد المسلمين وطبائعهم، فلاشك أن المعلومات التي سيحملها ملك أرمينيا إلى ملك التتار سيكون لها أبلغ الأثر في احتلال بلاد المسلمين، وتذكر ما حدث بين أمريكا وإنجلترا من تحالف، فأمريكا تحالفت مع إنجلترا الضعيفة جداً مقارنة بأمريكا، ولكنها عندها خبرة كبيرة جداً في أرض المسلمين، وبالذات في أرض العراق وأفغانستان، فإنجلترا قبل ذلك احتلت أفغانستان والعراق.
📌ثانياً: حاجة التتار إلى أعوان لإدارة هذه الأملاك الواسعة، وإذا كان هؤلاء الأعوان من أهل البلد أو مجاورين له فهذا يعطيه قدرة أكبر على إدارة هذه البلاد وعلى تهدئة الشعوب في هذه المناطق.
📌ثالثاً: بهذه الخطوة يفتح ملك التتار باب المعاملات من جديد مع النصارى، فهو خسر قبل ذلك معاهداته مع النصارى في غرب أوروبا، والآن قام بمعاهدات مع ملك أرمينيا، والأرمن كاثوليك مثل غرب أوروبا، فمن الممكن أن يكون ملك أرمينيا رسولاً بين التتار وبين ملوك غرب أوروبا، فتاريخ التتار مع النصارى في أوروبا تاريخ أسود، فآلاف وملايين النصارى ذبحوا على يد التتار، ومنكو خان يريد إصلاح العلاقات من جديد من أجل أن يسقط الخلافة العباسية إسقاطاً كاملاً.
📌رابعاً: إن الاتحاد مع مملكة أرمينيا سيكون له عامل نفسي كبير عند المسلمين، فالحرب مع التتار شيء ومع قوات التحالف شيء آخر، ومع أن القوات المتحالفة مع التتار لا تمثل شيئاً بالمرة بالنسبة إلى التتار، إلا أن كلمة التحالف لها وقع خاص جداً على قلوب الناس، ومن أجل ذلك تجد الدول الكبيرة تتحالف مع دول لا قيمة لها؛ حتى يسموا جيشهم جيش التحالف.
📌خامساً وأخيراً: قد توكل إلى القوات الأرمينية المتحالفة مع التتار بعض المهام الخطرة في المناطق الملتهبة، فيحارب فيها الأرمن ويكون ضحاياها من الأرمن وليس من التتار، وهذا كما بدأت إنجلترا تسيطر على منطقة البصرة وما حولها، والناظر إلى هذه المفاوضات بين التتار وبين الأرمن يجد أن التتار لم يخسروا شيئاً مطلقا
يتبع👇
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي 📚
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت 💫 #المحـ4ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
💫 #المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]
             ∫∫    الحـ٤١ــلقة   ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
💎عقد التتار تحالفات مع بعض الإمارات الإسلامية:

ثم عقد التتار معاهدات مع بعض أمراء المسلمين لضرب بلاد المسمين، ولم يعقد منكو خان هذه المعاهدات بنفسه، فقد استهان جداً بهؤلاء الأمراء، ووكل هولاكو بعقد هذه المعاهدات مع هؤلاء الملوك والزعماء، وكان كل منهم يحمل لقباً أكبر من حجمه مليون مرة، فمنهم من يلقب بالمعظم، ومنهم من يلقب بالأشرف، ومنهم من يلقب بالعزيز، ومنهم من يلقب بالسعيد، فكل منهم يحمل لقباً.

فجاء أمراء المسلمين الضعفاء يسارعون في التتار الأقوياء، {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:٥٢]،

فجاء إلى هولاكو (بدر الدين لؤلؤ) أمير الموصل ليتحالف معه، وأصبحت منطقة الشمال العراقي التي يعيش فيها الأكراد متحالفة مع التتار؛ لدخول بغداد من الشمال،

وجاء سلطان السلاجقة (كيكاوس الثاني) (وقلج أرسلان الرابع) ليتحالفا مع هولاكو، وقد كان سلطانهما في تركيا في شمال العراق، فهو مكان في منتهى الحساسية، فهم سيفتحون المجال الأرضي التركي لدخول القوات التترية من شمال العراق إلى بغداد.

وجاء (الناصر يوسف) أمير حلب ودمشق، حفيد الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، ولكن لم يكن يشبهه في أخلاقه ولا في روحه ولا في فروسيته ولا من أي شيء، فقد كان مهيناً إلى درجة أن أرسل ابنه العزيز ليقود فرقة إسلامية تنضم إلى جيش التتار لغزو العراق.

وكذلك جاء(الأشرف الأيوبي )أمير حمص ليقدم ولاءه لزعيم التتار الجديد، وكانت هذه التحالفات بالإضافة إلى مهانتها وحقارتها في منتهى الخطورة، فقد زادت جداً من قوة التتار حتى أنهم حاصروا العراق من كل مكان، من الناحية الشمالية والغربية والشرقية، هذا بالإضافة إلى أن هذه التحالفات أدت إلى هبوط معنويات الأمة الإسلامية بشكل مريع، فلما شاهد المسلمون أمراءهم على هذه الصورة المخزية ضعفت هممهم وفترت عزائمهم وانعدمت ثقتهم تماماً في قوادهم، ومن ثم لم يعد لهم طاقة للوقوف في وجه التتار، فكانت هذه الاتفاقيات جريمة بكل المقاييس:

ثم وصل التتار إلى شخصية خطيرة جداً في البلاط العباسي نفسه، فوصلوا إلى كبير الوزراء في الخلافة العباسية، والشخصية الثانية في الدولة بعد المستعصم بالله، وهو( الوزير مؤيد الدين العلقمي الشيعي)، ولا يغرك اسمه، فقد كان رجلاً فاسداً خبيثاً جداً، وكان رافضياً، يرفض خلافتي الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وكان شديد التشيع كارهاً للسنة وأهلها،

ومن العجب أن يصل إلى هذا المنصب المرموق في دولة سنية تحمل اسم الخلافة وهو على هذه الصفة، ولا شك أن هذا كان قلة رأي وضحالة فكر وسوء تخطيط من الخليفة المستعصم بالله، الذي ترك هذا الوزير المفسد في هذا المكان الخطير.

روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله قال: (ما استخلف الله خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصم الله).

وأسوأ من ذلك أن هذا الوزير المفسد لم يتول الوزارة شهراً أو شهرين أو سنة أو سنتين، وإنما بقي فيها ١٤ سنة كاملة من سنة ٦٤٢ هجرية إلى سنة ٦٥٦ هجرية عندما سقطت بغداد، فقد تولى المستعصم بالله خلافة المسلمين سنة ٦٤٠هـ، وبعد سنتين جاء بهذا الوزير المفسد إلى مركز كبير وزراء الخلافة العباسية.

فاتصل هولاكو بـ مؤيد الدين العلقمي الشيعي، واستغل فساده وتشيعه واتفق معه على تسهيل دخول الجيوش التترية إلى بغداد بالآراء الفاسدة الاقتراحات المضللة على قدر ما يستطيع، في مقابل أن يكون له شأن في مجلس الحكم الذي سيدير بغداد بعد سقوط الخلافة، فقام الوزير الفاسد بدوره على أكمل وجه، كما سنرى.

هذه هي الجهود الدبلوماسية التي قام بها منكو خان وهولاكو، ومن خلالها يتبين أنهما بذلا جهداً كبيراً وضخماً للإعداد لهذه الحملة الرهيبة، وقد أخذت هذه الجهود منهما ٥ سنوات كاملة، فقد تعاونا تعاوناً قوياً مهماً مع ملوك أرمينيا والكرج وأنطاكية النصارى، وحيداً إلى حد كبير أمراء الإمارات الصليبية في الشام، وأقاما تحالفات سرية مع نصارى الشام والعراق، وتحالفا مع بعض أمراء المسلمين، ومع الوزير الفاسد مؤيد الدين العلقمي الشيعي.

ويجدر القول هنا أن المسلمين بصفة عامة كانوا يراقبون الموقف عن بعد وكأنه لا يعنيهم،
 
يتبع....👇
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55