Forwarded From زاد 📚
العبد العابد والمُعبّد: {إن كلّ مَن في السموات والأرض إلّا ءاتي الرحمن عبدا} [مريم: 93].
{هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن..} [التغابن: 2].

العبد المُعبّد: {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلّوا السبيل} [الفرقان: 17]

العبد العابد: {يعبدونني لا يشركون بي شيئا..} [النور: 55].

#زاد_فكري
Forwarded From زاد 📚
🔸استصلاح الفِكر بتسديد اللسان🔸

إنّ سلامة الفكر وصلاح المسلك واستقامة الطريق على صعيد الدين والأدب والفِكر تطلب التبحّر في فنون اللغة طلبا حثيثا، ففهم اللغة والتفقّه فيها يفتح لفكر المرء الآفاق، ويكون أقرب للتوفيق للصلاح والسلامة بحسب ذلك، وهذا ما يَغفل عنه أكثر الناس علماؤهم وعوامهم، أدباؤهم ودهماؤهم، المتعلّمون منهم والأمِّيّون.

إنّ مَن يتفكّر في النقل يجد أنّ صلاح العمل مِن أصله منوط بتصحيح اللسان وتسديد المقال {قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم..} [الأحزاب: 70] لذلك {علّمه البيان} [الرحمن: 4] فمَن أراد أن يُصلح حاله سدّد مقالَه، ومَن أراد السلامة أمسك عليه لسانه!
وإلّا ما الغاية مِن أن ينزل القرءان بلسان عربي مُبين غير ذي عِوَج؟! ولِمَ نزل الوحي على أفصح العرب وأقومهم لسانا؟! فلمْ يؤتَ محمد _ٌﷺ_ جوامع الكلِم لأنّه نبي عالمٌ بالوحي وحسب، بل لأنّه أعلم الناس بلسان قومه الذين بُعث فيهم، {ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يُعلّمه بَشَر لسان الذي يُلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} [النحل: 103]

قال عمر - رضي الله عنه -: «تعلَّموا العربية؛ فإنها تثبّت العقل، وتزيد في المروءة».
[شعب اﻹيمان للبيهقي]

قال الإمام الشافعي _رحمه الله_: «مَن تبحّر في النحو اهتدى إلى كل العلوم».
يعني: علوم الشريعة.
[شــذرات الذهــب] لابن العماد الحنبلي.


وقال: «لا أُسأَل عَن مسألة مِن مسائل الفِقه إلاَّ أجبتُ عنها من قواعد النحو».
[شــذرات الذهــب] لابن العماد الحنبلي.


وقال أيضا: «أصحاب العربية جِنّ الإنس، يبصرون ما لا يبصره غيرُهم».
[آداب الشافعي ومناقبه] للــرازي.


وقال المزني: سمعتُ الشافعي يقول: «مَن تعلّم اللغة رقّ طبعه»
[أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي، والخطيب في "تاريخ بغداد" و"الفقيه والمتفقه" وابن عساكر في "تاريخ دمشق"].


وقال: «ومَن نظر في النحو رقّ طبعه»
[التمهيد لابن عبد البر]


وقال: «مَن تعلّم النحوَ هيب، ومَن تعلّم اللغة رقّ طبعُه».
[حِـلية الأولياء] لأبي نُعَيم.


وقال شيخ الإسلام _رحمه الله_:
«واعلم أنّ اعتياد اللغة يُؤَثِّر في العقل والخُلق والدين تأثيرا قويًّا بيِّنا، ويؤثّر أيضا في مشابهة صدر هذه الأُمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتُهم تزيد العقل والدين والخُلق».
[اقتضاء الصراط المستقيم]

ــــــــــــــــــــــــــ

#زاد_لغوي #زاد_أدبي #زاد_فكري
Forwarded From زاد 📚
🔸العــبد المُعبَّد والعــبد العابد🔸

«العبادة أصل معناها: الذّل أيضا. يقال: طريق مُعبّد، إذا كان مُذلّـلا قد وطِئته الأقدام».


«وتحرير ذلك أنّ العبد يُراد به المُعبّد الذي عبّده الله، فذلّله ودبّره وصرّفه.
وبهذا الاعتبار: فالمخلوقون كلّهم عباد الله: الأبرار منهم والفجّار، والمؤمنون والكفّار، وأهل الجنّة وأهلُ النّار، إذ هو ربّهم كلّهم ومليكهم، لا يخرجون عن مشيئته وقدرته، وكلماته التامّات التي لا يُجاوزها بَرّ ولا فاجر، فما شاء كان وإن لم يشاؤوا، وما شاؤوا إن لم يشأه لم يكن، كما قال الله تعالى: {أفغير دين الله يبغـون وله أسلم كلّ مَن في السموات والأرض طَوعا وكَرها وإليه يُرجَعــون} [آل عمران: 83]».

«وكثير ممن يتكلّم هذه الحقيقة، فيشهدها، لا يشهد إلّا هذه الحقيقة، وهي الحقيقة الكونية التي يشترك فيها وفي شهودها وفي معرفتها المؤمن والكافر، والبَـرّ والفاجر. بل وإبليس مُعترف بهذه الحقيقة وأهل النار. قال إبليس: {ربّ فأنظرني إلى يوم يُبعثون} [الحجر: 36] و{قال ربّ بِما أغويتني لأُزينّن لهم في الأرض ولأُغوينّهم أجمعـين} [الحجر: 39] وقال: {فبعزّتك لأُغوينّهم أجمعـين} [ص:82] وقال: {أرأيتك هذا الذي كرّمتَ عليَّ لئن أخرتنِ إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذريتَه إلّا قليـلا} [الإسراء: 62] وأمثال هذا مِن الخِطاب الذي يقرّ فيه بأنّ الله ربّه وخالقَه وخالق غيره، وكذلك أهل النار قالوا: {ربّنا غلبت علينا شِقوتُنا وكُنّا قوما ضالّين} [المؤمنون: 106] وقال تعالى عنهم: {ولو ترى إذ وُقفوا على ربّهم قال أليس هذا بالحقّ قالوا بلى وربّنا..} [الأنعام: 30].

فمن وقف عند هذه الحقيقة وعند شهودها، ولم يقم بما أمر الله به مِن الحقيقة الدينية؛ التي هي عبادته المتعلقة بألوهيته وطاعة أمره وأمر رسوله، كان مِن جنس إبليس وأهل النار.

فإن ظنّ مع ذلك أنّه من خواص أولياء الله وأهل المعرفة والتحقيق؛ الذين سقط عنهم الأمر والنهي الشرعيان، كان من أشرّ أهل الكفر والإلحاد.

ومِن ظنّ أنّ الخَضِر وغيرَه سقط عنهم الأمر لمشاهدة الإرادة ونحو ذلك، كان قوله مِن شرّ أقوال الكافرين بالله ورسوله، حتى يدخلَ في النوع الثاني من معنى العبد، وهو العبد بمعنى العابد، فيكون عابدا لله، لا يعبد إلّا إيّاه، فيطيع أمرَه وأمرَ رسله، ويوالي أولياءه المؤمنين المتقين، ويعادي أعداءه.

وهذه العبادة متعلّقة بالإلـهية لله تعالى، ولهذا كان عنوان التوحيد: "لا إله إلّا الله" بخلاف مَن يُقرّ بربوبيته ولا يعبده، أو يعبد معه إلـها ءاخر.
فالإلـه: هو الذي يألهه القلب بكمال الحب والتعظيم، والإجلال والإكرام، والخوف والرجاء، ونحو ذلك.

وهذه العبادة: هي التي يحبّها الله ويرضاها، وبها وصف المُصطَفَين مِن عباده، وبها بعث رسلَه.
وأمّا العبد: بمعنى المُعبّد، سواء أقرّ بذلك أو أنكره، فهذ المعنى يشترك فيه المؤمن والكافر».

ــــــــــــــــــــــــــ

[رسالـة العبــودية] لابن تيميــة.
#زاد_فكري