طتها لكنه أحسن استخدامها، وأبدع في توظيفها بعيدا عن التكرار والتقليد.
ببساطة! يشعرك بأنك تقرأ كلمات جديدة. إضافة لقاموسه الثري بالمفردات والمصطلحات.
.........
←الوصف وتصوير التفاصيل: مذهل جداً..
عندما قرأت هذه الرواية شعرت بأنني أقرأ عملا كتب لغرض حقيقي غير الكتابة.
عملا مدروسا، متقنا، مخططا له.. تعيش وكأنك أحد أبطال الرواية. لفتت انتباهي بعض التصويرات المدهشة منها:
•وقوفه أمام تمثال لبوذا في أحد المعابد في الفلبين:
"تقدمت نحو الغرفة الزجاجية الوسطى، تاركا مقعدي الأحمر.. انتصبت أمام التمثال ذي الملامح الساكنة، أحنيت رأسي ورسمت علامة الصليب أمام وجهي، وعندما رفعت رأسي؛ وجدت ملامحه بالهدوء نفسه دون أن يستنكر فعلي"
•مشهد استماعه للعزف:
"انتصبت شعيرات جسدي كل شعيرة تعانق الأخرى وتراقصها.... أن تصدر الآلة أنغاما .. بديهي.. أما أن تبث الأوتار عطر الياسمين! هذا لم أجد له تفسير"
•تصوير مشهد الحافلة:
تهتز الحافلة.. فتهتز الرؤوس لاهتزازها وتتمايل، تتوقف فجأة، تحمل مزيدا من الركاب، زحام فوق زحام. تبتلع الحافلة الكثير وتلفظ القليل، ثم تنطلق من جديد"
•مشهد قشعريرة الجلد:
"مسحت ماما آيدا ذراعيها بكفيها، كأنها تعيد شعيرات جسدها المنصبة إلى وضعها الطبيعي"
•مشهد الخلوة بين رجل وامرأة:
"لا يصح أن تبقيا معا.. أنتما الاثنان.. ثالثكما الشيطان"
انصرفت خولة مع جدتي، خرجتُ أنا الآخر عائدا إلى غرفتي، تاركا الشيطان وحيدا في المكتب"
.........
←الظرفية:
←المكان: من الفلبين إلى الكويت وبالعكس.
حين تقرأ للسنعوسي هذا يعني أنك ستنتقل للبيئة التي سيفرضها عليك في روايته ولكن بطوع إرادتك، تسكن هناك، تتعايش، تتأقلم، تنسجم، تتقيد بعاداتهم، تعيش روحية دينهم وطقوسهم، تأكل، تشرب وتعود.
←الزمان:
إحدى المغالطات الشائعة والتي تناولها مؤلفا كتاب "27 خرافة عن القراءة" تقول:
"الروايات للمتعة وليست للفائدة" وحاولا دحضها.
هنا يساعدهما السنعوسي في رد هذه الشائعة وبقوة، حيث تجد "ساق البامبو" عملا يصف لك الزمان والتاريخ ويحدده بدقة عالية وينقلك إلى عمق التاريخ وهذا دليل على ثقافة الكاتب وسعيه لتغيير النظرة المبتذلة عن الرواية لتصبح عملا ثنائيا يجمع بين المتعة والمعلومة.
......
←الحدث، الحبكة، الصراع، المعالجة: ممتازة.
......
←التشبيهات: تضمنت كما هائلا من التشبيهات ولكنها وزعت بطريقة متوازنة ومتجانسة.
........
←الشخصيات:
في مقابلاته التلفازية حين يسأل السنعوسي " هل تستند رواياتك إلى قصص حقيقية ؟ " كان يجيب مبتسما :
" لن أنزلق بالإجابة على هذا السؤال، أنا مؤمن بأن كل روائي يحاول إقناع القارئ بحقيقية شخوصه، إذا كان هذا العمل حقيقي 100%، قللت من مجهودي وأصبحت مجرد ناقل لقصة سمعتها، لم يكن دوري فيها سوى اللعب في اللغة، وإن قلت أنها خيالية بالمطلق فكأنني قتلت أبطالي، وجعلت شخصياتي مجرد شخصيات ورقية لا أكثر ! "**
___________🌾🌾🌾 _________
✍المواضيع التي تناولتها:
•تناولت الرواية موضوع " الانتماء" وهو موضوع جريئ في عالم الأدب.
بالإضافة لمواضيع مكملة آخرى كالعمالة الأجنبية، حياتهم، ظروفهم التي جاءت بهم، حالات الحب و الزواج بينهم وبين أصحاب المنازل التي يعملون بها، الأطفال المتولدين نتيجة هذه الإرتباطات، مصيرهم، ونظرة المجتمع العربي لهم.
مسؤولية إنجاب الأبناء وتكوين الأسرة وشجاعة الدفاع عنها والمحافظة عليها.
كما أشار لقضية "البدون" ومعاناتهم في حرمانهم من الهوية مما يعقد سفرهم وزواجهم.
الإشارات هل هي نبوءة أم مجرد مصادفات!
العادات والتقاليد وسيطرتها على المجتمعات، ونسبة تأثيرها.
الإيمان بالله وصدق البحث عنه في القلب لا في التلقين ولا من خلال الخرافات والمعجزات المفتعلة.
___________🌾🌾🌾____________
✍اقتباسات مميزة:
" ليس المؤلم أن يكون للإنسان ثمن بخس، بل الألم كل الألم أن يكون للإنسان ثمن"
"يجب أن تكون الضحية نقية، كي تقبل التضحية"
-خوسيه ريزال
"حتى تذلل مصاعب العمل، حسن علاقتك برب العمل، وكي تذلل مصاعب الحياة حسن علاقتك بربك"
"نحن لا نكافئ الآخرين بغفراننا لذنوبهم، بل نكافئ أنفسنا ونتطهر من الداخل"
"الحزن مادة عديمة اللون، غير مرئية، يفرزها شخص ما، انتقل منه إلى كل ما حوله، يُرى تأثيرها على كل شيء تلامسه ولا تُرى"
"صمت الآخر أحيانا أشد رعبا من حقيقة لا نود سماعها"
"العطاء من دون حب لا قيمة له، الأخذ من دون امتنان لا طعم له"
"اليد الواحدة لا تصفق ولكنها تصفع"
"آمن بنفسك، يؤمن بك من حولك"
___________🌾🌾🌾 __________
**من مقال "أخلاقيات الكتابة" لـ إسلام غسان حموري
*خوسيه ريزال: بطل قومي فلبيني.
تم بعون الله..
مراجعة:
#زينب_الأسدي