📝 محمد علي باشا والي مصر
يصفه بعض المؤرخين بأنه واحد من معالم التدهور السياسي لدى الدولة العثمانية، حيث كان شخصية سيئة السمعة معروفاً بالقسوة وغلظة الكبد، ترسله الدولة العثمانية لتأديب القرى التي تتأخر في دفع ما يفرض عليها من المال، فيعسكر هو وأفراد حملته التأديبية حول القرية ينهبون ويسلبون ويفزعون الآمنين، حتى يرى أهل القرية أن الأفضل لهم أن يدفعوا الأموال المطلوبة.. وكان محباً للعظمة الى حد الجنون.
جاء محمد علي إلى مصر على رأس فرقة من الروملي لإخراج الفرنسيين منها، واستطاع بمكره ودهائه أن يكسب ثقة العلماء في مصر، وسعى في القضاء على منافسيه على ولاية مصر بطرق ملتوية وماكرة وخبيثة حتى أصبح والياً على مصر ابتداءً من 20 ربيع الأول سنة 1220هـ الموافق 18 يونيو سنة 1805م.
وعلى الرغم من أن محمد علي قد أبدى حماساً شديداً لكي يصبح خادماً مطيعاً للسلطان، وأظهر في سبيل ذلك كثيراً من عبارات التذلل والخضوع للسلطان ودولته، إلا أن السلطان كان على وشك أن يدرك أبعاد هذه العبارات، مظهراً بذلك تخوفه من هذا الوالي الجديد، فأمر بنقله عن ولاية مصر، إلا أن تدخل العلماء مرة أخرى قد جعل السلطان يصدر فرماناً آخر بتثبيته على ولاية مصر في 24 شعبان سنة 1221هـ/ 6 نوفمبر 1806م.
ومن هنا بدأ محمد علي في تدعيم مركزه الشخصي وتثبيت الولاية في شخصه، وبالتالي في سلالته. وكما يقول الصلابي فإن هناك أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة، منها: ما حقيقة الدور الذي قام به محمد علي من أجل المصالح الفرنسية والبريطانية؟، ومن الذي كان خلف القضاء على الدولة السعودية الأولى، وعلى ضم الشام إلى مصر؟.
وكان محمد علي قد أرسل جيشاً إلى شبه الجزيرة العربية فاحتل معظم أجزائها، وبعث بجيش آخر ضم به شمال وأواسط السودان إلى دولته، وإن كان قد فقد هناك ابنه إسماعيل الذي أحرقه السودانيون بقيادة الملك نمر في منطقة شندي. وبذلك تحقق لمحمد علي حلمه في بناء دولة كبيرة بعيدة عن النفوذ العثماني المباشر.
ونقل الصلابي عن المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي وصفه لمحمد علي بأنه مخادع وكذاب يحلف الأيمان الكاذبة، ظالم لا عهد له ولا ذمة، يضمر السوء واستخدم العسف والجور في نفس الوقت الذي يعد فيه بالعدل.. لا يخفف من عسفه وظلمه واستبداده استجداء شيخ.
ولقد دعت هذه الصفات البعض بأن يصور محمد علي بأنه ميكافللي، أو أنه تعلم على فكر ميكافللي (صاحب نظرية الغاية تبرر الوسيلة)..
وهناك من يتهم محمد علي بالانتماء للماسونية، يقول الصلابي: توحي بعض الدلائل على أن الفرنسيين نجحوا في ضم المصريين من المشايخ والعلماء من بينهم الشيخ حسن العطار إلى المحفل الماسوني الذي أسسه كليبر سنة 1800م. فبعد أن هرب الشيخ حسن العطار إلى الصعيد في أعقاب قدوم الحملة الفرنسية كغيره من العلماء ثم عاد إلى القاهرة على أثر دعوة الفرنسيين للعلماء، اتصل على الفور برجال الحملة ونقل عنهم علومهم، وفي نفس الوقت تولى تعليمهم اللغة العربية.
وقد اندمج إلى حد كبير في علومهم، وكثيراً ما تغزل في أشعاره بأصدقائه منهم. ولقد دعت هذه الأمور أن يوصف العطار بأنه من دعاة التجديد.. وقد توثقت صلة الشيخ العطار بمحمد علي بعد توليه الولاية، وأصبح من الركائز التي يعتمد عليها محمد علي في خطواته التجديدية في مصر؛ وهو أمر يشير إلى وجود صلة بين محمد علي والمحفل الماسوني المصري الذي تأسس إبان الحملة الفرنسية.
كما أن تطور الأحداث يشير إلى تشبع محمد علي بالأفكار الماسونية التي كان مهيأ لها بحكم تكوينه الطبيعي، فينقل عنه قوله وهو يفاوض الفرنسيين على مسألة احتلال الجزائر: "ثقوا أن قراري.. لا ينبع من عاطفة دينية فأنتم تعرفونني، وتعلمون أنني متحرر من هذه الاعتبارات التي يتقيد بها قومي.. قد تقولون أن مواطني حمير وثيران، وهذه حقيقة أعلمها".
وقد شهد عصر محمد علي تأسيس أكثر من محفل ماسوني في مصر، فقد أنشأ الماسون الإيطاليون محفلاً بالإسكندرية سنة 1830م، على الطريقة الأسكتلدنية.
وكانت المصالح الفرنسية ترى دعم محمد علي ليتحقق لها أطماعها المستقبلية في حفظ وتقوية محافلها الماسونية، وإضعاف الدولة العلية العثمانية، وزرع خنجرها المسموم في قلب الدولة العثمانية؛ ولذلك أنشأت لمحمد على أسطولاً بحرياً متقدماً متطوراً، وترسانة بحرية في دمياط، والقناطر الخيرية لتنظيم عملية الري في مصر..
يتبع..
〰〰〰〰〰〰〰〰
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55