تقع "أفغانستان" في قلب آسيا في منطقة بعيدة عن البحار، وتمتد على رقعة واسعة من الأرض تبلغ مساحتها (650.000) كيلو متر مربع، تغطي المرتفعات والجبال أجزاء كثيرة منها.
وقد عرفت أفغانستان في التاريخ البعيد باسم (آريان) نسبة إلى الآريين، وتعني كلمة (آري) النبيل، كما كانت تسمى - أيضا - بلاد الأفغان. وتعتبر أفغانستان مهد الآريين الذين هاجروا إلىها من سهول تركستان الغربية قبل الميلاد بنحو ألفي سنة، ولو أن بعض المؤرخين يرجع تاريخ هجرتهم إلى أكثر من أربعة آلاف سنة، كما أنها كانت تعرف في عهد الساسانيين باسم (خرا سان) ومعنى خراسان: أرض الشمس.
وليس قصدنا هنا القص التاريخي، فذلك أمر يطول بيانه، وإنما سنتعرض للأيام الحاسمة التي سطعت فيها شمس الإسلام فوق ربوع أفغانستان، وكيف انتقل الناس من عهد إلى عهد، ومن طور إلى طور.
💫الفتح الكبير
تعتبر معركة نهاوند سنة 21هـ – 624م بقيادة نعمان بن مقرن المزني - إحدى المعارك الحاسمة التي كانت بين المسلمين من جهة وبين الإمبراطورية الساسانية من جهة أخري، وقد كان لهذه المعركة الدور البارز والحاسم في فتح أبواب فارس والمشرق الإسلامي كله - ومنها أفغانستان - ولذلك أطلق المسلمون على هذه المعركة اسم: فتح الفتوح.
ولا نستطيع أن نقول: إن فتح بلاد أفغانستان كان من معركة واحدة أو بقيادة قائد واحد، وإنما الحق الذي يقرره التاريخ أن بلاد أفغانستان فتحت على مراحل عدة على يد قادة كثيرين من قادة الفتح الإسلامي.
ويشير اللواء محمود شيت خطاب (رحمه الله) إلى أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) بعد معركة نهاوند الشهيرة، عقد بيده سبعة ألوية لسبعة قادة، عهد إليهم بالانسياح في المناطق الخاضعة للحكم الساساني والتي تحكم باسم حكام فارس ، وكان من بين هذه الجيوش جيشان اتجها نحو المنطقة التي تسمى اليوم: أفغانستان: الأول بقيادة الأحنف بن قيس التميمي، وجهته (خراسان)، والثاني بقيادة عاصم بن عاصم التميمي، ووجهته (سجستان).
أما فتح الأحنف لبلاد خراسان (تقع ضمن ثلاث دول: أفغانستان وإيران وتركستان)، فقد كان ذلك سنة 18هـ - 639م، وقد دخلها الأحنف عبر مدينة (الطبسين)، فافتتح (هراة) عنوة واستخلف عليها، وسار بعدها نحو (مرو الشاهجان)، فما كان من يزدجرد وهو في (مرو الروذ) إلا أن كتب إلى خاقان ملك الترك، وإلى ملك (الصغد) وإلى ملك (الصين) يستمدهم.
ودارت معارك طاحنة بين المسلمين من جهة والتحالف الفارسي التركي من جهة أخري، وانتهى الأمر بهزيمة قوى التحالف واستتباب الأمر للمسلمين، وكتب الأحنف إلى عمر بن الخطاب يبشره بالفتح، وبعث إليه الأخماس.
وعلى الرغم من فرح عمر بن الخطاب بالفتح، إلا أنه كان فرحا مشوبا بالحذر؛ إذ إن رقعة الدولة الإسلامية اتسعت في بلاد المشرق حتى شملت أرض فارس كلها ، وقد طالت خطوط المواصلات كثيرا، وتوزعت قوات المسلمين في أرجاء الشام ومصر والعراق وفارس، وكان مما قاله عمر في ذلك: "لوددت أني لم أكن بعثت إلى (خراسان) جندا، ولوددت أنه كان بيننا وبينها بحر من نار" ثم كتب إلى الأحنف ألا يتجاوز النهر إلى ما بعده:
" أما بعد" فلا تجوزن النهر، واقتصر على ما دونه، وقد عرفتم بأي شيء دخلتم على خراسان، فداوموا على الذي دخلتم به يدم لكم النصر، وإياكم أن تعبروا فتنفضوا".
ثم جمع عمر الناس وخطبهم خطبة عظيمة قال فيها: "إن الله قد أهلك ملك المجوسية وفرق شملهم، فليسوا يملكون من بلادهم شبرا يضر بمسلم، ألا وإن الله قد أورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأبناءهم لينظر كيف تعملون. والله بالغ أمره ومنجز وعده ومتبع آخر ذلك أوله، فقوموا في أمره على رجل يعرف لكم بعهده، ويؤتكم وعده، ولا تتبدلوا ولا تتغيروا، فيستبدل الله بكم غيركم ، فإني لا أخاف على هذه الأمة أن تؤتي إلا من قبلكم"!
أما فتح عاصم بن عاصم التميمي، فقد كانت وجهته سجستان (ولاية كبيرة تشمل اليوم منطقتي (راجستان) و(سيستان)، ومن مدنها (قندهار) وسجستان بذلك أعظم من (خراسان) وأبعد فروجا، وعلى الرغم من ذلك استطاع عاصم أن يحقق النصر، ودخل ولاية سجستان، وبث جنده وسراياه، وفرض الحصار على من لم يستسلم منهم، إلى أن اضطروا إلى الصلح على أن تكون مزارع (سجستان) حمي لا يطؤها المسلمون، وبذلك فتحت ولاية (سجستان) ودخلت ضمن البلاد الإسلامية.
💫مصدر موقع التاريخ.
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55