#السيرة_النبوية :العهد المكي
المحـ10ــاضرة:[ إسلام عمر بن الخطاب ]
∫∫ الــحـ91ـلـقـة∫∫
_
💎 عمر بعد الإسلام
ولد عمر من جديد، كما ولد حمزة عملاقاً، فإن عمر أيضاً ولد عملاقاً
ولد عمر فقيهاً حازماً مضحياً، فأول كلمة قالها بعد الإسلام كانت:يا رسول الله! ألسنا على الحق؟ قال: بلى، قال: ففيم الاختفاء؟! وانتبه لما يقول: ألسنا على الحق؟ لا يقول: ألستم على الحق؟ فقد أصبح مسلماً، ويقترح عليهم آراء ويفكر لخدمة الدين، وينظر ما هو الأصلح، ويتحرك للدعوة، هذا هو عمر
الاختفاء كما هو معلوم كان لأسباب، فالرسول ﷺ كان يحسب كل شيء بدقة، يأخذ بكل الأسباب، أما الآن فعلى الرسول ﷺ أن يعيد حساباته مرة أخرى؛ لأن الوضع تغير من ثلاثة أيام مضوا، إن كان للاختفاء مزايا قبل ذلك فللإعلان أيضاً مزايا، فإيمان حمزة وعمر غير الوضع، والرسول ﷺ وافق على الإعلان؛ لأن اثنين من رجال المسلمين غيرا مسار الدعوة بكاملها
في هذه الفترة الحرجة سيبدأ إعلان الإسلام في مكة، ويظهر المسلمون الشعائر أمام الناس في مكة.
غير الرسول ﷺ كل المرحلة عندما دخل حمزة
وعمر في الدين، أخذوا القرار وخرجوا في نفس اللحظة في صفين: عمر على أحدهما، ولم يؤمن إلا منذ دقائق، وحمزة على الآخر، وما آمن إلا منذ ثلاثة أيام فقط
سارت الكتيبة العسكرية الإسلامية من دار الأرقم إلى المسجد الحرام أكثر الأماكن ازدحاماً في مكة، حتى يراهم أكبر عدد من قريش، رأت قريش المسلمين وأمامهم حمزة وعمر فأصابتهم كآبة شديدة، يقول عمر : (فسماني رسول الله الفاروق يومئذ.
نظر عمر إلى المسجد الحرام فلم يجد أبا جهل مع الناس، وهو أشدهم محاربة للإسلام، فقرر أن يذهب إليه في بيته، ويعلن له أمر إسلامه
يقول عمر :فأتيته حتى ضربت عليه بابه، فخرج إلي وقال: مرحباً وأهلاً يا ابن أختي، فقال عمر : جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد، وصدقت بما جاء به، قال عمر : فضرب الباب في وجهي، وقال: قبحك الله وقبح ما جئت به، لكن عمر كان سعيداً؛ لأنه كاد لـأبي جهل
وكان عمر يرى أنه ما زال هناك كثر لم يعلموا بعد بأمر إسلامه، ولن يذهب إلى كل واحد في بيته يخبره، فذهب لرجل اسمه جميل بن معمر الجمحي ، وهو كما يقول سيدنا عمر أنقل قريش لحديث. يعني: مثل وكالات الأنباء، لا يستطيع حفظ السر، لا يسمع شيئاً إلا ونقله للناس
فذهب سيدنا عمر إليه، وقال له: يا جميل ! لقد أسلمت، فنادى جميل بأعلى صوته قائلاً: إن ابن الخطاب قد صبأ، يعني: ارتد، لكن سيدنا عمر جرى وراءه، وقال له: كذبت ولكني أسلمت
المهم أن كل مكة علمت أن عمر قد دخل في دين الإسلام، وهذا هو المطلوب.
___
💎ردة فعل أهل مكة بعد إسلام عمر وحمزة ومساومتها للرسول:
اجتمع أهل مكة حول سيدنا عمر بن الخطاب وقاموا بضربه، فظل يضرب وهم يضربون حتى تعب رضي الله عنه وأرضاه وجلس على الأرض، وهو يقول:افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله أن لو كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا. يعني:اصبروا علينا حتى نصل إلى ثلاثمائة، وهذا الرقم الذي قاله هو عدد المسلمين في غزوة بدر
فـعمر من أول يوم أسلم فيه ضرب، وكأن الله يعرفه طريق الدعوة وهو لا يزال في أول أيام إسلامه، كل الناس التي تحملت هم الدعوة تعبوا، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة!
ومع أن عمر ضُرب في أول يوم من إسلامه إلا أن هذه كان ردة فعل استثنائية نتيجة للمفاجأة، ثم إن مكة رجعت للصواب فـعمر تخاف منه الناس، ويؤكد على ذلك كلام صهيب الرومي رضي الله عنه، يقول: لما أسلم عمر ظهر الإسلام، ودعي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقاً، وطفنا بالبيت، وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتي به
ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.
ومع أن وضع المسلمين تحسن بهذه الصورة، وأصبح أهل الإسلام يظهرون عباداتهم وشرائعهم في مكة، إلا أن الرسول ﷺ لم يعلن الحرب على قريش، ولم يبدأ في مواجهة عنترية مع صور الباطل في مكة، وما زالت الأصنام منتشرة في مكة، بل ما زالت الرايات الحمر للزانيات مرفوعة في مكة، والخمور تشرب، والمشركون يعبدون آلهة غير الله عز وجل، والقتال ممنوع على المسلمين، وهذا من فقه المرحلة.
ربما يتحمس الشباب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقوة والسلاح والعنف، يظنون أنهم في زمن التمكين والسيادة، وينسون أن الرسول ﷺ نفسه كف عن كل هذا في فترة مكة.
الجرأة لو حصلت من شباب المسلمين في فترة مكة على المشركين لا تعد شجاعة ولا جهاداً إنما تعد تهوراً وتسرعاً وجهلاً بفقه المرحلة، وميزان المسلمين ثقل بـحمزة وبـعمر لكن بحساب.
وهي رسالة إلى كل المتحمسين من الشباب، ممن يعيشون ظروفاً مشابهة لظروف مكة، وأيضاً من غير حمزة وعمر، ومع ذلك يحدث تهور واندفاع، أقول لهم: كم تخسر الدعوات من حماسة في غير موضعها تماماً، كما تخسر من روية في غير موضعها.
#يتبع...قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55