قناة

فيلق القدس الإلكتروني Force Electronic Quds

فيلق القدس الإلكتروني Force Electronic Quds
9.9k
عددالاعضاء
38
Links
Files
8
Videos
65
Photo
وصف القناة
《وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ》 فريق سيبراني إسلامي حر، لا نتبع لأي جهة ونعمل على مُناصرة المسلمين في كل مكان ونحارب العدو الصهيوني بالصاروخ الرقمي. contact us : @ForceElectronicQuds_bot #فيلق_القدس_الإلكتروني
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين المحـ35ـاضرة:
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ35ـاضرة: [ قوة الإسلام ]
        ∫∫‏  الــحـ365ـلـقـة ∫∫‏
_
💎 كيفية إسلام عثمان بن طلحة

بعد أن تحدثنا عن عمرو بن العاص وعن خالد بن الوليد سنتحدث عن عثمان بن طلحة ، فـعثمان بن طلحة رضي الله عنه وأرضاه من بني عبد الدار حامل مفتاح الكعبة، وإسلام عثمان بن طلحة يعتبر إضافة سياسية في منتهى القوة للدولة الإسلامية؛ فهؤلاء هم عمالقة مكة بالفعل، وعظماء مكة: خالد بن الوليد بن المغيرة ، وعمرو بن العاص بن وائل ، وعثمان بن طلحة العبدري رضي الله عنهم أجمعين،

هؤلاء الثلاثة من أعظم الفرسان في تاريخ مكة جميعاً، فكان هذا هو الحدث الهائل الذي حدث في صفر سنة ثمان، وهو من أعظم آثار الحديبية وعمرة القضاء مطلقاً، وآثار هذا الحدث ما زلنا نجنيها إلى هذه اللحظة، وسنظل نجني في هذه الآثار إلى يوم القيامة،

فهذا الحدث هائل لن تدركوا عظمته إلا بدراسة الفتوح الإسلامية، ورؤية الآثار العظيمة التي تركها هؤلاء العمالقة رضي الله عنهم وأرضاهم للإسلام والمسلمين.

في الدرس القادم -إن شاء الله- سوف نتعرف على بداية إسلام هؤلاء العمالقة الثلاثة، وما هو دورهم الفعّال المباشر في خط سير الدولة الإسلامية؟ وما هي أعظم المهمات التي قام بها كل من هؤلاء الثلاثة في تاريخ الإسلام وفي تاريخ الدولة الإسلامية؟

نسأل الله عز وجل أن يفقهنا في سننه، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}[غافر:44].
وجزاكم الله خيراً كثيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55
Forwarded From unknown
كُن سبباً في تصحيح المشوه من الإسلام | د.طارق السويدان
لمتابعة كل جديد أنضم👇
💐 منتدى سواعد الإخاء 🌹
https://t.me/manshurk
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين المحـ35ـاضرة:
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ36ـاضرة: [ نصر مؤتة ]
__
💎 #تمهيد

بعد التأمل الدقيق لما حصل في معركة مؤتة يجد المؤمن مدى معية الله عز وجل لعباده المؤمنين، ففي هذه المعركة غير المتكافئة يواجه ثلاثة آلاف من المسلمين مائتي ألف من الرومان ومن نصارى العرب، ومع ذلك يكون النصر حليف المسلمين، وهذا يدلنا دلالة واضحة على أن الله عز وجل ناصر دينه وعباده الصالحين، وأن النصر لا يخضع للقوة المادية، فعلى المجاهدين أن يبذلوا جهدهم ويصدقوا مع ربهم وسيكون النصر حليفهم.


💎 اهم العنواين الرئيسية:

-إرهاصات غزوة مؤتة
-الإجراءات التي اتخذها الرسول بين يدي غزوة مؤتة
-مهمة الجيش الإسلامي الخارج إلى مؤتة
-كثرة عدد الجيش الروماني وموقف الجيش الإسلامي
-احتمالات انتهاء المسلمين إلى خوض غمار الحرب
-مزايا وخصائص اختيار مكان معركة مؤتة
-معركة مؤتة
-خطة خالد بن الوليد في تدبير امر الجيش
-أقوال العلماء في نتائج معركة مؤتة
يتبع...
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين المحـ36ـاضرة:
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ36ـاضرة: [ نصر مؤتة ]
        ∫∫‏  الــحـ366ـلــقـة ∫∫‏
_
💎 إرهاصات غزوة مؤتة

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:فمع الدرس الثامن من دروس السيرة النبوية: العهد المدني فترة الفتح والتمكين.
وضح لنا في الدرس السابق أن الدولة الإسلامية في العام السابع من الهجرة كانت تسير من ارتفاع إلى ارتفاع، ومن مجد إلى مجد، فمن فتح خيبر إلى انتصارات متتالية على غطفان، إلى عمرة القضاء بكل أبعادها السياسية والدعوية، إلى إسلام أبطال مكة الثلاثة: خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وعثمان بن طلحة رضي الله عنهم أجمعين.

هكذا كانت الدولة الإسلامية، وكان الوضع يسير في تقدم ملموس واضح لكل الناس، لكن هذا النمو المتزايد لفت أنظار الكثيرين ممن لم تكن لهم علاقة مباشرة بالدولة الإسلامية، فأحسوا بخطر قيام هذه الدولة الفتية في المدينة المنورة، ومن ثم بدءوا في التحرش بالدولة الإسلامية، وتفاقم الأمر حتى وصل إلى إراقة دماء مسلمة.

هذه المشاكل في مجموعها كانت تأتي من شمال الجزيرة العربية، وشمال الجزيرة العربية كان موطناً لعدة قبائل كبرى من قبائل العرب، ومن أشهر هذه القبائل: لخم، وجذام، وبلقين، وبهراء، وبلى، وغسان، وقضاعة، وغيرها من القبائل، وكان الكثير من هذه القبائل يدين بالنصرانية، ويوالي الدولة الرومانية القريبة من هذه الأماكن، فالدولة الرومانية كانت تحتل بلاد الشام، ولها هيمنة على هذه المنطقة بكاملها، وزعماء هذه القبائل على عظمها كانوا عبارة عن مجرد عمال لـهرقل على بلادهم، كعادة الدولة الصغرى في التعامل مع الدولة العالمية العملاقة.

ولما بدأت الدولة الإسلامية في الظهور، وبخاصة بعد غزوة الأحزاب، بدأت هذه المنطقة الشمالية في التحرش بالدولة الإسلامية.

عندما نقوم بمراجعة سريعة لتاريخ هذه المنطقة، نجد أن الأمور تتصاعد وتنذر بصدام كبير بين قبائل المنطقة الشمالية من الجزيرة العربية وبين الرسول ﷺ في خلال السنتين السابقتين سنة ست وسبع من الهجرة،

وقد ذكرنا أنه في شهر جمادى الآخرة سنة ست اعترضت قبيلة جذام دحية الكلبي رضي الله عنه وأرضاه، وأنهم سلبوه كل ما كان معه من هدايا موجهة لرسول الله ﷺ ، وكان هذا سبباً في إرسال سرية زيد بن حارثة رضي الله عنه وأرضاه إلى منطقة حسمى، وتكلمنا عليها من قبل، وكانت سرية ضخمة عددها خمسمائة رجل، وهذه السرية هزت هذه المناطق وحققت نجاحاً كبيراً للمسلمين.

وأيضاً مر بنا رد هرقل لفكرة الإسلام مع إيمانه الجازم بصدق الرسول ﷺ ، إلا أنه ضن بملكه وآثر أن يكون ملكاً على أن يكون مؤمناً.

وأيضاً مر بنا موقف الحارث بن أبي شمر زعيم دمشق، وعزم هذا الرجل على تجهيز الجيوش لغزو المدينة لولا أن هرقل منعه كما ذكرنا.

كانت هناك حوادث كثيرة تنبئ عن قرب الصدام بين المسلمين وبين هذه المنطقة الشمالية.

أيضاً كانت هناك أحداث جديدة، فقد قامت قبيلة قضاعة في ربيع الأول سنة ثمان باغتيال مجموعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وعددهم خمسة عشر رجلاً، وكان على رأسهم كعب بن عمير الأنصاري أو عمرو بن كعب الغفاري رضي الله عنهم أجمعين.

اعترضت قبيلة قضاعة طريقهم وقامت بقتلهم جميعاً إلا رجلاً واحداً فقط، وهذه السرية التي خرجت للدعوة إلى الله عز وجل تعرف بسرية ذات أطلاح، وقد ذكرنا أن قبيلة قضاعة لم يكن لها علاقة سابقة بالمسلمين فاعتدت على مجموعة من رعايا الدولة الإسلامية.

ثم تفاقم الأمر جداً عندما أرسل الرسول ﷺ رسالة إلى عظيم بصرى بالأردن يدعوه فيها إلى الإسلام، وحامل الرسالة كان الحارث بن عمير رضي الله عنه، وهو في الطريق اعترض طريقه شرحبيل بن عمرو الغساني ، وهو عامل هرقل على منطقة البلقاء أيضاً في الأردن، وقيد الحارث بن عمير ثم ضرب عنقه.

وقتل الرسل جريمة شنيعة؛ لأن الأعراف كانت تقضي بعدم قتل الرسل، وكان هذا تجاوزاً خطيراً جداً من هذه القبائل، وكما ذكرنا أن معظم هذه القبائل كان يدين بالنصرانية ويتبع الدولة الرومانية.

بعد هذا الحدث زاد الأمر سوءاً، وبدأت الدولة الرومانية ونصارى الشام يتعقبون كل من أسلم ويقتلونه، حتى وصل الأمر إلى قتل والي معان في الأردن؛ لأنه كان قد أسلم، فقتلوه لإسلامه.

إزاء هذه الأوضاع المتردية كان لا بد للدولة الإسلامية من وقفة جادة للدفاع عن هيبة الدولة الإسلامية والثأر لكرامتها.

وقفة لتأمين حركة الدعاة المسلمين لهذه المناطق الشمالية من الجزيرة.
ووقفة لتأمين خط سير التجار المسلمين من وإلى الشام، فالموضوع خطير فعلاً.
يتبع...
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين المحـ36ـاضرة:
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ36ـاضرة: [ نصر مؤتة ]
        ∫∫‏  الــحـ367ـلــقـة ∫∫‏
_
💎 #تتمة إرهاصات غزوة مؤتة

ولو قامت هذه القبائل العربية أو الدولة الرومانية على مخارج ومداخل الجزيرة العربية الشمالية فسيضيقون على المدينة المنورة، ولا ننسى أن قريشاً في جنوب المدينة.

إذاً: عندنا الآن في الشمال مشكلتان كبيرتان: مشكلة الدولة الرومانية، والقبائل العربية المتحالفة معها التي معظمها قبائل نصرانية مثل: لخم، وجذام، وغسان، وغيرها من القبائل، وهذه مشكلة ضخمة كبيرة.

ومشكلة قبائل قضاعة الذين اعتدوا على خمسة عشر صحابياً رضي الله عنهم وأرضاهم وقتلوهم، وهذه القبائل أيضاً قبائل كبرى، ولكنها منفصلة عن القبائل المتحالفة مع الدولة الرومانية.

فهاتان المشكلتان لا بد من وقفة جادة معهما.
فالرسول ﷺ آثر أن يبدأ بواحدة تلو الأخرى، فبدأ ﷺ بمواجهة القبائل العربية المتنصرة الموجودة في الشمال؛ لأن هذه المناطق خطيرة جداً، ولأن أعداد هذه القبائل كبير، ولأن مساندة الدولة الرومانية لهم متوقعة؛ فهم حلفاؤهم، لذلك حرص الرسول ﷺ على تكوين جيش قوي جداً يستطيع أن يقوم بالمهمة على الوجه الأمثل.

💎الإجراءات التي اتخذها الرسول ﷺ بين يدي غزوة مؤتة

قام الرسول ﷺ بعدة خطوات مهمة لمواجهة قبائل الشمال المتحالفة مع الرومان:
📌أولاً: كون أكبر جيش إسلامي خرج من المدينة حتى تلك اللحظة، وعدد هذا الجيش ثلاثة آلاف مقاتل، فهو أكبر رقم يحارب في التاريخ الإسلامي إلى تلك اللحظة.

📌ثانياً: ولى على الجيش زيد بن حارثة رضي الله عنه وأرضاه، وزيد بن حارثة كان قد قضى فترة تدريبية هامة جداً في السنة السادسة من الهجرة، فقد قاد خمس سرايا متتالية، وكان زيد بن حارثة قد جاء إلى هذه المنطقة قبل ذلك، جاء إلى شمال الجزيرة العربية في سرية حسمى سنة ست، وكانت من السرايا الضخمة الكبيرة، فهو أعلم بهذه المنطقة من غيره من الصحابة.

📌ثالثاً: لم يجعل الرسول ﷺ لهذه الغزوة أميراً واحداً، بل عين ثلاثة من الأمراء، إن قتل واحد تولى الآخر، فقال: (إن قتل زيد فـجعفر بن أبي طالب ، وإن قتل جعفر فـعبد الله بن رواحة)،

وواضح من هذه التولية المتتالية للأمراء أن الرسول ﷺ كان يتوقع حرباً ضروساً في هذه المنطقة، حرباً يقتل فيها الأمراء الثلاثة، وهي المرة الأولى والأخيرة في حياته ﷺ التي يولي فيها ثلاثة من الأمراء على جيش واحد، ولعل ذلك كان بوحي من الله عز وجل.

📌رابعاً: أخرج الرسول ﷺ مع الجيش البطل الإسلامي الفذ خالد بن الوليد رضي الله عنه، ولم يكن مر على إسلام خالد إلا ثلاثة أشهر فقط، ولعل حداثة إسلام خالد بن الوليد رضي الله عنه هي التي منعت الرسول ﷺ من تولية خالد على ذلك الجيش؛ لأنه لا يعرف جنود المسلمين ولا يعرف طاقاتهم، كما أنه لم يختبر بعد مع الصف المؤمن، فهذه أول مهمة يختبر فيها خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه بعد أن أسلم.

ومهمة قيادة ثلاثة آلاف مسلم مهمة كبيرة، تحتاج إلى رجل له تاريخ مأمون مع المسلمين، وعمر خالد في الإسلام ثلاثة أشهر فقط، وعمره في الجاهلية أكثر من عشرين سنة، فلا بد من اختبار.

تجهز الجيش الإسلامي بهذه الصورة القوية، ومع أن المهمة صعبة والطريق طويلة جداً، أكثر من ألف كيلو من المدينة المنورة، والطريق في صحراء قاحلة، والخروج كان في حر شديد؛ لأن خروج المسلمين كان في جمادى الأولى سنة ثمان وهذا يوافق أغسطس سنة (629)م، يعني: في شدة الحر.

مع كل هذه المصاعب إلا أن معنويات الجيش الإسلامي كانت مرتفعة جداً، وخاصة أن الرسول ﷺ خرج بنفسه لتوديع الجيش، واستمر يمشي معهم حتى بلغ ثنية الوداع.
يتبع...
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين المحـ36ـاضرة:
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ36ـاضرة: [ نصر مؤتة ] 
∫∫‏ الــحـ368ـلــقـة ∫∫‏
____
💎 مهمة الجيش الإسلامي الخارج إلى مؤتة
حرص الرسول ﷺ أن تكون مهمة هذا الجيش واضحة تمام الوضوح، فالمسافات بين المدينة وبين الأردن كبيرة جداً، ولم تكن هناك فرصة للاستشارة أو أخذ الرأي، من أجل هذا حدد الرسول ﷺ مهمة الجيش في أمرين:
✍الأمر الأول: دعوة هذه القبائل إلى الإسلام كما ذكرنا أكثر من مرة، إسلامهم أحب إلينا من أموالهم، أحب إلينا من غنائمهم، فكان دائماً يقدم الدعوة ﷺ.
✍الأمر الثاني: قتال شرحبيل بن عمرو الغساني ومن عاونه؛ لأنهم قتلوا رسول رسول الله  الحارث بن عمير رضي الله عنه، ومع أن القتال كان لرد الهيبة والاعتبار، وانتقاماً لكرامة الدولة الإسلامية، وثأراً للحارث بن عمير رضي الله عنه، وتأديباً لـشرحبيل بن عمرو وقومه،
مع كل هذا إلا أن الرسول ﷺ حرص على ألا تخرج الحرب الإسلامية عن ضوابطها الشرعية، وحرص أن يلتزم المسلمون تماماً بأخلاقهم حتى في أشد حروبهم.
هذه صورة رائعة حضارية من أرقى الصور في التاريخ، قال لهم ﷺ عند خروجهم من المدينة كما روى أبو داود عن أنس رضي الله عنه، قال لهم: (انطلقوا باسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً، ولا صغيراً، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين).
وفي رواية مسلم زاد: (ولا تمثلوا) أي: بالجثث بعد القتل.
هذه هي الحرب في الإسلام، صورة راقية جداً تحتاج إلى تفصيل، لكن لا يتسع المجال لهذا الآن، لكن كل هذه النصائح وجهت لجيش خرج للانتقام لكرامة الأمة الإسلامية.
المهم في هذا المقام أن نذكر: أن هذا الجيش الإسلامي لم يكن خارجاً لحرب الدولة الرومانية؛ لأن إسلام الدولة الرومانية كان متوقعاً، أو على الأقل أن تبقى على الحياد؛ وذلك للاستقبال الطيب والحسن الذي قابل به هرقل دحية الكلبي رضي الله عنه، وللقناعة التي أظهرها هرقل برسول الله ﷺ، فكان من المتوقع أن تتغير قلوبهم للإسلام، وخاصة أنهم أهل كتاب، ومن النصارى،
فالرسول ﷺ بعث هذا الجيش لحرب شرحبيل بن عمرو الغساني الذي قتل رسول رسول الله، والجيش الإسلامي الذي خرج باتجاه شمال الجزيرة العربية يعتبر من الجيوش الكبيرة في عرف ذلك الزمن،
وخاصة أن القبائل العربية لم يكن من عادتها أن تتوحد في حروبها، وليس من المتوقع أن يلقى هذا الجيش الإسلامي جيوشاً أكبر منه بكثير، وهذه الخلفية لا بد أن نضعها في أذهاننا قبل أن نحلل موقعة مؤتة، حتى نعلم أن هذا الجيش لم يلق به إلى التهلكة أبداً، إنما كان بحسابات ذلك العصر من الجيوش القوية الضخمة.
وأيضاً من الخلفيات المهمة جداً لهذا الجيش: أنه كان جيشاً أخروياً بمعنى الكلمة، يعني: أن هذا الجيش بكامله كان من المؤمنين الصادقين الراغبين حقيقة في الموت في سبيل الله، المشتاقين حقيقة للشهادة في سبيل الله، الطامعين في الجنة، الخائفين من النار، كان جيشاً رائعاً بمعنى الكلمة.
عبر عن ذلك أحد أفراد هذا الجيش عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، لما خرج الجيش من المدينة المنورة بكى هذا القائد الجليل رضي الله عنه بكاءً شديداً، فظن الناس أنه خائف من الموت، فقالوا له: ما يبكيك يا ابن رواحة ؟ فقال: والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار.
يعني: أنا لست خائفاً من الموت، ولا خائفاً من البعد عنكم، لكن أنا خائف أن يكون مصيري النار، يقول: ولكني سمعت سمع الرسول ﷺ يقرأ قول الله عز وجل:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}[مريم:71]،
يقول عبد الله بن رواحة : فلست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود.
هذا يعبر عن مدى خشية وتقوى عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وأرضاه، مع جهاده وبذله بداية من بيعة العقبة الثانية، فقد كان من الخزرج في بيعة العقبة الثانية، ومروراً بكل المشاهد مع الرسول عليه الصلاة والسلام، فكان من أهل بدر، ومن الثابتين في أحد، ومن أهل الأحزاب، ومن أهل بيعة الرضوان، وهو من الذين عاشوا حياتهم يجاهدون بالسنان واللسان، فسيفه مرفوع في كل المعارك، ولسانه ينزل بالقوارع الشعرية على رءوس أعداء الإسلام،
ورأينا قبل هذا أنه كان يقول الشعر بين يدي الرسول ﷺ في عمرة القضاء في داخل الحرم، فتاريخه طويل جداً، وتاريخه مجيد فعلاً، ومع ذلك يخشى أن يسقط في النار إذا مر على الصراط.
فسماعه لهذه الآية العظيمة دفعه إلى أن يقول هذه الكلمة الإيمانية العظيمة: لست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود.
فالناس الباقون في المدينة قالوا له ولجميع الجيش: صحبكم الله ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين غانمين.
فهل هذه الأمنية كانت عند عبد الله بن رواحة رضي الله عنه أن يرده الله عز وجل إلى المدينة غانماً؟ أبداً لم تكن هذه أمنيته، إنما كان يريد أن يلقى الشهادة في سبيل الله عز وجل،
يتبع..
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين المحـ36ـاضرة:
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ36ـاضرة: [ نصر مؤتة ]
        ∫∫‏  الــحـ369ـلــقـة  ∫∫‏
___
💎 #تتمة مهمة الجيش الإسلامي الخارج إلى مؤتة:

لقد خرج عبد الله بن رواحة ليموت ولم يخرج ليعود، فرد عليهم عبد الله بن رواحة بشعر، هذا الشعر يعبر عن مشاعره ومشاعر الجيش الإسلامي الخارج إلى مؤتة، قال:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرع تقذف الزبدا

يعني: أسأل الله عز وجل مغفرة منه وضربة سيف شديدة جداً تخرج الدماء حتى تتفجر من جسدي، هذه أمنيته، أمنيته أن يضرب بالسيف حتى يموت.
أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي يا أرشد الله من غاز وقد رشدا

عندما مررت على قبر عبد الله بن رواحة ذكرني أحد أصحابي هناك أن أقول: أرشدك الله من غاز وقد رشدا.

صدق رضي الله عنه، فهذا الجيش كان يطلب الموت، ونحن تعلمنا أن الجيش الذي يطلب الموت توهب له الحياة، هذه قاعدة حقيقية، وهذه سنة ثابتة، وهي كلمة عميقة جداً قالها الصديق رضي الله عنه وأرضاه وكلنا نحفظها: احرص على الموت توهب لك الحياة.
فهذا الجيش كان حريصاً على الموت وسنرى كيف ستوهب له الحياة.

💎كثرة عدد الجيش الروماني ومن معه وموقف الجيش الإسلامي من ذلك:

وصل الجيش الإسلامي الكبير إلى منطقة معان بالأردن في رحلة طويلة شاقة، ووصل هناك في جمادى الأولى سنة ثمان، وعند وصول الجيش الإسلامي وجد هناك في انتظاره مفاجأة غير متوقعة،

وجد أن الدولة الرومانية قد ألقت بثقلها في هذا الصراع، فقد أعدت جيشاً هائلاً عدده مائة ألف مقاتل، وأعد العرب النصارى الموالين للرومان مائة ألف مقاتل أيضاً، فصار مجموع جيوش العدو مائتي ألف مقاتل، هذا رقم مهول لا يتصور، وخاصة أن الجيش الإسلامي ثلاثة آلاف مقاتل فقط، فماذا سيفعل أمام كل هذه الجيوش الجرارة؟

وتجمع الرومان بهذه الأعداد الهائلة أمر عجيب حقاً، ليس العجيب في أن الرومان كثرة، نحن تعودنا على هذه الأرقام في حروب الرومان، لكن العجب أن يجمع الرومان هذا العدد المهول لحرب ثلاثة آلاف مقاتل فقط.

ومن الممكن أنهم لم يدركوا عدد المسلمين فأعدوا عدداً يكافئ أي إعداد للمسلمين.
أو أنهم أدركوا فعلاً عدد المسلمين وأرادوا استئصال المسلمين تماماً؛ حتى لا تقوم لهم قائمة، لا مجرد هزيمة، بل استئصال.
أو لكون هرقل يدرك أنه يحارب نبياً فأراد أن يعد قوة خارقة لعله يهزم هذا الجيش المؤمن.

المهم أن الدولة الرومانية جهزت مائة ألف واستعانت بمائة ألف من العرب النصارى؛ لتحارب ثلاثة آلاف مقاتل مسلم، وإذا كان هذا التجمع غريباً من الرومان فهو كذلك أيضاً غريب من العرب؛ لأن العرب لم يكن من عادتهم التجمع والاتحاد، بل كان يحارب بعضهم بعضاً، لم تجمعهم قضية مطلقة من قبل ومع ذلك جمعوا مائة ألف في موقعة واحدة.

هذا الموقف له تفسير واحد، وهذا التفسير هو إشارة هرقل لهم بالنهوض معهم؛ لأن الكثير من القبائل والدول العربية لا تتحرك عند داعي القتال إلا إذا أخذت إذناً من القائد الأعظم للدولة الأولى في العالم، عندها يهب الجميع لتنفيذ الأمر كأنهم إلى نصب يوفضون.

لقد تجمع في أرض معان مائتا ألف مقاتل غالبهم من النصارى سواء من الرومان أو من العرب ينتظرون قدوم الجيش الإسلامي من المدينة المنورة، وإزاء هذا الوضع الخطير عقد المسلمون مجلساً استشارياً، مثل عادتهم دائماً، وبدءوا في تبادل الرأي، وخرجوا بثلاثة آراء:

📌الرأي الأول:أن يرسل المسلمون رسالة إلى الرسول ﷺ في المدينة المنورة يخبرونه بأن الأعداد ضخمة وهائلة، إما أن يمدهم بمدد، وإما أن يأمرهم بقتال، أو يأمرهم بانسحاب،

لكن هذا الرأي لم يكن واقعياً؛ لأن المسافة بين معان وبين المدينة لا تقطع إلا في أسبوعين على الأقل ذهاباً فقط، معنى هذا: أن الجيش سينتظر شهراً كاملاً قبل أخذ القرار، وهذا مستحيل، وإن قبل المسلمون بذلك لم تقبل قوات التحالف الرومانية العربية.

📌الرأي الثاني:أن زيد بن حارثة رضي الله عنه قائد الجيوش ينسحب بالجيش ولا يدخل في أي قتال، وقال أصحاب هذا الرأي لـزيد بن حارثة : قد وطئت البلاد وأخفت أهلها فانصرف، فإنه لا يعدل العافية شيء. فأصحاب هذا الفريق يرون أن هذه الحرب مهلكة ولا داعي لدخولها.

📌الرأي الثالث:الدخول في المعركة دون تردد،
يتبع...
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين المحـ36ـاضرة:
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ36ـاضرة: [ نصر مؤتة ]
        ∫∫‏  الــحـ370ـلـقـة  ∫∫‏
___
💎 #تتمة كثرة عدد الجيش الروماني ومن معه وموقف الجيش الإسلامي من ذلك

📌الرأي الثالث:الدخول في المعركة دون تردد، ومواجهة هذه الأعداد المهولة في الحرب الفاصلة. وكان صاحب هذا الرأي عبد الله بن رواحة، فقد قام وقال في منتهى الوضوح: يا قوم! والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون: الشهادة. يعني: ما تخافون منه الموت وهو الذي نريده، وهو الذي خرجنا من أجله.

قال: إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون: الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور، وإما شهادة.

كان كلامه في منتهى الوضوح، فقد لخص في كلمته القصيرة جداً أساسيات الجهاد في سبيل الله، فالجيش المسلم المؤمن جيش يطلب الشهادة ويحرص عليها، والنصر لا يأتي بعدد ولا عدة، إنما يأتي من عند الله عز وجل، وليس معنى هذا أن يترك المسلمون الإعداد، لا، ولكن يجب أن يفعلوا ما عليهم والله عز وجل بعد ذلك ينصرهم، وفعلاً قام المسلمون وأعدوا ما عليهم في حدود الطاقة، أعدوا جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل، وهذا شيء كبير جداً بالنسبة لهم.

ونستنبط من كلام عبد الله بن رواحة أن العدة الرئيسة للمسلمين في القتال هي دين الإسلام، قال: وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به.
وأيضاً نأخذ من كلامه أن المعركة عند المسلمين لا تخلو من أمرين: إما نصر وإما شهادة، أما الرضا بالهزيمة فليس اقتراحاً مطروحاً عند المسلمين، بل هو مرفوض.

ولما قال عبد الله بن رواحة هذه الكلمات قال الناس جميعاً: صدق -والله- ابن رواحة . يعني: اجتمعوا جميعاً على قرار القتال، ولنا مع هذا القرار وقفة.

لا شك أن إقدام الصحابة على هذا الأمر بهذه الصورة الجماعية لهو خير دليل على أنهم طلاب آخرة وليسوا طلاب دنيا، وأن الصدق والإخلاص والتجرد يملأ قلوبهم جميعاً، وأن شجاعتهم بالغة، وأن قوتهم النفسية والقتالية فوق حدود التصور، لا شك في كل ذلك، لكننا نريد أن نفهم قرار الحرب هذا في ضوء القياسات المادية التي رآها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، هل كان قرار الحرب هذا قراراً صائباً؟

الإجابة بسرعة قبل أن يذهب الذهن هنا أو هناك: نعم، كان صائباً ولا شك في ذلك، بدليل أن الرسول ﷺ لم يعلق أي تعليق سلبي على هذا الأمر، ولم يعنف الصحابة لا من قريب ولا من بعيد على أمر هذا القتال، ولا ذكر أنه كان الأولى ألا يقاتلوا، والرسول ﷺ لا يسكت على منكر، فسكوته صلى الله عليه وسلم إقرار، وإقراره سنة،

يعني: لو تعرض المسلمون للضرر بكل تفصيلاته فإن قرار الحرب آنذاك سيكون قراراً صائباً، لكن كيف الجمع بين هذا القرار وبين عدم جواز إلقاء الجيش الإسلامي في تهلكة،

هذا القرار الذي أشار به عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وأرضاه لم يلق أي معارضة من الجيش، مع وجود طاقات عسكرية هائلة في هذا الجيش، وعلى رأسهم البطل الإسلامي الفذ خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه،

ونحن عرفناه عبقرياً وعرفناه واقعياً لا يرى بأساً في الانسحاب إذا رأى أن الحرب مهلكة، وهذا الجيش الإسلامي الكبير ليس ملكاً لأفراد بعينهم، إنما هو ملك الدولة الإسلامية، ليس ملكاً لأفراد يضحون به إن شاءوا ذلك، وحب الشهادة أمر عظيم جداً، لكن إن غلب على ظن القادة أن الجيش سيهلك بكامله يصبح الإقدام مفسدة، إذ كيف يضحي القادة بثلاثة آلاف مقاتل هم كل عماد الدولة الإسلامية في ذلك الوقت
يتبع...
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين المحـ36ـاضرة:
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ36ـاضرة: [نصر مؤتة]
  ∫‏الــحـ371ـلـقـة∫
__
💎 احتمالات انتهاء المسلمين إلى خوض غمار الحرب
يرى المسلمون أن القتال أمر ممكن، وأن النصر أمر محتمل، وأن الوسيلة واقعية جداً لمجابهة الظرف الصعب الذي وضعوا فيه، لكن كيف يكون أمراً واقعياً أن يلتقي ثلاثة آلاف بمائتي ألف؟
تفسير هذا الكلام عندي بثلاث احتمالات:
📌الاحتمال الأول:أن المسلمين لم يحصروا أعداد المقاتلين الرومان والعرب حصراً دقيقاً، وإنما قدروهم مثلاً بخمسة أو عشرة أضعافهم أو أكثر من ذلك بقليل أو أقل من ذلك، فوجدوا أن القتال مع صعوبته ممكن مع هذه الأعداد، وكل معارك المسلمين السابقة كانت بأعداد أقل بكثير من أعداد المشركين،يقول الله في كتابه:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ }[البقرة:249]
وذكر سبحانه وتعالى أيضاً في سورة الأنفال:أن الجيش المؤمن قادر على مواجهة عشرة أضعافه إن كان قوي الإيمان حقاً، قال تعالى:{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ}[الأنفال:65]
نعم نزل التخفيف بعد ذلك وجعل المسلم باثنين من الكفار، لكن من الممكن أن يصل المسلم الواحد إلى عشرة من الكفار، بل قد يزيد على ذلك ويصبح الرجل بألف من الكفار، كما قال الصديق في حق القعقاع بن عمرو التميمي، وفي حق عياض بن غنم، وكما قال عمر بن الخطاب في حق عبادة بن الصامت والزبير بن العوام ومسلمة بن مخلد والمقداد بن عمرو رضي الله عنهم قال: إن الواحد منهم بألف
وهذا الجيش الإسلامي في مؤتة من المؤمنين الصادقين، والواحد فيهم يوزن بعشرات بل مئات من الكافرين، من أجل ذلك كان قرار الحرب مقبولاً عند المسلمين، وخاصة أنه من المحتمل أنهم قدروا أعداد النصارى بعشرين أو ثلاثين ألفاً فقط، وليس أكثر من ذلك، وهذا أمر محتمل؛ لأن تقدير هذه الأرقام المهولة قد يكون مستحيلاً في هذه الظروف، وخاصة أنهم في أرض مجهولة للمسلمين لا يعرفون خباياها ولا كمائنها ولا طرقها ولا غير ذلك
إذاً:هذا احتمال، هو أنهم قدروا أعداد الرومان والعرب بأقل من عددها الحقيقي
📌الاحتمال الثاني:قد تكون هناك مبالغة في أعداد الرومان والعرب، وإنما هم أقل مما ذكر من الأرقام المهولة التي ذكرت في الكتب، يعني:لم يصلوا مائتي ألف، لكن لا شك أنهم كانوا أضعاف أضعاف المسلمين.
📌الاحتمال الثالث وهو مهم جداً:هو أن قادة المسلمين وجدوا أن الانسحاب لن ينجيهم من جيوش التحالف الرومانية العربية، وأنه إن بدأ الجيش الإسلامي في الفرار فقد يحاصر من كل الجهات، وفي هذه الحالة ستكون المعركة عبارة عن مجزرة حقيقية للجيش الإسلامي بكامله، فكان الأفضل الثبات والمقاومة؛ لأن هذا سيعطي دفعة نفسية إيجابية للجيش المسلم في أن يهاجم ويخطط لهزيمة الآخرين بدلاً من أن يفكر في الهرب والدفاع فقط، والعكس سيكون بالنسبة لقوات التحالف الرومانية العربية، فهذه القوات قد تهتز من رؤية أناس يطلبون الموت.
وقد يكون الانسحاب في معركة من هذا القبيل نجاة للطرف المسلم، ويؤيد هذا الكلام أن الانسحاب مشروع، ذكره سبحانه وتعالى في كتابه بوضوح كما في سورة الأنفال، قال الله:{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[الأنفال:16]
في هذه الآية حدد ربنا سببين للانسحاب لا يأثم المسلم فيهما:
✍الأول:أن ينسحب بخطة حربية ليعاود الحرب من جديد.
✍الثاني:أن تعود فرقة من الجيش إلى جيشها؛ لكي تستعد بصورة أكبر للقتال، ثم تعاود القتال من جديد، وفئة المسلمين في هذه المعركة كانت في المدينة المنورة، فانسحاب الجيش الإسلامي سواء إلى الأردن أو إلى الجزيرة العربية، أو حتى عودته إلى المدينة المنورة ليس فيه خطأ شرعي، ولذلك كان أخذ الصحابة بهذا الرأي أمراً ممكناً إن وجدوا أنه يفيد المسلمين.
وعلى العكس؛ ليس من المقبول شرعاً أن يدخل المسلمون في معركة وهم يعلمون أنهم جميعاً سيستشهدون ويفنى الجيش الإسلامي بكامله، لأن هذا يعد تهوراً وليس إقداماً
ومن هنا نقول:إن الجيش الإسلامي وجد أنه لا أمل في الانسحاب ولا نجاة في الفرار، وأنه يجب عليهم أن يواجهوا هذا الظرف برجولة؛ لكي يخرجوا منه على الأقل بأقل خسائر ممكنة، ومن ثم كان قرار الحرب وعدم الانسحاب
كذلك نضيف أن سمعة الدولة الإسلامية كانت ولا شك ستتأثر سلباً إذا انسحب الجيش الإسلامي من المعركة، بعد أن قطع كل هذا الطريق الطويل مسافة (1000)كيلو، ومن ثم كان قرار الحرب حافظاً لكرامة الدولة الإسلامية.
إذاً:أخذ المسلمون قرار الحرب بشورى أو قل بإجماع، وانطلقوا ليختاروا مكاناً مناسباً للقتال قبل أن يختار الرومان،
يتبع...
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين المحـ36ـاضرة:
#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ36ـاضرة: [ نصر مؤتة ]
        ∫∫‏  الــحـ372ـلـقـة  ∫∫‏
____
إذاً:أخذ المسلمون قرار الحرب بشورى أو قل بإجماع، وانطلقوا ليختاروا مكاناً مناسباً للقتال قبل أن يختار الرومان، وبالفعل وصل المسلمون إلى منطقة مؤتة فقرروا إقامة المعسكر هناك والاستعداد للقتال، ومنطقة مؤتة في الأردن جنوب محافظة الكرك الآن،

💎مزايا وخصائص اختيار مكان معركة مؤتة

مكان معركة مؤتة عبارة عن سهل منبسط ليس فيه جبال ولا عوائق طبيعية من مياه أو أشجار أو أي شيء، وفيه من المزايا ما ييسر على المسلمين عملية القتال.

✍أولاً: كونه سهلاً منبسطاً يحرم الفريقين من المناورة ومن وضع الكمائن. يعني: لو أتيح للرومان فعل الكمائن والمناورات لكان هذا الفعل مصيبة بالنسبة للجيش الإسلامي.

✍ثانياً: أنه عبارة عن أرض صحراوية، والعرب قد اعتادوا على القتال في الأرض الصحراوية، بخلاف الجيوش الرومانية التي اعتادت على القتال في الأراضي الخضراء في الشام وفي تركيا وفي الأراضي الكثيرة الأشجار.

✍ثالثاً: السهل مفتوح من جنوبه على الصحراء الواسعة، فالرومان لا تجرؤ على التوغل في هذه الصحراء، وبهذا يقدر الجيش الإسلامي أن ينسحب إذا أراد الانسحاب.

✍رابعاً: في جنوب السهل خلف الجيش الإسلامي بعض التلال، فمن الممكن أن تستغل هذه التلال في إخفاء الجيش الإسلامي وراءها إذا أراد الانسحاب ليلاً.

✍خامساً: هذا السهل ليست به أي عوائق طبيعية كما ذكرت، ليس هناك أي نوع من الحماية للجندي إلا أن يحتمي وراء سيفه ودرعه، ومن ثم في هذا المكان المفتوح سيظهر أثر الشجاعة والإقدام والتجرد، وهذا الجانب بلا شك يتفوق فيه الجانب الإسلامي تماماً.

الجنود في الجيش الإسلامي يقاتلون على قضية هامة، وعندهم هدف سام جداً، فهم يبحثون عن الموت في سبيل الله، بينما يفتقد جيش الرومان هذا الهدف، فجنود الرومان كالقطيع من الحيوانات لا يدري لماذا يقاتل، ولا يدري ماذا يجني من وراء القتال، وإنما إذا جاء الأمر من القيادة العليا بالقتال فليس عليهم إلا التنفيذ، وإن كان هناك نصر فالذي سيحتفل بالنصر والذي سيسعد به هم القادة والقيصر، وإن كان هناك هزيمة فالجنود هم الذين سيدفعون الثمن من أرواحهم وأبدانهم.

هذا كان شأن الجيوش الرومانية وهو شأن كل الجيوش العلمانية في العالم اليوم.
أما العرب النصارى المشاركون في المعركة فلم يشاركوا فيها إلا طاعة لـهرقل لا حباً في القتال، ولا يرغبون في ثواب ولا جنة، منتهى أحلامهم أن يرضى عنهم هرقل ، وشتان بين من يبحث عن رضا هرقل وبين من يبحث عن رضا رب العالمين سبحانه وتعالى، بين من يقاتل ليعيش، وبين من يقاتل ليموت.

إن اختيار الأرض المنبسطة بهذه الصورة ستجعل اليد العليا للشجاع على الجبان، وللمقدم على المدبر، وهذا كله في صالح المسلمين، واقتربت ساعة الصفر.
يتبع...
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55