#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ40ـاضرة: [ يوم حنين ]
∫∫ الـحـ415ـلـقـة ∫∫
___
💎 بين يدي غزوة حنين
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:فمع الدرس الثاني عشر من دروس السيرة النبوية: العهد المدني فترة الفتح والتمكين.
تحدثنا في الدروس السابقة عن الفتح العظيم فتح مكة، وإسلام معظم أهل مكة، وإضافة قوة هائلة للدولة الإسلامية، قوة مكة، وهي ليست قوة بشرية أو اقتصادية فقط، بل في الأساس قوة دينية واجتماعية وسياسية وأدبية، فحين أصبحت الكعبة المشرفة في يد المسلمين، فإنه لا يخفى أثر ذلك على العرب الذين كانوا يعظمونها جداً حتى في زمان الجاهلية، وعادت إلى المسلمين الكثير والكثير من أملاكهم المسلوبة،
ومن جديد توثقت العلاقات بين الأسر التي فرقت الهجرة إلى المدينة وقبلها إلى الحبشة بينها وبين بقية أفرادها في مكة المكرمة، وأصبح للمسلمين وضع متميز ألقى الرهبة في قلوب كل العرب، وبدأت الكثير من القبائل تحسب للمسلمين ألف حساب.
ليس من السهل أن تهزم قريش، ليس من السهل أن تفتح مكة، ليس من السهل أن يقبل سدنة الأصنام وكهنة هبل والعزى ومناة أن يدخلوا في الإسلام.
💎دوافع تجمع قبائل هوازن لمقاتلة الرسول ﷺ وأصحابه بحنين:
لقد كان فتح مكة فتحاً مجيداً بكل المقاييس، ومع أن هذا الفتح دفع الكثير من أهل الجزيرة إلى التفكير في الإسلام، إلا أن هناك بعض القوى الأخرى في الجزيرة العربية أخذت موقفاً معادياً جداً من الإسلام ومن الدولة الإسلامية، فقد شعرت وأحست أن هذا النمو اللافت للنظر للدولة الإسلامية معناه اقتلاع القبائل الأخرى خلال زمن قليل، من أجل ذلك بدأت هذه القبائل في إعداد العدة لحرب الدولة الإسلامية، قبل أن يتفاقم الوضع ويصبح خارجاً عن السيطرة، فكان من أخطر القبائل التي أخذت هذا النهج وهذا الأسلوب قبيلة هوازن.
يعلم الجميع مدى الروح القبلية عند العرب، ومدى انتماء كل فرد لقبيلته بغض النظر عن الحق أو العدل، وكان هذا من الأمراض الخطيرة التي حاربها الإسلام منذ اللحظة الأولى لنزول الرسالة.
من أجل أن نفهم قصة هوازن مع المسلمين لا بد أن نرجع قليلاً إلى ذاكرة التاريخ، من أجل أن ندرس جذور هذه القبيلة وعلاقة هذه القبيلة بقريش.
ينقسم العرب بصفة عامة إلى قسمين رئيسيين: ينقسمون إلى عدنانيين وقحطانيين، العدنانيون ينقسمون إلى: ربيعة، ومضر، ومضر تنقسم إلى: إلياس وعيلان، وقبيلة قريش تأتي من فرع إلياس بعد تفرعات كثيرة، وتأتي قبيلة هوازن من عيلان أيضاً بعد تفرعات كثيرة، وكلما بعدت الأنساب ازدادت الحزازيات بين القبائل، ويفقد الناس الشعور بالرحم التي ينتمون إليها.
إذا كان يحصل تنافسات وصراعات بين البطون القريبة من بعضها البعض بسبب القبلية، فما بالك لو كانت القبائل بعيدة الأنساب عن بعضها البعض؟
يعني مثلاً: كلنا يعلم ما كان يحدث من صراع بين بني هاشم وبني مخزوم، ومخزوم وقصي كانا أولاد عم مباشرة، ومخزوم هو الذي جاء منه قبيلة بني مخزوم، وقصي الذي جاء منه بنو هاشم بعد ذلك، ومع ذلك كان الصراع شديداً بين القبيلتين، تنافس قبلي، وقد يصل الأمر إلى المنافسة العسكرية الدموية.
كذلك كلنا يعلم الصراع بين الأوس والخزرج مع أن الاثنين أولاد حارثة بن ثعلبة من فروع قحطان، لكن داء القبلية كان يعصف بالجزيرة العربية.
والرسول ﷺ من قريش؛ فلهذا القبائل البعيدة عن قريش ستفكر في الإسلام بصورة أكثر تحفظاً من القبائل القريبة من قريش، فهذا أبو جهل لم يرض أن يدخل الإسلام من أجل القبلية، مع أنه قريب من الرسول ﷺ.
عندما نرجع لشجرة الأنساب مع وضع النظرة القبلية هذه سنفهم أحداثاً كثيرة جداً في السيرة، ستجد مثلاً أن القبائل البعيدة جداً عن قريش هي من أواخر القبائل التي أسلمت، ومن أشد القبائل قسوة على المسلمين، فأبعد الفروع عن قريش هي الفروع التي خرجت من قحطان، فهؤلاء لم يسلموا إلا متأخرين مثل: قبائل قضاعة، طي، مذحج، بجيلة..
ومنهم من كان شديداً جداً على المسلمين مثل: بني لحيان، لكن يشذ عن هذه القاعدة قبائل الأوس والخزرج فقد أسلموا قديماً، ويبدو أن ذلك للجذور اليمنية لهذه القبائل، ثلاث قبائل: الأوس والخزرج وأسلم من قبيلة الأزد اليمنية.
وأهل اليمن يتميزون برقة القلب وقوة العاطفة، يقول: الرسول ﷺ :(أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوباً) رواه البخاري ومسلم .
إذاً: فروع قحطان كانت من أواخر القبائل إسلاماً، باستثناء الأوس والخزرج وأسلم.
أيضاً من الفروع البعيدة جداً عن قريش ربيعة، فربيعة هي الفرع الموازي لمضر،
يتبع...
_____
📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55