#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ42ـاضرة: [ اسلام هوازن ]
∫∫الـحـ445ـلـقـة∫∫
___
💎
#تتمة كيف تعامل الرسول مع الأنصار في موقفهم من توزيع غنائم حنين:
قال ﷺ:(ما مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها علي في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداءً فألف الله بين قلوبهم؟) ها هو يعدد النعم بكل وضوح هذه نعم ثلاث من نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى
هل هذه النعم أثقل أم المائة ناقة التي أخذها هذا أو ذاك؟!
أحياناً عندما يفقد الإنسان شيئاً يفكر فيه وينسى كل ما لديه من الأشياء الأخرى
فالرسول ﷺ بدأ يعدد عليهم هذه النعم وبدأ بواحدة لا يعدل بها شيء، (ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله؟) هل نسيتم يوم دعوتكم للإسلام وكنتم تسجدون لأصنام صنعتموها بأيديكم؟
نسيتم كيف كانت أحلامكم؟ وكيف كانت حياتكم؟ وكيف كانت نظراتكم للحياة بصفة عامة؟
نسيتم الجاهلية؟!
نسيتم التربية الإسلامية لكم يوماً بعد يوم وسنة بعد سنة؟!
نسيتم كيف انتقلتم بالإسلام من الظلمات إلى النور؟!
نسيتم كيف صار لكم ذكر وشأن ليس في الجزيرة فقط بل في العالم أجمع وليس في زمانكم فقط بل وإلى يوم القيامة؟!
أليست هذه مكاسب واقعية؟!(آلم آتكم ضلالاً فهداكم الله؟)
وأنتم لم تربحوا فقط الآخرة لقد غمرتكم النعم أيضاً في الدنيا.(آلم آتكم عالة فأغناكم الله؟).
ها أنتم الآن دولة لها كيان ومركز ومكانة لكم جيوش هنا وهناك لكم معاملات مع جميع العرب لكم انتصارات مع دول العالم لكم تجارة هنا وهناك لكم صولات وجولات وغنائم وانتصارات أهكذا كان وضعكم قبل الإسلام؟! يثرب قبل الإسلام كانت مدينة عادية بسيطة جداً ليس لها تأثير على حياة العرب فضلاً على حياة العالم.
ثم قال بعد ذلك:(ألم آتكم أعداء فألف الله بين قلوبكم؟) أنسيتم حروبكم الدامية؟
أنسيتم دماء الأوس والخزرج التي سالت أعواماً على أرض يثرب؟!
أنسيتم يوم بعاث؟!
أنسيتم الكراهية والحقد والضغينة التي كانت تملأ قلوبكم قبل الإسلام؟!
من المؤكد أن الجميع لم ينس ذلك الأمر هذا هو النصف المملوء من الكوب فلماذا نظرتم إلى النصف الفارغ وتركتم هذه النعم والإيجابيات؟!
الحقيقة هذه كلمات ثقيلة جداً وقعت كالصخر على أسماع الأنصار رضي الله عنهم ردتهم إلى أرض الواقع
لم يجد الأنصار إلا أن يقولوا:(لله ولرسوله المن والفضل)
أذهلتهم الكلمات وأثقلتهم النعم لكن الرسول الحنون ﷺ نظر إليهم بحب وعطف وإشفاق مقدراً لموقفهم لكن كان لا بد أحياناً أن يكون العلاج مؤلماً جداً
والأنصار ما زالوا في حالة صمت بعد هذه الكلمات يمنعهم أدبهم من ذكر أفضالهم على الدولة الإسلامية ويمنعهم كذلك اقتناعهم أن الإسلام نعمة لا يعدلها شيء لكن الرسول ﷺ كان مشفقاً عليهم جداً فقال لهم في حنان ظاهر:(ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟!) ما ردكم على هذا الكلام
فرد الأنصار بأدب جم وبصوت منخفض قالوا: (بماذا نجيبك يا رسول الله؟! لله ولرسوله المن والفضل) يعني:نعترف بكل ما قلت وما أخذناه أكثر بكثير مما منع منا وبعد ذلك خاطبهم بوسيلة أخرى من وسائل علاج مثل هذه الأزمات الكبيرة وهي وسيلة رفع الروح المعنوية للطرف صاحب الأزمة وإشعاره بقيمته وإقناعه بأن القائد مقدر قيمته ومقدر جهده ولا يجحد فضله قال ﷺ في تواضع وهو يرفع جداً من قيمة الأنصار:(أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدّقتم:أتيتنا مكذباً فصدقناك ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك وعائلاً فأغنيناك)
يعني:إن كان أدبكم أيها الأنصار يمنعكم من ذكر فضلكم علي أنا شخصياً لا أنكره ولا أجحده بل أعترف به وأقدره بغيركم لم تكن هناك دولة وبدونكم لم يكن هناك نصرة صدقتموني ونصرتموني وآويتموني وأغنيتموني فأحس الأنصار حينها بحرج شديد من هذه الكلمات ولم ينطقوا بكلمة
فاستغل ﷺ هذا الصمت ودخل مباشرة في وسيلة ثانية جميلة جداً وهي تهوين حجم الخسارة في عيون الناس وهذه الأزمة التي تظنون أنها أزمة ليست أزمة وإنما هي شيء يسير جداً قال ﷺ في رقة شديدة:(أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا) (لعاعة) يعني:شيء يسير جداً (تألفت بها قوماً ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم)
وبعد ذلك دخل في وسيلة أخرى مهمة جداً إنها وسيلة تحريك عواطف الأنصار ونداء المشاعر المرهفة التي يتميز بها الأنصار قال:(أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله ﷺ إلى رحالكم)
يعني:إن كانوا هم قد كسبوا النوق والشياه فأنتم قد كسبتم رسول الله ﷺ، {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا }[مريم:73]
ثم أقسم ﷺ(فوالذي نفس محمد بيده! لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار)
ثم بدأ ﷺ يدعو قال:(اللهم! ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار. فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم) يعني:ابتلت لحاهم رضي الله عنهم بالدموع.
#يتبع... قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55