💎[الـحـ6ـلـقـة]
أما الفرنسيون والإنجليز، فلم ينتهوا من الاستعداد للحملة حتى صيف 1190، وفي 4 يوليو 1190، عبر ريتشارد وحاشيته مضيق المانش، واجتمعت الفصائل الإنجليزية والفرنسية في مدينة فيزليه، ولكن القوات انفصلت وتوجه الفرنسيون إلى جنوة والإنجليز إلى مرسيليا حيث كان أسطول ريتشارد المكون من 200 سفينة ينتظر بعد التفافه حول إسبانيا، ومن هناك انطلق الجيشان إلى صقلية، حيث وصلوا في سبتمبر من عام 1190، وقرروا قضاء الشتاء هناك، وفي تلك الفترة، كان ريتشارد يعمل لأجل توسيع نفوذه بالسيطرة على صقلية، مما أدى إلى تردي العلاقات بين قائدي الجيشين.
بعد حوالي ستة أشهر في صقلية، أبحر فيليب الثاني من مسينا في 30 مارس 1191 م، ولحق به حليفه الذي لم يعد رفيق طريقه بعد 10 أيام، فمضى الفرنسيون إلى صور، أما ريتشارد فاحتل في طريقه جزيرة قبرص، الأمر الذي أصبح ذا أهمية كبرى فيما بعد، فإن ممالك الصليبيين لم تكن لتصمد لمئة سنة أخرى إلا بفضل الدعم العسكري من قبرص.
قام الصليبيوون بحصار عكا، فكان الفرنسيون وفصائل الأسياد المحليين والألمان والدينماركيون والفلمنكيون الإيطاليون، واستمر حصار هذه القلعة المنيعة أشهراً، ساهم في طول هذا الحصار الخلاف الداخلي في صفوف الصليبيين، ووصل ريتشارد إلى عكا في 7 يونيو 1191، وفي 11 يوليو 1191 م، بدأ هجوم عام، كان ريتشارد من اقترحه، وفي اليوم التالي استسلمت المدينة التي أنهكها الحصار المديد، وجرت مذبحة بأمر ريتشارد وتحت قيادته في عكا، قتل فيها رجاله أكثر من ألفي مسلم أخذوهم من صلاح الدين بعد فتح عكا كرهائن.
وتلى ذلك محاولات قادها ريتشارد لاحتلال مدن أخرى، باءت بالفشل وجسّدت ريتشارد في صورة بنزعة إلى سفك الدماء، وفي 2 سبتمبر 1192 عقد الصلح مع صلاح الدين بما عرف بصلح الرملة، واحتفظ الصليبيون بشريط ساحلي يمتد من صور إلى يافا، ويحكم المسلمون بقية المناطق في بلاد الشام من ضمنها القدس، وسمح صلاح الدين للحجاج والتجار بزيارة القدس.
💫جيش فريدريك بربروسا
دخل صلاح الدين الأيوبي القدس عام 1187 م ، وبذلك عادت كل مدن فلسطين للمسلمين إلا ميناء صور الذي كان تحصينه قوياً ويتولي الدفاع عنه القائد الصليبي الذكي كونراد ديمونفرات. و كان سقوط القدس في أيدي المسلمين كفيل بإهاجة عروش أوروبا كلها والكنيسة المسيحية، وخرج ثلاثة من أكبر ملوك أوروبا في الحملة الصليبية الثالثة هم : فريدريك بارباروسا إمبراطور ألمانيا، وفيليب أغسطس ملك فرنسا، وريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا. سمع صلاح الدين الأيوبي بخروج جيوش أوروبا متجهة إلي فلسطين، وكان أشد ما يقلقه من هؤلاء جميعاً هو جيش فريدريك بارباروسا المكون من مائة ألف فارس من أشد وأعنف جنود أوروبا. كان فريدريك بارباروسا يبلغ من العمر سبعين عاماً، وكان مشهوراً في أوروبا بنبله وشجاعته وإقدامه. وعندما وصلته أخبار سقوط القدس في يد المسلمين، بادر باستنفار جيشه الصليبي من كافة أرجاء إمبراطوريته الألمانية التي عُرف عن جنودها العنف والشجاعة. سار بارباروسا بجيشه إلي فلسطين سالكاً طريقاً برياً، فعبر المجر ورومانيا حتي وصل إلي بيزنطة (القسطنطينية) في أكتوبر 1189 م. وكان جيشه أول الجيوش وصولاً إلي أراضي المشرق. لم يستطع السلاجقة الأتراك في آسيا الصغري وقف زحف هذا الجيش الرهيب، فهُزموا هزيمة نكراء.
تابع بارباروسا تقدمه، ثم توقف في أرمينيا. وكتب إلي صلاح الدين الأيوبي رسالة يحذره فيها من اجتياح جيشه لبلاد المسلمين كلها، إذا لم يسلم المدينة المقدسة للمسيحية. وعلي الرغم من علم صلاح الدين بخطورة هذا الجيش الجرار، إلا أنه رد عليه بنفس الثقة والإيمان في نصر الله مذكراً إياه أن البحر يفصل بينه وبين أوروبا، في حين أنه لا يوجد فاصل بين جيش صلاح الدين الأيوبي وبلاد المسلمين التي حوله، لذلك فإن أعداد المسلمين تفوق أعداد الصليبيين بكثير، وختم رسالته بتهديد صريح قائلاً " سنواجهكم ومعنا بأس الله، وعندما يمن علينا الله بإذنه بالنصر عليكم، لن يبقي سوي أن نستولي بحرية علي أراضيكم، بقدرته وبرضاه تعالي". ظل صلاح الدين الأيوبي يتلقي التقارير التي تفيد بتحركات جيش بارباروسا، وفي الوقت نفسه أطلق نداءه لكل بلاد المسلمين بالخروج للجهاد والانضمام إلي جيشه ليتمكن من صد جيوش أوروبا القادمة، وأولها جيش بارباروسا. كما أصدر أوامره بإخلاء القلاع والحصون علي الحدود مع بيزنطة وحرق حقول القمح والمخازن في طريق جيش بارباروسا.
#يتبع...
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55