#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ43ـاضرة: [ غزوة تبوك ]
∫∫ الـحـ452ـلـقـة ∫∫
___
💎#تتمة تحليل للأوضاع السياسية بعد فتح مكة:
فالدولة الرومانية بدون أي مصالح ولا أسباب لن ترضى عن الدولة الإسلامية إلا في حالة واحدة، وذلك عندما تترك الدولة الإسلامية دينها، وتتحول إلى نصرانية، وإذا لم يحدث ذلك فالقتال سيظل وشيكاً، والنزال لن يتوقف أبداً،
قال الله عز وجل في كتابه:{وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}[البقرة:217]، حتى في غياب المصالح، فإن القضية تبقى قضية عقائدية:{ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا }
📌الأمر الثامن: غرور القوة، فإن القوي المتكبر لا يقبل بوجود قوي آخر إلى جواره، وعند ذلك تنشأ سنة التدافع والتنافر بين القوى المتشابهة.
فـهرقل لم يكن ليرضى بوجود عظيم إلى جواره، وكما كان يقاتل قبل ذلك عظيم الفرس كسرى، فلا شك أنه سيقاتل الآن عظيم المسلمين رسول الله ﷺ،
لهذه الأسباب مجتمعة -وقد يكون لغيرها- تجمع الرومان ومن شايعهم من قبائل العرب النصرانية أمثال لخم وجذام وعاملة وغسان التي كان بينها وبين الدولة الإسلامية مشاكل كثيرة، وبسبب خيانة قبيلة غسان كانت غزوة مؤتة.
💎مرجح خروج النبي ﷺ وأصحابه إلى تبوك:
تجمعت هذه الجيوش في منطقة البلقاء -وهي الأردن الآن- يريدون دولة الإسلام.
كل السيناريو الذي نتكلم عليه الآن، وكل التفكير الذي كان في ذهن الرومانيين وغيرهم كان يتوقعه الرسول ﷺ، وكان يخبر به أصحابه رضوان الله عليهم، وكان يعد العدة لذلك،
ودليل ذلك: أن الرسول ﷺ عندما آلى من نسائه جاء أحد الصحابة وطرق الباب بشدة على عمر بن الخطاب فخرج وهو مفزوع، قال: أجاءت غسان؟! فكان عمر بن الخطاب يتوقع قدوم غسان لغزو المدينة المنورة، وهذا أمر ممكن وقريب الحدوث، ولا شك أن الرسول ﷺ كان يجهز الناس لهذا الاحتمال، من أجل ذلك كان أصحاب المدينة المنورة يتوقعون حرباً قوية مع الدولة الرومانية في الفترة القادمة.
ومن أجل ذلك أيضاً كانت العيون الإسلامية تراقب بدقة منطقة شمال الجزيرة العربية، ومنطقة الأردن والشام، وبمجرد أن حدث هذا التجمع على بعد مئات الكيلو مترات من المدينة المنورة عرفه ﷺ، وبدأ يأخذ القرار في ضوء هذه المعرفة المبكرة.
كان عنده اختيار من اثنين:
إما أنه ينتظر الرومان في المدينة المنورة،
وإما أن يذهب إليهم في شمال الجزيرة العربية،
وانتظار الرومان في المدينة المنورة كان أسهل على المسلمين؛ لأنهم لو انتظروهم ما كانوا ليقطعوا تلك المسافة الضخمة في الصحراء، مع ما تتطلبه من تجهيز المؤن والزاد الذي يكفي مسافة مئات الكيلو مترات،
ومن المحتمل أن يهلك الجيش الروماني في الصحراء؛ لأنه غير معتاد على قتال الصحراء؛ فهو يعيش طوال عمره في أماكن خضراء في أوروبا والشام، وفي غيرها من المناطق الباردة، ولم يعايش من قبل أي نوع من التجارب في داخل الصحراء،
ومع ذلك قرر الرسول ﷺ أن يخرج بجيشه من المدينة المنورة إلى الشام لأمور:
✅أولاً: ليأخذ عنصر المبادأة، فيختار بنفسه مكان وزمان الحرب، بدل أن تفرض عليه.
✅ثانياً: حتى يكون عنده خط دفاع بعد ذلك، فلو أنه غزي في المدنية المنورة فإلى أين يذهب؟ فعقر دار المسلمين المدينة المنورة، ولو سقطت المدينة المنورة سقط الإسلام في الجزيرة العربية، وكلنا يعلم أن معظم العرب لم يدخلوا الإسلام إلا منذ قليل.
✅ثالثاً: ليظهر عزة الإسلام وقوته، وعدم جبنه أو رهبته من القتال، وهذا الثبات والإقدام له أثر ضخم كبير على نفوس الأعداء، سواء كانوا من الرومان أو الفرس أو غيرهم، عندما يجدون الجيوش الإسلامية لا تهاب الموت، وتأتي إلى بلادهم لتحاربهم في ظروف صعبة؛ فإن هذا -ولاشك- يلقي الرهبة في قلوبهم من المسلمين، والرسول ﷺ نصر بالرعب مسيرة شهر ﷺ.
✅رابعاً: أن الرسول ﷺ له شعب في شمال الجزيرة العربية، والرسول ﷺ كزعيم مسئول لا يترك شعبه هكذا دون حماية، ومعلوم أن شمال الجزيرة العربية بعد غزوة مؤتة كان قد دخله الإسلام، وجاءت القبائل تبايع على الإسلام لرسول الله ﷺ،
فالرسول ﷺ لا يريد أن يترك الشعب هكذا بدون حماية، لا يفعل مثلما يفعل كثير من الزعماء بتأمين حدود العاصمة فقط، وترك الشعب بعد ذلك يعاني ويلات العدو، ثم الفرار بعد ذلك من العاصمة إذا ما حوصرت،
بل خرج ﷺ بنفسه على رأس أعظم جيوشه فيه أقرب خاصته ليلقى أعتى قوة في العالم في ذلك الوقت؛ ليحفظ دماء شعبه ﷺ، ولو كانوا فقراء بسطاء يعيشون في أطراف الصحراء.
#يتبع...قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55