قناة

فيلق القدس الإلكتروني Force Electronic Quds

فيلق القدس الإلكتروني Force Electronic Quds
9.9k
عددالاعضاء
38
Links
Files
8
Videos
65
Photo
وصف القناة
《وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ》 فريق سيبراني إسلامي حر، لا نتبع لأي جهة ونعمل على مُناصرة المسلمين في كل مكان ونحارب العدو الصهيوني بالصاروخ الرقمي. contact us : @ForceElectronicQuds_bot #فيلق_القدس_الإلكتروني
المحاضرة الثانية [الاجتياح] سلسلة التتار من البداي
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
#المحــ2ـاضرة [ الاجتياح ]
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
💎أهم العنواين الرئيسية :

-مقدمة ابن الأثير لحادثة التتار
احتلال سمرقند
مطاردة التتار لمحمد بن خوارزم
ترجمة محمد بن خوارزم وأسباب هزيمته
احتلال التتار لمازندران والري وقزوين
وارمنيا والكرج

اجتياح التتار ﻹقليم خراسان
اجتياح التتار لإقليم خوارزم
معركة بلق
معركة كابل
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت ✍ #المحــ2ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
#المحــ2ـاضرة [ الاجتياح ]
∫∫ الحـ١٢ــلقة ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
💎مقدمة ابن الأثير لحادثة التتار:

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فمع المحاضرة الثانية من محاضرات قصة التتار من البداية إلى عين جالوت، ذكرنا في المحاضرة السابقة قصة نشأة دولة التتار، وحالة الضعف الشديد التي كانت تمر بها أمة الإسلام والفرقة والتشتت والترف والتمسك بالدنيا، وهذه الحالة أدت إلى اجتياح تتري لشرق الدولة الخوارزمية واحتلال مدينة بخارى المسلمة واستباحتها استباحة تامة، فقتل الرجال واغتُصبت النساء وأُسر الأطفال وأحرقت الديار والمساجد، كل هذا تم في أواخر السنة السادسة عشرة بعد الستمائة من الهجرة، وكانت هذه الأحداث المؤلمة مجرد مقدمة لأحداث أشد إيلاماً.

انتهت سنة ٦١٦ هـ باحتلال مدينة بخارى وإقليم كازاخستان المسلم، لتبدأ سنة ٦١٧ هـ بأحداثها الرهيبة.
وقد كانت ٦١٧ هـ من أبشع السنوات التي مرت على المسلمين منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى هذه اللحظة، فقد علا فيها نجم التتار، حتى اجتاحوا البلاد الإسلامية اجتياحاً لم يُسبق، وأحدثوا فيها من المجازر والفظائع والمنكرات ما لم يُسمع به مطلقاً ولا يُتخيل أصلاً.

وأرى أنه من المناسب أن نقدم لهذه الأحداث بكلام المؤرخ الإسلامي العلامة ابن الأثير رحمه الله في كتابه القيم الكامل في التاريخ، وكلامه يعتبر به في هذا المجال أكثر من غيره؛ لأنه كان معاصراً لهذه الأحداث، فقد عاش في نفس الفترة التي تمت فيها هذه الأحداث ورأى بعينه وسمع بأذنه رحمه الله، وليس من رأى كمن سمع، فهو يقدم لشرحه لقصة التتار في بلاد المسلمين بقوله:

لقد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رجلاً وأؤخر أخرى.

ثم يقول كلمة غريبة جداً وعجيبة ومؤلمة، يقول: فمن ذا الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ والذي كان معاصراً لهذه الأحداث ظن أن هذه بداية النهاية، وأنها علامات الساعة الكبرى، وأن الأرض ستنتهي الآن وسيبدأ يوم القيامة، ولم يظن أن أمة الإسلام ستبقى بعد هذه الأحداث.

يقول رحمه الله: فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً.

ثم يقول: إلا أنه حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً.

أي: أن كتابة القصة أو عدم كتابتها لن يقدم ولن يؤخر، فلماذا لا تُكتب ليستفيد المسلمون بعد ذلك منها؟ ثم يقول مقدماً للقصة: فنقول: هذا الفعل يتضمن ذكرى الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها، عمت الخلائق، وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم منذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقاً، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها.

ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث -أي: الحوادث السابقة- ما فعله بختنصر ببني إسرائيل من القتل، وتخريب البيت المقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرّب هؤلاء الملاعين من البلاد، التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس؟ وما بنو إسرائيل إلى من قتلوا -أي: بنو إسرائيل كلهم في ذلك الوقت ما نسبتهم إلى الذين قُتلوا من المسلمين-؟ فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم.

ثم يقول قولاً غريباً عجيباً، فيقول: ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا، إلا يأجوج ومأجوج، وأما الدجال فإنه يبقي على من اتبعه، ويُهلك من خالفه، وهؤلاء لم يبقوا على أحد.

فعند ابن الأثير رحمه الله أن فتنة التتار وبأسهم وقوتهم أشد من فتنة الدجال، وفتنة الدجال أشد وأمر، ولكن من شدة المأساة وقع هذا الكلام على لسانه رحمه الله.

ثم يقول: بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة في بطون أمهاتهم.
فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

كانت هذه مقدمة كتبها ابن الأثير رحمه الله لكلام طويل جداً يفيض ألماً وحزناً وهماً وغماً، لقد كانت كارثة على العالم الإسلامي بكل المقاييس، بمقاييس الماضي والحاضر والمستقبل، فإن هذه المصيبة تتضاءل إلى جوارها كثير من مصائب المسلمين في كل العصور.
 
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت ✍ #المحــ2ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
#المحــ2ـاضرة [ الاجتياح ]
∫∫ الحـ١٣ــلقة ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - -
💎احتلال سمرقند:
بعد أن دمّر التتار مدينة بخارى العظيمة وأهلكوا أهلها وأحرقوا ديارها ومساجدها ومدارسها، انتقلوا إلى المدينة المجاورة سمرقند وهي في دولة أوزباكستان الحالية، مثل بخارى واصطحبوا في طريقهم مجموعة كبيرة من أسارى المسلمين من مدينة بخارى، وكما يقول ابن الأثير: فساروا بهم على أقبح صورة، فكل من أعيا وعجز عن المشي قُتل.
وأما لماذا يصطحبون الأسرى معهم من بخارى إلى سمرقند؟ فقد كان هناك أكثر من هدف لاصطحاب الأسرى من بخارى إلى سمرقند، وكانت هذه سنة من سنن التتار، ففي كل حرب كانوا يأخذون معهم الأسرى،لعدة أسباب
📌أولاً:كانوا يعطون كل عشرة من الأسرى علماً من أعلام التتار يرفعونه، فإذا رآهم أحد من بعيد ظن أن المجموع كله من التتار، فتكثر أعداهم جداً في أعين أعدائهم بشكل رهيب فلا يعتقدون مطلقاً أنهم يقدرون على قتالهم فيستسلمون،فتبدأ الهزيمة النفسية تدب في قلوب من يواجهونه
📌ثانياً:كانوا يجبرون الأسارى على أن يقاتلوا معهم ضد أعدائهم، ومن رفض القتال أو لم يظهر فيه قوة قتلوه،فكان الأسرى المسلمون يقاتلون المسلمين مع التتار كرهاً
📌ثالثاً:كانوا يتترسون بهم عند لقاء المسلمين،فيضعونهم في أول الصفوف كالدروع،ويختبئون خلفهم، فإذا أطلق المسلمون السهام على جيش التتار أصابت الأسرى المسلمين،والتتار يطلقون سهامهم من خلف صفوف الأسرى المسلمين
📌رابعاً: كانوا يقتلونهم على أبواب المدن لبث الرعب في قلوب أعدائهم، وإعلامهم أن هذا هو المصير الذي ينتظرهم إذا قاوموا التتار.
📌خامساً: كانوا يبادلون بهم الأسرى في حال أسر رجال من التتار في القتال، وإن كان هذا قليلاً؛ لقلة الهزائم في جيش التتار.
وكانت سمرقند من حواضر الإسلام العظيمة جداً،ومن أغنى مدن المسلمين في ذلك الوقت، ولها قلاع حصينة وأسوار عالية، ولهذه القيمة الاستراتيجية والاقتصادية الكبيرة ترك فيها محمد بن خوارزم شاه زعيم الدولة الخوارزمية خمسين ألف جندي خوارزمي لحمايتها فوق أهلها،فأهل سمرقند يقدرون بمئات الآلاف دون مبالغة
ولما وصل جنكيز خان إلى مدينة سمرقند حاصرها من كل الاتجاهات، ولم يخرج الجيش الخوارزمي النظامي للدفاع عن البلد، فقد دب الرعب في قلوبهم وتعلقوا بالحياة تعلقاً مخزياً، فاجتمع أهل البلد وتباحثوا في أمرهم بعد أن فشلوا في إقناع الجيش المتخاذل بالخروج للدفاع عنهم،

فقرر بعض الذين في قلوبهم حمية من عامة الناس أن يخرجوا لحرب التتار،فخرج سبعون ألفاً من أهل الجلد من سمرقند،وخرج معهم العلماء والفقهاء على أرجلهم دون خيول ولا دواب، ولم يكن لهم دراية عسكرية تمكنهم من القتال، ولكنهم فعلوا ما كان يجب أن يفعله الجيش المتهاون الذي لم تستيقظ نخوته بعد
وعندما رأى التتار أهل سمرقند يخرجون لهم قاموا بخدعة خطيرة، وهي الانسحاب المتدرج من حول أسوار المدينة محاولين سحب المجاهدين المسلمين بعيداً عن مدينتهم، فبدءوا يتراجعون تدريجياً بعيداً عن سمرقند، وقد نصبوا الكمائن خلفهم، ونجحت خطة التتار،
فبدأ المسلمون المفتقدون لحكمة القتال يطمعون فيهم،وتقدموا خلف الجيش التتري، حتى إذا ابتعد المسلمون عن المدينة بصورة كبيرة أحاط بهم جيش التتار، وبدءوا عملية تصفية بشعة لأفضل رجال سمرقند من المجاهدين والعلماء والفقهاء،واستشهد في هذا اللقاء غير المتكافئ السبعون ألفاً جميعاً الذين خرجوا،وفقد المسلمون في سمرقند سبعين ألفاً من رجالهم دفعة واحدة
سبعون ألف مسلم في لحظات فنوا جميعاً،وقد كانوا أفضل أهل سمرقند،وليست مفاجأة أن يُقتل سبعون ألف مسلم على يد التتار، وهذا أمر متوقع،ودفع المسلمون ثمن عدم استعدادهم للقتال،وعدم اهتمامهم بالتربية العسكرية لأبنائهم، وعدم الاكتراث بالقوى الهائلة التي تحيط بدولتهم، فدولة التتار منذ ١٤ سنة تتوسع تدريجياً حولهم وتقترب تدريجياً من حدود بلادهم،فأين الاستعداد لمثل ذلك اليوم؟
وبعد إفناء المجاهدين المسلمين عاد التتار لحصار سمرقند،وأخذ الجيش الخوارزمي النظامي قراراً مهيناً،فقد قرر أن يطلب الأمان من التتار على أن يفتح لهم أبواب المدينة،وهم يعلمون أن التتار لا يحترمون العقود ولا العهود،وما أحداث بخارى عنهم ببعيد، ولكنهم تمسكوا بالحياة إلى آخر درجة،
فوافق التتار على إعطاء الأمان، وقد عزموا عزماً أكيداً على النقض والمخالفة، ولم يقدر عامة الناس وجمهورهم على منع الجيش، لأنه كان كالأسد ضد شعبه وكالنعامة ضد أعدائه، ففتحوا الأبواب للتتار، وخرجوا مستسلمين، فقال لهم التتار: ادفعوا إلينا سلاحكم وأموالكم ودوابكم ونحن نسيّركم إلى مأمنكم
ففعلوا ذالك في خنوع ولما أخذوا التتار أسلحتهم غدروا بهم وقتلوا 50الف من الجنود الخوارزمية في لحظات واحتلوا سمرقند العريقة وفعلوا بها كما فعلوا سابقا في بخارى
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت ✍ #المحــ2ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
#المحــ2ـاضرة [ الاجتياح ]
∫∫ الحـ١٤ــلقة ∫∫
- - - - - - - - - - - - -
💎مطاردة التتار لمحمد بن خوارزم وفراره منهم:
وأما جنكيز خان لعنه الله فقد استقر في سمرقند وأعجبته المدينة العملاقة التي لم ير مثلها قبل ذلك، ثم إن أول شيء فكّر فيه هو قتل رأس الدولة الخوارزمية؛ لأنه لو قتل هذا الرأس فسيسهل عليه بعد ذلك احتلال البلد دون خوف من تجميع الجيوش ضده،
فأرسل عشرين ألفاً من فرسانه يطلبون محمد بن خوارزم زعيم البلاد، وقال لهم: اطلبوا خوارزم شاه أينما كان ولو تعلق بالسماء، وكونه أرسل عشرين ألف جندي تتري فقط لهذه المهمة الكبيرة فيه إشارة واضحة جداً إلى استهزائه بـ محمد بن خوارزم وأمته؛ لأن هذا الرقم الهزيل لهذه الكتيبة التترية الصغيرة، ستدخل في أعماق الملايين المسلمة وهي لا تقارن بهم بأي حال.
فانطلق الفرسان التتار إلى مدينة أورجندة العاصمة مباشرة حيث يستقر محمد بن خوارزم شاه، وكانت تقع على الشاطئ الغربي من نهر جيحون -واسمه الآن نهر أموداريا- فجاء جنود التتار من الجانب الشرقي للنهر، وفصل النهر بين الفريقين، وتماسك المسلمون لعلمهم أن النهر يفصل بينهم وبين التتار، وأن التتار ليس معهم سفن.
فأخذ التتار في إعداد أحواض خشبية كبيرة ثم ألبسوها جلود البقر حتى لا يدخل فيها الماء، ثم وضعوا في هذه الأحواض سلاحهم وعتادهم ومتعلقاتهم، ثم أنزلوا الخيول إلى الماء -والخيول تجيد السباحة- وربطوا الأحواض بأذنابها، فأخذت الخيول تسبح وخلفها الأحواض الخشبية بما فيها من سلاح وغيره، وبهذه الطريقة عبر جيش التتار نهر جيحون الكبير،
ولا ندري أين كانت عيون الجيش الخوارزمي المصاحب لـ محمد بن خوارزم شاه؟ وفوجئ المسلمون في مدينة أورجندة بجيش التتار إلى جوارهم، ومع أن أعداد المسلمين كانت كبيرة جداً، إلا أنهم كانوا قد ملئوا من التتار رُعباً وخوفاً، وما تماسكوا إلا لاعتقادهم أن النهر الكبير يفصل بينهم وبين جيش التتار، أما وقد أصبح التتار على مقربة منهم فلم يُصبح أمامهم إلا طريق الفرار،
وكما يقول ابن الأثير رحمه الله: ورحل خوارزم شاه لا يلوي على شيء في نفر من خاصته، فقد جمّع أقاربه ومحبيه وعائلته واتجه إلى نيسابور، وهي في إيران الآن.
فانتقل من دولة إلى دولة، وأما الجند النظاميون فقد تفرق كل منهم في جهة، ولا حول ولا قوة إلا بالله،
وأما التتار فكانت لهم مهمة محددة معروفة، البحث عن محمد بن خوارزم شاه، ولذلك تركوا أورجندة ولم يدخولها وانطلقوا في اتجاه نيسابور مخترقين الأراضي الإسلامية في عمقها، وهم لا يزيدون عن العشرين ألفاً، وجنكيز خان ما زال مستقراً في سمرقند، وكان من الممكن أن تحاصر هذه المقدمة التترية في أي بقعة من بقاع العالم الإسلامي أثناء تجوالهم في أعماقه، ولكن دب الرعب في قلوب المسلمين، وأخذوا في طريق الفرار اقتداء بزعيمهم الذي ظل يفر من بلد إلى بلد، ومن مدينة إلى مدينة كما نرى، ولم يكن التتار في هذه المطاردة الشرسة يتعرضون لسكان البلاد بالسلب أو النهب أو القتل، فقد كان لهم هدف واضح، فهم لا يريدون أن يضيعوا وقتاً في القتل وجمع الغنائم، وإنما يريدون فقط اللحاق بالزعيم المسلم،
ومن باب آخر فإن الناس لم يتعرضوا لهم؛ لئلا يثيروا حفيظتهم فيتعرضون لأذاهم، فكل الناس تفتح لهم الطريق، وهكذا وصل التتار إلى مسافة قريبة جداً من مدينة نيسابور العظيمة وفي فترة وجيزة جداً،
ولم يتمكن محمد بن خوارزم شاه من جمع الأنصار والجنود والتتار في أثره، فلما علم بقربهم من نيسابور ترك المدينة واتجه إلى مدينة مازندران -وهي مدينة في إيران الآن أيضاً-
فلما علم التتار بذلك لم يدخلوا نيسابور بل اتجهوا خلفه مباشرة، فترك مازندران إلى مدينة الري -وهي أيضاً في إيران- ثم إلى مدينة همذان -وهي أيضاً في إيران- والتتار في أثره، ثم عاد إلى مدينة مازندران مرة أخرى في فرار مخز فاضح، ثم اتجه بعد ذلك إلى مدينة طبرستان، وهي مدينة على ساحل بحر الخزر -وهو بحر قزوين الآن- فجد هناك سفينة فركب فيها، وهربت به في عمق البحر، وجاء التتار ووقفوا على ساحل البحر ولم يجدوا ما يركبوه
فنجحت خطة فرار الزعيم المسلم الكبير محمد بن خوارزم نجاحاً مبهراً، حتى وصل في فراره الفاضح إلى جزيرة في وسط بحر قزوين، ورضي بالبقاء فيها في قلعة كانت هناك في فقر شديد وحياة صعبة،وهو الملك الذي ملك بلاداً شاسعة وأموالاً لا تُعد
ولكنه رضي بذلك لكي يفر من الموت، والموت لا يفر منه أحد، وما هي إلا أيام ومات محمد بن خوارزم شاه في داخل القلعة في هذه الجزيرة وحيداً طريداً شريداً فقيراً،حتى أنهم لم يجدوا ما يكفنوه به، فكفنوه في فراشه الذي كان ينام عليه
واستمعوا إلى قول الله عز وجل: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}[النساء:٧٨]، ولو كنتم في هذه القلعة في وسط البحر،وليس بأيد التتار
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت ✍ #المحــ2ـ
#سلسلة_التتار_من_البداية_إلى_عين_جالوت
#المحــ2ـاضرة [ الاجتياح ]
∫∫ الحـ١٥ــلقة ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
💎ترجمة محمد بن خوارزم وأسباب هزيمته:

وعندما نقرأ كلام ابن الأثير وهو يتحدث عن سيرة محمد بن خوارزم شاه تجد كلاماً غريباً وأموراً غريبة، وتجد أنك أمام إمام عظيم من عظماء المسلمين، فإذا راجعت حياة الرجل الأخيرة وخاتمته وفراره وهزيمته تبدّى لك غير ذلك،

يقول ابن الأثير رحمه الله في ذكر سيرته: وكان مدة ملكه إحدى وعشرين سنة وعدة أشهر، واتسع ملكه، وعظُم محله، وأطاعه العالم بأسره، وملك من حد العراق إلى تركستان، وهي بلاد مسلمة محتلة من الصين الآن، وملك بلاد غزنة -وهي في أفغانستان- وبعض الهند، وملك سجستان وكرمان -وهما في باكستان- وطبرستان وجرجان وبلاد الجبال وخراسان وبعض فارس -وكل هذه المناطق في إيران- فكل هذه المناطق ملكها هذا الزعيم الذي فر من التتار.

ومن هذه الفقرة يتبين لنا أنه كان عظيماً في ملكه، وقد استقر له الوضع في بلاد واسعة لفترة طويلة، وهذا يظهر حسن إدارته لبلاده،

حتى أن ابن الأثير يقول في فقرة أخرى: وكان صبوراً على التعب وإدمان السير، غير متنعم ولا مقبل على اللذات، وإنما همه في الملك وتدبيره وحفظه وحفظ رعاياه.

وعندما تحدث ابن الأثير عن حياته العلمية الشخصية قال: وكان فاضلاً، عالماً بالفقه والحديث وغيرهما، وكان مكرماً للعلماء، محباً لهم، محسناً إليهم، وكان معظماً لأهل الدين، مقبلاً عليهم، متبركاً بهم.

وهذا الوصف لـ محمد بن خوارزم شاه يمثل لغزاً كبيراً، فكيف يكون على هذه الصفة النبيلة، ثم تحدث له هذه الهزائم المنكرة؟ وكيف لا يجد جيشاً من كل أطراف مملكته الواسعة يصبر على حرب التتار حتى ينتهي هذه النهاية المؤسفة ويفر هذا الفرار الفاضح؟

كنت في حيرة من أمري وأنا أحلل هذا الموقف، ثم وجدت نصاً في مكان آخر في كتاب ابن الأثير يفسر كثيراً من الألغاز في حياة هذا الرجل.

يقول ابن الأثير رحمه الله: وكان محمد بن خوارزم قد استولى على البلاد، وقتل ملوكها وأفناهم، وبقي هو وحده سلطان البلاد جميعها، فلما انهزم من التتار لم يبق في البلاد من يمنعهم، ولا من يحميها.
وهذا النص تفسير واضح لمدى المأساة التي كان يعيشها المسلمون في ذلك الوقت.

فقد كان محمد بن خوارزم شاه جيداً في ذاته وفي إدارته، ولكنه قطّع كل العلاقات بينه وبين من حوله من الأقطار الإسلامية، ولم يتعاون معها، بل على العكس قاتلها الواحدة تلو الأخرى، وكان يقتل ملوك هذه الأقطار ويضمها إلى مملكته، ولا شك أن هذا خلّف عليه أحقاداً كبيرة في قلوب سكان هذه البلاد، وهذا ليس من الحكمة في شيء.

ورسول الله عندما كان يفتح البلاد كان يولي زعماءها عليها؛ ليكسب بذلك ولاءهم وحب الناس له، فعلى سبيل المثال لما أسلم ملك البحرين المنذر بن ساوي رضي الله عنه أبقاه على حكم بلاده، وأبقى على حكم عمان ملكيها جيفر وعباد ممن أسلموا وتركهم على حكم البلاد، وأبقى على اليمن واليها باذان بن ساسان الفارسي.
وهذا من السياسة والحكمة، وهو جمع جميل جداً بين الحزم والحب، وأسلوب راق جداً في الإدارة.

وأما هنا فقد افتقد الزعيم محمد بن خوارزم هذا الجمع الجميل بين الحب والحزم، وأصبح حاكماً بقوته لا بحب الناس له، فلما احتاج وافتقر إلى الناس والأعوان لم يجدهم،

ولم تكن خلافات الدولة الخوارزمية مع الخلافة العباسية فقط، وإنما قامت الدولة الخوارزمية نفسها على صراعات داخلية وخارجية في كل مكان، وعلى مكائد كثيرة ومؤامرات عدة، فلم تتوحد القلوب في هذه البلاد، ومن ثم لم تتوحد الصفوف، ومن المحال أن يحدث النصر والأمة على هذه الصورة، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:٤]،

هذا هو سر اللغز في حياة قائد عالم فقيه، اتسع ملكه وكثرت جيوشه ثم مات طريداً شريداً وحيداً فقيراً في عمق البحر، وصدق الرسول إذ يقول فيما رواه النسائي وأحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه: (عليكم بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئب القاصية)، أي: الغنم القاصية.
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للاشتراك تيليجرام
https://telegram.me/gghopff55