💎[الـحـ1ـلـقـة]
💫حملة الرعاع الصليبية
شهدت مدينة “كليرومونت” الفرنسية حدثًا خطيرًا في (26 من ذي القعدة 488هـ = 27 من نوفمبر 1095م) كان نقطة البداية للحروب الصليبية؛ حيث وقف البابا “أوربان الثاني” في جمع حاشد من الناس يدعو أمراء أوروبا إلى شنّ حرب مقدسة من أجل المسيح، وخاطب الحاضرين بلغة مؤثرة تكوسها الحماسة ودعاهم إلى تخليص الأرض المقدسة من سيطرة المسلمين، ونجدة إخوانهم في الشرق، ودعا المسيحيين في غرب أوروبا إلى ترك الحروب والمشاحنات، وتوحيد جهودهم إلى قتال المسلمين في الشرق.
وكي يُقبل الناس على الاشتراك في هذه الحروب وعدهم البابا بمنح الغفران لكل من يشترك في هذه الحرب، وتعهد بأن الكنيسة ستبسط حمايتها على أسر المحاربين وأمتعتهم؛ فلا تتعرض زوجاتهم أو أطفالهم أو أملاكهم لأية أخطار، وقد لقيت خطبة “أوربان” الحماسية بما انطوت عليه من امتيازات ومكاسب دينية ودنيوية – استجابة هائلة على الفور من الحاضرين، وأيقظت في نفوسهم روح المغامرة والكسب؛ فصاحوا جميعًا صيحة مدوية هزت أرجاء الفضاء قائلين: “هذه مشيئة الله”، وكانت هذه الصيحة المشئومة إيذانا بفتح أول صفحة في كتاب “الحروب الصليبية”، وبداية صراع دام عدة قرون.
💫 أول متطوع في الحروب الصليبية
ولم يكد البابا “أوربان الثاني” يفرغ من خطبته التي دعا فيها إلى محاربة المسلمين حتى جثا “أدهمار” أسقف بوي أمام قدمي البابا، راجيًا أن يكون له شرف المساهمة في تلك الحرب المقدسة، وبذلك افتتح هذا الأسقف قائمة المتطوعين التي لم تتوقف بعد ذلك، واختاره البابا ليكون مندوبًا عنه يقود الصليبيين في رحلتهم إلى المشرق، إشارة بأن تلك الحروب إنما تتم تحت إشراف الكنيسة وهيمنتها.
وأمر البابا رجال الكنيسة الذين كانوا يحضرون خطبته أن يعودوا إلى بلادهم، ويبشروا بالحروب الصليبية، وعهد إلى أحد رؤساء الأديرة بأن يدعو إلى الحرب في “نورمانديا” و”إنجلترا”، وبعث بأسقفين إلى “جنوة” لإثارة حماس أهلها، وحدد البابا الخامس عشر من أغسطس من سنة 1096م (وهو يوافق 21 من شعبان 488) موعدًا لرحيل الحملة إلى الشرق؛ حيث تكون المحاصيل قد جُمعت، ويكون التجمع واللقاء في مدينة القسطنطينية الحصينة.
ولم تلبث دعوة البابا أن لقيت رواجًا وانتشارًا في أوروبا، وتأثر بها العامة والدهماء، وراودتهم أحلامهم في حياة ينعمون فيها بالرخاء في الشرق، متأثرين بما يروجه رجال الكنيسة، وسرعان ما تكونت حركة شعبية ارتبطت باسم “بطرس الناسك”.
💫بطرس الناسك
يذكر المؤرخون أن بطرس الناسك كان رجلا قصير القامة، أسمر اللون، يمشى حافي القدمين، مرتديا ملابس رثة، وكان راهبًا هجر الدير بتكليف من البابا؛ لكي يقوم بالدعوة إلى الحملة الصليبية، فطاف بمختلف أقاليم فرنسا بهيئته المزرية داعيا إلى حملة البابا، وفي كل مكان يحل به كان يسحر ألباب الناس، ويخلب أفئدتهم ببيانه الساحر وفصاحته حتى تجمع حوله أعداد هائلة من الأتباع، بلغوا خمسة عشر ألفًا، منهم فلاحون وأهل مدن، وفئات من صغار النبلاء، وبعض المجرمين وقطاع الطرق، ولم يكن يجمع هؤلاء الشراذم إلا الحماسة والرغبة في قتال المسلمين، والاستيلاء على الأرض.
لم تصبر هذه الجموع الغوغاء حتى موعد الرحيل الذي حدده البابا للحملة، ولم تفلح محاولات البابا في إثنائهم عن الرحيل، ولم تجد دعوته استجابة من هؤلاء الغوغاء، ولم تستطع اللوائح التي وضعها “أوربان” علاج الموقف.
وتحركت هذه الجموع تحمل محاصيلهم فوق عربات ثقيلة تجرها الثيران، وفي صحبتهم الزوجات والأطفال، حتى وصلوا “كولونيا” في (15 من ربيع الآخر 489هـ= 12 من إبريل 1096م)، وظلوا بها فترة من الوقت يتزودون بالمؤن، ويتقوون بانضمام الألمان إليهم حتى تضاعف عددهم.
💫والتر المفلس
وفي الوقت الذي كان فيه بطرس الناسك ماضيا في دعوته في الغرب الأوروبي ظهر زعيم آخر من زعماء العامة اسمه “والتر المفلس”، التف حوله بعض الناس، وعبر بهم أرض “هنغاريا” ثم أراضي الدولة البيزنطية، وطوال الطريق كانوا ينهبون ويسلبون ويعتدون على الأهالي حتى بلغوا القسطنطينية في (رمضان 489هـ = يوليو 1096) وسمح لهم الإمبراطور البيزنطي ألكسويس كوفين بالانتظار خارج أسوار العاصمة حتى وصول “بطرس الناسك”.
💫الطريق إلى القسطنطينية
غادر بطرس الناسك “كولونيا” في (23 من ربيع الآخر 489هـ = 2 من إبريل 1096م) متجها إلى المجر، على رأس حشوده الجرارة من الغوغاء والدهماء، وأثناء عبورهم المجر عند بلدة “سملين”، وقع خلاف بين المجر وجنود الحملة بسبب الحصول على المؤن، وتطور الخلاف إلى مذبحة ارتكبها الصليبيون أسفرت عن مقتل أربعة آلاف من أهل المجر الأبرياء، وتحولت “سملين” إلى خرائب تتصاعد منها دخان الحرائق التي أشعلها جنود الرب، ضد إخوانهم المسيحيين الذين زعم الصليبيون أنهم جاءوا لنجدتهم.
#يتبع...
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55