يبدأ الكتاب بمقدمة حول الكوفة يحدثك عن الكوفة المكانة والموقع والعطاء و الإرث بنورها وتنويرها. والذي وضع لبنات مدرسة العقل فيها امام المتقين أمير المؤمنين عليه السلام وعرف العالم بسلطة الحق ، وحرية الرأي ، وأخوة الدين والخلق .
المدينة تم إنشائها أواخر سنة 17 هــ / 638 م و انجبت العلماء والشعراء والمفكرين ، وكانت مسرحا لاعظم الحركات على اختلافها ، واختيار وجودها في قلب منطقة اشتهرت بظهور اول الحضارات العالمية التي قدمت اسس الحضارة اليوم والتي كانت صفحتها الاولى فيها ، و كتب للكوفة ان تقوم بكل أمانة بالحفاظ على خلاصة معطيات تلك الحضارة وتطويرها وكتابة صفحاتها اللاحقة بعقلية وفكر متميزين . ويحدثنا عن تسميتها والآراء التي ثيلت حول تسميتها وكلا يرجح رأيا على رأي ، وبدوره ربط مؤلف الكتاب التسمية بجانب ديني ربطه بـــ مدينة كوثى ب المدينة التي ولد فيه النبي ابراهيم (ع) والتي اشتهرت بإلهها ( نركال ) إله العالم الاسفل وله معبد كبير ( زقورة ) تسمى ( اي نانار ) .
ورجح الدكتور أن تسميتها بتاثرت بالآثر الديني السابق الذكر ، ونعتقد أن ذلك بحاجة الى دليل ، ثم تحدث عن قدسية المكان واختيارها للسكن من قبل عددا من كبار الصحابة وما قال عنها الخليفتان عمر بن الخطاب وعلي بن ابي طالب .
ويوجه الدعوة لدراسة الكوفة ويضيف النجف باعتبارها الوريث لها ، ومنذ وقت يمكن حسابه مبكرا ، وان تتم هذه الدراسة اعتمادا على الموضوعية والعلمية . وبما ان النجف الاشرف من مدن الوجدان عند الدكتور صلاح الفرطوسي وبما تتميز به من قدسية ومن مكانة في العالم الاسلامي وما يحصل اليوم من تداعيات ، فأنه يرى أحقية هذه المدينة بإحتضان جميع دعوات السلام والوسطية و الداعية لحرية الفكر والمعتقد ، والمناهضة للتطرف ، وخلق عالما يسوده السلام والأمن والوئام وبوضع اقتصادي أفضل ، من عمق الدستور الانساني الذي وضعه علي بن أبي طالب عليه السلام والذي عرفته البشرية في ظل أكبر تجمع للديانات آنذاك . وفي الكتاب دعوات كثيرة للاستفادة من تاريخ هذه المدينة وعطائها ومنجزاتها وما تقدمه الآن ، والدور التي تقوم به .
ثم يحدثنا عن جيش الفتح الذي انطلق من الجزيرة العربية وخلفية افراده وطبيعتهم وتصرفات البعض منهم والعقلية التي يحملها ، حتى أن الكوفة بعد التمصير قسمت على اساس قبلي ومما يؤسف له لازلنا حتى يومنا هذا نعاني من ذلك .
وبعد ذلك يعرج على مؤسسة الخلافة وما تعرضت له وما حصل لها من امور لاتنسجم وقيم الاسلام ، والفتن التي حصلت وكان لها دور في تمزق العالم الاسلامي والذي لازال مفعولها حتى يومنا هذا.
كما يحدثنا عن رؤية الامام علي (ع) وتحديده بشكل دقيق للامور آنذاك في خطبته يوم مبايعته
((أَلاَ وَإِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْئَتِهَايَوْمَ بَعَثَ اللهُ نَبِيَّهُ(صلى الله عليه وآله)، وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً، وَلَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً ، وَلَتُسَاطُنَّ سَوْطَ)القِد، حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلاَكُمْ، وَأَعْلاَكُمْ أَسْفَلَكُمْ، وَلَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا، وَلَيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا. وَاللهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً ، وَلا كَذَبْتُ كِذْبَةً، وَلَقَدْ نُبِّئْتُ بِهذا المَقامِ وَهذَا اليَوْمِ. أَلاَ وَإِنَّ الخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُها، وَخُلِعَتْ لُجُمُهَا ، أَلاَ وَإِنَّ التَّقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ ، حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، وَأُعْطُوا أَزِمَّتَها، فَأَوْرَدَتْهُمُ الجَنَّةَ. حَقٌّ وَبَاطِلٌ، وَلِكُلٍّ أَهْلٌ، فَلَئِنْ أَمِرَ البَاطِلُ لَقَدِيماً فَعَلَ، وَلَئِنْ قَلَّ الحقُّ لَرُبَّما وَلَعَلَّ، وَلَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَيءٌ فَأَقْبَلَ! )) .
موجها بذلك الى التساوي بين الامة جميعا ورافضا للسياسة المالية المتبعة من الخلفاء الذين سبقوه ، لرؤيته ان المال مال الله وتقسيمه على رعيته بالتساوي ، ونتيجة لهذه السياسة العادلة وفي كلام آخر وضع سياسة محاسبة من أثرى بدون وجه حق والكيفية التي سيتم المعالجة بها ،و بدأت المؤامرات تحاك ضده لوقف مشروعه الذي اراد لهذه الامة ان تكون امة مشهد لا امة منظر ، لنرى مع مايراه الدكتور صلاح الفرطوسي ، ان مشروع الامام لبناء مجتمعا اسلاميا متميزا بكل طوائفه وأعراقه السبب لكل الاحداث التي شهدتها الكوفة ، والسبب في تأسيس مدرستها التي بزت جميع مدارس الفكر التي عرفتها الإنسانية من بعد .