{ الـحـ14ـلـقـة }
عملاق الجزائر
💫عبدالقادر الجزائري [1/2]
_
في البداية يجب ان أعترف أن تاريخ الجزائر القديم والحديث كان سيئا غامضا
بالنسبة لي شخصيا، بل إن تاريخ المغرب الأقصى بما يتصل به من تاريخ الأندلس،
وتاريخ تونس بما تحمله جامعة الزيتونة من قصص وأخبار، كانا أوضح إلي من تاريخ الجزائر نفسه ، بل لعل الجهل أوصلني في وقت من الأوقات للشك في عروبة هذا القطر وانتمائه للإسلام ، والحقيقة أنّني عندما قلبت صفحات التاريخ عن قصة هذا البلد الضخم وجدت أن للجزائر تاريخا أقل ما يقال عنه أن تاريخ يكتب بماء من الذهب!
ولأن الحديث عن تاريخ الجزائر في نصرة دين اللّه أمرٌ يطول شرحه ، فإني سأركز في السطور القليلة الآتية على قصة بطل من أبطال الجزائر حمل في وجدانه كل معاني الشهامة والبطولة والمروءة .
يرجع بعض المورخين بدء الحملة الفرنسية على الجزائر لعام 1927م ، إلّا أنني ارى أن الحرب الفعلية على الجزائر بدأت مبكرا جذا، وبالتحديد في عام 1538 م ، إنه تاريخ معركة "بروزة ! الخالدة التي تحدثنا عنها سابقا عندما ذكرنا انتصار العثمانيين بقيادة القائد البطل خير الدين بربروسا على أساطيل القوى الصليبية المتحالفة . بعد هذا الانتصار الضخم قام القائد بربروسا رحمه اللّه ببناء أسطول إسلامي ضخم مقره الجزائر، وتحولت الجزائر إلى أقوى قوة بحرية في العالم كله تقود الإسطول العثماني الإسلامي الضخم ، وصارت الجزائر تعرف باسم جديد هو: "دار الإسلام ودار الجهاد".
ومنذ ذلك التاريخ تحولت اهتمامات الصليبيين إلى الجزائر بالتحديد، ويكفينا لكي ندرك مدى القوة التي وصلت إليها الجزائر تحت ظل الخلافة الإسلامية العثمانية أن نذكر أن جورج واشنطون أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية دفع جزية للمسلمين تقدر ب 642 ألف دولار ذهبي وهه 1200ليرة عثمانية دُفِعت للأسطول العثماني في نهاية القرن الثامن عشر، وذلك لكي يرضى العثمانيون بتوقيع معاهدة عدم الاعتداء على أمريكا! يُذكر أن هذه الاتفاقية هي الوحيدة في أرشيف الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تكتب باللغة الإنجليزية وإنما بلغة عثمانية بحروف عربية بناءً على رغبة الخليفة العثماني شخصيًا، أما بريطانيا فكانت تدفع سنويا 655 جنيه للخزانة الجزائرية ، وكانت الدانمارك تقدم للمسلمين في الجزائر مهمات حربية والات قيمتها 4 الاف ريال شنكو كل عام مصحوبة بالهدايا النفيسة ، أما هولندا فكانت تدفع لأسطول الخلافة العثمانية في الجزائر 655 جنيه ، ومملكة صقلية 4 ألاف ريال ، ومملكة سردينيا 6 ألاف جنيه، والولايات المتحدة الأمريكية تقدم آلات ومهمات حربية قيمتها 4 الاف ريال وا 10الاف ريال أخرى نقدا مصحوبة بهدايا قيمة ، وتبعث فرنسا بهدايا ثمينة عند تغيير قناصلها، وتقدم البرتغال هدايا من أحسن الأصناف ، وتورد السويد والنرويج كل سنة ألات وذخائر بحرية بمبالغ كبيرة ، وتدفع مدينتا هانوفر وبرن بألمانيا 506 جنيه إنجليزي ، وتقدم إسبانيا أنفس الهدايا سنويا . وعلى مدار ثلاثة قرون من سيطرة الأسطول الجزائري العثماني على البحر الأبيض انتظر الصليبيون الفرصة السانحة للانتقام من المسلمين ، مما أدى بالدول الأوروبية إلى عرض القضية الجزائرية في مؤتمراتها، فبعد أن تم الإشارة إليها في مؤتمر دافيينا" تم عرضها في مؤتمر "إكس لاسابيل " عام 1818م، وأصبح السؤال الذي يدور هنالك متى تحين هذه الفرصة للانقضاض على الجزائر؟
والحقيقة أن هذه الفرصة أتت في عام 1927م وهو العام الذي دُمِّر فيه الأسطول الجزائري العثماني في "معركة نافرين " البحرية ، الغريب أن الفرنسيين لم ينتظروا طويلًا، فتقدموا لاحتلال الجزائر في نفس ذلك العام ! هذا هو سبب اختيار الجزائر بالدْات ، أمّا سبب اختيار فرنسا بالتحديد لكي تنوب عن بقية قوى الغزو الصليبي فيرجع لأسباب كثيرة سيأتي ذكرها في طيات هذا الكتاب عند الحديث على الحروب الصليبية ودور فريْسا فيها منذ أن بدأ البابا أوربان الثاني، الدعوة لتلك لحروب الصليبية في مدينة "كليرمون " الفرنسية ، ولمن كان يظن أن فرنسا ما دخلت الجزائر إلّا للقضاء على الجهل والفقر، فعليه ان يعلم ان نسبة المتعلمين في الجزائر في تلك الفترة كانت أكبر منها في فرنسا، بشهادة الرحالة الألماني فيلهلم سيمبرا، الذي كتب حين زار الجزائر في سهر ديسمبر 1831م : لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة ، غير أني لم أعثر عليه ، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد تلك الشعوب الأوروبية " .
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
📲للإشتراك ؏ التليجرام'.-
https://telegram.me/gghopff55