#الجزء_الثامن
#عشر_ليال_في_عالم_البرزخ


كانَ لِقائي بالسيّد (مُحمّد شوشترى) للمرّة الثامنة بعدَ اللّيلة السابعة مباشرةً وتمّ اللّقاء في غرفة نومي.

قال لي: هيّا بنا لنُكمل المشوار في التّجوال بينَ مقابِر الكَفرَة في عالمِ البرزخ. فتابتعتهُ على ذلِك فقادني إلى (حضر موت) ووصلنا إلى اليمن كلمحِ البصر ومِن ثُمّ إلى وادي (برهوت) حيثُ كانَ فيهِ أعداء الله يُعذّبون بأنواعِ العذاب.

ولا يَسعني نقل ماشاهدتهُ هُناك سِوى
القول بأنّ الإنسان لو قيّض لهُ كبحُ جماح
شهواتِه النّفسيّة خلال مئاتِ السّنين في
الدُنيا ويعزفُ عن اللّذائذِ المُحرّمة ويُثابر
على العِبادة المُتواصِلة لكي لا يرى هذا
المكان المُهوّل كانَ ذلِك جديرًا بهِ، فضلًا
عن كونهِ يُعذّب هناكَ أيضًا!

إلّا أني أنقلُ مشهدًا واحدًا ممّا رأيتهُ ولكِن ليسَ مَن سَمِعَ كمَن رأى.
كانَ فضاءُ (برهوت) يطبقُ عليهِ دُخّانٌ
كثيف يتصاعدُ مِن أجسامِهم التي تنبعثُ
مِنها رائحةُ الدّهنِ المُحترِق واللّحم
المُنفَسِخ فأضحى المكانُ في ظُلمةٍ
دامِسة ويتعالى منهُ صدى الأسواطِ
النّاريّة وصُراخِ أُوْلئكَ الكفرة المُعذَّبين..
أردنا الإطّلأن على كيفيّة تعذيبِ هؤلاء
فطلبنا جلب أحدهم إلينا لنسألهُ بضعة
اسئلة.

جذبَ أحدُ الملائكةِ سلسلةً وأخرجَ
بينِ النّارِ والدُخانِ شخصًا يُسحَبُ على
الأرض وهوَ يصرخُ ويصيح.

قالَ لهُ المَلَكْ: أجِبْهُما عن كُلّ مايسألانِك!

سألهُ السيّد مُحمّد قائلًا: مَن أنت؟ وماذا
اْرتكبت في الدُّنيا حتّى تجرّعتَ هذا
العذاب الأليم؟

قال: لقد أطلقتُ على النّاسِ عقال الجور
في الدُّنيا طَمعًا في المُلك، فقد كنتُ أحّد
مُلوك البُلدان الإسلاميّة. وقذفتُ المئاتَ
في غياهِبِ السّجون وقعرَ المطامير.
وفرّقتُ بينهم وبينَ أحبّتهم وأذقتهم حرّ
النّار والحديد.

علاوةً على ذلِك فقد كنتُ أكنّ البُغضَ
لأولياءِ الله ولأهلِ البيت (عليهِمُ السّلام)
وأُناصِبهم العِداء. فمهما عذّبني اللهُ تعالى ونكلَ بيَ فهوَ نزرُ يسير، وأنا حريٌّ
بالعذاب.. ثمّ سحبوهُ ثانيةً إلى النّار.

فاْنتبهتُ مِمّا أنا فيهِ مِن شدَّةِ الفَزَعِ وما رأيتُ شيئًا بعدَ ذلِك في تلكَ اللّيلة.
.
.

كتاب: عالم الأرواح العجيب.
للسيّد حسن الأبطحي.

.
.
#الجزء_التاسع
#عشر_ليال_في_عالم_البرزخ


وفي اللّيلة التالية رأيتُ السيّد مُحمّد للمرّة التاسعة بعدَ صلاتيّ المغرِب والعِشاء، فاْعترتني حالةً من الضّعف والأعياء حتّى غُشيَ عليّ.

قالَ لي: والآن ألا ترغب في الإنضمام إلينا، وترى ما نراهُ بعدَ حُصولِكَ على جميع هذهِ المعلومات، وإطلاعَكَ على عالم البرزخ؟

قلت: أمَا أرى ما تَرَون؟

قالَ: كلّا، إنكَ ترى ما كان محسوسًا، لأنّكَ ترى البُعد المعنوي والرّوحي من خلال زاوية ضيّقة جدًّا، ثمّ تحسبني أرى ما ترى. ولكن اْعلم أنّ الفارِبل بيني وبينِك كالفارق بينَ رجُلين، أحدهما يُدركُ كلّ شيء والآخر يدركُ الأشياء بواسطة اللّمس فقط.

والآن أُقدّم لكَ نموذجًا من هذهِ اللّذات التي لا يُمكنكَ دركها إلّا أني أحسّ بها دائمًا.
تعالَ معي لنذهب إلى مكان فلعلّكَ ترى هُناكَ صدق ما اقولهُ لك..

وما إن أتمَّ كلامهُ حتّى أخذَ بيدي واْنطلَقَ بي نحوَ السّماء والأفلاك بسرعة مذهلة تفوقُ سرعة الجاذبيّة كما قال:

وأخيرًا وصلنا إلى روضةٍ كبيرة جدًا ودخلنا فيها.

أحسسّتُ حينَ دخولي فيها بنشوةٍ وسرور لا أقدرُ على وصفِهما! ولكن إن خيّروني بينَ تتويجي ملِكًا مدى الحياة في الدُنيا على جميعِ أرجاء الكرة الأرضيّة وأستثمرُ جميع خيراتها دونَ أيّ مُعارض وبينَ التمتّع ساعةً بلذّات هذهِ الرّوضة على الخلود ملكًا في الدُنيا.

لأني وصلتُ حبيبي هُناك (أعني الله تعالى) إن مَن اكتوى بنارِ الحُبّ والغرام وتلظّى صبابهُ بالهجر والصرام، ثمّ يلتقي بعد نأي وفراق وينعم أخيرًا بتقبيلٍ وعناق لعلّهُ لايعي من كلامهُ هذا الا النزر القليل. لا سيّما أن هذا العاشق الواله قد أحبّ إنسانًا يكتنفهُ النّقصُ من رأسهِ إلى اخمصِ قدميه ولعلّهُ يحسبهُ مُتكامِلًا
- خطأ - من جهةٍ جلبت انتباههُ. بيدِ أن حبيبي الله هوَ الله الذي لا يعتريهَ النّقص أبدًا.

ولكنّ هذا المثال لا يستقيم أيضًا بما أركتهُ هُناك، ولا يمكنني وصف اللّذة التي تمتّعتُ بها آنذاك وحينما رأى السيّد مُحمّد أنّي لا أطيقُ أن اتحمّل هذهِ اللّذةِ والنّشوة وأصبحتُ على وشكِ الإنفجار أخرجني من الرّوضة فورًا .

إلّا أني أوشكتُ أن انفجرَ ثانيةً عندما أقصيتُ بُعدَ القُرب، وهجرتُ بُعدَ الوصل، فاْنكببتُ على يديهِ ورجليه أُقبلهما وانا أذرفُ الدّموع راجيًا منهُ أن يُعيدني الى الرّوضة ثانيةً.

ولكن اْمتدّت يدهُ إلى رأسي ووجهي برِفق وحنان وادخلتني في جسدي.
فأصبحتُ لا أعي ما يدورُ حولي ولا أتذوّق حلاوةَ ذلكَ الوصل وأتذكّرُ تلكَ اللّذة والنّشاط بعدئذٍ، إلّا حينما أنكبّ على العبادة فأظلّ أدعواْ الله أن يُنجيني من سجنِ الدُنيا ويُمتّعني بذلِك الوَصل وتلكَ النّشوة.

.
.

كتاب: عالم الأرواح العجيب.
للسيّد حسن الأبطحي.
#الجزء_العاشر_والأخير

#عشر_ليال_في_عالم_البرزخ

_ وفي اللّيلة العاشِرة بكيتُ بُكاءًا مُرًّا للبُعد والهجران حتّى أصابَ الغشيانُ عيني واْعتراني الأرق.
وحينما كنتُ على هذا الحال إذا ببابِ الغُرفة يُفتَح! ، ويدخُل السيّد (مُحمّد شوشترى) الغرفة. قال:

- أترغبُ الآن عن الدُنيا، وتصدف عن جميعِ لذّاتها، وتتبعني أنّى أذهب؟

قُلت: بل أرجواْ منكَ أن تدعواْ اللهَ لكي يُميتني ويُخلّصني من هذا السّجن!

قال: إنّي دعوتُ اللهَ تعالى لكَ البارِحة، إلّا أنهُ يبدو أن الله لَم يمتحنكَ بعدُ اْمتحانًا نهائيًّا، فينبغي عليكَ أن تمكُثَ في هذهِ الدُنيا الأمد. وسوفَ لا آتيكَ أبدًا، فاْنتهِز هذهِ الفُرصة اللّيلة وسلني عما بدا لَك.

بادرتهُ بالسُّؤال: ماذا تعمل إلى قيامِ السّاعة في عالمِ البرزخ؟ وكيفَ تقضي وقتكَ؟

أجابني: إنّ عامل الزّمان لا أهميّة لهُ بالنّسبة إلينا لأنّ الإنسان - كما رأيت - لو قامَ مليارات السّنين في تلكَ الرّوضة وهوَ يرفلُ بتلكَ النّشوة واللّذة التي احسستَ بها اللّيلة الماضيّة، فلا يحسبُ تلكَ المُدّة إلّا لحظة واحدة، ولِذا قِيل:

سِنةُ الفراق سَنه وسِنةُ الوصالِ سِنة
كلمةُ سِنة المذكورة في أوّل العبارة وآخرها تعني بُرهة أو لحظة، أمّا الثانية فهيَ المُدّة الزمنيّة المعروفة.

قلتُ له: هل يتمتّعُ الإنسانُ بلذّةِ الوصل إذا لَم يصل إلى الكمال الرّوحي؟

قال: إنّ كان سالمُ العقيدة في الدُنيا ويُحبُّ اللهَ وأولياءهُ فتُزكّى نفسهُ خلالَ مُدّة قصيرة، ثُمّ يُقرّبُ الى رِحابِ القدس، لكي يَنعمَ بلذّةِ الوَصل.

سألتهُ: هل تُزكّى روحُ مَن أحبَّ الدُنيا واْبتغى الجاه والسُلطة، أو يتصف ببعضِ الصِفات الحيوانيّة والشيطانيّة؟

قال: إنّ شخصًا كهذا لا يُفارغُ الدُنيا بيسرٍ وسهولة، فإن لَم يُخرج حبّ الدُنيا مِن جوفِه فسيصرم حبل الوَصل بينهُ وبينَ حبيبه، ويُحرَمُ من لذّات عالم البرزخ.

قلت: ماهوَ برأيكَ العمل الأنجح في الدُنيا للفوزِ بلذّات عالمِ البرزخ والظفر بوصلِ الحبيب؟

قال: حبّ الله وحبّ أوليائهِ ويكمنُ حبّهم ومودتهم طبعًا في طاعتهم وهيَ الطّريقة المُثلى.

وهُنا اْختفى السيّد (مُحمّد شوشتري) فجأة وتوارى عن نظري وما رأيتهُ إلى هذهِ السّاعة قط.


#كتاب: عالم الأرواح العجيب.
السيد حسن الأبطحي.
#الجزء_الثاني

#عشر_ليال_في_عالم_البرزخ

_ وفي اليوم التالي عمدتُ إلى عَرْض ما قالهُ لي على الأحاديث الواردة في الجزء السادس من كتاب بحار الأنوار وقارنتهُ مع آراء علماء الغرب وغيرهم الواردة في كتاب (عالم ما بعد الموت) وكتاب (الإنسان روح لا جسد) وكتاب (عالم ما وراء القبر) ومع كتب أخرى فرأيتهُ موافقًا لها تمامًا.
أصبحت أنتظر حلول اللّيل بفارغ الصبر لكي أنام وأراه في الحلم ويوافيني بأخبار ما بعد هذا العالَم فقد وعدني بدوامِ ذلكَ مدّة عشر ليالٍ وخصوصًا أني تأكدتُ من صدقِ رؤياي إذ كنتُ لا أعلمُ بوفاته ولا اْصطدام سيارتِه مع سيّارة أخرى، خلدت إلى النوم في الساعة العاشرة ليلًا فرأيتهُ أمامي وأنا لَم أنم بعد إلّا أنّ النّعاس كاد يدبّ في جفني فكنتُ في خلسةٍ كما يُصطلَحُ عليها، أو في حالةٍ بينَ النومِ واليقظة.

قال لي: أأنتَ مستعدٌ لسماع بقيّة قصتي؟
قلت: كنتُ باْنتظارِك.
قال: علّكَ لَم تتأهب بعد حتّى آتيكَ قبل هذا الأوان فلا تستطيع أن تراني في اليقظة.
عليكَ بالصبر ريثما تنام وتنعتقَ روحك مِن نير جسمك وتكون نظيري لكي يمكنني الحضور عندك.

وأخيرًا قال: اْنطلَق بي ذلكَ الشاب الوسيم (أعني ملك الموت) برفقٍ وحنان لا نظير لهما نحوَ آل مُحمّد "عليهم السلام" وفي أثناء الطريق لاح لي شابّان جميلانِ كصاحبي، فأدركتُ أنهما (منكر ونكير) أو (مبشر وبشير) سألاني بضعة أسئلة يسيرة، ثمّ سمحا لي مواصلة طريقي.

سألت ملك الموت قائلًا: وماذا عن سؤال القبر؟

قال: لقد سئلتُ روحكَ هنا فوق قبرِك، لأن جسدكَ قد تقطّع إربًا إربا، وهذا بمثابةِ سؤال القبر.

قلت: أينَ قبري؟ قال: هنا، وأشار بيدهِ إلى الأرض.
نظرت فرأيت جسدي تحتَ الثرى، فمررت جسدي المبضع وأنا وأنا في الطريق إلى أهل البيت (عليهم السلام)، كدت أن أحزن وأكتئب إلّا أن ملك الموت بادرني بالقول:

هيا بِنا نذهب لا تشغل نفسكَ بذلِك، إنّ ما تريد أن تراه يشغلك عما سواه.

وصلنا كلمح البصر إلى رحابِ النّبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)
وفاطمة (عليها السلام)
والأئمة الطاهرين (عليهم السلام)
وودعني واْنصرف فبقيتُ مع هؤلاء الصفوة.

وهنا جفلتُ فجأة مما اْعتراني بينَ النّومِ واليقظة، وحاولتُ أن أرى (مُحمّد شوشتري) ثانيةً ولكنّي لَم أفلح.
من فوري عدتُ للكتب لأجدَ تطابقًا لِما قالهُ لي (مُحمّد) ..

____________________________

كتاب: عالم الأرواح العجيب.
للسيد حسن الأبطحي .

.
#الجزء_الثالث.

#عشر_ليال_في_عالم_البرزخ

_ وفي الليلة الثالثة كنتُ وحيداً في الغرفة، وأنا ادعو بدعاءٍ قبل هجوعي، والهج بذكرِ (لا حول ولا قوة الا بالله) كثيرًا، حتى أمسيتُ في حالة روحي عالية، رأيتُ فجأةً شبح روح (مُحمّد شوشتري) قد ظهر في إحدى زوايا الغرفة، ولكن لا أعلمُ كيف رأيته،
أفي النومِ أم في اليقظة؟
أقبلَ عليّ وهو يقول:
نِعمَ ما صعنتَ الليلة، لِما دعوتَ كثيرًا وكرّرت ذكر (لا حول ولا قوة الا بالله)
فلولا دُعاؤكَ لَحَال دونَ لقائي بك شاغل،
فأُجيزَ ليَ اللقاء بكَ واخبارك بما جرى لي أمس وفي هذهِ اللّيلة.

أستطرد حديثهُ قائلًا: حينما أحضرتُ يَديَ المعصومين( عليه السلام) أصبحتْ نفسي لا تطاوعني في الإبتعادِ عنهم لحظةً واحدة على الرّغم من كوني لستُ جديرًا بمجالستهم.

ولكنّي أدركتُ للوهلة الأولى أن روحي تفتقرُ إلى بعض الكمالات، ولا زالت تتصفُ ببعضِ الرذائل، فلستُ حريًّا بمخالطتهم كثيرًا ما دمتُ حاملًا لبعضِ هذهِ الصفات.

وكان حالي كحال مَن يرتدي ثوبًا قذرًا، ووجهُ يعلوهُ الدَرَن، ويداهُ ملوثتان، ثمّ يغشى مجلسًا يحضرهُ الأعيان وهوَ يريدُ أن يجالسهم.

بيدِ أني أني لمّا شعرتُ بالخجل والحرج تطوع أولياء الله ولا أريد الأفصاح عن اسمهِ لتزكية روحي وتطهيرها وأصبحت من اليوم كأنّي تلميذ اذهب الى المدرسة لطلب الكمالات الروحية. وأصبح المقرّر
أن اطهر نفسي بنفسي من لوث الرذائل أولا وتحت إشراف ذلك الرجل الصالح ثمّ أكمل معارفي واحوز على الكمالات الروحية حتى أصير جديرًا بمعاشرة الأمة الأطهار (عليه السلام).

يا ليتني قد أنجزت هذهِ المهمة في الدُنيا حتى لا أعوق هنا، لأنّ الإنسان لا يدرك خطورة معاشرة آل البيت (عليه السلام) مادام لم يتذوق لذة مجالستهم.

وحينما يحسّ بهذهِ النعمة يخرج من جنابهم وينفى بعيدًا عنهم لكي يطهر روحه ويصلح نفسه، فسيقاسي حين ذلك الم الفراق الذي لا يُطاق.

ثمّ أجهش (مُحمّد شوشتري) بالبكاء وهوَ يقول:

لذا أوصيكَ بالمبادرة إلى تزكية روحك مادمت حيّا وان تجهد نفسك للوصول إلى الكمالات الرّوحية لكي لا تقاسي العناء هنا.

والآن استئذنكَ للذهاب إلى درسي، ولعلّي أفوق بالحضور عندكَ بعدَ ليالِ ان شاء الله تعالى .

لمّا انتبهت لنفسي ما رأيتهُ بعد ذلك، وما أدري أكنتُ يقظًا ام يقظًا؟

ويُستفاد من كلامهِ هذا بعض الروايات التي تشير الى هذا المعنى أيضًا أنه لابدّ من تزكية أرواح الشيعة والمؤمنين في عالم البرزخ إن كان يُعلّق بها بعض الرذائل وينبغي تعليمها بعض المعارف وإعدادها لدخول عالم القيامة والجنة لأن مَن انطوت نفسهُ على ذرّة من الرذائل لا يتأتى لهُ دخول الجنّة.


#يتبع.

____________________________

كتاب : عالم الأرواح العجيب..
السيد حسن الأبطحي.
#الجزء_الرابع

#عشر_ليال_في_عالم_البرزخ


_ وفي اللّيلة الرّابعة وما بعدها دعوتُ وكرّرتُ ذكر ( لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم) لحضور روح السيّد (مُحمّد شوشتري) ولكن دونَ طائل.
وبعدَ اربع ليالٍ رأيتهُ أمامي فجأة، وأنا مُنكَبٌّ على أداءِ صلاةِ اللّيل والتجهد،
وكانَ يرتدي ثوبًا جديدًا يتلألأ نورًا ويعلو وجههُ جمالاً مُنطقع النّظير ويبدو عليهِ الوَقار والرّزانه، ذُعرتُ أوّل الأمر إلّا أنهُ
سكّن روعي بصوتهِ الرّخيم وهوَ يقول:

لا تَخَف جئتُ لأكمل لك بقيّة قصّتي.
ثمّ اردفَ كلامهُ بالقول:
لقد كنتُ خلال الأيام المنصرفة منكفئًا إلى طلبِ العلم وتزكية النّفس علاوةً على زيارة أرواح الأصدقاء والاقرباء، كانت كلّها هناك بما فيها أصدقائي القُدامى وسائر ارواح شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) وأول مَن رأيتهُ هوَ المرحوم
فلان (أحد العلماء) في اْجتماع يضمّ أرواح الشيعة في وادي السلام قبلَ ثلاثةِ أيام.
عَرَفني إلى جمع مِن مُوالي أمير المؤمنين (عليه السلام) فأحْدِقُواْ بي ثمّ بدأ كلٌّ منهم يسألني عن أصدقائهِ.

سألني أحدهم: متى وفدتُ إلى عالمِ البرزخ؟

قُلت: أمس، لَمّا سمعَ جوابي اْلتفتَ إلى سائرِ الأرواح.

قائلًا: لا تسألوهُ أسئلة مُعقَدَة لأنهُ مُرهق فقط أُطلِقَ سراحُ روحهِ توًّا.

قلت: كلّا لا أُحسّ بأيّ إرهاق فما تجشمتُ عناءَ السفرِ قط.

قالواْ: كيفَ أُطلق سراحُ روحكَ من الدُنيا؟

قُلت: اْصطدمت سيارتي بسيارةٍ أُخرى وما أحسستُ بألمٍ قَط، وقد أحضرني ملكُ الموت برفقٍ وحنان إلى رحابِ المعصومين (عليهم السلام) فورًا، ولَم يتركني فريسةَ آلامي.

سألتني روحٌ أخرى: من أينَ أنت؟

قلت: كنتُ اسكن مدينة كذا.

قال: أتعرفُ فلانًا؟

قلت: نعم لا زالَ حيًّا يُرزق.

وسألتني عن شخصٍ آخر فعرفتهُ وقلت:

كانَ عهدي بهِ في الدُنيا منذ أشهر، ثمّ سألتني عن آخر كانَ أثيمًا من أعوان الظَلَمة ورجال سلاطين الجور ويبدو أنهُ يمتُّ بصلةٍ إليه.

قُلت: لقد رحلَ عن الدُنيا قبلَ سنوات.

قال: لِمَ لَم يأتي إلينا؟ إذ لابدّ أن أعماله السيئة قد حالت دون ذلك وصيّرتهُ سجينًا.

قلت: أين يُحبس الآن ..؟

قال: لا أدري فهنا سجونٌ كثيرة، ولعلّهُ مسجونٌ في قبره.. !!

قلت: أيمكنني الالتقاء به؟

قال: إن هذا الأمر لا يجلب لك سوى الشقاء والأذى ثمّ إن رؤيتك له لا تجديهِ نفعًا.

قلت: أريد أن أعرف مدى جلالة حبّي وولايتي لأهل البيت (عليهم السلام)، كما أرغب في الوقوف على كيفية عذاب القبر.

قال: سآتي معك اذًا، فلربما يستحقّ العفو فنتشفعُ له بأمير المؤمنين.

انطلقنا معًا إلى المقبرة فرأيناهُ - كما قال-
رهينُ قبرِه فستأذنا الملائكة الموَكلين بهِ لزيارتهِ فأذنت لنا بذلك.

بادرتهُ بالسؤال: ماذا جرى لكَ بعد الموت..؟

فزفرَ زفرةً ثمّ قال: يكفيكَ منظري عن مخبري، إذ قد مضت عليّ سنين وانا سجين في هذهِ الزنزانة الضيّقة والمُظلمة.

لقد قبض ملك الموت روحي بشدّة وواجهني بعنف واْستقبلتني الملائكة بجفاء وجعجت بي كثيرًا.
وحينما اودعوني القبر رأيت نفسي كأني اثوي في حفرة نار فطفقتُ اتلظّى بالنار
وأُعذَّبُ بوجهها حتى رايتُ أمير المؤمنين وسائر الأئمة فاْستغثتُ بهم.

قالواْ: إنكَ نسيتنا في الدُنيا وتماديت في التعرّض لموالينا فكابِد الآن ما جنيت على نفسك إلى حين كفارة لآثامِك.
لَم يُصرخوني فتركوني أعاني العذاب وإني الآن اطلب منكم أنتم الأحرار أن تُبلِغواْ عني وصيّتي إلى ولدي ليستبرئ من ذنوبي، ويرضى الناس عني، وأن يمدّ يدَ العون إلى الفقراء والمساكين ويتصدّق بمالي الذي في حوزته وان يطلب ممن يعطيه مالًا أن يُصلّي على محمدٍ وآله عشرة آلاف مرة كحد أدنى ويهدي ثوابها إلى روحي، فلعلي انجو من هذا العذاب.

توارى السيد (مُحمّد شوشتري) عن نظري، واختفى ذلك المنظر من خلدي، فاْكتنفني نورٌ عجيب، وما رأيتهُ بعد ذلك قط.

ثمّ طابقت ما سمعته مع الكتب وآراء العلماء فوجدتهُ مطابقًا.

.
.

____________________________

كتاب: عالم الأرواح العجيب.
للسيد حسن الأبطحي .
#الجزء_الخامس

#عشر_ليال_في_عالم_البرزخ


_ وفي الليلة الخامسة رأيتهُ بكيفية، أحجمُ عن ذكرها ووصفِ لي مزايا عالم البرزخ. شاهدتهُ في زاوية من ذلكَ القصر الواقع في البستان الكبير الذي رأيتهُ في المنام في الليلة الأولى.

قال لي:إن هذا القصر وهذا البستان هما لي دونَ غيري ويُعطى لكلّ روح من أرواح المؤمنين الشيعة مثلهما أو افضل منهما. أترغبُ في التجول في البستان والتفرّج في أرجاء قصري الجديد؟

أبديتُ رغبتي في ذلك، فقامَ من مكانهِ فورًا وتجوّل معي كان البُستان واسع الأرجاء. وكل ما فيهِ يُغاير ما نراه في الدنيا وكانت الرقّة والشفافية تبسطُ ظلّها على كلّ شيء. وتجري في وسطهِ عدّة أنهار أحدها نهر من حليبٍ خالص ذي شفافية مفرطة وطعم لذيذ جدًا، وقد شربتُ من هذهِ الأنهار، ولذا لا إجد سبيلًا إلى وصفها. وهناك في الجانب الآخر من البستان نهرٌ آخر من عسلٍ مصفّى وكانَ زَلَالًا سلسًا وغير لزج وذا طعم لذيذ جدًا وكان يجري وسط البستان نهرٌ ثالث وماؤهُ الذّ طعمًا واكثر شفافية من ذينِك النهرين ويُدعى نهر الكوثر وكان يُضفي على البستان زينة وجمالًا منقطع النظير وفي هذا البستان بلابل متنوعة ذات ألوان مختلفة تبهر العيون وكانت اشجاره ذات ثمر كثير وكانت هناك آنسات تقوم بدور الخدمة وصبيان نطلق عليهم (غلامان) يقفون على أهبّة الأستعداد لتلبية أوامر صاحب البستان وكان تراب البستان ذا عطر فوّاح حتى أن الإنسان يحسبهُ مسكًا وزعفرانًا. إلا ما حيّر لُبّي هو أن هذا البستان على رغم عجائبه وعظمتهِ كان بالنسبة لي يقع في البعد والحالة الثانية لكوني لا زلتُ أعيش في الدُنيا.
فهوَ كالصور ذات البُعدين تمامًا إذ حينما تنظر إليها من الجانب الآخر ترى البعد الآخر لها. وحينما ألقيتُ نظرة على البستان رأيت النجف الاشرف وضواحيها، أعني مدينة النجف ووادي السلام والصحراء القاحلة التي تحيط بها.

ولكن لما ركّزت فكري ونظرت إلى ذلك المكان المقدّس بالبُعد الآخر كما يصطلح عليه وشاهدت البستان والقصر وما فيهما.

ونستشفِ من كلام السيد (مُحمّد شوشتري) أن هذا الأمر خلاف ذلك بالنسبة اليه، فهو يرى هذا المكان بحالة وبُعد برزخي في المرحلة الأولى يعني انه يرى البستان والقصر معًا ومن ثمّ يرى النجف الاشرف ووداي السلام في البعد التالي. هذا هو الاختلاف بيني وبينهُ،
فهو يتمتع برهافة من العيش اكثر في البستان والقصر كما يرى احيانًا أشياء لطيفة ورقيقة جدًا بيدِ أني ما كنت أراها بصورة واضحة ولَم أحسّ بها.

فقد قال لي مرة: انظر إلى نهر الفرات الذي نحسبهُ في الدنيا ماءً ملوثًا بالطين والجراثيم، فما اصفاهُ هنا وانوره!
وما اطيبهُ وأعذبه!

ولمّا نظرتُ اليه من البعد الدنيوي رأيته نفس نهر الفرات الذي يمرّ بمدينة الكوفة، ولكن حينما نظرت إليه من البعد البرزخي رأيته زلالًا وشفّافًا ومتلالئًا إلا أني ما أدركتُ رائحتهُ وطعمه.

وكانت أشجار الفاكهة في البستان تحمل كل نوع من الفواكه، أي تحمل شجرة واحدة احيانًا انواعًا كثيرة من الفواكه التي لا يمكن قياسها بفواكه الدُنيا ابد..

وكان نسيم هذا البستان عليلًا جدًا، بحيث أن الإنسان يحسّ بلذّة لا مثيل لها عند استنشاقه.

واما القصر فكان مزدانًا بأنواع الزخرفة التي لا استطيع وصفها، وقد كنتُ واقفًا في وسط البستان وأنا كالمنزول به.
وفجأة التفتُّ إلى نفسي ورجعتُ إلى سابق عهدي، فرأيتُ نفسي وحيدًا في غرفة نومي!!.

.
.
يتبع

____________________________

كتاب #عالم_الأرواح_العجيب
للسيد حسن الأبطحي..
#عشر_ليال_في_عالم_البرزخ

#الجزء_الأول

_ صُدم شاب يقودُ سيارته صدمة شديدة أودتْ بحياتِه.
يُدعى هذا الشاب(مُحمّد شوشترى)، يسكُنُ أبواهُ طهران.
وقد نقل لأحد أصدقائهِ بعدَ موتهِ قصّة عجيبة مِن عالمِ ما بعد الموت، خلالِ عشرِ ليالٍ، ويستغرقُ سردها كلّ ليلة بضع دقائق. وكان يراه أول الأمر في الحلم،
ثمّ رآهُ بين اليقظة والنوم، وأخيرًا اْتصل بهِ في اليقظة.
وكانت جميع فصول القصّة تُطابق آخر ما اْتفق عليه علماء الرّوح من جهة والأحاديث الدينية من جهة أخرى .

قال صديقهُ المعروف في الأوساط العلميّة والثقافيّة:
رأيتهُ في الحلم ليلة اْصطدامه وأنا لا أعلمُ بخبر وفاته.

أقبلَ عليَّ مُسرعًا وهوَ فَرِحٌ مُستبشِر وقال: لقد مُتّ!!!!
أُريدُ أن أخبركَ بِما جرى عليَّ بعدَ موتي
كلّ ليلة بِضع دقائق.
أترغبُ في ذلِك؟ إنه درسٌ مُفيد.
قلت: حسنًا كُلّي آذانٌ صاغية.
قال: لا يُمكنُ ذلك هُنا تعال معي لنذهبَ
إلى قصرٍ سكنْاه اليوم، ونجلُس هناك على الأرائك، ونتكئُ على الوسائد، ونتناولُ الفواكه والنقل، وسأقصّ عليكَ حينذاك ما جرى علَيَّ بعدَ الموت. قلت: هيا بِنا.
سرنا معًا حتّى وصلنا إلى بابِ بُستانٍ كبير. وكانَ الباب مصنوعًا من الذّهب والفضّة ومُطعَّمًا بالجواهِر.
فتحَ الباب بإشارةٍ وإرادةٍ خاصّة دونَ أن يطول يدهُ ويفتحهُ، كما لَو أراد إنسانٌ يُطوّل يدهُ فتطول.
دخلنا البُستان واْتجهنا مُباشرةً صوبَ قصرٍ مُشيّد في الوسط وسوفَ أصفُ لكم البستان لاحقًا أثناء حديثي.
وأما القصر فلهُ غرفٌ كثيرة يتوسّطها بهوٌ كبير، ووُضعَت في جوانبِ البَهو أرائكَ وثيرة يكسوها مُخمِلٌ ناعم.
قعدنا على أريكة في إحدى جَنباتهِ.
رآني مشغوفًا بجمالِ البُستان وروعةِ القصر، ممّا يصرفني عن الإنتباهِ لحديثِه.

فقال: إنْ تُعرني سمعكَ فسأبدأ بسردِ قصّتي. قلت:
حسنًا، لكَ ذلِك. اْنتبهتُ لحديثهِ ووعيتٌ لِما قالهُ.

وحينما اْنتبهتُ منَ النّوم كتبتُ ما حدّثني به، وهاهوَ بينَ يديكُم.

قالَ: أُريدُ أن أُبيّن لكَ في البداية أنّ افضل موت لِمن أعرضَ عنِ الدُنيا وزكّى نفسهُ هوَ موتُ الفجأة، لأنّي حينما اْصطدمتُ بسيارتي ما أدركتُ أنّي مت إلّا بعدما نظرتُ إلى جسمي، وقد رأيتُ المُقوَد قد صكّ صدري بشِدّة ممّا تسبّبَ في اْنفراءِ قلبي. وفي هذهِ الأثناء رأيتُ شابًّا وسيمًا لا أدري أيّانَ ظهرَ لي; تزامنًا معَ موتي أم بعدهُ، لأنّ اْنتزاعَ روحي قد تمّ بسرعةٍ خاطفة. أخذَ بيدي وقادني إلى ناحية. حيّيتهُ فردّ التحيّة بأحسنِ منها وهوَ يبتسمُ ثمّ قال: لا تخف، أنا أرأفُ بكَ مِن غيري، لأنكَ مِن أولياءِ مواليَّ وساداتِي!! قلت: ومَن هُم مواليكَ وساداتِكَ؟

قال: أنا مُوالي آلَ نبيّ الإسلام، وهُم رفقائي أيضًا!
جئتُ لأصطحبكَ إليِهم، إنهم قالواْ لي: إجلبهُ لنا، فجئتُ لاْستقبالِك.
قلت: مَن أنت؟؟

قال: أما ملكُ الموت!! قلت: وصفوك في الدُنيا بوصفٍ آخر، فقد قالَ الخُطباء:
أنّ ملكَ الموت يُعاملُ النّاس بفضاضة وقساوة بالغة، ولكنّي أراكَ عطوفًا شفوقًا.

كانت عَينا المَلَك جميلتين جدًّا وواسعتين وذات اهدابٍ طويلة، وكانَ يبدو عليهِ الوقار ويشعّ مُحيّاهُ نورًا.
رمقني بنظرةٍ يُخامرها الوُدّ، وقالَ بحياءٍ بالِغ: إنّ ما تقولهُ صحيح، فبعضنا يضطرّ إلى اتباعِ الشدّة والصرامة معَ أعداءِ الإسلام وأعداءِ آل مُحمّد ومعَ مَنِ اْنكبّ على الدُنيا اْنكبابًا، فهذا ما يعنيهِ الخُطباء.
إنّ الله تعالى لَم يخلقني ومَن كانَ في زمرتي شديدي المَراس عبثًا ولَم يجبلنا على الشراسة التي هيَ صِفة حيوانيّة بل نحنُ نفتخر بكوننا خدّام أهل البيت "عليه السلام" مثلَ جبرئيل إذ نقتدي بهديهم ونسيرُ على دربهم وما أحسن نهجهم وأعظم خلقهم.

وهُنا اْستيقظتُ من النوم ودوّنتُ كلّ ما حدثني بهِ السيّد (مُحمّد شوشترى) وخرجتُ من البيت أثرَ ذلكَ فزعًا; لأني ما كنتُ اعلمُ بخبرِ وفاته، فاْتجهتُ صوبَ منزلهِ مباشرةً.
فرأيتُ أهلهُ قد بلغهم نعيهُ للتو، ورزئواْ بموتِه رزءًا عظيمًا..

________________________
كتاب عالم الأرواح العجيب.
للسيّد حسن الأبطحي.
✍ ملاحظة :- اعتذر عن التأخير، وعن الفاصل الوقتي ما بينَ نشر أجزاء قصة #عشر_ليال_في_عالم_البرزخ  بسبب الإنشغال وقصر الوقت.. والدراسة.

اليوم سنكمل باقي الأجزاء..
وارجواْ أن تكونَ لكم ذاتَ فائدةٍ كما كانت لي...
#عشر_ليال_في_عالم_البرزخ

#الجزء_السادس


_ وفي اللّيلة السادسة: رأيتهُ عندَ آخر اللّيل حينما اْنفتلتُ عن التجهّد وصلاة اللّيل، واْلتقى معي لقاءًا روحيًّا، فأرشدني في المرحلةِ الأولى إلى أمور تُبعدُ عن عذابِ القبر والبرزخ
وممّا قالَ لي:
_ اْتّقن ركوعك لأن هذا الأمر يُنجيكَ من عذابِ القبر. فقد وردَ في كتاب (دعوات الراوندي) قالَ أبو جعفر (عليه السلام):
مَن أتمَّ ركوعهُ لَم يدخلهُ وحشة القبر. وجاءَ في البحار:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): عذابُ القبر يكونُ من النّميمة وعزب الرّجل عن أهلهِ.

ثمّ قالَ لي: تعالَ لنتجوّل معًا في عالمِ البرزخ لكي تُحيطَ بأمورٍ هامّة.
طاوعتهُ في ذلك، وطرنا كحمامتين نحوَ عالمِ البرزخ، وصلنا أول الأمرِ إلى بحرٍ عظيم يتوسّطهُ سفنٌ من الفضّةِ الخالِصة وهيَ تتأهبُ للإقلاع. ركبتُ وإيّاهُ إحدى السُفن حتى وصلنا إلى جزيرة مُترامية الأطراف، وكانَ فيها خيمٌ كثيرة من فضّة. قالَ لي:
_ أتدري لِمن هذهِ الخيام؟! أنّها خيامُ أهلِ البيتِ (عليهم السلام)، إنّ لكلّ واحدٍ منهم خيمةً مُستقلّة.
اْستطعنا تلكَ اللّيلة الإلتقاء معَ أهلِ البيتِ (عليهم السلام)
في الخيام وتعلّمنا منهم كثيرًا من المواضيع العلمية والمطالب العرفانيّة.
وهذهِ الجزيرة لا يهتدي إلى أثرها أحد، فهيَ بمثابةِ بيتٍ حريم أو محلّ اْستراحة لأهل البيت (عليهم السلام)، إلّا أنهم كما يبدو يسمحونَ لبعضِ الخواص بدخولها أحيانًا كما حدثَ لنا. كانَ في تلك الجزيرة التي تفوقُ السّماء والأرضَ سعة، جميعَ وسائلِ الرّاحة، فاللهُ تعالى قد أكرمَ أهل البيت (عليهم السلام )، وحباهم بهذا المكان.
ثمّ قادني إلى جبال تُسمّى (رضوى) وكانَ فيها مقرّ لأهلِ البيتِ (عليهم السلام) أيضًا، إلّا أنهم قد أذنواْ بدخولهِ إذًا عامًّا، فكانت أرواح المؤمنين تُحدّقُ بهم هناك، وتتمتعُ بالفواكِه وسائر الطّعامِ والشّراب.
مكثنا هُناك مدّة نتمتعُ بمُجالسة المؤمنين ونتحدّثُ معهم حولَ فضائلِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) وقضينا وقتًا ممتعًا جدًّا.
ثمّ اْنطلقنا من هناكَ نحوَ (وادي السّلام) في النّجف الأشرف بالعراق، وكانت تجتمعُ هناك أرواح المؤمنينَ والأزكياء والمُخلصين.
ويبدو أنها كانت ترتدي ثيابًا خاصّة شديدة اللّمعان والبريق، بحيث أنها تغشى على بصرِ من ينظر إليها، وبقيتُ مُدّةً انظرُ إلى ثِيابها النظيفة والفاخِرة بذهول ودهشة ناهيكَ من أنها كانت تجلسُ على أرائكَ من نور بوقارٍ وهيَ تنتظرُ قدومَ المهديِّ (عجّل الله فرجهُ الشّريف) ..

وهُنا فزعتُ فجأة ورأيتُ نفسي في غُرفتي، وكانَ جِسمي يتصبّبُ عرقًا باردًا ولَم أرَ احدًا..!!
.
.
_____________

كتاب: عالم الأرواح العجيب.
للسيّد حسن الأبطحي.

@tesneam1